أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - حوار مع أبي: وألحقني بالصالحين














المزيد.....

حوار مع أبي: وألحقني بالصالحين


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5283 - 2016 / 9 / 12 - 11:13
المحور: المجتمع المدني
    



سمعتُ أبي يختمُ صلاتَه بقوله: “ربِّ أوزعني أن أشكرَ نعمتَك التي أنعمتَ عليَّ وعلى والديّ وأنْ أعملَ صالحًا ترضاه، وأدخلْني برحمتِك في عبادِك الصالحين.”
فاندهشتُ وسألتُه: “يا أبي، لماذا تتواضع في دعائكَ ربّكَ وهو الكريم ذو الفضل؟! أنت رجلٌ صالحٌ بالفعل. فكيف تدعوه أن يُدخلكَ في زُمرة الصالحين وأنت منهم؛ بينما بوسعكَ أن تدعوه أن يُدخلك الجنّة مباشرة؟ أليس الطمعُ في كرم الكريم مُباحًا؟ هل تدعوه بما في يدك، وتستحي أن تدعوه بما هو المُنتهَى حيث الفردوس الأعظم؟"
ابتسم أبي فأشرقت وسامتُه، وقال: “ومَن قال إن مرتبة الصالحين ليست هي المُنتهَى الأعظم؟! مرتبةُ الصالحين هي حُلمُ الأبرار والأتقياء، بل هي حُلمُ الأنبياء والرسل. هل تدرين مَن قائلُ ذاك الدعاء الذي ختمتُ به صلاتي؟ إنه لنبيّ الله سليمان؛ قاله ضاحكًا حين سمع النملة تُحذّر رفيقاتها ليدخلن مساكنَهن لئلا يدهسهن موكبُ الملك سليمان. “حتى إذا أتوا على وادِ النملِ قالت نملةٌ يا أيها النملُ ادخلوا مساكنَكم لا يحطمنّكم سليمانُ وجنودُه وهم لا يشعرون. فتبسّم ضاحكًا من قولها وقال ربِّ أوزعني أن أشكرَ نعمتَكَ التي أنعمتَ عليَّ وعلى والديَّ وأن أعملَ صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتِكَ في عبادك الصالحين.” (النمل 18-19). هتفتُ متعجّبةً: “نبيٌّ مُرسَل يرجو ربّه أن يجعله عبدًا صالحًا؟" فقال أبي: “وبرحمة الله، لا بعدله.” كأنما يخافُ النبيُّ ألا يستحق تلك المرتبة العليا بعدل الله، فطلبها برحمته.
ثم أردف أبي: “وليس النبيُّ سليمان وحسب من تمنّى هذا على الله، بل كذلك نبيُّ الله يوسف. حيث يقول القرآنُ على لسانه عليه السلام: “ربِّ قد آتيتني من الُملك وعلّمتني من تأويلِ الأحاديث فاطِرَ السمواتِ والأرض أنتَ وليِّي في الدنيا والآخرة توفَّني مسلمًا وألحقني بالصالحين” (يوسف 101). كذلك أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام كان يدعو ربَّه أن يجعل ذريّته من الصالحين، كما في قوله: “ربِّ هَبْ لي من الصالحين، فبشّرناه بغلامٍ حليم،....، وبشّرناه بإسحاق نبيًّا من الصالحين.” (الصافّات 100-101- 112). وفي موضع آخر: “"ووهبنا له إسحاقَ ويعقوبَ وجعلنا في ذريّته النبوةَ والكتابَ وآتيناه أجرَه في الدنيا وإنه في الآخرةِ لمن الصالحين.” (العنكبوت 27). وفي موضع آخر: ”ووهبنا له إسحاقَ ويعقوبَ كلاًّ هدينا ونوحًا هدينا من قبلُ ومن ذُريّته داودَ وسليمانَ وأيوبَ ويوسفَ وموسى وهارونَ وكذلك نَجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياسَ كلٌّ من الصالحين.” (الأنعام 84). ثم يصفُ اللهُ نبيَّه إبراهيم بقوله: "ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.” (البقرة 130).
