أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - إلى أين يسير العراق... نحو الهاوية أم باتجاه نهاية النفق؟















المزيد.....

إلى أين يسير العراق... نحو الهاوية أم باتجاه نهاية النفق؟


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقول الحكمة الشائعة :" أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام" هذا مايعتقده غالبية العراقيين وهم أمام خيار مصيري يحدد لهم مستقبل حياتهم للسنوات القادمة وربما للعقود القادمة. المشكلة الأساسية تكمن في أن العراقيين ابتلعوا يومياً وطيلة الحملة الانتخابية،مئات الآلاف من الشعارات والوعود ومن نفس الأشخاص والوجوه وعلى مدى ثلاث سنوات تقريباً ولم يتغير شيء جوهري في حياتهم سوى التمسك بالأمل والتمني بغد أفضل، أما حقائق الواقع فهم بعيدون عنها ولايهتمون بلغة الأرقام والمعادلات الرياضية والتوقعات المستقبلية التي يستخدمها خبراء الاقتصاد ومحترفوا السياسة والمحللين السياسيين والاستراتيجيين. ماذا تحقق إلى يوم الناس هذا للمواطن العراقي بعد إنهيار النظام الصدامي ومالذي لم يتحقق بعد؟ ومالذي نتوقعه من مواطن كان رازحاً تحت وطأة أقسى وأشرس نظام عرفته البشرية في تاريخها الحديث؟ صرح الأستاذ فخري كريم رئيس تحرير صحيفة المدى والعارف بخفايا الأمور أن العراق يحتاج لدورتين انتخابيتين على الأقل لكي يهضم التجربة الديموقراطية ويتعود عليها أو يتأقلم معهاوهو محق في ذلك.فبعد أربعة عقود من القمع والبطش والديكتاتورية والقطيعة مع العالم الخارجي يكتشف المواطن العراقي اليوم ألف باء الديموقراطية وأصولها وشروطها وممارستها ويحتاج لوقت طويل لكي يتقبلها ويتطبع عليها لتصبح جزء من تقاليده وتفكيره وممارساته.
فالديموقراطية ليست فقط الذهاب إلى صناديق الاقتراع وإسقاط ورقة الانتخاب داخلهاوإنما هي مسألة تربية وثقافة ووعي بالضرورة والحتمية الديموقراطية بكل أبعادهما كحل وحيد ممكن للخروج من النفق المظلم كبديل عن حالة الإنزلاق القسري نحو الهاوية المتمثلة بالانقسام والتقسيم والاقتتال الداخلي والحرب الأهلية والطائفية لاسمح الله.
إن وضع العراق المالي والاقتصادي كارثي والإنفاق والتبذير بلغ مداه الأقصى إلى جانب الفساد والسرقات والاختلاسات لاسيما في المواسم الانتخابية والصفقات الوهمية التي يبرمها المسؤولون في الحكومات العراقية المتعاقبة على الحكم منذ سقوط النظام العراقي السابق والمواطن العراقي غارق في سبات ولايعلم مايجري من وراء ظهره.
أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً غريباً ومدهشاً عن الاقتصاد العراقي بعد ربع قرن من الترقب والرصد والمتابعة من قبل المختصين والخبراء والمحللين الماليين.لم ينتبه أحد لما جاء في هذا التقرير وسط دوي التفجيرات والاغتيالات وضجة الدستور ومحاكمة أركان النظام المخلوع. فمعدل التنمية في العراق لسنة2004 بلغ 50 بالمائة بينما لم يتجاوز الـ 5 بالمائة سنة 2005 ويتوقع أن يبلغ 16.8 بالمائة للعام القادم 2006 وكان معدل التنمية لسنة 2003 صفراً تقريباً والتفسير الوحيد لهذه المعدلات المتقلبة وغير المنطقية وسط جو العنف وجعجعة السلاح هو النفط لا غير وتقلبات معدل انتاجه وارتفاع وانخفاص أسعاره في السوق النفطية العالمية المضطربة. وبالرغم من الآفاق الإيجابية المدعومة لهذا المصدر المهم من الثروة إلا أن العراق يواجه وسيواجه في المستقبل المنظور تحديات هائلة ومخاطر في إعادة بناء وترميم وتدعيم اقتصاده.حيث يتعرض قادة البلد اليوم لضغوطات وإغراءات كبيرة لإجراء أصلاحات جذرية عاجلة ومؤلمة في إطار الخصخصة وسيادة اقتصاد السوق وهيمنة النزعة الليبرالية المتوحشة دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصية البلد وأوضاعه سكانه المالية والاقتصادية المتدنية فالخبراء الغربيون يتوقعون حركة خصخصة كبيرة لاقتصاد العراق المبني على العائد الريعي وهيمنة عقلية القطاع العام ورعاية الدولة للمجتمع في كافة مستوياته ومراتبه أي بعبارة بسيطة يطالبون الدولة العراقية وقف تقديم الدعم والبطاقات التموينية وإلغاء المعونات بكافة اشكالها.
