أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد بولكيد - الإسلاميون و تحريف مفهوم -الأغلبية-















المزيد.....


الإسلاميون و تحريف مفهوم -الأغلبية-


جواد بولكيد

الحوار المتمدن-العدد: 5273 - 2016 / 9 / 2 - 09:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حين تواجه الإسلاميين بمطلب "العلمانية" غالبا ما يلجئون إلى ورقة الأغلبية، يشهرونها عن وقاحة أو عن جهل؟ و ستجد أشخاصا على قدر كبير من التعليم، يتحدثون عن العدالة في أسلمة الدولة مادامت غالبية سكانها تدين بالإسلام، و الواقع أن هذا الطرح تتواطأ عليه كل القوى السياسية من أنظمة حاكمة و أحزاب سياسية و منظمات مدنية، و قليلة هي الأصوات التي تنادي بعلمنة الدولة، و إن وجدت، غالبا ما تأتي خافتة في ظل الحصار المضروب عليها بمقابل الدعم الكلي- المادي قبل المعنوي- الذي تحظى به القوى المطوعة، ممن توافق على ""ثوابت" الأمة و طبعا على رأسها الإسلام: عقيدةً مفروضة على الجميع، أما الشريعة فيطبق بعض و يترك بعض حسب الدول و المجتمعات (السعودية و المغرب مثلا دولتان إسلاميتان، لكن المغرب يمثل الملجأ للسعوديين الهاربين من شريعة إسلامية "هارد" نحو شريعة إسلامية "سوفت")... هذا الإجماع على جعل الإسلام دينا للدولة و مرجعية أساسية أو وحيدة للتشريع يبرره دعاته كما سبقت الإشارة بكونه الوضع الطبيعي في ظل الأغلبية التي يمثلها المسلمون في الدولة، و يصاحبون حجاجهم بالاستفهام الاستنكاري الشهير: "أليست هذه هي الديمقراطية؟" الرد الانفعالي الحاسم على سؤالهم هو: لا، ليست هذه هي الديمقراطية. لكن الرد ليس موجها للإسلاميين، بل للمسلمين.

الديمقراطية في تعريفها الأول هي حكم الشعب لنفسه، لكن هذا التعريف اليوناني حدد الشعب في الرجال الأحرار و لم يمنح حق التصويت للعبيد و النساء، فهل أثينا تعتبر ديمقراطية بالمعنى الحديث للكلمة؟ لقد بنت الولايات المتحدة ديمقراطيتها على جثت ضحايا الحرب الأهلية، هذه الحرب التي كان إيقاف الرق أحد أهم محركاتها، و على مدى القرنين الأخيرين عرفت حقوق المرأة ثورة حقيقية و أصبحت المجتمعات الغربية متشبعة بروح المساواة بين الجنسين، هذه الفتوحات التاريخية في مجال حقوق المرأة و حقوق الإنسان عامة، طورت الفهم اليوناني القديم للديمقراطية و صار النموذج المعبر عن محتوى كلمة "الديمقراطية" هو النموذج الليبرالي الذي نشأ في أوروبا و الولايات المتحدة و وضحت معالمه أكثر بعد الحرب العالمية الثانية و مع إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، و لعل أهم معالم الدولة و المجتمع الديمقراطيين، هو جعل الشعب يتحكم بالسلطة دون تمييز بين أفراده على أساس عرقي أو ديني أو إثني، ديمقراطية تقطع مع الأساليب القروسطية للحكم و مع النماذج الديكتاتورية الفاشية و الشيوعية، في إطار يمنح للفرد إمكانية العيش الكريم و الوجود الحر. و بهذا يصبح بناء دولة ديمقراطية رهينا باحترام الحقوق و الحريات الفردية و بحماية الأقليات و ضمان العدل و المساواة، عبر نصوص قانونية و مؤسسات سياسية و اجتماعية و آليات و وسائل عملية، و رغم الاختلافات الموجودة بين مختلف التجارب الديمقراطية الرائدة و الصاعدة فإنه من الممكن تلمس ملامح نظام ديمقراطي محترم مع كل التحفظات الموضوعية و النواقص الطبيعية التي قد تشوب كلا من هذه التجارب. مع التأكيد على كون العلمانية شرطا أساسيا لتحقيق المجتمع الديمقراطي المتشبع بالفكر العقلاني و قيم المساواة كما سيتم توضيحه لاحقا.

