أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يحيى متاني - حماقة ليبرمان وأممية درويش الطبقية














المزيد.....

حماقة ليبرمان وأممية درويش الطبقية


يحيى متاني

الحوار المتمدن-العدد: 5264 - 2016 / 8 / 24 - 11:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




ليس صدفة أن شعر محمود درويش ذاع قبل اسمه، ليطرح شعرا قضية الإنسان بتفرعاتها الوطنية، القومية والطبقية، كوننا أولا قضية القضايا في عصرنا: القضية الفلسطينية بكل أبعادها. هذا الشعر الدرويشي ليس صدفة أنه يرعب ليبرمان والطغمة كلها، فهو هذا الشعر المعبر والمنتصر ابدا على العنصريين الرعاديد هؤلاء:
"سجِّل برأس الصفحة الأولى، أنا لا أكره الناس، ولا أسطو على أحد، ولكني إذا ما جعت، آكل لحم مغتصبي". انتبه، قال "مغتصبي" وليس قاتلي. - لماذا؟ - ليقول أنا الأقوى وأنا الأسد، إذا كان من أمامي في حالة "حيوانية" عنصرية، فمحمود يرد هنا طرق الاغتصاب وإرهاب السلطة المنظم التجويعي بقوة صاحب الحق الأعزل من السلاح إلا من أنيابه الاستعارية، أو قل: لسانه الشاعري المنتصر أبدا. فالأنا هنا هو الأسد أو الوحش المفترس الذي يرمز إلى الشعب الذي جرد من أرضه وهوائه ومن مائه وزمانه ومكانه في ملكه للعمل كنظام اجتماعي متكامل، ليصبح صاحب القضية الطبقية الإنسانية الأعمق: الجوع الذي يهدده كله ومجرد وجوده جسديا. ليصبح تجريده من جسده فكرا مجردا طبقيا يحرر شعبه مع ذاته الإنسان على الكرة الأرضية من خلال قضية القضايا: فلسطين شعبا وطبقات وأرضا.. بل هي قوة الحق الجماعية في حركة الشعوب المنتصرة لا محالة. وهي ليست قوة الفرد الدونكيشوطية المغامرة المزاودة والمتواطئة معا. كما أن حربه ليست ضد الأفراد، وهو لا يخوض حربا إرهابية تعتمد على الفرد المنتحر، بل هي قضية أدب المقاومة المجند لكل الشعب المغتصب بالفتح.
كما أن هذا الموقف هو ضد قوة العدو الطبقي الذي يرمز له درويش أنه المسؤول عن تجويع الأسد/ الشعب-القضية/ الشاعر- الأديب صاحب الموقف الحضاري القائد الملهم المجند، ليتحول هذا العدو الطبقي أيضا نحو شعبه مستغلا، لكنه مغتصب نحو شعب الشاعر، يتحول هذا الوحش الضاري إلى كتلة لحم خنازيرية يأكلها الأسد ليحرر كل المستغلين من شعبه أيضا. فهذه ظاهرة طبيعية تتسق مع وصف سياسة الطغمات المالية الاحتكارية الحاكمة في نظام دولة تتجرد من إنسانيتها بسبب موقفها ضد العربي طبقيا قبل كل شيء. وهو هنا يجرد المواجهة من فروعها الوطنية والقومية والشخصية ليردها إلى عنفوانها الأممي الطبقي حيث كل هذا اللحم المكتنز أخذ على حساب الطبقات المستغلة بالفتح وعلى حساب الشعوب "المقهورة" مؤقتا، لكنها المنتصرة في ذاتها وحقها وعدم تفريطها بالحق الطبقي أو لاستعادة الحق والكرامة والحرية لكل الشعوب. إذًا الذي يخاطبه درويش ليس فردا أيضا، بل هو الغاصب المكتنز لحما من اغتصابه للحق وخنزيريته كطغمة مالية عسكرية وصلت ذروة فسادها وانحطاطها في كولونيالية سافرة "مغتصبة"، وليست مجرد احتلال غاشم.
هذا التكثيف اللغوي الشاعري الإنسيكلوبيدي، والعظيم بلاغة إيحائية، يفرض حشده وإيقاعه على الذات غير الواعية في الحيوان، لتصبح الأوعى في الإنسان كل إنسان! إنه يجند ويحرض، مع الأغلبية الساحقة جدا من الشعب العربي الفلسطيني، البشرية التقدمية كلها وأغلبية الشعب الذي تقوده هذه الطغمه، إلى التحرر من أبشع مما عرفته الطبييعة والحيوان والإنسان: أبشع ما في العنصرية والكولونيالية معا: التجويع ونهب أرض شعب واستبداله بشعب آخر صهيوني وكولونيالي وامبريالي وداعشي رجعي، وكل مستولدات "القاعدة" والوهابية.
محمود درويش، الذي أحب ريتا التقدمية اليهودية، وبقي مخلصا لحبها، وخلد حبها في قصيدة، لا يمكن أن يتخلى عن التضامن مع الموقف اليهودي الإنساني الأصيل الذي بوصله ونحاه ونهجه ماركس، ورفيق لينين سفيردلوفا، وناقل سر القنبلة النووية للسوفييت. إنه ليس فقط يفرق بين اليهودي التقدمي وبين الصهيوني الكولونيالي، بل هما ضدان لا يلتقيان إلا في معارك الشعوب مع من يمثلهما.
وهكذا يصبح سيد الدراويش متوحدا واحدا مع حبه النضالي في قصيدة صعقت ليبرمان الذي يشتعل رعبا وخوفا من اقتراب الزحف القادم ضد الإمبريالية بقيادة بوتين الذي يتبع، حسب رأيي، خطوات أسلافه بتركيع الوحش النازي بعد أن تحررت شعوبه من حرب أهلية. فما أقرب مقاربة اليوم بالأمس قبل أقل من قرن! لا مكان للكولونيالية واستعباد واغتصاب الشعوب في عصرنا. هكذا آمن درويش بأنه منتصر حتما، حيث البشرية بحاجة لهذا الانتصار لتتحرر من استغلالها متعدد الوجوه، ولكنه طبقي دائما!
ومن يقرأ القصيدة من أولها، ير هذا الطرح الفلسفي الاستقرائي من الخاص إلى العام عندما يقول "إذًا سجل... " مؤكدا عنوان وجوهر وفلسفة القصيدة "برأس الصفحة الأولى"، ممهدا للفكرة-القضية المحورية المركزية: "أنا لا أكره الناس ولا أسطو على أحد"، ليؤكد مصداقية وعدالة قضية شعبه. وليفهم المتلقي ذلك جيدا، يضرب عن قوله هذا، لينفي تواطؤ شعبه الصابر الساكت مؤقتا، وليؤكد الأهم فيقول: "ولكني"، لينتقل نقلة نوعية جدلية إلى حتمية النصر لا محالة: "آكل لحم مغتصبي" بكل زخم دلالاتها أعلاه كما ذكرت وكما فصل ذلك بإيحاءات القصيدة المعروفة الغنية عن التعريف والتكرار! وهكذا يصبح محمود درويش الشاعر والشعر والقضية قصيدة بل جزءا من قصيدة توحد في داخلها كل الشعب العربي الفلسطيني وكل الأحرار المناضلين، من أجل السلام والمساواة والتقدم وجميع الملاحم الطبقية!
هذه إذًا حماقة ليبرمان العنصرية المنفلتة وأممية محمود درويش الطبقية المنتصرة!
24/08/2016



#يحيى_متاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مادة الحزب الشيوعي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يحيى متاني - حماقة ليبرمان وأممية درويش الطبقية