حواران مع مرشحي دعم:
حزب دعم يطرح البديل العمالي
حزب دعم يترشح لهذه الانتخابات مع تركيبة فريدة من نوعها. في رئاسة القائمة اسماء اغبارية (29 عاما) من يافا، عضو المكتب التنفيذي لحزب دعم ومسؤولة نقابية في جمعية معاً ومحررة في الصبّار. في المكان الثاني في القائمة نير نادر، مركّز المنتدى لدعم رافضي الجندية ومجموعة "فيديو 48"، ومحرر مجلة "اتجار" الزميلة للصبّار.
مرشحا دعم يمثلان ساحتين مركزيتين يسعى دعم لكسب دعمهما: الطبقة العاملة العربية والجمهور الاسرائيلي اليساري. اغبارية ونادر شاركا في عشرات الحلقات البيتية في المدن والقرى العربية وفي الشارع اليساري في اسرائيل. الطروحات التي يسعى الاثنان لتمريرها، جديدة ومركبة. حاورناهما للاستماع الى ردود الفعل على الافكار التي قدماها لدى كلا الجمهورين.
المرشحة الاولى لدعم، اسماء اغبارية:
"ندعو العمال لبناء القوة العمالية"
حاورها داني بن سمحون
حزب دعم خاض الانتخابات مرتين في السابق، ما الجديد هذه المرة؟
اسماء اغبارية: الجديد هو في مجرد التوجه للعمال كعمال. عندما نطلب من العمال تنظيم حلقة بيتية في بلدتهم، فاننا نوضح لهم اولا: "اننا لا نتوجه اليكم كافراد يمثلون عائلة كبيرة، او كابناء لطائفة او لدين معين. ولا نتوجه اليكم كابناء للقومية الفلسطينية، بل لامر اكبر منه وهو كونكم عمالا. قبل ان نوسع حلقة المستمعين الينا نريد التحدث اليكم وجها الى وجه".
ان كون السياسة العربية مرتبطة بالحركة القومية الفلسطينية، ابقاها دائما في حدود الهوية القومية. وفي غمرة النضال القومي تم نسيان حقيقة مهمة، وهي ان الاغلبية الساحقة من المجتمع العربي منتمية للطبقة العاملة. ولكن، مشاكل هذه الشريحة العريضة في مجال العمل والحقوق النقابية ابدا لم تطرح على جدول عمل القيادة العربية. بواسطة دعم الامر يتغير.
كيف يتقبل العمال هذه النظرة؟
اغبارية: التوجه الجديد حيوي جدا ومفاجئ بالنسبة للعمال، اذ انهم لم يعتادوا التفكير حسب المفاهيم الطبقية. العادة جرت على ان يتحدد الانتماء على اساس الحمولة ثم القومية. وفجأة نقترح نحن عليهم تعريفا آخر للانتماء والتنظيم. نقول لهم اننا نرى فيهم شركاء للفكرة وجزءا من الطاقم. نحن لا نريد منهم ان يجندوا ليوم الاقتراع اصوات عائلاتهم ولكن ان يصوتوا عن قناعة.
عامل شاب من ام الفحم يحمل شهادة في الهندسة قال لي: "الفكرة ممتازة، اين كنتم حتى الآن؟". بعد ان نعقد اللقاء الاول مع العمال فاننا نطلب منهم ان ينظموا العمل في بلدتهم: توزيع المناشير، الصاق الملصقات وتنظيم الحلقات البيتية الموسعة. هذه المرحلة هي بالطبع اصعب لانه يصبح على العمال ان يواجهوا الاسئلة الصعبة التي تضعها امامهم عائلاتهم والمجتمع ككل.
ما هي الاسئلة التي تطرح في الحلقات الانتخابية؟
اغبارية: يمكنني تقسيم الاسئلة الى ثلاث. السؤال الاول هو: لماذا علينا اصلا ان نصوّت؟ منذ الانتخابات لرئاسة الحكومة في شباط (فبراير) 2002، اخذت الدائرة المنادية بمقاطعة الانتخابات تتسع. ولكننا نقول ان التصويت قضية مبدئية لانها تعبير عن موقف، وهي ضرورية ومصيرية لان التصويت يؤثر على طبيعة السياسة تجاه المجتمع حتى الانتخابات القادمة.
