|
قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم التصويت عليه في مجلس النواب العراقي.ح2
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5267 - 2016 / 8 / 27 - 03:23
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم التصويت عليه في مجلس النواب العراقي.ح2
عودة مرة أخرى لنتتبع ما ورد في قانون العفو والذي يعتبر قانون خاص في مواجهة قانون عام مثلا ما ورد بأحكام المـادة -14- لا يعمل بأي نص يتعارض وأحكام هذا القانون، هذا النص أعطى القوة التنفيذية للقانون أي قانون العفو ضد كل القوانين العامة حتى لو تعارضت مع المبادئ الأساسية للتشريع الجزائي، فهو أعلى من قانون العقوبات وقانون المحاكمات الجزائية وحتى قانون تنظيم السلطة القضائية متى ما تعارضت أحكامه مع مجمل أحكام المجموعة الجزائية، وخاصة مثلا في التعديل الذي أجري من قبل بريمر في قراره رقم 31 لسنة 2003 التي أدخل في التشريع العراقي مصطلح وعقوبة السجن مدى الحياة بدل السجن المؤبد، هذا المفهوم الغريب والأنتقامي الذي لا تؤمن به فلسفة التشريع العراقي ولا يتوافق مه أسس المدرسة الفقهية القانونية العراقية، بقي بعيدا عن يد المراجعة والتعديل خاصة وأن القانون أي قرار رقم 31 لسنة 2003 قد منع منعا باتا ونهائيا أي تبديل للقضايا المشمولة به وتحت أي ذريعة، وبالتالي سنكون أمام تعارض حقيقي بين قانون العفو وبين قانون العقوبات العراقي المدل وقانون الأصول الجزائية المعدل. القاعدة القانونية تقول إن القانون الخاص يقيد القانون العام بمعنى أن قانون العفو يقيد قانون المحاكمات الجزائية النافذ وقانون العقوبات، وهذا في الحال الذي يكون فيه النص مثلا قابلا للتعديل حسب مفهوم القوة والقابلية الفقهي، لكن الإشكالية تثيرها فقرة في القانون المعدل تمنع على السلطة التشريعية أن تعدل أو تغير في النص، قاعدة التعارض تحكم بالأولوية لتطبيق كل ما ورد فيه نص في القانون الخاص وما لم يرد فيه نص في القانون الخاص يتم الاحتكام فيه إلى ما ورد في القانون العام أو الشريعة العامة، وهو مبدأ واجب الأحترام والتطبيق، ولابد من الانتباه له لمعرفة أي القوانين هي التي سيتم الأحتكام لقواعدها القانونية، وبالتالي إذا أعتبرنا أن قانون العفو قانون خاص فلا ينسف هذا الخاص قانون عام معصوم بنصه قبل أن يتم تعديله دستوريا، أي يجب أولا أن يعدل القانون العام قبل أن يشرع القانون الخاص وإلا عد النص الخاص متعارضا مع قاعدة قانونية لا تقبل التعديل، وإذا أعتبرنا أن قانون العفو قانون عام فلا مساغ من سريان أحكامه على قانون عام، وعلى المحكمة الأتحادية أن تفصل في الأمر أستنادا لأحكام المادة 93 أولا من الدستور. الخلل الأخر والذي تسبب في إرباك قاعدة القضاء المتخصص وقضية الفصل بين السلطات هو ما جاء بأحكام المادة-12- ((على الجهات الامنية والعسكرية والمحاكم عرض الاوراق والدعاوي الخاصة بالمحتجزين والموقوفين والمتهمين على اللجان المشكلة بموجب البند (ثانيا) من المادة (10) من هذا القانون للنظر في دعواهم))، فهل يجوز أخضاع القضاء العسكري والأمني وهو قضاء تنفيذي متخصص لسلطة مجلس القضاء الأعلى وهي سلطة عامة خارج المسئولية التنفيذية، وتحت أي عنوان أو مبرر سوى أنه محاولة جديدة وسابقة لجر القضاء المتخصص لسلطة القضاء العام، وكان الأجدر بالمشرع أن يطلب من القضاء المتخصص أن يشكل لجان أو يتخذ إجراءات متناسبة مع سياق القضاء العام لغرض البت في القضايا والموضوعات التي تشترك في كونها خاضعة لقانون العفو. من المثالب الأخرى في القانون والتي تعتبر من أكثر المواد تفخيخا كون الصياغة التي وردت فيها تحمل نهايات متعددة وتفتح الأبواب نحو الأجتهاد الخاص دون مراعات للأصول الجزائية ولا مذهب القضاء الجزائي العراقي، فقد وردت المادة مشوشة كالأتي (المـادة -10- اولاً- للمحكوم