أكثر من ثلثي الشعب العراقي يدين ببقائه على قيد الحياة للبطاقة التموينية التي توفر له المواد الغذائية الأساسية التي تأتيه من برنامج النفط مقابل الغذاء الذي فرضته الأمم المتحده في زمن العقوبات والمقاطعة الاقتصادية للنظام السابق. فالبنزين والنفط البيتي والوقود في العراق هي الأرخص في العالم. لكن العراق مرغم اليوم على استيراد الجزء الأكبر من استهلاكه اليومي بأسعار السوق العالمية وهذا ينطبق على جميع المواد الاستهلاكية والضرورية فكل شيء مستورد وعجلة الانتاج الداخلي شبه متوقفة. مشاريع إعادة البناء والتعمير متوقفة وشبه ميتة هي الأخرى بما فيها مشاريع الماء الصالح للشرب والطاقة الكهربائية المفقودة منذ سنوات طويلة لاسيما في السنوات الثلاثة المنصرمة والقطاع الوحيد الذي يمكن أن يحظى بالاهتمام في ترميم وإعادة بناء هيكيليته وبناءه التحتي هو القطاع النفطي الذي يتعرض للتدمير والتخريب على يد العناصر الإرهابية المسلحة المتمردة على السلطة مما حث الدول المانحة التي اجتمعت في مؤتمر مدريد على وقف أو عرقلة وصول إمداداتها المالية للعراق فيما عدا الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبريطانيا كما صرح وزير المالية العراقي علي علاوي. والأسوء من ذلك أن أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين العراقيين لايستثمرون داخل العراق بل في الدول المجاورة له لأسباب أمنية واضحة أما مبالغ المساعدات الموعودة التي وصلت 33 مليار دولار فلم ينفق منها سوى 7 مليار دولار ذهب أكثر من نصفها للنشاطات الأمنية.فهل بعد ذلك سينزلق العراق نحو الهاوية أم سيخرج من النفق المظلم؟
يمر العراق اليوم بمنعطف خطيرو وحاسم بعد انتهاء أعمال مؤتمر التوافق الوطني في القاهرة والتوصل إلى صيغة مشتركة لبيان ختامي حاول أن يرضي الجميع لاسيما المعسكر الذي يعتبر التاسع من نيسان يوم تحرير للعراق من حكم الطاغية والمعسكر الذي يعتبر هذا التاريخ يوم احتلال للعراق وتاريخ لانطلاق المقاومة المشروعة ضد الاحتلال والتي تكفلها القوانين والأعراف الدولية خاصة وأن جورج بوش الإبن نفسه صرح قائلاً لو كان بلده محتلا لنزل إلى الشارع ومارس المقاومة المسلحة . المشكلة لاتكمن في حق الشعب العراقي بالمقاومة ولكن أي شكل من اشكال المقاومة ؟ ولماذا لايمكن أن تكون في الوقت الحاضر مقاومة سلمية وسياسية ريثما يستعيد العراق عافيته وسيادته وشرعيته ليقوم بطلب مغادرة القوات المحتلة بالطرق السلمية ولكي يبدأ الحكم المنتخب شرعيا بعملية إعادة البناء والإعمار وتأمين الخدمات الأساسية لأبناء البلد وتوفير العمل والقضاء على البطالة الخ.. الأمر يتطلب موقفاً واضحاً وصريحاً لامواربة فيه من الإرهاب الذي يضرب العراق في الصميم ويمس الشعب العراقي والمدنيين والبنى التحتية للبلاد ويطيل أمد الاحتلال بذريعة إنعدام الأمن وعدم قدرة الحكومة العراقي ولا الجيش العراقي ولا الأجهزة الأمنية الحالية الحديثة العهد بتوفير الأمن .
العراق يعيش مرحلة حاسمة من حياته السياسية مابعد سقوط الطاغية، ألا وهي مرحلة الانتخابات التشريعية التي شاركت فيها كافة أطياف الشعب العراقي لانتخاب جمعية وطنية شرعية حرة وبطريقة ديموقراطية لاشائبة فيها وهنا يحتاج العراق إلى برنامج وطني حقيقي يجمع العراقيين ويوحدهم ويضمن لهم مستقل آمن ومزدهر يسوده الأمن والوئام. مشروع يستند إلى مبدأ المواطنة والانتماء للوطن العراقي والكفاءة قبل أي إنتماء آخر سواء كان إثنيا أو قومياً أو دينياً أو مذهبياً أو طائفياً . برنامج يلغي من قاموسه مبدأ المحاصصة ويتعامل مع العراقيين كشعب واحد يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات ويخضع لدولة القانون والنظام وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان وتضمن فيه حرية القضاء والعدل والمساواة والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع واحترام الإرادة الشعبية الحرة وضمان الاستقلال الكاملة والسيادة الناجزة وتحرير الأرض والإنسان من كافة الضغوط والظروف القسرية التي يعيش فيها حالياً ويعاني منها.