السؤال الثاني هو "حرق الاصوات". وعلى هذا نجيب باننا ما كنا لنرشح انفسنا في هذه الانتخابات لو كان هناك حزب قريب من طرح دعم وله قاسم مشترك مبدئي معه، وينشط في الميدان بين العمال. وبما ان لنا موقفا ونريد التعبير عنه في الانتخابات، فاننا لا نجد مناصا من ترشيح انفسنا. اننا ندعو العمال ان يكونوا جزءا من وضع الاسس لبناء الحزب العمالي الجديد الذي لا يساوم في القضايا الوطنية، وينشط ليل نهار في الميدان لحل قضية التشغيل.
السؤال الثالث يتعلق بالاحزاب العربية الاخرى وامكانية التحالف معها. الرد على هذا السؤال يكون بسؤال آخر يطرحه العمال على بعضهم البعض: ماذا فعلت لك ولي الاحزاب العربية؟
الافضلية التي نتمتع بها نحن هي ان معظم المشاركين في الحلقة البيتية يعرفون عملنا النقابي معرفة شخصية، ويفهمون انه من اجل تقوية انفسهم عليهم تقويتنا. يتجلى هذا الفهم في فقرة التبرعات التي تختتم كل حلقة. في هذه الفقرة نوضح ان على العمال انفسهم ان يمولوا دعاية حزبهم ليبقى مستقلا وغير خاضع للشركات الرأسمالية او جهات مصالحها غريبة عن مصالح العمال.
ولكن الادعاء الاقوى الذي يقنعهم هو عندما نقول: انك عندما تتلقى ثمن صوتك، كما هي عادة بعض الاحزاب ان تشتري اصوات الناخبين، فانك تعفي هذه الاحزاب من التزامها نحوك لانها سددت الحساب. اما اذا تبرعت انت للحزب فانك بكل "عين قوية" تستطيع ان تسائله وتحاسبه ماذا فعل بصوتك واموالك لخدمة البرنامج الذي التزم به نحوك. النتيجة ان العمال يجودون باموالهم وليس هذا فحسب، بل ايضا يتطوعون لتنظيم الحملة الانتخابية في قراهم.
ما مدى تفاؤلكم في هذه الحملة؟
اغبارية: ردود الفعل مشجعة، ونحن متأكدون اننا من هذه الانتخابات سنخرج اقوى وبكوادر عمالية متحمسة. في عيون الشباب يمكننا ان نرى بريق الامل عندما نحدثهم اننا هنا في بيت هذا العامل وهذه القرية، نؤسس الفرع المحلي للحركات العمالية التي عادت للنهوض في انحاء مختلفة من العالم ضد العولمة الرأسمالية وسياسة ادارة بوش العدوانية على العراق. هؤلاء، ومعهم القوى التقدمية ايضا في الشارع الاسرائيلي كالشباب رافضي الجندية، هم حلفاؤنا في المعركة الكبيرة ضد القمع والاستغلال والاضطهاد. اننا في هذه الانتخابات نضع حجر الاساس لمرحلة تاريخية مهمة قادمة.
عندما نخاطب العمال نذكرهم انه في يوم الانتخابات سيكون عليهم الاختيار بين الماضي والمستقبل: الماضي هو الاحزاب العربية والصهيونية التي افسدت الصوت العربي عندما حددت له سعرا وحولته الى بضاعة، ثم بسياستها العقيمة الداعمة لحزب العمل قادتنا جميعا لحمام الدم والبطالة، وفككت المجتمع وقضت على التضامن. والمستقبل هو القوة العمالية الآخذة بالنمو في كل العالم، العمال الذين قرروا تقرير مصيرهم بانفسهم وبناء عنوانهم السياسي لتمثيل انفسهم وخدمة مصالحهم وقيادة المجتمع.
