|
خاطرة حول بوادر تقسيم سوريا
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 5272 - 2016 / 9 / 1 - 22:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خاطرة حول بوادر تقسيم سوريا ! الدكتور محمد أحمد الزعبي 31.08.2016 هاتفني أحد الأصدقاء هذا الصباح ليبلغني خبرا مفاده أن الجيش الحر بات على بعد ثمانية كيلو مترات فقط من مدينة حماه ، وأن جيش النظام في تلك المنطقة بدأ ينهار بصورة متسارعة أمام ضربات الجيش الحر. عبرت لصديقي عن سعادتي بسماع مثل هذا الخبر وفي مثل هذه الساعة المبكرة ( كان ذلك صبيحة يوم الأربعاء الموافق ٣١/٨/٢٠١٦ ) ، لأفاجأ به بعد ذلك يسألني ، ألا ترى أن ذلك هو أحد مؤشرات تقسيم سوريا ؟ ولا سيما أن القرى التي استولى عليها الجيش الحر ، تحولت إلى مرتع للطيرانين الروسي والسوري ، وأن القوات السورية التي كانت في هذه القرى (المعاديةللنظام ) قد انسحبت إلى القرى الأخرى الموالية له ، كما أن بعض مناطق ومدن الغوطة ربما تضطر بدورها إلى الاستسلام ( على غرار داريا ) أمام وحشية وهمجية قوات ماهر الأسد الطائفية ( الحشد الشعبي السوري ) المدججة بالسلاح وبقلة الشرف والأخلاق ؟ ، ونقلهم إلى أماكن أخرى يحددها لهم نظام عائلة الأسد . أوليس هذا هو التطهير العرقي بشحمه ولحمه كمقدمة للتقسيم ؟ !!.
أجبت ذلك الصديق المتألم لما يجري على الأرض من بوادر التقسيم ، ولا سيما أن دور الثورة السورية والجيش الحر بات - برأيه – ثانويا أمام توافقات الدول الكبرى المدججة بالقنابل الذرية والتي مافتئت تعمل ليل نهار على إجهاض ثورات الربيع العربي ، وعلى رأسها الثورة السورية ( ربيع دمشق ) عبر تجديد إرث " سايس - بيكو " الذي شاخ بنظرهؤلاء المستعمرين الجدد ، وما عاد صالحا لمرحلة مابعد " سقوط موسكو " أي مرحلة " النظام العالمي الجديد " وأصبح لابد من " تقسيم المقسم ، وتجزئة المجزأ " على حد تعبير البعض . قلت لصديقى الخائف على بلده سوريا من التقسيم : لاعليك يافلان ، فإن تقسيم سوريا ليس وارداً بل وليس ممكناً ، قال كيف ولماذا ؟ قلت له إسمع :
إن الجمهورية العربية السورية ـ كما هو معروف ـ هي من مواليد سايكس ـ بيكو 1916 ، وإن ثورة الحرية والكرامة قد ولدت عام2011 من رحم هذه الجمهورية ، وإن مابات يخافه ويخشاه أقطاب النظام العالمي الجديد- ، ولا سيما نظاما السيدين لافروف وكيري ، هو ـ حسب رؤيتي المتواضعة ـ أن ينقلب أحفاد مواليد سوريا 1916 ، والذين هم اليوم ( 2011 ـ 2016 ) شباب وشابات ثورة الحرية والكرامة ( الأجيال الجديدة ) على هذا الإرث الإستعماري ( تجزئة الوطن العربي ) ، الذي فرضه ( الحلفاء ) على آبائهم وأجدادهم في الحرب العالمية الأولى عام 1916 " بالخيزرانة " بعد انتصارهم على العثمانيين (دولة الخلافة )، وبعد نكثهم بالوعود التي وعدوها للشريف حسين ( وعود مكماهون ) الذي قاد الثورة العربية الكبرى التي وقفت إلى جانبهم في تلك الحرب . لقد كان تقسيم الوطن العربي إلى دويلات ومشيخات وسلطنات وملكيات وجمهوريات ( صير جغرافية وديموغرافية ) ، هو أول إرث هؤلاء المستعمرين ، أما الإرث الثاني فقد كان تنصيب عملاء لهم على رأس هذه السلطنات