نواف خلف السنجاري
الحوار المتمدن-العدد: 1408 - 2005 / 12 / 23 - 06:46
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
(منحك الله وجهاً، وصنعت لنفسك وجهاً آخر) هذه المقولة لشكسبير، ولو قدّر لهذا العبقري العيش معنا لفضل الانتحار لكثرة الأقنعة التي يرتديها الناس الآن.
ولو عدنا بالزمن قليلاً الى الوراء، الى أيام الحرب العراقية ـ الإيرانية تحديدا وسألنا أنفسنا عن سبب إلحاح بعض الآباء في إرسال أبنائهم الى جبهات القتال وعدم السماح لهم (بالهروب) من (الموت العبثي) آنذاك، هل كان نابعاً من وطنيتهم الخالصة أم كان قناعاً لإرضاء المسؤولين؟ وهل كان تبرع النساء العراقيات (بالحلي والذهب) حقا (لرفد المعركة) أم تملقاَ لزوجة الرئيس..؟ وعندما كان يردد (الكورد، التركمان، والكلدوآشوريين) شعار (امة عربية واحدة...) هل كان إيماناً حقيقياً بالوحدة العربية أم لغاية في نفس (المُقنّع)..؟!
إن الإجابة على هذه الأسئلة لا تحتاج الى ذكاء خارق لمعرفة حقيقة التنكر ومستوجبات الحفلة التنكرية.
بعد سقوط التمثال في ساحة الفردوس، توقع أغلب العراقيين بأنهم سيلقون أقنعتهم والى الأبد، وسترى وجوههم الشمس لتتطهر، وتُغسل بالمطر، لإزالة كل تراكمات وأدران العهد البائد عنها، وسيظهر اللون الحقيقي لوجوه طالما تمنت أن ترى نفسها في عيون الآخرين، لكن الذي حصل هو اقتناءهم لأقنعة إضافية واستعارتهم لمفردات جديدة لتمكنهم من التكيّف والتطبّع مع مستجدات المرحلة الحالية.
وإذا كان المواطن العادي يرتدي قناعاً مطاطياً أو ـ بلاستيكياً في أحسن الأحوال ـ فأن أقنعة المسؤولين تحولت الى برونزية أو فضية، أمّا القادة فأنهم لا يضعون على وجوههم إلاّ أقنعة ذهبية ومن عيار 24 قيراط..!! وكلما كان القناع أغلى كلما كان التخلي عنه أصعب بكثير..
بعد هذا العرض البسيط لأنواع الأقنعة أتمنى من كل قلبي أن يترك المسؤولين عن كتابة مسودة الدستور العراقي "أقنعتهم" خارجاً قبل أن يبدءوا بكتابة هذه الصفحة التاريخية من حياتنا، وإلا فإن حفلتنا التنكرية ستستمر الى يوم القيامة..
عذراً سأتوقف عن الكتابة والبس قناعي فقد دخل مدير الدائرة..!!
#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