أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أديب حسن محمد - المشهد الشعري السوري2 مجموعات نثرية..سيرة بئر لمحمد المطرود














المزيد.....

المشهد الشعري السوري2 مجموعات نثرية..سيرة بئر لمحمد المطرود


أديب حسن محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1409 - 2005 / 12 / 24 - 09:55
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يزخر المشهد الشعري السوري بالعديد من الأسماء التي تعاملت مع قصيدة النثر بحرفنة وحساسية وسأستعرض في عدة حلقات بعض المجموعات النثرية المتميزة ولأجيال مختلفة،فقد أفرزت هذه القصيدة خلال خمسة عقود خصائصها المميزة وتقنياتها وأساليبها التعبيرية،كما استطاعت أن تكسب جمهورها الخاص الذي يتوافق مع معطياتها في التلقي،وسأبدأ بقراءة سريعة لمجموعة الشاعر محمد المطرود المعنونة"سيرة بئر"والصادرة حديثاً عن دار التكوين بدمشق


كعادته يخترق الشاعر السائد فيصدر مجموعة شعرية جديدة
لا من حيث تاريخ إصدارها بل من حيث المناخات التي يتحرك فيها النفس الشعري بمطلق الحرية،
يقبض المطرود على الهارب من اللحظات وكأنه يمتطي وعلاً هارباً في يباب البداوة.
وينشأ ملكوته الخاص في ثنايا مفرداته الحميمة التي لا تنفصل عن كينونته المهذبة،
وعن شمائله المقلمة برائحة البداوة، فهو شاعر نظيف لا يشغل حبره بالإيقاع برفاقه
وزجهم في خانات الآخرية التي وصمت للأسف الكثير من المتطفلين على هذا العالم الجميل،
والذين انشغلوا بالترويج لثقافة اللون الواحد والبعد الواحد،
ولم يتوانوا في سبيل ذلك عن خيانة كل جميل،
وهنا لا أجد أبلغ من قول الشاعر:
" السراديب التي تفضي إلى الخديعة
المرأة التي تعودت أن تخون
لهما القواسم المشتركة ذاتها
كلاهما يسعى إلى لحظة زائفة"
محمد المطرود شاعر إشكالي،
وبطبيعة الحال هو كائن يشبه شعره كثيراً،
وهو إلى ذلك من العلامات الفارقة لجيله الشعري(جيل التسعينيات السوري)
ذلك الجيل الذي أدخل القصيدة إلى مجاهل الذات،وألبسها أجنحة شفيفة لاختراق الحجب التي تفصل بين الشاعر
وبين ذاته القلقة الموّارة بالهواجس والغوامض،
ومن هذه الزاوية يعتبر المطرود أحد أهم المهمومين بقصيدة النثر ذات الزخم الدلالي،
والرنين اللفظي الذي يقرب نصوصه من عوالم التفعيلة..
ولكن دون التخلي عن التكسير الدلالي الذي تقوم عليه بنية الصورة الشعرية،
هذا التكسير الذي يحيل الكوني إلى مجموعة من الشظايا يعيد الشاعر تشكيلها في ملكوت القصيدة،
ورغبة من الشاعر في إشباع النزوع الداخلي لديه في اختراق الثوابت وفي نبش تربة الأشياء التي ألبست رداء موت جائر،
فإن القصيدة تمتد على مساحة طويلة تلهث خلالها الجمل وكأنها تنطلق من فوهة بركان روحي
يريد لفظ أعماقه المحترقة دفعة واحدة:
"أصابع القلب ارتأت
أن تفتح باب القصيدة
فانسل الأهل ثانية بيننا
وكأني رأيت نافذة أخرى
تهرّب حديثهم الخافتْ والقبلات
ووعداً بأطفال سيكبرون سريعاً".....ص42