والمشيخات والدويلات والملكيات والإمارات والجمهوريات كحكام " شرعيين!! ". وليس بشار الأسد وقبله أبوه حافظ ، سوى النموذج الأوضح لمثل هؤلاء الحكام الذين أفرزتهم القوى الاستعمارية للقضاء على ثورات الربيع العربي التي أطاحت ببعض عملائهم من الحكام المستبدّين والفاسدين في تونس وليبيا ومصرواليمن ، وما يزال البعض الآخر يحاول الإفلات من مصيره المحتوم. نعم إن " كيري ولافروف " يعملان جاهدين هذه الأيام ،على " تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ " كما يقال (!!) ، أي على إعادة صياغة جديدة لجغرافية ولتاريخ المنطقة العربية ، ولكن ومع كل الإحترام لمقولة كارل ماركس :(التاريخ يعيد نفسه مرتين مرة أولى كمأساة ، ومرة ثانية كملهاة ) فإن تاريخ سوريا ـ على مايبدو لي ـ لن يعيد نفسه ـ اليوم ( 2016 ـ ..... ) لاعلى شكل مأساة ولا على شكل ملهاة ، وإنما سوف يعيد نفسه في سوريا هذه المرة ــ والله أعلم ــ على شكل تصحيح تاريخي لكل من المأساة والملهاة اللتين ترتبتا على تقسيمات " سايكس و بيكو " الاستعمارية عام 2016 .
أعرف أن الكثيرين سوف يسخرون من هذه الرؤية المتفائلة أكثر من اللازم ، وأعرف أيضاً أن تنفيذها على أرض الواقع " دونه خرط القتاد " ، ولكن ثقتي بالشعوب عامة ، وبالشعوب العربية خاصة ، شعوب الربيع العربي ، شعوب ملايين الضحايا في العراق وسوريا وتونس وليبيا ومصر والجزائر واليمن ، تسمح لي أن أخرق المألوف والدارج وأن أتفاءل بالمستقبل .
إن الترويج لتقسيم سوريا - يا صديقي - هو لعبة النظام المفضلة ، لعبة بشارأبو البراميل ، ولكن أيضا لعبة أصحاب مخازن القنابل الذرية في موسكو وواشنطن ، ولا يضيرنا – نحن الشعب السوري - أن نلعب معهم هذه اللعبة ، والتي عادة ما تحتاج إلى طرفين اثنين ، أحدهما لابد أن يكون بانتيجة خاسرا والآخر لابد أن يكون رابحا ، وسنكون نحن الشعب السوري ، نحن ثورة آذار ٢٠١١ نحن أبطال داريا ، الطرف الرابح في هذه " اللعبة – المعركة " إنشاء الله ، وستبقى بلدنا سورية بلداً موحداً ، ومتماسكاً ، ومتآخياً ،كقطرٍعربي أصيل وفعّال من أقطار الأمة العربية الواحدة ، إنشاء الله .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شنفرى داريا : وداعاً بني قومي!
-
داريا بين فك بشار ومخالب بوتين
-
الثورة السورية ولعبة شد الحبل بين إيران وتركيا
-
الأخوان داعش وبشار وأكذوبة الأولوية
-
جدل الدين والسياسة بين الأمس واليوم
-
الذين لايخجلون من الكذب
-
الهجرة من الجنوب إلى الشمال - مقدمة لبحث ميداني
-
الهجرة من الجنوب إلى الشمال
-
بين بشار الأسد ودي مستورا شعرة معاوية
-
البرهان على تحرير الجولان
-
الثورة السورية بين مطرقة بشار وبوتن وسندان أوباما
-
ملاحظات عامة على ورقة دمستورا ( جنيف 3 )
-
الثورة السورية وجدلية التراث والمعاصرة
-
حزب البعث السوري والصعود إلى الصفر
-
من جنيف 1 إلى جنيف 3 وبالعكس
-
التآمر والكذب وجهان لعملة واحدة
-
أين الخلل ؟
-
جنيف 3 بين مضايا وشيخ مسكين
-
ثورة 2011 السورية تطوي عامها الخامس وبوتين يطوي شهره الرابع
...
-
رحم الله أبا جابر
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|