بالعودة للإسلاميين و تبريرهم لمشروعية الدولة الدينية بكون المسلمين يشكلون الأغلبية، تقييم سريع لهذا الادعاء يكشف عن فهم خاطئ لدى هؤلاء، لمعنى الأغلبية و لمعنى الديمقراطية عموما: ففي السياق الديمقراطي تستعمل كلمة الأغلبية للإشارة للتفوق العددي الذي حققه حزب أو قوة سياسية في الانتخابات، و بالتالي حصوله على حق ممارسة السلطة التنفيذية لفترة محددة، و في احترام لمبدأ التداول السلمي للحكم و فصل السلط و غيرهما من المبادئ الديمقراطية و في انسجام مع المنظومة الكونية لحقوق الإنسان، ما يحقق المساواة الكاملة بين أفراد المجتمع: الرجل مثل المرأة و الأبيض مثل الأسود و الكافر مثل المؤمن، أما الأغلبية المسلمة فهي ليست أغلبية انتخابية، و مصطلح الأغلبية هنا يقابله مصطلح الأقليات- في صيغة الجمع لأن الأقليات غالبا ما تكون متعددة في الواقع- و يكون بذلك مقابل الأغلبية المسلمة هي الأقليات المسيحية أو اليهودية أو اللادينية... و تصبح أسلمة الدولة مرادفا لانتهاك حقوق الأقليات، وهنا دور العلمانية في ضمان المساواة، بغض النظر عن الاختيار الحر للدين أو العقيدة. و هذا شيء تعيه جيدا الحركات الإسلامية و ما تحريفهم لمفهوم الأغلبية إلا مكر سياسي، يستغل غياب المعرفة لدى المواطن البسيط و انجذابه العاطفي نحو الخطابات المغلفة بالدين، و إلا فلماذا تطالب نفس هذه الحركات بحق المسلمات في فرنسا مثلا بارتداء الزي الإسلامي و بالحرية في بناء المساجد و رفع الآذان، بل و بالتمييز الإيجابي في رمضان و في المطاعم المدرسية؟ ماذا سيكون موقفهم لو أعلنت فرنسا مثلا أنها ستطبق المسيحية الكاثوليكية، نظرا لكونها المعتقد السائد في البلاد و قامت بمنع المسلمين من التواجد العلني في الدولة أو قامت بنفيهم أو تصفيتهم كما يأمر بذلك دينها؟

الإسلاميون إذن يمارسون ازدواجية في الخطاب، يفهمون الديمقراطية كما هو متعارف عليها كونيا، و يطالبون بتطبيقها حين يكونون أقلية داخل مجتمع ما. و يتشبثون بحقهم في إعلان معتقدهم، بل و الدعوة له و نشره،مستفيدين من مزايا العلمانية، لكنهم بالمقابل حين يمثلون الأغلبية يطلبون من الأقليات الاختفاء و يفرضون قوانين مستمدة من نصوص دينية - غالبا ما تكون مؤولة بغير معناها- يمرغون قيمتها الروحانية في أوحال الصراعات السياسية، و يصادرون حق مواطنين أصيلين في بلدانهم، من حرية أساسية هي حرية التفكير و التعبير عن التفكير.

إن أسلمة الدولة و تديينها عموما، يعني إلغاء المساواة و يجعل الدين عنصر تمييز بين مواطني نفس البلد، و في جميع البلدان الإسلامية يتم انتهاك الحريات الأساسية للفرد وتصادر الحقوق و تقمع الآراء و تراقب الكتب و تمنع الأفلام باسم الدفاع عن الدين. كما أن قوانين الأسرة و تنظيم المجتمع لا يحققان المساواة بين الجنسين ، كل هذا يخلق مجتمعات منافقة لا يعبر فيها الفرد عن نفسه بحرية، و يتقمص الدور الذي فرضه النظام القائم، الشيء الذي يمنع كل إبداع لدى هذا الفرد و يعرقل كل دينامية داخل المجتمع.
يقول الحديث النبوي "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". بعض التفسيرات تعتبر الأخوة هنا تشير للأخوة في الإسلام، وحتى تلك التي تعممها، لتشمل المسلمين و غير المسلمين فهي تحدد الخير الذي قد تحبه لغير المسلم في دخول الإسلام، لكن الديمقراطية تريد من المسلم أن تكون الأخوة في الإنسانية و أن يقر بأن الديمقراطية العلمانية: التي تسمح له بقدر كبير من الحرية و تعامله كمواطن كامل المواطنة، بغض النظر عن دينه الذي يخالف دين الأغلبية، هي بالفعل النظام الأمثل لتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع على اختلاف إيمانهم . قد يطالب المسلم بحقوق أكبر في مجتمع علماني و الإمكانية متاحة لأن حرية التعبير مكفولة لدى "الغرب"، لكنه لكي يكون منسجما مع ذاته و يكون مقنعا، يجب أن يقبل إعطاء حقوق أكبر لغير المسلم في البلدان"الإسلامية.
(مع الاعتذار على الخلط الذي لا يمكن تجنبه بين الانتماء المبني على المواطنة و الانتماء المبني على الدين و الناتج عن التداخل الموجود لدى المسلمين عموما في هذا الصدد.)



#جواد_بولكيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المعجزة إلى الإعجاز
- هل تحتاج البشرية للأديان؟
- حول تجديد الخطاب الديني
- هل الإسلام علم؟
- أسطورة الشريعة


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد بولكيد - الإسلاميون و تحريف مفهوم -الأغلبية-