غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 15:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما بين الديــمــقــراطــيــة و الــعــلــمــانــيــة...
"بقوانينكم الديمقراطية .. سـوف (ننكح) علمانيتكم.. وننتصر..."
بهذه الكلمة عــبــر داعشي محلي .. قبل أن يلغى مجلس شورى قوانين الدولة بفرنسا, كل القرارات التي أصدرتها عشرات المجالس المحلية لعديد من المناطق السياحية الساحلية الفرنسية.. بمنع ارتداء البوركيني على شـواطئها... بالإضافة أن أحد مسؤولي جمعية حقوق الأنسان بفرنسا, المحامي المشهور ميشيل توبياناMichel Tubiana صرح لوسائل الإعلام أن جمعية حقوق الإنسان الفرنسية, وهو من شخصياتها المسؤولة, سوف تقدم شكوى قضائية ضد أية إدارة محلية, تمارس اعتبارا من هذا اليوم أية محاولة منع للبوركيني الإسلامي.........
قـرارات.. وتصريحات.. مقلقة... سوف تتابع فتح الأبواب والنوافذ والمزاريب للمنظمات الإسلامية الراديكالية بفرنسا.. لتوسيع حركاتها وإثاراتها وخطواتها الاقتحامية الغزواتية.. ضد الجمهورية والديمقراطية والعلمانية... يــا لـــلـــغـــبـــاء!!!......
ما كنت أخشاه من انتقال بوادر الأخطار الطائفية الراديكالية التي حملت أعلامها منظمة القاعدة, وما تفرع منها من داعش وأبناء داعش وحلفاء داعش.. وحاضناتها المتكاثرة بالبلدان الأوروبية.. تغرس ــ اليوم ــ أعلامها بجميع الأشكال العلانية.. دون أية خشية أو حذر أو تــخــف باطني.. لأن القوانين والحقوق والديمقراطية.. تحمي كل علامات اقتحامها.. وأحصنة طروادتها النائمة والمتحركة.. والتي تغلي وتغلي وتغلي بالطناجر من عشرات السنين... وكل تصريحات الحكومات الفرنسية خلال السنة الماضية وهذه السنة, بـأنــهــا تحارب الإرهاب.. وخاصة بعد مجازر العام الماضي بباريس وهذه السنة بمدينة نيس وغيرها.. بــخ ضــبــاب اصطناعي مــزور... لأن مصالح شركاتها التجارية وعلاقاتها مع بعض الدول النفطية الإسلامية.. قبل أية مصلحة.. وكل ما تبقى بــخ كــذب ودجل وقبول ما ينتج من ضحايا مدنية بريئة جانبية.. لا قيمة لها بالاتفاقات التجارية... الأهم بنظر سياساتها العرجاء.. البيع ثم البيع.. والاتفاقات التجارية...والمصالح الرأسمالية الخاصة العليا... ولا أية حقيقة أخرى...
على من تكذب هذه الحكومة؟... أو من يدعي الدفاع عن قرار منع البوركيني مثل رئيس الوزراء مانويل فالس؟.. بينما اعترضت عليه علانية وزيرة التعليم نجاة بلقاسم.. حتى وزير الداخلية.. بعد عدة تصريحات نصف عنترية.. يتراجع.. ويصرح بأنه يجب الاقتراب من هذا الموضوع(البوركيني) بأشكال مختلفة أخرى... ما هذه الكوميديا المضحكة المبكية.. على من تمثلون؟؟؟.. ما هذه الكراكوزيات التي لم تعد تضحك أحدا؟؟؟.. وفجرت شظايا الحقد بلا حدود بين جميع طبقات الشعب الفرنسي؟؟؟... هل هذه عــظـمـة (بفتح العين وتسكين الظاه) لتلهية الشعب الفرنسي, وعدم إمكانية الحكومة بحل مشاكل الإرهاب والإرهابيين بداخلها, دون إغاظة زبائنها العربانيين والإسلامويين, عرابي الإرهاب الداعشي والنصروي وحلفائهم وزبانيتهم وحاضناتهم؟؟؟... وعدم إيجاد حلول (اشتراكية) للبطالة وتفاقم الفقر بفرنسا.. وما تثيره غيوم الضباب على استمرار هذه الحكومة بعديد من الكركبات اللامعقولة بأزمات وكركبات الحرب السورية.. ودعمها لمقاتلين تسميهم هي "ديمقراطيين"... بينما هم من أهم عناصر داعش والنصرة وغيرهم من الإرهابيين الذين ارتكبوا عديدا من المجازر على الأرض الفرنسية... كركبات وكركبات لا يقع بأفخاخها ــ عادة ــ أغر الأغرار من السياسيين.. ولكن هذه الحكومات الحالية.. تقع تباعا بالفخ تلو الآخر... وأشهرها مشاركاتها التجارية والسياسية مع المملكة السعودية.. الموزعة الأولى للسلفية الوهابية الإرهابية وممولتها وعرابتها المعلنة...
