فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 5269 - 2016 / 8 / 29 - 14:58
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
فلاح علي
ما هي المشتركات في المهمات الاستراتيجية التي تجمع ما بين قوى اليسار والديمقراطية :
ان كان تحالف العمال والفلاحين ومعهم كل الكادحين هو تحالف استراتيجي لكن ما تؤكدة التجارب التأريخية ان تحالفات قوى اليسار والديمقراطية هي تحالفات استراتيجية , وبالعودة الى الموضوعات السياسية المقدمة للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي نجدها تشير الى ذلك الفقرة رقم ( 314 ..... التوصل بصورة جماعية، وعبر حوارات جادة وصريحة ومنفتحة ومبدئية، ذات طابع فكري وسياسي، إلى رسم التوجهات الاستراتيجية والتكتيكية الكفيلة بالارتقاء بوحدة عمل القوى اليسارية والديمقراطية، وتوسيع دائرة ائتلافاتها، لخلق موازين قوى مؤاتية لنضالها ولتحقيق مشروعها ... الخ) . اذن هنالك مشتركات في الاهداف والتوجهات ليس فقط التاكتيكية وانما الاستراتيجية وهي كثيرة ومنها على سبيل المثال : 1- انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . 2- اقامة دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية وبناء مؤسساتها وقوانينها الديمقراطية . واستقلال القضاء بعد اصلاحه 3- تحقيق العدالة الاجتماعية 4- القضاء على الفقر والامية والمرض والبطالة 5-تحقيق التنمية المستدامة الديمقراطية والحفاظ على ثروات البلد وعدم اخضاعها للخصخصة 6- ضمان حقوق الانسان وحرية الرأي والمعتقد وحقوق المرأة وضمان حقوق القوميات وتحقيق السلم الاهلي وتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق الفيدرالية لكوردستان وفصل الدين عن الدولة . 7- لمواجهة مهام المرحلة ما بعد داعش ...... الخ .
اذن تكمن أهمية التحالفات في التالي :
ان للتحالفات اهمية تتجلى في الحصول على تأثير ودور ونفوذ سياسي وحضور جماهيري لقوى اليسار والديمقراطية اكبر من تأثير وحضور الحزب بمفردة , كما ان التحالف يساعد على توحيد القوى والامكانيات الذاتية والجماهيرية والاعلامية وحتى المالية وما ينتج عنها على صعيد الفعل من تأثيرات ايجابية. كما انها تهيئ أرضية ومستلزمات افضل للدعاية الانتخابية ومن جمع اصوات أكثر لا سيما في التحالفات التاكتيكية الانتخابية , وهذا يساعد في الوصول الى مركز صنع القرار وفي القدرة على تحقيق الاهداف والتوجهات التي تمثل برنامج الحد الادنى . ان ظروف العراق اليوم وما يمر به الشعب العراقي والوطن من مخاطر يفرضان وحدة العمل والنشاط المشترك لكل قوى اليسار والديمقراطية واقامة تحالفاتهما . وكقاعدة عامة ارى من وجهة نظري ان محاكمة اي تحالف سياسي يكمن في طبيعة قواه السياسية ودور وفاعلية قواعدة الحزبية والجماهيريةهذا اولاً وثانياً في برنامجة المعلن في وسائل الاعلام وثالثاً ما حققة التحالف من نجاحات . ورابعاً دور التحالف في نهوض وتطور الحركة الجماهيرية .
استنتاجات ودروس من تجربة التحالفات :
1- ان الحزب الشيوعي العراقي ليس خارج المجتمع او خارج الطبقات , بل انه يعيش وسط المجتمع وتحيط به طبقات وفئات اجتماعية واحزاب وقوى رغم انها تحمل تناقضات ولها مصالح وغايات متعددة ولكن ما أكدته تجربة تأريخ العراق السياسي ان الحزب دخل في عدد من التحالفات خلال حقب تأريخية منها تحالف جبهة الاتحاد الوطني عام 1957 وجبهة عام 1973 وتحالفات في عقد الثمانينات والتسعينات منها جود وجوقد وجك وغيرهما كما حصلت تحالفات انتخابية ما بعد عام 2003 اني هنا ليس بصدد تقييم هذه التجارب فقد قيمها الحزب لا سيما تحالف عام 1973 حيث درسها وقيمها المؤتمر الرابع للحزب وابدت منظمات الحزب ورفاقة لا سيما منظمات الانصار الشيوعية ملاحظات جدية على وثيقة التقييم وتم الخروج بدروس .
