|
فلسفة الغفران بين الثّّواب والعقاب
محمد ماجد ديُوب
الحوار المتمدن-العدد: 5281 - 2016 / 9 / 11 - 21:44
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إنّ مجمل عمليّة التّربية في أغلب المجتمعات الإنسانيّة تقوم على مبدأ الثّواب والعقاب وليس على مبدأ الصّواب والخطأ .ممّا جعل البشريّة ومنذ إنتصار يهوه إله بني إسرائيل على آلهة الشّرق القديم حيث أصبح الإنسان الذي يتّبع في عقيدته إحدى الدّيانات الإبراهيميّة الثلاث أكثر تقبلاً لفكرة الثّواب والعقاب الدّنوي والآخروي وبسبب توارث خطيئة النّزول من الجنّة والحكم على الإنسان بأنّ عليه أن يعيش في الأرض كدار إختبارٍ ثانٍ بعد فشله في الإختبار الأوّل وأكله من الشّجرة التي أوصاهما ربّهما هو وحوّاء بأن لايقرباها ولايأكلا منها .مازال يعيش هذا الإنسان هاجس الموت والثّواب والعقاب فماكان من الفكر الدّيني إلا أن فتح له سبيلاً للغفران في هذه الدّار لعلم هذا الفكر عميقاً أنّ الإنسان لابدّ يخطىء كثيراً في حياته فهو ليس إلهاً والشّيطان قوّيٌّ جدّاً فلا يستطيع لوسوسته مقاومةً إلا فيما ندر ويضعف هذا الإنسان كثيراً أمام أمرين إثنين أكثر من غيرهما هما الجنس والمال . ولكن لو تتبّعنا الفكر الدّيني لوجدنا أنّ المرأة النّجسة ومعاشرتها حراماً من وجهة نظر الفكر الدّيني هي أسوأ أخطائه قاطبةً وقد ركزّ هذا الفكر مسألة المرأة كصنو ٍلإبليس في الوسوسة لهذا الرّجل المسكين منذ أن إنتصر يهوه إله بني إسرائيل على آلهة الشّرق القديم من هنا كان لابدّ من إيجاد منفذٍ لهذا الإنسان يجعله يموت مرتاح الضّمير وهو بالأساس ذو ضميرٍ قذرٍ جدّاً لايتّسع المجال هنا لشرح ذلك الموت براحةٍ ودون خوفٍ من الحساب الآخروي كان في المسيحيّة عبر مايسمّى الإعتراف عند الكاهن ومن ثم المناولة التي تعيده طاهراً مغفوراً له ماتقدّم من ذنب ٍ ويموت في المسيح ليحيا ثانيةً في الله ممّا يجعل الإنسان المؤمن بالمسيح أكثر راحةً في عيش ماتبقّى من حياته فهو الإنسان المغف له بإعترافه بخطاياه هنا لابد من القول أن الإعتراف هو مسألةٌ نفسيّةٌ بحتةٌ فما من إنسانٍ إلا ويرتاح عندما يفرج عمّا في صدره ويزعجه حدّ الألم النّفسي الكبير وخاصّةً إذا ماكان هذا المخبوء في النّفس هو من درجة التّناقض الكامل فعلاً وبشكلٍ عميقٍ مع مايؤمن به هذا الإنسان عميقاً ..أليس الذّهاب إلى الطّبيب النّفسي والحوار معه حول مايجيش في الصّدر ويتعب النّفس يحقّق الهدف نفسه ؟ أمّا الإسلام فقد رأى في مسألة الحجّ والعمرة ذات البعد الإسرائيلي العميق فكرةً لابأس بها وممتازةً فهي تلبّي حاجات ٍ ثلاث لنفس هذا الإنسان وخاصّةً أولئك البدو في شبه جزيرة العرب حيث كانت التّجارة والغزو مصدر رزقهما الوحيد مع القليل من الرّعي : أوّلا هي تجارةٌ مادّيةٌ يُنتفع منها ثانياً هي عبادةٌ لله في أيّامٍ معدوداتٍ ثالثاً وهنا بيت القصيد يعود كما ولدته أمّه مطهّراً بدون ذنوبٍ وقد غفرت له ( آية الحجّ : وأذّن في النّاس في الحجّ .............