أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2














المزيد.....

الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5265 - 2016 / 8 / 25 - 01:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مات الربيع العربي في الواقع وتم أستحضار ربيع مزور كي يكون شاهد زور على براءة الشيطان وشيطنة البراءة، ربيع تنمو فيه نباتات التطرف وأشجار الكراهية وأشواك الموت وتحيا فيه العقارب والحيات والجرذان القارضة، بدل العصافير الجميلة والطيور المهاجرة وتتزاوج فيه كل نتانات التاريخ في مشهد سوداوي كارثي، هذا مفهوم لمن يقرأ الواقع بحيادية وقلبه على وطنه ويتألم مما يجري وهذه مصيبة، لكن الأعظم والأدهى منها من يروج بأن ما خرج في هذا الربيع المزور ما هو إلا نتاج جنة الله وفعل التاريخ حين يتحرر من أغلال العبودية، ولكنه كما يزعم أن الخوف من الحرية عند الشعوب العربية هو الذي يصور الأشياء بغير حقيقتها الحقيقية.
لقد امتد الغباء اليساري في بعض جوانبه ليوهم بعض مفاصله أن القوى الرجعية التي ولدت أما في مختبرات الأستعمار الغربي، أو تكاثرت نتيجة البذور الفاسدة التي زرعتها أفكار تدميرية ضد المجتمع العربي، يمكنها جميعا أن تتحول في ليلة وضحاها إلى فعل تحرري ينقذ شعوب المنطقة من تسلط الحكام ويحررهم من الهزائم التاريخية بفعل بركات أدعية كهنوت لا ينتمي حتى في أرقى ما يملك من أفكار أو رؤى إلى أبسط متطلبات الشرط الإنساني، وتوهم أيضا هذا اليسار بأن دول لا تؤمن أصلا بغير السلطان المحاط من جميع جوانبه بكل أجهزة القمع والإستلاب ونكران وجود شعب له حق في أن يسمى باسمه، يمكن لهذه الأنظمة أن تقود شعوب دول أخرى نحو مدرج الحرية وحق الإنسان أن يكون كما هو طبيعيا حرا بالتكوين.
لقد كان مفعول الهزيمة التاريخية الممتدة من عام 48 إلى هزيمة السلطة وجيشها، الذي سلبوه حتى رغيف الإنسان البسيط وعمره في أمل أن يصح يوما ليجد أن إسرائيل مجرد جثة ميتة مرمية في عمق البحر، وجد في أنتصار 73 مجرد كذبة موهومة دفع ثمنها مضاعفا وأرتد بأثر نفسي معاكس لما أرادته الحكومات من تصحيح لمبررات وجوده على الشارع العربي، أنقسم وتشظى وتكاثرت الإنكسارات المتتالية في شخصية المجتمع العربي الذي لم يعد يهتم لا بنصر ولا بهزيمة محاصرا بالقهر والجوع والخوف من التغييب القسري والموت السريع بحجة المعارضة أو مكافحة العداء المزمن للسلطة.
لقد أمنت الجماهير العربية باستحالة وجود حل من خلال الأيديولوجيا بشقيها اليساري واليميني ولم تعد تستهوي الجماهير تلك الشعارات التي كانت تقود الجماهير في الشارع العربي، هذا اليأس وليد التجارب الفاشلة ووليد مرارة الهزيمة وأنتكاس الوعي، وتسلل عبرها شعار جديد شعار يمس الوجدان التاريخي يجمع بين العروبة القديمة من جهة كهوية وبين الدين كعقيدة، شعار مغري ومهيج وامل في تجربة لعلها تكون ناجحة كما نجحت فيما مضى، (خلافة على منهج النبوة) تلك اللافتة العريضة التي روج لها اليمين العربي ودعمها وعاظ السلاطين وكهنوت الرواية التاريخية، وتلقفها طيف واسع من الهامش العربي المغيب والذي يحلم بالانتقام من أسباب الهزيمة وعناصرها.
هذا الأنتماء والألتفاف الشعبي الغير مسبوق للهوس الديني ومقولات التيار التعبوي الإسلامي في تعاطيه مع قضايا السياسة والمصير والقيادة، يعبر عن عمق أزمة العقل العربي الراهنة وخيبته من السياسة وفشله في إستدراج الوعي إلى دائرة المسئولية الأجتماعية، ويكشف أيضا هشاشة الفكر السياسي العربي وغياب الرؤية الاستراتيجية على مستوى النخبة السلطوية والنخبة المفكرة، وشهادة على تقاطع وتناقض وجودي بين السلطة وبين الجماهير بفعل أساليب المصادرة والأستلاب الحضاري والأنتقام المتبادل بينهما على قضايا فرعية، وأهمال المرتكز الأساسي الوجودي وهو عنصر المصلحة العامة.
لقد تخبط هذا المجتمع المأزوم كثيرا بين خيبات وهزائم وأنتكاسات حتى تعطل لديه الإحساس الذاتي بوعيه وبذاتيته، وتحول بفعل السادية السياسية والفكرية التي مورست ضده إلى كائن مازوشي يتحمل الألم ويستلذ به ولم تعد كل المحفزات قادره على تنبيهه بأهمية أستدراك الواقع وتصحيح متطلبات البقاء، وتحول حلم الهجرة من الوطن إلى فعل جمعي وصل في أحد الإحصائيات العلمي إلى نسبة 61% من الشعب العربي يفكر في الهجرة خارجا للخلاص ليس فقط من الفقر بل من الهوية والواقع العربي برمته، هذا المؤشر وإن كان نظريا لكنه يكشف عمق المأساة التي أوصلتنا لها سلسلة الهزائم النفسية التي قادتها السياسة والدين الخانع لرغبة السلطة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح1
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح2
- ظهور الإسلام السياسي هو أزمة دين أم أزمة سياسة؟.ح1
- مدخل نظري لمفهوم إعادة تدعيم المجتمع
- نظرية الدولة الدينية بين حكم النص وبين دور الوعي الديني
- من قضايا التنوير الفكري وأصول العمل فيها
- الخوف والقسوة والإرهاب الفكري والسياسي ودوره في بسط ثقافة ال ...
- مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- الحاكمية السياسية في الإسلام ... وهم القراءة وتخريج بلا مخرج ...
- قالها ومضى
- الحق بين الله ورجل الدين
- المعرفة الدينية وإشكالياتها التأريخية وأثرها في فشل الإنسان ...
- العرب والأعراب وتاريخهم المتناقض
- أنا ورائحة البحر
- رجالٌ هُويتُهم وَطَن ... قراءة نقدية في قصيدة الشاعر عبد الج ...
- الدين الإنساني وتحولات الوعي المتجدد
- العراق وخيارات المرحلة ح2
- العراق وخيارات المرحلة.ح1


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الواقع العربي اليوم وقبل ربيعه الأسود ح2