كل هذا أوركسترا منظمة.. منظومة.. بهذه الحكومة الكراكوزية (الاشتراكية)الفرنسية الحالية.. لكل واحد منهم فيها دور لتدويخنا بالكلام والوعود.. وفي الحقيقة.. لا فرق بينهم وبين أية حكومة يمينية سابقة أو لاحقة.. والشعب نائم.. فــكــره.. كبطنه.. فارغ.. فــارغ.. شــاغـلـه ضرائب الشهر القادم.. أو بطولات كرة القدم.. ومباريات الـPokémons وغلاء المعيشة... بينما الجمعيات الإسلامية الراديكالية التي تغذيها المملكة الوهابية وقطر, ووراؤها عشرات أغلى المحامين الفرنسيين.. تتسلل عبر الثغرات القانونية.. لتثبت قواعد الشريعة الإسلامية وعاداتها وتقاليدها ومحرماتها ومحللاتها.. ناخرة بجسد العلمانية.. لتجعل منها مجرد كتابة عتيقة.. لا فعل لها.. ولا أثــر... وسوف يسود النقاب والحجاب.. وفصل النساء عن الرجال بالحياة اليومية والمدارس والمؤسسات.. ويصبح فرض الطبيبات النساء لفحص النساء بالمستشفيات.. ومدارس للبنات.. وأخرى للذكور.. شيئا عاديا طبيعيا... وبعد سنين قليلة معدودة , يمكن للمسلمين المطالبة بالشريعة الإسلامية بالمحاكم الفرنسية المحلية.. حيث أنها بإيمانهم ومعتقدهم فوق أي قانون وأية شريعة أخرى... مثلما تطالب الحركات الإسلامية الراديكالية, بكل مكان بالعالم.. حيث استوطنت هجرات إسلامية من منتصف القرن الماضي.. حتى اليوم.......
***************
ــ عـــلـــى الـــهـــامـــش :
الاعتراض أو المواجهة العلمانية Riposte Laïque
من الملاحظ خلال السنوات العشر الماضية, بدأت تتكاثر تجمعات وتحزبات علمانية, من أقصى اليمين وأقصى اليسار الفرنسي, ومن تجمعات نسائية, وريثة الحركات النسائية المختلفة بفرنسا, لمواجهة ما تسميها اقتحام الإسلام الراديكالي الذي يريد بكل الوسائل فرض عادات وتقاليد مستقاة من الشريعة الإسلامية بشكلها الوهابي السلفي المستورد من المملكة الوهابية, والتي توزع لبثها وانتشارها مليارات الدولارات.. رغم أزمات خزينة هذه المملكة الأخيرة.. لم يتوقف توزيع المال بكرم وسخاء.. لنشر مبادئ الشريعة الإسلامية على الجاليات الإسلامية في أوربا.. بــشــرط أن تتقيد هذه الجاليات, لا بمبادئ وقوانين البلاد التي تعيش على أرضها.. وتحمل غالبا جنسياتها.. مستفيدة من أنظمتها الاجتماعية... إنما بقواعد الإسلام الراديكالي وما يحمل من مظاهر وتقاليد خارجية... غالبا ما تعارض وتتحدى قوانين البلد (المضيف) وعاداته ودياناته وتقاليده التاريخية.. حتى تــتــحــدي قوانينه العلمانية المكتسبة والمقررة دستوريا منذ سنة 1905.. وأهمها فصل الدين عن الدولة.. مما يتعارض مع إعلان هذه الجمعيات والتجمعات الإسلامية الراديكالية بانتسابها إلى الأمة الإسلامية وشريعتها... ولا لأي قانون أو دستور آخر...
