|
الحركات الأصولية بين شعار -الأمة- واغتيالها للأوطان...
ابراهيم حمي
الحوار المتمدن-العدد: 5276 - 2016 / 9 / 5 - 04:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحركات الأصولية بين شعار "الأمة" واغتيالها للأوطان...
الخفي والمسكوت عنه في المرامي والأهداف.. للحركات الأصولية والأحزاب "السياسية" المغلفة بالدين...
اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ والمهمة، ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ السلوك السياسي والأيديولوجي للأحزاب الدينية ﺍﻟﻤﺘﺄﺳلمة ﺃﻭ ﺍﻻﺳﻼﻣﻮﻳﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ.. هو ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺤﺲ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺮﺓ.. أي الاعتراف بالوطن كوحدة جغرافية متكاملة من الناحية المتعلقة بالخصوصية.. قانونيا.. اقتصاديا.. اجتماعيا.. ثقافيا.
إضافة أيضا إلى غياب لبرنامج سياسي اقتصادي متكامل، في أجندتها أصلا.. برنامج سياسي مجرد من العواطف الأخلاقية المتسربلة بالخرافة الغيبية اللاهوتية التي تدغدغ عواطف البسطاء، وتحمل الفرد بدل المؤسسات عواقب و نتائج الكوارث الاقتصادية الناتجة عن الفساد وغياب الشفافية والديمقراطية والجهل التام للمواطنين بحقوقهم كمواطنين، لهم حقوق وعليهم واجبات تجاه وطنهم.. بغض النظر عن التزامهم بالشعائر والطقوس الدينية وحتى مخالفتها في حالة تنوعها أو حتى رفض الامتثال لتعاليمها مدام أن الحساب له موعد محتوم ومؤجل إلى ما بعد يوم القيامة. إن نفي حتى المواطنة على الذين يخالفون الحركات والأحزاب الأصولية، أمر وارد في حالة هيمنتها فكريا.. وربما سيكون الحجاب والنقاب واللحية، أمرا مشروطا ومن أركان المواطنة لا قدر الله بالرغم ان الوطن مسألة تكتيكية في الأيديولوجية الأصولية مدام إيمانها بالأمة وليس بالوطن أو الشعب. وهذا راجع للإديولوجية، التي تعتمد عليها تلك الأحزاب الدينية التي تتوخى وتسعى للهيمنة الفكرية على عقول البسطاء و السذج من الناس.. و ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﻟﻨﺸﺮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺪﻝ الوطن أو ﺍﻟﺸﻌﺐ. فليس هذا من باب الصدف أو ضرورة لغوية.. وإنما هذا السلوك مقصود قصدا واضحة لمن تتبع عن كتب تاريخ الحركات الدينية بكل أنواعها بما في ذلك الحركة الصهيونية التي تحاول التوسع والهيمنة على العالم انطلاقا من تعاليم دينية صرفة، إن من ضمن القواسم المشتركة لدى الحركات الدينية ومن ضمنها طبعا الحركات والأحزاب السياسية الاسلاموية هي نقطة الهيمنة على العالم فكريا وسلوكيا ولهذا يحاولون دائما أن يتميزون عن الجميع من خلال عدة مظاهر تتجلى في الطقوس واللباس كالحجاب والنقاب إلى آخره. المهم أن مصطلح الأمة له ﺩﻻﻟﺔ أيديولوجية تضرب في العمق، الحدود والخصوصيات للأوطان من أجل أن تترسخ وحدة دينية أو مذهبية أو أيديولوجية كأدق تعبير يوضح مرامي الأهداف التي تعمل من أجلها هذه الحركات والأحزاب الدينية التي تستعمل العمل السياسي للواجهة فقط كما تتبنى الديمقراطية مظهريا ليس إلا.. وأول ضحية في حالة هيمنة هذه الحركات وهذه الأحزاب الدينية هي الديمقراطية نفسها، هي فقط تحاول أن ترسخ كما أشرت سلفا مفهوم الأمة ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ الشعوب على غرار الأمة الإسلامية ضد الأمة المسيحية واليهودية. وهكذا في إطار صراع ديني عقائدي تتطاحن فيه الشعوب على الأحقية لمن سيدخل الجنة ومن يملك مفاتحها منهم.. خلاصة القول إن هذه ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ الدينية "ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ. غايتها قلب الأسس الفكرية التي طورتها البشرية من خلال مسارها النضالي و الكفاحي لتحقيق السلم والتسامح بين كل الأديان. إن كل الحركات التي تنطلق من مشروع ديني هي أصلا لا تؤمن لا بالديمقراطية ولا بالآخر، هي فقط تتمسكن حتى تتمكن كما يقال.. ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ بمصر ﻭ كل ﻣﻦ ﻳﺘﺒﻊ ﻧﻬﺠﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺿﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺃﻳﻀﺎ. ﻭ إذا تمعنا في ﻣﺼﻄﻠﺢ ﺍﻷﻣﺔ سنجده مصطلح هلامي ﺷﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻘﻪ ﻭﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻮطنية في حمولته، وربما هذا من ضمن الأسباب التي تجعل ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻳﻌﺎﺩﻱ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻭﻃﻨﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺸﺎﻃﺮﻭﻧﻪ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻭﻟﻮﻥ ﻣﻌﻪ نفس الطقوس التي ﺗﻨﺪﺭﺝ ﺿﻤﻦ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺷﺪﻳﻦ ﻭﺍﻷئمة. وهذا سلوك عام عند هؤلاء ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﻘﺮﻫﻢ .. ﺑﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻃﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺿﺮﺏ الإحساس ﺑﺎﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﻘﻖ ﺷﻌﺎﺭها الرئيسي (توحيد ﺍﻷﻣﺔ) .. ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ أيضا ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻨﻜﺒﻮﺗﻲ خطير وخلايا عابرة للقارات مما ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻗﻠﺔ ﻷﻫﺪﺍﻓﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ المستضعفة بالخصوص التي هي محرومة من التعليم الجيد ومن المستوى اللائق اقتصاديا بحيث تنعدم كل ملامح العيش الكريم لديها إلى جانب الاستبداد والقهر وغياب أية شروط إنسانية أخرى كالحق في الترفيه أو الحق في السعادة أو شيء من هذا القبيل الذي يجعل للإنسان اهتمامات إضافية في الحياة. ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ هذا الشعاﺭ ﺃﻭ هذا المصطلح أي "ﺍﻷﻣﺔ" بأنه ﻓﻀﻔاﺾ ﻭﻋﺎﻡ ﻭﻋﺎﻃﻔﻲ ﺃﻛﺜﺮ.. ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﻔﺖ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ للكثيرين ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻨﻐﻤﺘﻪ ﺍﻟﺮﻧﺎﻧﺔ ﻓﻲ أذن ﺍﻟﺴﺬﺝ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻬﻠﻮﻥ ﺧﻠﻔﻴﺎﺗﻪ الحقيقية ومصادره الأيديولوجي الأصلية التي تسعى للرجوع بنا نحو الماضي والماضي السحيق بالضبط. فبعضها تتبنى ممارسات وأعراف ربما جذروها ترجع إلى ما قبل الإسلام وخصوصا النظرة الدونية والاحتقارية للمرأة، والفن بكل أشكاله والنماذج أمامنا الآن في أفغانستان والعراق (طالبان وداعش) كأمثلة حية على معاناة الإنسانية والمرأة بالذات.. وكلها جرائم تتم باسم الدين وطبقا لتعاليمه المتخلفة التي لم نسمع عنها إلا في المراحل الأولى للبشرية على البسيطة، ثم إن هذه الحركات الأصولية تحمل عدوة مترسخة لكل ما يدخل للنفوس البشرية الفرحة والسعادة كالغناء والرقص وكل أنواع الفنون كالرسم والنحت والتصوير والسينما والشعر..فهي فعلا ظلامية بكل المقاييس مدامت متعطشة فقط للقتل والدمار والتحكم في رغبات الناس فقط بالخرافة والتهويل بالوعد والوعيد كعذاب القبور إلى آخره من التخيلات التي ما أنزل الله بها من سلطان.. بل منها حتى ما يناقض النصوص الدينية وعليها خلاف حتى بين أفراد المذهب الواحد فبالأحرى أن يقبلها المنطق أو العقل السليم. أما العلم والثقافة الإنسانية التي راكمتها البشرية عبر مسارها والقانون وحقوق الإنسان فكلها كفر ومن فعل الشيطان في نظرهم القصير والمغيب بفعل التخدير بالأوهام والخيال الواسع الذي لا يتفق مع قدرات البشرية. باختصار إن هذه الحركات الأصولية التي أنتجها الجهل والانحطاط الفكري، لا يمكن أن تلعب أي دور سياسي غير الرجوع بالإنسانية إلى الوراء مع التجني على أجيال كاملة. في الوقت الذي تتقدم فيه الشعوب الأخرى ثقافيا وعلميا وحضاريا. نحن لا زلنا نناقش الترهات ونتسابق للعلاج ببول البعير، بفضل التأثير السلبي والمتخلف لهذه الحركات والأحزاب الأصولية التي أصبحت وباء وأفات هذا العصر.
#ابراهيم_حمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس هناك أملس بين الأنظمة الاستبدادية.
-
إلى المدافعين عن الأطلال العتيقة!
-
الحظ لم يأتي بعد
-
تأملات في الوضع الراهن و الحزبي بالمغرب.
-
-اليسار المغربي- واختبار المشاركة في الانتخابات
-
تغريدة صعلوك
-
وشم على خدي الأيسر
-
رجة الخوف قبل الاعتراف -قصيدة نثرية-
-
لو قرأتني من عيوني (قصيدة)
-
مشروعية الأحلام في مواجهة قداسة الأوهام.
-
امتداد الربيع
-
مرثية الشاعر الكبير سميح القاسم
-
الشعراء لا يركعون
-
إلى الشهيد مصطفى مزياني
-
الى معالي وزير العدل
-
رجل أقوى من الصخر
-
الحقيقة الثورية و الثورية الحقيقة و ما بينهما من تشابه
-
التضامن بالمنطق المزاجي
-
العلمانية و الديمقراطية و العلاقة بينهما
-
-المسار النضالي الحقيقي بين المحافظ على الثوابت وبين الاجتها
...
المزيد.....
-
الزاوية اللؤلؤية.. قبلة المبعدين عن المسجد الأقصى
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|