2- أرى من وجهة نظري ان جوهر القضية يكمن في النجاح في تحديد خطة التحالفات التاكتيكية والاستراتيجية وشروطهما وأهدافهما ومع من يتم التحالف هذا اولاً وثانياً ان يكون للتحالف لا سيما الاستراتيجي من ضمن احد اهدافة الآنية هو تحقيق وحدة الطبقة العاملة العراقية والصعود بوعيها وبمزاجها في خوض النضال الجماهيري بكل ثقلها ورابعاً ان هذه الوجهة العملية ان تحققت ستسهم بشكل فاعل في انخراط فئات اجتماعية ناشطة ومؤثرة في المجتمع هم الطلبة والشبيبة من كلا الجنسيين والمثقفون والكادحين والفلاحين وسائر فئات المجتمع الاخرى وهذا يهدف الى النهوض بالحركة الجماهيرية وتطورها .
3- يلا شك هنالك مشتركات من دروس التحالف السياسية للحزب رغم تباعد المراحل التاريخية , الا انها تحمل سمة مشتركة ان اهمال هذه الدروس ستكون له نتائج سلبية ضارة على صعيد مستقبل الحزب وتأثيره السياسي والجماهيري وبالتالي تأثيره على النهوض الجماهيري وعلى صعيد التوازنات وتغييرها في المجتمع وتحقيق الاهداف .... الخ ومن هذه الدروس على سبيل المثال هو انه في تحالف عام 1973 جمد او اهمل او ابتعد او تخلى الحزب عن النضال الجماهيري السلمي كأسلوب نضالي في الضغط السياسي لأسباب غير مبررة ونتج عن ذلك اضرار كثيرة . بعد عام 2003 تجنب الحزب بهذا القدر او ذاك اسلوب النضال الجماهيري السلمي , لعوامل وظروف موضوعية وذاتية بعضها مبررة رغم ان الحزب لم يخطأ هذا الاسلوب النضالي الا انه لن يمارسة آنذاك لأسباب عدة .
4- لكن لاحقاً تحققت نجاحات على هذا الطريق بعد ان أدرك الحزب اهمية تفعيل هذا الاسلوب النضالي وتمكن من تهيئة بعض مستلزمات خوض النضال الجماهيري السلمي مع جماهير الشعب وطبقته العامله وكادحية وفلاحية وفئاتة الاجتماعية المتمثلة في منظمات المجتمع المدني وتبني مطاليبها والدفاع عنها .
5- حصلت الانعطافة التاريخية في موقف الحزب وساهم رفاقه وبعض منظماتة في الاحتجاجات والمطاليب العمالية وتوجت في المساهمه الفعلية في احتجاجات شباط 2011 والى اليوم حيث النضال الجماهيري السلمي هو السمة المشرقة لجماهير الشعب بكافة طبقاتة وفئاتة الاجتماعية وقواة الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية المشاركة فيه , بلا شك ان الشيوعيين هم طرف ناشط في هذا الحراك الجماهيري , هذا هو المدخل النضالي الطبيعي لتغيير الموازين وتغيير الاصطفافات .
6- ان هذا الفعل الجماهيري على الارض يؤكد ان هنالك قطاعات واسعة من جماهير الشعب وكادحية ومعهم الشيوعيين وقوى اليسار والديمقراطية وحتى بعض الليبراليين , قد تخلوا عن حالة التردد والانتظار والترقب والخوف والخشية من خوض النضال الجماهيري , ارى من وجهة نظري انه هذا هو احد الدروس البليغة بالنسبة للشيوعيين الذي يمثل بوصلة للنضال لتحقيق الاهداف والمهمات وحاجات ومتطلبات الشعب . كما يؤكد ان الشيوعيين يسيرون في الاتجاه السليم مع جماهير الشعب وقواة الوطنية والديمقراطية واليسارية , لأنقاذ الشعب والوطن من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ومن مخاطرة وأزماتة المتنوعة الكثيرة .
