أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر العدل - !!..أولاد الأفاعى














المزيد.....

!!..أولاد الأفاعى


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 07:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أمر غاية فى الإعجاز، كل إنسان يملك عينين فقط فى مقدمة وجهه، تنظران للأشياء فى اتجاه واحد، لا يهم أن يكون الإنسان أعور أو أحول أو أحور، الإعجاز هنا أن الإنسان يرى الأشياء أمامه دائما باختلاف فى درجة الدقة وليس اختلافا فى الاتجاه، ومهما تعددت وتطورت أدوات الإبصار لدى الإنسان فانه لا يرى فى الاتجاه الواحد غير صورة واحده، إنها معجزة سبحان الله.
أمر أخر غاية فى الإعجاز، السوائل ساكنة السطح تحت ضوء صافى تحمل صورا للأشياء يراها الإنسان كأنها الأشياء ذاتها، الإعجاز هنا أن للأشياء جوهر واحد ومع ذلك تصنع المرايا للأشياء أكثر من صورة، ولا يتبين الإنسان الصور الحقيقية للأشياء إلا إذا وقف فى الاتجاه الصحيح يدله عليه الإيمان الصحيح، إنها معجزة سبحان الله.
هكذا نجح أولاد الأفاعى فى التعامل مع المعجزات، أقاموا علوما وتقنيات لصناعة مرايا وزوايا يحيطون بها حقيقة الأشياء، تقنيات يبرع فى استخدامها أهل السياسة ليصنعوا رأيا عاما سلسا ومطيعا وجاهزا لتصديق كل ما يطرحونه من أكاذيب وضلالات، وهكذا ضاع الناس وسط انشغالهم بأمور حياتهم ولم يعودا بقادرين على التفرقة بين الحقائق والأكاذيب المنشورة أمامهم فى شاشات العرض العام.
هكذا نجح أولاد الأفاعى فى العملية الانتخابية فى بلادنا، رفعوا شعارات أخلاقية جميله تداعب حاجات الناس لحل مشاكل الفقر والجهل والمرض، وعندما حصدوا ما يكفى لدخولهم سباق الحصول على كراسى السلطة، تصالحوا مع ما كانوا يصرحون بأنهم يكرهون، وهكذا وجد الناخبون فى بلادنا أن السياسة لعبة الأقوياء من أصحاب النفوذ والمال والبلطجة، وظهر للجميع أن الانتخابات هى لعبه البداية للوصول إلى السلطة، لعبة ذات قواعد تبعد بمسافات عن قواعد الأخلاق والقداسة بقدر ما تسعى لتحقيق مصالح فريق بعينه على حساب الآخرين.
أولاد الأفاعى يحاصروننا فى كل شق، يخلطون المقدس بالأسطورة، ويعجنون الشرعية بالتسلط ليجعلوننا فى مصرنا غلابة، حالنا مثل حال الولد نرجس ذلك الشاب فى الأسطورة اليونانية، عاش معزولا ومات بعيدا عن تعاطف الآخرين.
ظل الولد نرجس، يجادل الحياة والبشر وجها لوجه، دون أن يكترث بالمرايا أو ينبهر بانعكاسات الملامح على الأسطح الرائقة، يرى الجمال فى حركة الحياة بين المحبين والأعداء والمنافقين، تحتشد عقولهم بالأفكار وتمتلئ قلوبهم بالعواطف، وحين عزل نفسه عن البشر واختار التشرنق على شاطئ بحيرة هادئة، فتنته صورة وجهه المنعكسة على سطح الماء الرائق، وعندما حاول الولد نرجس أن يمسك بصورة ملونة لإنسان منعزل، زلت قدمه فى الماء ومات غريقا، قتلته ملامح صورة لعوب تخيل أنها تطاوعه طوال الوقت، من يومها رسخ فى أذهان العقلاء أن المرايا لا تعطى كل الألوان، الظاهر منها فقط يعكس عنوانا لنرجسية من يصنعون قرار التواصل مع العالم.
ذات مرة فى الزمن البعيد من طفولتى، حملتنى أمى واقتربت بوجهى من مرآة وسط دارنا، عندها فزعت من وجه كائن غريب يتحرك فى المرآة وتحمله امرأة مثل أمى، وحين فشلت فى الإمساك به دفعت وجهه بعيدا، واحتميت باكيا فى صدر أمى، كانت طفولتى ترفض فكرة الصور المتماثلة، وفى المرات التالية تعودت أن أرى من ذلك الغريب صورا تقلدنى على سطح المياه، أراها فى مسقاة الفراخ وطست الغسيل والقنوات والترع، وحين بلغت فورة الشباب تماوجت صورى فى مرايا الزجاج والماء والأفعال، باسما عند لقاء كل حبيب، عابسا عند منازلة كل عدو، ولم افلح ابدأ فى مشاهدة صورتى باكيا، كان شبابى فتيا يرى الصور بيضاء مليئة بالخير أو سوداء مكفهرة بالشر، ولا يستسيغ فكرة التعامل بالصور الملونة0
وحين بلغت من العمر ما يكفى للتعبير عن رأيى، رأيت الصور البيضاء يصنعها المصلحون، يحملون قيمهم عن اقتناع عقلى قاصدين ازدهار الحياة الجميع، والصور السوداء يصنعها أولاد الأفاعى، يتاجرون بالقيم قاصدين تسميم الحياة لغيرهم، ورأيت صور العامة من محترفى الانتخابات مليئة بألوان الفرص والطموحات، يخفون كثيرا من المعلومات الموضوعية سعيا وراء مصالح ذاتية، يغايرون أفكارهم ويمسحون عقول الآخرين.
ووجدتنى فى نهايات العمر، أرى أن تمام الجمال وحسن السياسة يكمن فى نشر صور الناس والأفكار والأشياء بكل الألوان، صور ينالها أحرار البشر مخلصين فى تشغيل إرادتهم لفضح أولاد الأفاعى فى سوق التقدم.



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقعد 00 قصة قصيرة
- !!يا وجيعة فقرنا.. يا
- !! قلبى معكم 00 بشروط
- !!.. يا رئيس الوزراء.. نطالبكم بالاستقاله
- دعاية انتخابية !!
- !!.. الفاضل مستجاب
- !! خيل الحكومة .. لا تموت سريعا
- !! الجوع .. كافر
- !!.. عليه العوض
- ثقافة المقابر..!!
- !! دوابنا الثقافية
- !!دكتوراه.. للبيع
- !!الرقص .. على حافة البئر
- !!ويغتالون بحر النيل.. يا كبدى
- البيات الحضارى
- !!صناعة دماغ.. ثقيلة
- !!.. للشهامة ضوء أحمر
- موت إبن الملك
- موت ابن الملك
- !!صاحب الهوى.. الديمقراطى


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر العدل - !!..أولاد الأفاعى