عليه بجناية أو جنحة بمن فيهم مرتكبوا الجرائم المستثناة بالمادة(5) من احكام هذا القانون ادعى انتزاع اعترافه بالإكراه او اتخذت الاجراءات القانونية بحقه بناءا على اقوال مخبر سري او اعتراف متهم اخر الطلب من اللجنة المشكلة في الفقرة (ثانيا) من هذه المادة تدقيق الاحكام والقرارات الصادرة في الدعاوي التي اكتسبت قراراتها الدرجة القطعية او قيد التدقيقات التمييزية تدقيق الاحكام من الناحيتين الشكلية والموضوعية و الطلب بإعادة المحاكمة وللجنة سلطة تقديرية في القيام بإعادة التحقيق في الدعوى المنظورة من قبلها. نلاحظ من قراءة النص ما يلي: • إذا كان القرار أستثنى منه شموله مرتكبوا الجرائم المنصوصة في المادة (5) وبالتالي أسقط حقهم أو هو أسقط حق هؤلاء من تنفيذية أحكام هذا القرار، فكيف يعود ليشملهم أو يدخلهم مرة أخرى في أحكامه عن طريق تقديم طلب تدقيق، وكان على المشرع أن يشرع قانون أخر بعنوان تدقيق ملفات وإجراءات التقاضي والمحاكمة لمن لم يشمل بقانون العفو أنف الذكر، وبالتالي سيكون المشرع قد تجنب هذا العرض الهزيل في الصياغة وفي التشريع. • طعن التشريع من خلال الفقرة الأخيرة في حيادية القضاء العراقي وأعتبره مشكوكا في صحة إجراءاته ودقة عمله من خلال النص التالي ((الطلب بإعادة المحاكمة وللجنة سلطة تقديرية في القيام بإعادة التحقيق في الدعوى المنظورة من قبلها))، حيث رسم قانون أصول المحاكمات الجزائية الطريق السليم والقانوني لإعادة المحاكمة وعلى المتضرر أو المظلوم سلوك تلك الإجراءات، أو أعتبار كل شهادات المخبر السري غير أصولية ويطلب من اللجنة المشكلة تدقيق كل القضايا التي بنيت أساساتها على أقوال المخبر السري بدون الحاجة لطلب، لغرض التأكد من قانونيتها وقوة دليلها من عدمه وبذلك يكون المشرع قد ضمن للقضاء هيبته ورفع عنه ما يعيق أداء عمله أو يلزمه بحالة شاذة. • منح السلطة التقديرية للهيئة القضائية فيه إجحاف لحق طالب إعادة المحاكمة وجعل الأمر كيفي، وكان الأجدر إخضاع كل القرارات التي تتخذها اللجنة عرضة للتدقيق أمام محكمة التمييز بهيئتها الموسعة وأعتبار قرارها أي الأخير أيضا قابلا للتصحيح بطريقة الطعن تصحيحا أمام ذات المحكمة وبالتالي نوفر ضمانات أكثر واقعية وأشد حزما في تناول قضية مصيرية ومهمة.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة نقدية فقهية وقانونية في محتويات قانون العفو الذي تم ال
...
-
الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2
-
الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح1
-
ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح2
-
ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح1
-
مدخل نظري لمفهوم إعادة تدعيم المجتمع
-
نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني
-
من قضايا التنوير الفكري وأصول العمل فيها
-
الخوف والقسوة والإرهاب الفكري والسياسي ودوره في بسط ثقافة ال
...
-
مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت
...
-
الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج
...
-
الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج
...
-
الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج
...
-
قالها ومضى
-
الحق بين الله ورجل الدين
-
المعرفة الدينية وإشكالياتها التأريخية وأثرها في فشل الإنسان
...
-
العرب والأعراب وتاريخهم المتناقض
-
أنا ورائحة البحر
-
رجالٌ هُويتُهم وَطَن ... قراءة نقدية في قصيدة الشاعر عبد الج
...
-
الدين الإنساني وتحولات الوعي المتجدد
المزيد.....
-
في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع
...
-
سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون
...
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|