لابد للحكومة العراقية القادمة والمنتخبة أن تكون حرة وغير مقيدة باعتبارات فقهية ودينية مسييسة على غرار ما يحصل في إيران الخاضعة لمبدأ ولاية الفقيه الذي يضع نفسه فوق القانون والدستور وهذا لايمكن أن يحدث في العراق نظراً لخصوصيته ولتجربته وطبيعة سكانه وتنوعهم الإثني والقومي والطائفي أو المذهبي من هنا لايمكن أن تلعب المرجعية الشيعية الرشيدة ولا المرجعية السنية دوراً سياسياً مباشراً في واقع العراق السياسي المستقبلي إلا بحيادها التام وتفرغها للشأن الديني والتوجيه التربوي مع تأمين كامل الاحترام والتقدير والحرية لتلك المرجعيات الدينية للقيام بدورها الإرشادي والأخلاقي والفقهي الذي يتعامل مع المجتمع من مبدأ حرية الاعتقاد والاختيار العقيدي لكل مواطن. سعى الزعماء المعارضون لحكم صدام حسين منذ سنوات المنفى الطويلة ومحاربتهم لدكتاتورية صدام حسين، إلى تحرير العراق وتحقيق دولة القانون وتطبيق الديموقراطية الحقة واتباع مبدأ الكفاءة قبل الحسب والنسب ومبدأ تكافؤ الفرص والتعامل مع دول الجوار وفق مبدأ الاحترام المتبادل وتبادل الخبرات والتعاون في كافة المجالات السياسيةوالاقتصادية والأمنية والعسكرية والثقافية الخ.. لاسيما مع الجارة إيران التي تحاول أن تمارس تأثيرها في الشارع العراقي من خلال علاقاتها المميزة مع القوى السياسية الشيعية التي كانت تتمركز في طهران وتعتمد عليها في نشاطها وتمويلها وهذا لايخدم واقع العراق ومستقبله و هم السد المانع أمام أي تغلغل إيراني حقيقي في صميم الحياة السياسية العراقية دون الحاجة إلى سلوك طريق المواجهة والعداء .
الوضع السائد حفي الوقت الحاضر لايسمح للحكومة الحالية الضعيفة والمشلولة تقريبا من تحقيق أي تقدم ملموس على كافة الصعد لأنها حكومة تتبنى مبدأ المحاصصة الطائفية وتدعي انحياز المرجعية الرشيدة إلى جانبها لتحقيق أغراض انتخابية ذات منحى طائفي تجزيئي لايجمع العراقيين تحت مضلة الوطن ولم تنجح الحكومة الحالية في مكافحة الفساد ولا توفير الخدمات ولا توفير الأمن رغم كونها حكومة منبثقة عن انتخابات الأمر الذي لم يتوفر لحكومة الدكتور علاوي المؤقتة التي كانت تعاني من مراكز قوة وسلطة موازية أخرى تضيق عليها مجال مناورتها ومجال تحركها من أجل تحسين الأوضاع المعيشية والأمنية للمواطن.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التهميش الاجتماعي أبعاد الظاهرة ودلالالتها
- العراق: تحديات الأيام المقبلة الدستور،المحاكمة،الانتخابات، و ...
- قراءة في كتاب: المذبحة تحت المجهر «الهولوكوست
- جورج دبليو بوش رئيس مسكون بلعنة العراق
- أمريكا ومعضلة دول محور الشر
- الاستقطابات المميتة في العراق
- المعلن والمخفي في السياسة العراقية
- كتاب العراق وأمريكا وحافة الهاوية
- آفاق الحرب العالمية لمكافحة الإرهاب
- المفارقة العراقية
- دروس في الإخراج السينمائي
- العراق بين الآمال والقلق
- نشاط اللوبي الصدامي ـ الفرنسي في باريس ودمشق
- الإسلام والغرب وفن صناعة العدو
- مقابلة مع د. جواد بشارة
- إيران وسورية في مرمى الإصابة الأمريكية
- الخرائط الأمريكية للعراق والشرق الأوسط
- يوميات عراقية من مدينة بغداد الجريحة
- السينما العراقية بين الممكن والمستحيل
- الخرائط الأمريكية اللعينة للعراق والشرق الأوسط


المزيد.....




- الخارجية الروسية تستدعي السفيرة الأمريكية في موسكو وتكشف الس ...
- ??مباشر: صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي إ ...
- بعد موت رئيسي.. الإيرانيون يتجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيا ...
- منطقة الساحل بعد الانقلابات - بين الإحباط والصحوة
- موسكو تحمل واشنطن مسؤولية هجوم دموي بالقرم وتتوعد بـ-عواقب- ...
- Hello world!
- موسكو: ضلوع واشنطن في اعتداء سيفاستوبول واضح ولن نترك هذه ال ...
- مشهد مروع لسقوط مساعدات إنسانية فوق خيمة للنازحين وتسويتها ب ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإرهابي في داغستان إلى 20 وإصابة ...
- -فتح- تحمّل -حماس- مسؤولية -إفشال- جميع الحوارات السابقة


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - إلى أين يسير العراق... نحو الهاوية أم باتجاه نهاية النفق؟