أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - رفيق شرف وتخوم الكتابة الأخرى !














المزيد.....

رفيق شرف وتخوم الكتابة الأخرى !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 387 - 2003 / 2 / 4 - 04:27
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                          

                                                                    
  لم أعد أتذكر كيف سقط عليَّ وأنا في زاوية قصية عند بوابة  الصحراء الأفريقية الكبرى في سنة 1980  كتاب رفيق شرف الذي يتألف اسمه من الكلمات ذاتها  ( كتاب رفيق شرف 1978-1979 . ) ربما جاءتني به سحابة نادرة من سحب الرجال الزرق " توارك " أو انبجس من  كثيب رمل ناعس يحلم بقطرة سلسبيل  . ومع أن قصتي مع هذا الكتاب لا تهم أحدا سواي ولكنني شعرت بأنني مقصود ومستهدف بالرحيل المباغت لصاحبه  قبل أيام قليلة . قلت مباغت مع أنه رحيل طبيعي جدا في شتاء العمر غير الطبيعي جدا  .
  لم أقرأ شيئا آخر لرفيق سوى كتابه ذاك، وكان  مزينا بعدد من تخطيطاته اللافتة والذي ما زالت نسختي منه  بحالة ممتازة وكأنني اشتريته لتوي وليس قبل أكثر عشرين عاما الأمر الذي لا يفسره شيء البتة فقد كان بمثابة "كتاب الوسادة " بنسبة لي طوال سنوات وحدتي الصحراوية أو إقامتي المستمرة عند أقدام جبال الألب المهيبة .
  لقد سبق الشاعر الفرنسي الأشهر  "آرثر رامبو"  الراحل رفيق شرف  بمأثرة الكتاب الواحد ، وإذا  كان الفتى الفرنسي قد  أمسك بالشعر الفرنسي والعالمي من أذنه وجره خلفه الى جحيم الجمال فخرج الجمال شعرا وغاب الشاعر كما يغيب ضوء القمر في قطرة دم بريء فإن كتاب فتانا ابن الحداد البعلبكي  قد ترك بصمة لا تمحى على سمت القبح الوالغ في العادية والسأم وفقدان المعنى الذي جاءت به الحرب الأهلية اللبنانية . كتاب واحد للشاعر الفرنسي  فعل كل تلك الثورة  وما زال يفعل ، وربما ساعد في حدوثها وبذلك العمق والزخم وامتداد أن آرثر ولد في  "شارلفيل " الفرنسية وليس في بعلبك اللبنانية والأسماء لا تشير الى المسميات بحيادية ،  شيء من هذا القبيل كتبته سنية صالح سنة 1973 عن مأساة محمد الماغوط الذي ولد في " غرفة مسدلة الستائر اسمها الشرق الأوسط " وكانت سنية دقيقة الوصف دقة أتراح الماغوط .
  في كتابه ذاك رأيت الى رفيق شرف بعيون كثيرة ،وكانت أكثرها رسوخا و صفاء هي العين المازجة للجنون بالحزن بالتمرد المرادف لانبجاس حَب الشباب وغلواء البدن والروح  . والتمرد هنا لا يعني تلك الحركة الاستعراضية البلهاء والتي يثقلها من الافتعال ما هو أكثر  قتامة من الواقع المتمَرَد عليه بل يعني التواصل الضدي والمخلص مع نسغ الحياة والاصطلام  بتفاصيلها ومحاولة إعادة تشكيل تلك التفاصيل وإلقاء القبض على ما هو جوهري ، فاتن ، مقلق ، معمِّق ، محيل الى الأمام والخلف وجميع الاتجاهات .
ما استوقفني وشدني في كتابات شرف هو ذلك الكوكتيل  المعقد من السخرية السوداء واللاجدوى والتمرد والمضمور بسكونية خاصة تحاول استجداء البقاء على قيد الحياة لا لشيء إلا للضحك منها وعليها .
  وحين استعيد قراءاتي السابقة لما كتبه شرف في إحدى الصحف البيروتية الكبرى خلال أشد سنوات الحرب الأهلية ضراوة ووحشية ، متذكرا كيف كنت أحاول مواصلة القراء بعينين مغرورقتين بالدمع  الناتج عن هستيريا الضحك ،حتى إذا ما انتهت القراءة تضاءلت الدنيا والمصائر في العينين والروح وأشعر بقلبي وقد عاد الى النبض بعد أن نسيته زمانا طويلا . لم يضحكني من نفسي ومن الوجود كتاب كما فعل رفيق شرف وكما سيفعل بعد عدة سنوات الكولومبي غاريثيا ماركيز خصوصا في " خريف البطريك " و " ليس للكولونيل من يراسله " و أيضا وبشكل أشد في سلسلة مقالاته التي نشرت في كتاب صغير ترجم الى العربية قبل بضعة أعوام بعنوان " كيف تكتب رواية " . الفارق نوعي وواضح بين الضحك الفكاهي الخفيف الظل عند ماركيز وبين الآخر القاتم المتشائم المرير عند شرف .
لقد كانت تجربة الكتابة وربما الرسم لدى رفيق شرف محاولة جديدة لتأسيس أخلاقية تشاؤمية  عميقة وغير عدوانية تتحصن بالسخرية واللعب مع الجنون لتقدم بصمتها الفريدة على سمت القبح قبح الحرب الأهلية .
أقول وداعا لمبدع عربي مهم وأنا أكرر عناوين بعض كتاباته هامسا بها لشخص يشبهني ومنها :
-دجاجة هذا الزمن مستطيلة إذن .
 -كوكو تقول أن محمود لم يكن هناك تلك اللحظة .
- صالح ويوسف الى الجحيم واجمل التحيات من أخيكما .
- وجه عجيب ذو نقطتين صغيرتين .
- استفقت كئيبا على صياح الديك أفكر أن أقوم وأن لا أقوم .
- وصاروا يشيرون إلي : هو ذا  زوج سعيد وفاهم في الثقافة .

وداعا.. أيها المبدع ، وداعا رفيق شرف ..!
 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مربد الموتى ومربد الأحياء !
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة . الجزء الع ...
- آخر معجزات المجلس الأعلى : أسقطنا خيار الحرب ونطالب باستخدام ...
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء التا ...
- لا للتحريض العنصري ضد الكرد وغيرهم !
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة . الجزء الث ...
- مصير قيادة النظام و مصير العراق بأكمله : إجبار صدام حسين عل ...
- تحية للآنسة إيمان !
- تعليق أخير على بهلوانيات الحزب الشيوعي العمالي !
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .- الجزء ال ...
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة ! الجزء الس ...
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة . الجزء الخ ...
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة / الجزء ا ...
- العراق لن يكون - سعودية - ثانية في المشرق العربي !
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة الجزء الث ...
- إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء ال ...
- خرافة العنف الدموي في العراق في ضوء العلوم الحديثة - الجزء ...
- الابتزاز والقمع لا يشرفان المواقع العراقية على الإنترنيت !
- مؤتمر لندن ليس المرجعية الصحيحة للمعارضة العراقية !


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - رفيق شرف وتخوم الكتابة الأخرى !