التفتَ لي أبي سألني: “ما سرُّ سؤالك اليوم عن الصالحين يا حبيبتي؟ لابد أن في الأمر خطبًا عظيمًا”. فقلتُ: "نعم يا أبي. ذكرتُ سيدنا إبراهيم في تغريدة على صفحتي بأنه (رجل صالح)، فقال نفرٌ إنني أهنتُ أبا الأنبياء ونزعتُ عنه نبوتَه! ورفع أحدُهم ضدي دعوى ازدراء إسلام!” ابتسم أبي في مرارة وقال: “إنما نعتِّه يا ابنتي بما كان يتمنّى أن يناله ويُنعَتَ به.” فقد دعا الخليلُ ربّه قائلا: "ربِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين" (الشعراء 83). كذلك فعل سيدنا محمد عليه الصلاةُ والسلام في دعائه لنفسه: "اللهمَّ توفَّنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحِقْنا بالصالحين، غيرَ خزايا ولا مفتونين”. لو أتعب مَن قاضاكِ نفسَه قليلا وبحث في الطبري أو في كتاب الله، لعرف أن القرآن الكريم، وحتى الأسفار القديمة منذ التلمود، قد نعتت الأنبياءَ جميعَهم بالرجل الصالح. وأنّ مقام الصالحين من المقامات الرفيعة العليا، الّتي اجتهد الأنبياءُ والأولياء والرسلُ في طلبها والوصول إليها. مَن قاضاكِ يا حبيبتي، شأنه شأنَ كلّ من يجعلون من أنفسهم خلفاءَ الله على الأرض، غير مشغولين بالتعلّم والبحث. فلا تحزني، ألا إنّ نصرَ الله قريب. رحمكَ اللهُ يا أبي، وألحقكَ بالصالحين.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان فاطمة ناعوت حول البوست الذي تُحاكَم بسببه
- هل نحب مصر؟ هل نحن فاسدون؟
- يا شيخَ الطيور.... سلامات
- شايلوك البرلمان المصري
- وصفات سحرية للقتل الشرعي
- سلامٌ عليك أيها الفارس
- توضيح الواضح في فوضى التعريفات
- اسم الصليب عليكِ!
- يومي الأول بالمدرسة
- خرج م الطابور يا خروف!
- احنا آسفين يا مُغير
- فانتازيا
- من أجل صليب وجرس
- لماذا لا يرفع المسيحيون علينا دعاوى ازدراء أديان؟!
- نأخذ من كل -رجلا- قبيلة
- كيف يتصيدنا المحتسبون؟
- النبات لا يخون
- ثم تولوا إلى الظل
- قطعة سكر واحدة
- كيف يتصيّدُنا الُمحتسبون؟


المزيد.....




- الجنائية الدولية تطلب توضيحا من المجر حول عدم اعتقال نتنياهو ...
- حماس: تحرير الأسرى من سجون العدو على رأس أولويات صفقة طوفان ...
- -الأونروا-: نقص الأدوية الحاد في غزة تهديد خطر لحياة المرضى ...
- الجنائية الدولية تتخذ إجراءات: عدم امتثال هنغاريا لطلب اعتقا ...
- حماس تدعو لاعتبار الخميس يوما عالميا للتضامن مع الأسرى بسجون ...
- إسرائيل تبدأ عزل أطباء عسكريين وقّعوا عريضة لإعادة الأسرى
- مفوضة حقوق الطفل الروسية تتحدث عن عائلات روسية تخضع لإعادة ا ...
- RT تلتقي معتقلين سابقين لدى الدعم السريع
- فتح: ما يتعرض له الأسرى بسجون الاحتلال لا يقل بشاعة عن جرائم ...
- من قلب طهران.. العالم الإسلامي يناقش الحرية وحقوق الإنسان


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - حوار مع أبي: وألحقني بالصالحين