هذه التجمعات الاعتراضية العلمانية Riposte Laïque كانت فردية في البدايات, تضم بعض الطلاب, من كليات الحقوق أو العلوم السياسية أو التاريخ.. أما اليوم فقد تكاثرت وبدأت تأخذ أشكالا منظمة أكثر, حتى وصلت إلى أشكال أحزاب سياسية يمينية متطرفة مرخصة.. تضم عدة آلاف منتسبة ومنتسب بغالب المدن الفرنسية.. وهي ترفض تهمة العنصرية, إنما تعترف بخصوصية الدفاع عن الجنسية الفرنسية والأوروبية والعلمانية.. ولا تخفي خشيتها من انتشار الإسلام الراديكالي واختراقاته وسيطرته على مناطق وأحياء كاملة زنانيرية, حيث اختفى كليا الأمن والعادات والصبغة الفرنسية... بالإضافة أن هذه التجمعات الجديدة لم تعد تقتصر على اليمين التقليدي الفرنسي المتطرف.. إنما انتشر أيضا بين الأحزاب اليمينية التقليدية التاريخية وعديد من المسؤولين بالإدارة المحلية والبرلمان الفرنسي.. والجدير بالذكر أن هذا الاتجاه بدأ الانتشار حتى بين صفوف اليسار وأقصى اليسار الفرنسي... نظرا لتفاقم انتشار وتفاقم الإسلام الراديكالي وتحركاته واقتحاماته.. وتحريكاته القضائية والدستورية... والاغتيالات الجماعية بباريس العاصمة العام الماضي.. بعد اغتيالات شارلي هيبدو.. وهذه السنة باحتفالات العيد الوطني (14 تموز) بدهس شاحنة يقودها داعشي معلن.. قتلت 92 شخصا وحوالي 180 جريح بمدينة نيس NICE الساحلية السياحية المعروفة.....
بفرنسا اليوم جــو ومــنــاخ " لـــبـــنـــنـــة " ظاهران... رغم محاولات الحكومة الحالية بــخ ضبابي تمويهي وآراء مختلفة.. تجنبها التورط باتخاذ حلول حازمة جدية.. نظرا لاهتمام جميع الأحزاب السياسية بفرنسا اليوم.. بأهم الانتخابات القادمة.. وهي انتخابات رئاسة الجمهورية بأيار من السنة القادمة, والتي تتطلب سنة كاملة من التحضيرات والمسلسلات والجولات والملاسنات الإعلامية والقصص والحكايات واللغط والمتاجرات وأطنان من الكلام والوعود... وتجنب الخلافات المحلية.. وخاصة تــجــنــب الخلافات مع زبائن شراء الأسلحة المعروفين ( مثل السعودية وقــطــر )!.........
ولكن رغم جميع الجهود المبذولة لإخفاء جو ومظاهر هذه اللبننة بالمجتمع الفرنسي... ســخــونـة القلق العام ظاهرة واضحة.. ما بين ما يسمى الاجتياح الإسلامي والاعتراض العلماني واضح ظاهر بالشارع والصالونات السياسية.........