نير نادر، المرشح الثاني لدعم:
"آذان صاغية في الوسط اليهودي"
حاورته ميخال فريدمان
قام حزب "دعم" بترشيح نفسه للانتخابات في العامين 96 و99، بماذا يختلف ترشيحكم هذا عن سابقه؟
نير نادر: التغيير كبير، فالعمل المتراكم والتغييرات السياسية التي حصلت بدأت تعطي نتائجها. اولا المجهود الذي بذلناه بالسنوات الاخيرة في الشارع الاسرائيلي، بدأ يلاقي اهتماما لدى الجمهور للتعرف على حزب دعم. مثلا في تشرين اول 2000، بعد نشوب الانتفاضة الثانية، عدنا الى اصدار مجلة "اتجار" باللغة العبرية من جديد، واصبحت لسان حال اليسار الاسرائيلي الوحيد الصادر باللغة العبرية.
المجلة تصدر بالتعاون مع مجلة "تشالنج" باللغة الانكليزية ومجلة "الصبار" الصادرة باللغة العربية. وقد جذبت المجلة من حولنا الكثير من جمهور المشتركين، كما جذبت اليها المتطوعين الذين يشاركون في عملية الكتابة والاعداد والتصميم. بفضل المجلة لاقت مبادئنا اعجابا، واستطعنا ان نبدأ بالتأثير على النقاش في الاوساط الاسرائيلية الراديكالية.
اضافة الى ذلك فقد جذب الينا العمل الجماهيري في يافا عشرات المتطوعين من مجال التربية والفن. وقد ابدى هؤلاء اهتماما بطريقتنا في العمل، وطلبوا التعرف على آرائنا عن قرب. كوننا منظمة لا تكتفي بتحليل الحقائق بل تعمل بشكل يومي على تغييرها، يؤثر كثيرا على الناس.
ذكرت سابقا ان التغييرات السياسية بدأت تعطي نتائجها، ماذا تقصد؟
نادر: قصدت في الاساس الحقيقة ان اندلاع انتفاضة اكتوبر قضى على جميع الاوراق السابقة. الساحة السياسية في اسرائيل تغيرت. منذ فترة حكم رابين اتخذ اليسار الاسرائيلي لنفسه اجندة عمل تماشت مع موقف حزب العمل الذي سار حسب استراتيجية اوسلو، ودعمت السلطة الفلسطينية. لكن هذه المعادلة انهارت عندما انضم حزب العمل لحكومة الوحدة مع شارون. كان هذا اعترافا من قبل حزب العمل بان اتفاقية اوسلو انهارت وان السلطة الفلسطينية لم تعد شريكا. هذا الواقع الجديد ترك اليسار، بما فيه احزاب مثل ميرتس والجبهة، الذين دعموا حزب العمل، دون اجابات ودون اجندة بديلة.
لجانب الكثيرين من معسكر اليسار الذين اتجهوا يمينا، كان هناك آخرون ممن لم يتقبلوا ان هذه حرب "لا بد منها" ضد الفلسطينيين، وفي طليعتهم رافضي الخدمة في الجيش الذين قاموا بخطوتهم الجريئة رغم الضغط الاجتماعي الكبير عليهم والتعتيم الاعلامي. يجب ان نذكر انهم ايضا مستعدون للتضحية في حريتهم في مكوثهم بالسجن. نحن نعتقد ان عملهم يشير الى الاسلوب الاكثر فعالية في مواجهة الاحتلال اليوم.
هناك ايضا الازمة الاقتصادية المتفاقمة. الناس قلقون جدا من تعمق مشكلة الفقر والبطالة التي تزحف الى داخل الطبقة الوسطى. تحليلنا الذي يرى في الرأسمالية العالمية من جهة والاحتلال من جهة اخرى منبع المشكلة، يحظى بآذان صاغية. انا مقتنع انه لو كانت اسرائيل تتمتع بازدهار اقتصادي لكان من الصعب ان نبحث هذه المشاكل.
