|
الطائفية والدكتاتورية هما جوهر الفكر العدواني المعادي للآخر
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1408 - 2005 / 12 / 23 - 11:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هكذا كشرت السياسة الطائفية انيابها وبانت على حقيقتها التي لا تختلف عن جوهر الدكتاتورية، نهجاً ومارسة فهما صوان لمنبع واحد هي الكراهية للغير والغدر والباطنية المتربصة والاستئثار والهيمنة اذا تسنت الفرصة امامهما، هي لا تقل عن نمط فكري دكتاتوري تسلطي لا يهمها مهما ادعت من مظلومية، وهي عندما تمارس الظلم تعتبره استحقاقاً مشروعاً تبرره بالوسائل الدينية الكاذبة لكي تطمس الحقائق وتموه الاهداف، وبحجة العدل تبدأ بالثأر القبلي وكأن الثأر مقياس حضاري للانتقام من المقربين قبل الاعداء لأنها تعرف ان المقربين يفقهون جوهرها وخطورتها ليس على الشعب فحسب بل حتى على الطائفة المعينة. لقد بدأ الترويج للفكر الطائفي منذ زمن غير قليل وبدلاً من تبني مفهوم المواطنة العراقية راح البعض يصب الزيت على نار الطائفية مستغلاً الجماهير الكادحة باسطاً مليشياته المسلحة غير القانونية وقوته التي استمدها من الدعم الخارجي وبخاصة الدعم الايراني الهادف الى زعزعة الوضع في العراق بالحجة نفسها الذي يطلقها الارهاب السلفي الاصولي والبعثصدامي " ضد الاحتلال " وكأن الشعب العراقي وقواه السياسية غير الطائفية تعمل مع الاحتلال ولكنهم لا يُذْكرون ان احزابهم وقادتهم الاساسيين نسقوا مع الدول التي احتلت العراق قبل ذلك بسنين طويلة ونستطيع ان نعدد اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات السرية والعلنية التي حضروها بالاسماء والتواريخ لكنهم بدلاً من ذلك اخذوا يروجون الاشاعات ضد من كان اساساً ضد الحرب والاحتلال وفي الوقت نفسه ضد الدكتاتورية وهذه ليست بدعة فمن يرجع الى المواقف السياسية قبل الحرب سيجد الحقيقة واضحة كالشمس لا يمكن حجبها بغربال. لم تكن الامور منذ البداية وحتى الآن سهلة في تطبيق الديمقراطية في العراق كما كنا نتوقع لأننا نعرف بديهاً ان بناء الديمقراطية في العراق يحتاج الى جهود مضنية وتفاني كبير والتزام بالمعايير الحقيقية للمواطنة العراقية وليست الطائفية، الا ان المحير في الامر والذي لم نفقه ان الذين جاءوا باسم الديمقراطية سوف يمتطون ظهورها ويوجهونها حسب ديمقراطيتهم الخاصة التي تعني الغاء الآخر وعدم النزاهة في التنافس والتزوير وقاعدة ارهاب الآخرين، ولم يكن احداً قد قال او يقول ان الديمقراطية ستبدأ من الكامل اي بدون اخطاء وممارسات خاطئة وتطبيقات مؤذية في بعض الاحيان لأن الديمقراطية كمفهوم سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي ولحد هذه اللحظة وفي اعرق الديمقراطيات الغربية مازالت في نصف الطريق وقد تستغلها الطبقات والفئات الحاكمة عندما ترى مصالحها في خطر وبخاصة مصالحها الثابتة، لكن على الاقل ان تبدأ بشيء حسن وبنية صادقة وشفافية ونزاهة من قبل من كان يدعي ان النظام الشمولي غير ديمقرطي ومعادي لحقوق الانسان لا ان يمارس ومنذ اول عطسة حكم الاساليب نفسها واقامة حدود مفتعلة لحجب الديمقراطية عن الآخرين باسم الديمقراطية.. فهل يعني اننا يجب ان نسكت عن ما مارسته بعض الجهات في الائتلاف من الاعايب واستغلال اجهزة الدولة واستخدام الاساليب المنافية لكل الاعراف الانسانية وليس للديمقراطية فقط؟ الم يكن من الواجب على هذه الجهات ان تمارس بشكل طبيعي حقها مثلاً المنصوص قانونياً في الانتخابات التي مرت بفضائح فاقت فضيحة الانتخابات السابقة والاستفتاء على الدستور لكي تعطي مثالاً على وفائها والتزامها بما تعهدت عليه ام ان كراسي الحكم الكريهة كطبع تسلطي غلب الادعاء بالديمقراطية وعدم الغاء الآخر؟ نعم مازلنا في بداية الطريق وعلينا تجاوز عقدة الخسارة الطبيعية وهذا امر معروف لكن علينا عدم السكوت عندما يبدأ الامر بالتآمر والتربص واستخدام كل الاساليب غير القانوية واللاخلاقية بحجة ان الديمقراطية مازالت في بدايتها وعلينا ان نصبر لحين اكتمال مراحلها فعلى حد قول المثل ان تشم الجيفة منذ البداية من رأس السمكة فكيف عند ذلك ستنتظر المراحل لكي تعالج الجسد.. لا ليس السكوت والتطبيل والرضا بما جرى ويجري هو الحل للاصلاح انما ملاحقة الخروقات والاساليب اللاديمقراطية ومعالجة النواقص والاعتراف بان الديمقراطية في محطتها الاولى يجب ان تراعى فيها ابسط الحقوق وفي مقدمتها النزاهة والابتعاد عن ارهاب الآخرين.. هل يجب السكوت عن المليشيات التي ترتدي الزي الاسود كما كان يرتديه الحرس الاسود في زمن الدكتاتور فرانكو وفدائي صدام تجوب الشوارع ليل نهار مستخدمة كل ما بوسعها لاخضاع الناس وارهابهم واغتيالهم وحرق مقراتهم، لماذا نسكت عن مليشيات جيش المهدي وبدعة كتائب عزرائيل وفيلق بدر ذى النهج الطائفي العدواني ضد الآخرين؟ لماذا نصمت ازاء استغلال المرجعية واصدار الفتاوى بالويل والثبور والتهديد بالنار وتقديم الرشاوي المادية والعينية وتدخل ايران السافر من خلال عمليات تزوير اوراق الانتخابات المقبوض عليها في محافظة الكوت واستغلال اسم الائمة بشكل غريب وكأن الاخرين يخالفونهم في الدين والاعتقاد.. لأن الديمقراطية ما زالت طفلة تحبو وعلينا ان ننتظر مراحل نموها. اذا كانت البداية هكذا فكيف ستكون النهاية! اليس هذا الطريق هو الذي يدفع ويساعد القوى الارهابية لخلق الفتنة الطائفية والحرب الاهلية وتقسيم العراق؟ من هو المستفيد من اجهاض العملية الديمقراطية بسعي طائفي بغيض لكي يحقق هدفه في فصل المحافظات الجنوبية والوسط لمشروع اكبر واوسع من ذلك؟ نرجع ونقول ان الطائفية هي الد اعداء الديمقراطية فليس بالامكان بناء بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف على اساس طائفي دكتاتوري وليس من مصلحة الوحدة الوطنية للشعب العراقي انتهاج سياسة " الغاية تبرر الوسيلة" لأن هذا النهج هو الذي سيدمر البلاد ويمزق وحدة الشعب.. يبدو ان النصيحة اصبحت ثقيلة على اسماع من يتبع هذا الطريق ولهذا ننذره قائلين انك لن تضر الا نفسك فمثلما انتهت الدكتاتوريات الى مزبلة التاريخ فان النهج والسياسة الطائفية هي الوجه الحقيقي للدكتاتورية سيلفضها التاريخ في مزبلته وان لناظره قريب.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا سيكون موقف المفوضية العليا من الخروقات المستمرة حتى بعد
...
-
الثقافة الوطنية بالمواطنة وثقافة اقصاء الآخر
-
الحوار المتمدن كرمة فكرية وافرة وجميلة
-
اللعبة السياسية واستغلال اسم المرجعية الدينية في عملية الانت
...
-
منهج الحوار الحضاري العلمي في ادارة الصراع في العراق*
-
الثقافة الجديدة للراي والراي الآخر الاعتداء على فعالية الشيو
...
-
وصرنا.. لا قسمة ضيزى تفرقنا
-
مسلخ يضاهي مسلخ قصر النهاية وابو غريب
-
الارهاب الدموي لا حدود لهُ بسبب الفقر والقهر الاجتماعي والسي
...
-
التحالفات وفق البرامج الانتخابية ومصالح الطبقات والفئات الاج
...
-
أهمية الأجهزة الاعلامية في الدعاية الانتخابية أو غيرها
-
الجامعة العربية ما بين رؤيا الحوار الوطني والمصالحة الوطنية
...
-
المليشيات المسلحة والمؤسسات الأمنية ومشكلة الولاءات الحزبية
...
-
سوسة معاداة القوى الوطنية الديمقراطية وقوى اليسار العراقي
-
الدستور والعراق وطن للجميع.. يتنافى مع عقلية الهيمنة بأي شكل
...
-
البعثصدامي العراقي والنفخ في اوردته المنخوبة
-
حقوق المرأة والطبقات والعلاقة مع المادية التاريخية - التلقائ
...
-
القوى الوطنية الديمقراطية والاستفتاء الشعبي في القبول او رفض
...
-
مسؤولية القوى الوطنية الديمقراطية - اليسار العراقي - في الظر
...
-
ثورة السيد بيان باقر صولاغ والدفاع عن ايران بحجة العراق
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|