7- اذن هذا يؤكد ان المدخل الماركسي الفكري المجرب الذي يمثل سلاح فعال مؤثر ومغير لموازين القوى إبتدأ بتحريك وتفعيل اسلوب النضال الجماهيري السلمي , ويستكمل الاسترشاد بالفكر الماركسي في الفعل على الارض هو في الوصول الى قاطرة الحراك والنضال الجماهيري المتمثل بالطبقة العاملة العراقية واعطائها اهتمام اكبر حيث انها الطبقة الوحيدة التي تستطيع استقطاب اوسع طبقات وفئات المجتمع حولها وبالذات الطلبة والشبيبة من كلا الجنسيين , وانها تعطي زخم وطني شعبي ضاغط ومؤثر ومسرع في عملية الاصلاح والتغيير , كما انها الطبقة الوحيدة التي لا توجد بينها تناقض في المصالح . رغم انها منقسمه حسب الوعي والتطور المهني والعملي وحسب الدين والمذهب والقومية . ان كان هذا الانقسام طبيعياً في ظروف العراق الا ان مصالحها هي واحدة بغض النظر عن هذا الانقسام من هنا تكمن الاهمية الكبرى في تحقيق وحدة الطبقة العاملة العراقية , وعلى صعيد تأريخ العراق السياسي الوطني وظروف العراق السياسية اليوم تؤكد المعطيات على الارض ان صمام الامان لوحدة الطبقة العاملة وللوحدة الوطنية العراقية هو الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية .
8- اني ارى من وجهة نظري هذا هو المدخل الوطني و الماركسي لنهوض الحركة الجماهيرية وتطورها و لأحداث عملية الاصلاح والتغيير وأرى ايضاً أن اي تفكير بعقد تحالفات سياسية ذات طبيعة تاكتيكية كأن تكون انتخابية مع اي قوى من قوى الاسلام السياسي , انما هي ضرب من الخيال والدوران في حلقة مفرغة ومضيعة للوقت وتكون خطوة ضارة على الصعيد السياسي والجماهيري والاعلامي ويكون لها تأثير سلبي على القواعد الحزبية وعلى مزاج و نهوض الحركة الجماهيرية وعلى تحقيق الاهداف والتوجهات , هنالك نتائج سلبية كثيرة لا اريد الدخول في تفاصيل .
9- اما الاسباب الجوهرية التي تؤكد على خطأ وضرر التحالف السياسي الانتخابي مع اي قوى من قوى الاسلام السياسي اوجزها من وجهة نظري بالتالي : 1- لا يوجد في العراق الآن اي قوى من قوى الاسلام السياسي تؤمن فكرياً وسياسياً بالديمقراطية عدا هنالك شخصيات اسلامية محدودة وهذه حسمت موقفها من مسألة الديمقراطية . 2- اذن ليس هنالك مشتركاً سياسياً وفكرياً للوصول الى برنامج انتخابي يحقق الاهداف والتوجهات . 3- اما التفكير بالحصول على عدد من المقاعد الانتخابية من خلال التحالف مع الاسلاميين فهذا يمثل ركض وراء السراب . 4- ان قوى الاسلام السياسي لديها أجندات وتوجهات ذات طبيعة آيدلوجيه رغم انها لم تعلن عنها بشكل مباشرورسمي ولكن تهيئ لها منها فرض الهيمنة والاستبداد واسلمة الدولة والمجتمع . 5- ان كل قوى الاسلام السياسي لها ارتباطات اقليمية وهنا يتجلى احد مكامن الخطرعلى الوحدة الوطنية وعلى المؤسسات والقوانين الديمقراطية . 6- كل قوى الاسلام السياسي هي مع العولمة الراسمالية وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة الامريكية وتلبي مصالحها ومصالح الدول الامبريالية الاخرى في العراق والمنطقة فهي مع خصخصة ثروات البلد. 7- لغياب قانون ديمقراطي للانتخابات ولدور المال السياسي ولأمتلاك هذه القوى للأعلام الجماهيري وبما ان جميع هذه القوى مهيمنة على السلطة السياسية وشكلت نظام المحاصصة الطائفية ولوجود تحالفات طائفية فيما بينها, فأن اي تحالف سياسي معها يكون ضار ويدخل في اطار التبعية . 8- اضافة الى ان قوى وشخصيات نظام المحاصصة الطائفية متهمه جميعها بالفساد , وان كان بعضها يحارب الفساد اعلامياً فقط ليس الا ولكن جميعها تضع خط احمر على نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . لهذه الاسباب وغيرها فأن اي تفكير بالتحالف السياسي الانتخابي مع اي من قوى الاسلام السياسي هو ضار بالحزب وبدوره وحضوره السياسي والجماهيري ويضعه في اطار التبعية لقوى طائفية .