كيف تديرون حملتكم الانتخابية؟
نادر: لدينا طاقم عمل يعمل على منشورات باللغتين العربية والعبرية. مشاركتنا في الانتخابات تعطينا امكانية الظهور في التلفزيون لمدة عشر دقائق في كل واحدة من القنوات الثلاث. حضرنا بمساعدة فريق عمل "فيديو 48" ومتطوعين آخرين، دعاية مدتها دقيقة واحدة في العربية والعبرية، بذلك سنظهر على شاشة التلفزيون ثلاثين مرة. ولنا أيضا دعاية في الراديو لمدة 25 دقيقة. وتركز الدعاية في قضية فتح اماكن العمل امام العمال العرب، ودعم الشباب رافضي الجندية في جيش الاحتلال.
بالاضافة الى ذلك، كمية اللقاءات المنزلية التي تتم دعوتنا اليها زادت بشكل ملموس. لا نتحدث عن جماهير غفيرة انما عن حلقات بيتية تضم 10-6 اشخاص مستعدين لطرح اسئلة سياسية مصيرية للمرة الأولى. في كل اسبوع ندعى الى ثلاث او اربع حلقات كهذه.
ما هي الاسئلة الاساسية التي يطرحها المشاركون، وما هي اجاباتكم على هذه الاسئلة؟
نادر: سألونا عدة مرات لماذا نتركز في العمل فقط في الوسط العربي؟ السائلون لم يفهموا كيف سيستطيعون، كيهود ينتمون الى الطبقة الوسطى من اصل غربي (على الاغلب)، التضامن مع العمل الذي نقوم به مع العمال مثلا؟ هذا ليس بالسؤال الهين. المجتمع الذي نتوجه له في الشارع اليهودي معزول تماما في حياته اليومية عن المجتمع العربي. لذلك من السهل عليه التضامن مع العامل الاجنبي، فكل ما هو مطلوب منه في هذه الحالة التعاطف مع القمع الذي يعيشونه. لكن، عندما يتعلق الامر بالعمال العرب فعندها يكتسي الامر طابعا سياسيا مع ما يعنيه من ضرورة اتخاذ موقف والقيام بعمل لحل النزاع.
اجابتنا انه اذا لم يحدث تحول فوري في فهم الاضطهاد والظلم الواقعين على المجتمع العربي، واذا لم نبدأ ببناء منبر موحد مع المجتمع العربي يوحد جميع المسائل السياسية والاقتصادية، لن يكون هناك سلام في العالم. هناك حالة من عدم الثقة في الشعب الاسرائيلي في المجتمع العربي. كل مشاريع "التعايش" فشلت لانها طلبت من المجتمع العربي الاعتراف بالطابع العنصري للدولة. نحن نقول انه لا يمكن ان يكون هناك "تعايش" في ظل عدم المساواة. لذلك فنحن نطالب المجتمع اليهودي ان يصحح هذا الظلم وعلى هذا الاساس البدء ببناء بنية تحتية لحياة طبيعية.
سؤال آخر يطرح في كل لقاء هو لماذا لا ننتخب الجبهة الديموقراطية، فهي ايضا تعمل في كلا الوسطين، اليهودي والعربي، وهنا ايضا يطرح سؤال "حرق الاصوات". اجابتنا هي ان الجبهة تغيرت بشكل لا يبرر انتخابها. فمنذ دعمها لحكومة رابين، وبعد ذلك جميع مرشحي حزب العمل لرئاسة الحكومة، فقدت الجبهة هويتها وتوقفت عن كونها حزب معارضة للاحزاب الصهيونية. هذا النهج ازداد سوءا بتحالف الحزب مع احمد الطيبي. والى هذا يضاف غياب الجبهة عن العمل الميداني.
اننا نفسر بان التصويت لاهون الشرين في السنوات الاخيرة قاد الى الطريق المسدود السياسي والاقتصادي الراهن، والى ازمة داخل اليسار. اننا ندعو الجمهور الاسرائيلي اليساري للمشاركة معنا في بناء القوة اليسارية الجديدة على اساس القوة العمالية في الشارع العربي، وتشكيل فرع محلي للقوة التي بدأت تتطور في العالم ضد العولمة الرأسمالية وضد سياسة الحروب الامريكية.