لا يتنازل المطرود عن رائحة البداوة المعشعشة في نغمة كلامه،
وفي نفس الوقت لا يلجم نشوة روحه عندما يسمع لحناً كردياً من طنبورة خاله عبد القادر خلف،
هو كائن متصالح مع الآخرين،يتقبلهم كما هم ولا يفرض عليهم أسماء يرتضيها،
أو أفكاراً يعتنقها،أو صكوكاً تبرئ وتتهم،هذه الصورة النبيلة لمحمد الإنسان نرى الوجه الجواني لها ..
أي محمد الشاعر في نصوص المجموعة،
فنرى كائناً مثقلاً بخطايا العالم،كائناً يريد قول كل شيء دون أن يترك شيئاً يذكر للنسيان،
وبذلك فهو يؤسس لثرثرة نبيلة تمسح الصدئ عن كمنجة الغيم،
وتربت على كتف السهول،وتلبس البوادي رداء يأسها الطويل،
يريد المطرود أن يحرس عطر الوردة،وأن يخترق الأنثى من جميع الجهات دون أن يتسبب لها بأي خدش؟؟
وهذا دأب شاعر تآكلت دواليب قلبه في مجموعته الأولى :ثمار العاصفة،
وها هي دواليب القلب تصبح على الحديدة في مجموعته الجديدة.
"خسرتني أنا التائب على أطراف خساراته
وقلت:اعتقني فلم يسمعني
وغاب في فسيح صلواته
وقلت : تعبت ولم يأبه بي
فأنخت إبل الصبر و...
..............
.............. ونمت".......ص69
إن"سيرة بئر" عنوان يختصر الكثير،ويوفر علينا عناء استجلاء هواجس الشاعر،
فالعنوان يردنا إلى الكائنات الصامتة،الكائنات المغلوب على أمرها،المتروكة كهوامش خرساء في القصص العظيمة،
فماذا سيقول البئر الذي آوى يوسف بعد خذلان الأخوة؟؟
وماذا سيقول البئر الذي استأنس بيوسف ثم ما لبث أن افتقده بعد أن أدلى وارد السيارة دلوه،وصاح:يا بشرى هذا غلام..؟؟
ينبثق الشعر هنا من التناقض الصارخ بين بهجة القافلة وبين اللحظة التي ولد فيها حزن البئر واندفع مع مائه ليسرد فصول حزنه المتوالية لكل القوافل العطشى التي تقرأ الماء الزلال للبئر،و لا تقرأ المراثي المكتوبة بأظفار الدهر على حجارته الثكلى......
"أعرف كم أنا يوسف
وإخوتي هم إخوة يوسف
في السيرة البعيدة للبئر
يزينون للذئب طيب لحمي".....ص36
يعيدنا المطرود إلى ذواتنا ويسحبنا شيئاً فشيئاً من لوثة أجهزة الريمونت كونترول التي تتناهب أصابعنا وتسلبنا القدر الضئيل النبيل المتبقي من إنسانيتنا،ويعيدنا الشاعر بصدق نقي إلى النقطة التي انبثق منها قلقنا،
وإلى السدرة التي توقفت أرواحنا عندها قبل أن تمسخ في هيئات تلهث
خلف المباهج الوضيعة في أرض الله
التي تضيق
أكثر
فأكثر.



#أديب_حسن_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غسان تويني..معادلة الرجولة الخارقة
- الإرهاب وشعبولا ونظرية المؤامرة
- الإرهاب ونظرية المؤامرة
- هم أخوتي
- من مدونات الأبكم
- كيف تصبح بوقاً
- المشهد الشعري السوري 1
- دمعة مالحة كالفناء
- في الطريق إلى خيانة ناصعة
- عاهل السديم
- الديمقراطية كلمة لا محل لها من الإعراب
- الأنفال جريمة بلا عقاب
- قل ما تريد
- كما يحدث في كل موت
- يا للحياة
- وردة الدبلان
- طفل الحروب
- يوم أبيض
- محمود درويش..درس للشعراء السوريين
- محاور قزم وشاعر كبير


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أديب حسن محمد - المشهد الشعري السوري2 مجموعات نثرية..سيرة بئر لمحمد المطرود