ليشهدوا منافع لهم وليعبدوا الله في أيّامٍ معدوداتٍ ) لاحظ هنا كيف قدّم الإسلام المنفعة على العبادة هل لهذا معنى ما لم يجرؤ محمّد على الإفصاح عنه ؟ والحجّ هنا هو المعادل النّفسي لعمليّة الإعتراف في المسيحيّة ولكنّه يتميّز عنها في أنّ السرّ يبقى في الصّدر ويخلّص المسلم من تبعاته النفسيّة المرّة الغفران الذي يناله بعد أن يتمّ حجتّه وهو بذلك يحقق ثانيةً مقولة إذا إبتيلتم بالمعاصي إستتروا إذ يبقى السّتر هو بيت القصيد لدى المسلم في عصيانه وفي غفران ذنوبه من هنا نجد أنّ فكرة الثّواب والعقاب بعد الموت هي الأكثر عمقاً وتجذّراً في لاوعي الفرد واللاوعي الجمعي عند جماهير المؤمنين مسلمين ومسيحيين وذلك بسبب رعبهم ممّا يمكن أن يحدث لهم بعد الموت وهنا نجد أنّ الطّامة الكبرى تكمن في أنّ احداً لم يعد من الموت ليخبرنا بما حدث معه لكنّ البوذيّة وجدت حلّاً أكثر إنسانيّةً وأكثر طهراً وعمقاً من الفكر الإيراهيمي بمجمله إذا قالت بفكرة البوذا (المستنير) والتي لن يصل إليها الإنسان إلا عبر مراحل متطوّرةٍ كثيرةٍ ومتعاقبةٍ من خلال دورة الولادة والموت وكأنّه يتحرّك على لولبٍ صاعدٍ فما أن يصل بنقائه وطهره إلى مرحلة البوذا حتّى يستقرّ في عالم العقل الكلّي عالم بوذا السّماويّ الخفيّ ولن يعود ثانيةً إلى دورة الحياة : ولادة - موت هل كانت على حقّ بعض الفرق الإسلاميّة كالدّروز والعلويين عندما آمنت بفكرة التّناسخ (مايّسمى عند العامّة خطأً التّقمص )؟ علميّاً أقول نعم إنّ التّخلص من فكرة الثّواب والعقاب المتجذّرة في اللاوعي الفردي والجمعي لجماهير المؤمنين مسيحيين ومسلمين لن يمكننا إزالتها بغير التّربية على فكرة الصّواب والخطأ عندها وفقط عندها نستطيع القول أنّنا لم نعد بحاجةٍ لغفران السّماء بل نحتاج فقط لمراجعة الذّات والتّصالح معها من جديد.. وماذا تعني الإستنارة في البوذيّة غير التّصالح مع الذّات ؟ ملحوظة: خير من يمثّل الفكر البوذيّ عميقاً في هذا الشّرق إثنان هما عيسى المسيح وعليّ بن أبي طالب ففي تعاليم االإثنين نرى التّركيز على أنّ الإنسان هو سيّد قدره بكلّ تفصيلاته وهو سيّد الطّبيعة والفاعل فيها بقوّة إيمانه وعمقه ودعوتهما إلى الإيمان العميق بذلك هو جوهر فكرهما
#محمد_ماجد_ديُوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلامٌ في العشق خارجٌ على القانون
-
التّعميم كظاهرةٍ مدمرّةٍ في العلاقات الإنسانيّة( علاقات الحب
...
-
من نحن؟2+3
-
من نحن؟ -2
-
من نحن ؟
-
زليخة
-
آية القطع هل تقبل تفسيراً مغايراً ؟
-
لكِ
-
وهم الديمقراطيُة ونفاق السياسيين
-
سقوط الحتميّة أم سقوط الوعي الكليّ ؟
-
مبدأ القياس كمبدأ مضلّل في الفكرالبشري
-
المبادىء الجليّة حقائقٌ أم أوهام ؟
-
نظريّة الإنفجار الكبير هل هي سمٌّ يدسه الدين في عسل العلم ؟
-
المهّم......
-
أوباما في الفخ السوري
-
تفاوض أم حوار
-
لماذا سورية ؟
-
المسألة السورية
-
عبثية السؤال والفرض الخاطىء
-
المسلمون والمعرفة العلمية
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|