ــ ظاهرة واضحة اليوم أن عديدا من السياسيين المحترفين المخضرمين من اليمين واليسار الفرنسي, والذين كانوا دوما من أشد المدافعين عن مبادئ الديمقراطية.. بدأوا يتساهلون ويتراجعون, لخلق قوانين طوارئ جديدة للدفاع ضد ما يسمى خطر الإسلام الراديكالي.. بفرنسا وأوروبا وتوسيع السلطات الأمنية الأوروبية وحماية الحدود داخل وخارج الدول الأوروبية.. لدرء هذه الأخطار الجديدة.. ولو كانت هذه القوانين تحمل بعض التراجعات الديمقراطية المكتسبة...
ــ معارك قضائية.. وغير قضائية...
طيلة هذا اليوم سوف يفصل القضاء الفرنسي, بشكاوي قضائية أقامتها جمعية الكفاح ضد التعصب المناوئ للإسلام (CCIF) ضد العموديات والإدارات المحلية للمدن الفرنسية الساحلية السياحية المشهورة الأربعة التالية, بعد أن تراجعت عنه مدن أخرى :
Nice, Menton, Roquebrune-Cap-Martin, Fréjus
عن طريق محامي مشهور محليا.. لأن عموديات وإدارات هذه المدن لم تنحن ولم تمتثل لقرار مجلس شورى الدولة.. وقررت بدورها اللجوء إلى مراجع قضائية أعلى للاحتفاظ بضرورة قرارها بمنع البوركيني الإسـلامي على شواطئها السياحية...
كل هذا لن يعيد التهدئة.. وتنبؤاتي السابقة " بـلـبـنـنـة " طائفية احتماعية سوف تبدأ من المدن السياحية الساحلية على شاطئ البحر المتوسط بفرنسا Côte d’Azur, والتي تديرها من سنوات طويلة أحزاب يمينية, يزاحمها حاليا حزب الجبهة الوطنية Front National (اليمين المتطرف) المعتاد على التصادم والمجابهة.. والذي يتمسك ويتشدد على مجابهة التغلغل الإسلامي الراديكالي.. حسب جميع تصريحاته القديمة والجديدة التي لم ولن تتغير...
******************
متابعة على الهامش :
ــ خبر مضحك ومبكي...
خبر عاجل قرأته هذا الصباح بموقع Médiapart الفرنسي المعروف, أثار اهتمامي و "حشريتي الإعلامية".. وأضحكني وأبكاني بنفس الوقت :
السيدة سوزان رايس Susan Rice المستشارة الأمنية بالبيت الأبيض, والمقربة من الرئيس أوباما الذي سوف تنتهي ولايته قريبا.. صرحت بأن اللاجئ السوري الذي يحمل الرقم عشرة آلاف, سوف يصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل نهاية شهر سبتمبر القادم, يعني نهاية الميزانية الأمريكية لهذه السنة.. ورقم عشرة آلاف لاجئ سـوري.. هو الرقم الذي حددته السلطات الأمريكية.. لاستقبال اللاجئين السوريين الهاربين من جحيم الحرب السورية... ولا لاجئ واحد زيادة... بمقابل الملايين الذين استقبلتهم دول الاتحاد الأوروبي.. نــظــامي أو غير نظامي... ومئات الآلاف الذين ماتوا غرقا بالبحار الهائجة.. بلا فــيــزا... دون أن ننسى أبدا أن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة المتتالية.. وخاصة حكومة باراك حسين أوباما, هي التي خططت وتآمرت وحركت الهيجانات الطائفية, بواسطة جواسيسها وزلمها من الخارج والداخل.. بتحريك كل عوامل هذه الحرب الآثمة ضد سوريا وشعبها.. والتي تسببت مباشرة بموت وتهجير وتشريد الملايين من الشعب السوري...
تتحدث رايس عن عشرة ملايين لاجئ؟؟؟... وأنا أتساءل هل من أنقذتهم السيدة رايس ومعلمها أوباما.. هم لاجئون حقيقيون.. أم من عملائها والفاسدين والخونة الذين خربوا و نهبوا البلد وانتفخوا من عشرات السنين.. تــســاؤل.. تساؤل يستحق التشكيك والاهتمام........
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك وهـــنـــا.. وبكل مكان بالعالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي... وأصدق تحية طيبة فــولــتــيــريــة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