10- لكن بنفس الوقت نجد هنالك حقيقة على الارض وهذا ما تؤكدة تجربة العراق اليوم هو ضرورة التمييز ما بين ثلاث تحالفات اولاً التحالف الاستراتيجي وهذا ما تم الاشارة له وأكدته الموضوعات السياسية وثانياً التحالفات السياسية التاكتيكية كالتحالفات الانتخابية وهذا ما تم الاشارة له , وثالثاً هنالك تحالفات على الجبهة الاجتماعية والاقتصادية .
11- ان تجربة الحراك الجماهيري اليوم تؤكد على اهمية النضال المشترك في ميدان جبهة النضال الاقتصادي والاجتماعي مع قواعد بعض قوى الاسلام السياسي المعتدل والتي غالبيتها من الكادحين والفقراء والمتضررة من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ,ان النضال على هذه الجبهة يوحد ملايين الناس من مختلف طبقات وفئات المجتمع العراقي لأنه يهم مصالحهم وعيشهم الكريم وضمان حقوقهم و أمنهم واستقرارهم وتوفير الخدمات لهم ومحاربة الفساد وصولاً للاصلاح والتغيير . ان جبهة النضال الاجتماعي والاقتصادي التي يكون محورها الطبقة العاملة العراقية هي التي توحد القواعد الشعبية بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية في نضال جماهيري وطني , والتي تتجلى اليوم بقدر من الملموسية على الارض في الحراك الجماهيري . حيث انتج هذا الحراك قدر كبير من النجاح بلا شك يتعزز ويتطور بشعارات موحدة ومطالب محددة واقعية وبالتنسيق المشترك بين اللجان والتنسيقيات الفاعلة في هذا الحراك بدون فرض او هيمنة من تنسيقية على اخرى ,بجبهة النضال الاجتماعي والاقتصادي تلتحم القواعد الشعبية والطبقات والفئات الاجتماعية من هنا تتغيرالموازين في المجتمع وبالتالي لها تأثير ايجابي في تغيير الاصطفافات الطائفية بتغيير الوعي الجمعي المجتمعي بنمو الفكر الوطني الديمقراطي وهنا تتهيئ أرضية لتحالفات جديدة اوسع تعمل على انهاء نظام المحاصصة وبناء دولة المواطنة دولة المؤسسات الديمقراطية .
12- اخيراً ان من ضمن الدروس التي اكدتها تجربة الحزب الشيوعي العراقي ان اي تحالف يستبعد فيه مشاركة القواعد الحزبية يكون تحالف ركيك وهش وغير فاعل , ان اشراك قواعد الحزب في النقاش حول طبيعة التحالف ومع من يتم التحالف هي قضية فكرية وسياسية في غاية الاهمية تكمن في توفير قناعات لرفيقات ورفاق الحزب بهذه التحالفات وهذه الخطوة تسهم في تحصين اعضاء الحزب ونشطائه وكوادرة من اي تأثيرات اخرى كما تحصنهم من الركض وراء شعارات جذابة وهذا يجنبهم من الوقوع في شرك الشعارات ذات الطبيعة اليسارية المتطرفة او اليمينية , كما ان اشراك القاعدة الحزبية في رسم وجهة التحالف يؤهل القاعدة الحزبية لتكون عامل قوة للتحالف على الصعيد الجماهيري والتعريف به وببرنامجة وقواه وتسهم في اعطائة زخماً جماهيرياً .
29-8-2016
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