أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - تمثيلية نتنياهو














المزيد.....

تمثيلية نتنياهو


جدعون ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 5263 - 2016 / 8 / 23 - 10:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



(ترجمة: أمين خير الدين)
في مكتب رئيس الحكومة في أورشليم يجلس شخص مضطرب، مجنون، جبار،صلب، لاذع، مقتنع بعدالة سياسته، يؤمن فقط بالقوّة، مصاب بجنون العظمة والنرجسية، مُتَبجِّح، مغرور، وأيضا مُطارَد. هذا الشخص مليء بالتناقضات، يعطي انطباعا أنه متسامح، هذا الانطباع شديد نحو الخير أو الشر، إنسان، ذو عناصر شخصية حزينة مأخوذة من الكتاب المقدس أو من شخصيات شكسبيرية، ملك، قيصر، مع عناصر مثيرة: الزوجة (لم تُذْكر) ظِلّ الأب، وفقدان الأخ، يعمل بدافع أيديولوجي أكبر مما يمكن وصفه، أيديولوجيته صلبة ومُتَطرّفة. لا تسمح له بالمساومة في الأمور التي يعتقد أنها هامة.
في مكتب رئيس الحكومة يجلس شخص يلحق بإسرائيل كارثة: ليس بسبب استخفافه، كما يُنْعَت، إنما بسبب الأيديولوجية، بالنسبة لي أفضّل الأيديولوجيين المتصلبين على المستخفين الممتهنين.
يُسْمح أن أقول: أمس استقبل بنيامين نتنياهو اعضاء هيئة تحرير "هآرتس" للقاء مُغْلق استمر أربع ساعات، تكلّم دون توقّف. "تكلّم" وصف غير كاف،: خطب نتنياهو، وعظ، طلب، دوّخ، عرض أشرطة، قدّم عرضا، وخرائط، لوائح، ومحاضر. خربش شكله، وأنفه الطويل، وتصبب عَرَقَه، ضرب على الطاولة، أرعد بصوته، أخفضه، انحنى للأمام، وللوراء راح وجاء في غرفة المؤتمرات، كتب على اللوح، ثم محا ما كتب، اقترب مرة واحدة من زميلي عودة بشارات، فخفت عليه، مرة ثانية شوهدت الدمعة في عينيه.
كانت هذه تمثيلية نتنياهو، ممثل أصيل، تمثيلية لممثل واحد. يتماهى مع الدور الذي يمثله بكفاءة كبيرة، ويحمل قسما من المشاهدين على تصديقه لقليل من الوقت. وربما: كواعظ تبشير نشيط. بدأ بالأنفاق، وانتقل لإنجازاته الاقتصادية، ظلّ مملا حتى وصل إلى مبادئه السياسية. كما في كل مشهد جيّد، انتهى بالأوج: مونولوج النهاية عن الأخ المتوفى. جلس مُفْعما بالحيوية على كرسيّه، وحيدا، مُنْهكا، كيف لا.
في مكتب رئيس الحكومة في أورشليم، يجلس شخص يؤمن فقط بقوّة سياسته. الضعف بنظره خراب، الأخلاق، القيم، المُثُل، العدالة – كلها ليست في مجال تفكيره، يعرض دولته كقوّة عُظْمى، في السلاح، وفي المخابرات، وفي حرب اختراق المواقع الأكترونيّة، وفي الماء، وبتفاهته يصف الخطر الكامن على الوجود، من جيش الحُفاة في غزّة ("خطر في الفضاء وفي البحر وعلى الأرض وتحت الأرض") خطر من حزب الله، ومن إيران، وحتى من حرائق الغابات.
لا يمكن تصحيح هذا التناقض، هو لا يؤمن بأي سلام مع الفلسطينيين، سيخضعهم بالتحالفات المحبوكة مع أصدقائه الجُدُد، رؤساء الأنظمة الفاسدة والآيلة إلى الزوال في الدول العربية، حتى يوافقوا بدون تسوية يقترحها – وهذا لن يحدث أبدا. لا يهمّه مصير الفلسطينيين، لأنه هكذا. نتنياهو لا يتحمّس للبدء بالحرب، ربما يكون أكثر رئيس حكومة إسرائيلية ضد الحروب. والمستوطنات لا تهمه كثيرا، بأيّ حال. ما يهمّه فقط القوّة — العسكريّة، والاقتصادية والتكنولوجية. يقول إن السلام لا يُفيد إسرائيل بشيء، ككل خرّيج وحدة عسكريّة، لم ينضج بعد، يعيش في خيال غائص في "وحدة عسكرية" مع لمسات مقولبة.
خريطة العالم بالألوان: كلّه بأيدينا تقريبا. بعد لقاءات مع 144 سياسيا، بقيت مشكلة واحدة مع غرب أوروبا. الباقون معنا، لذلك (أظن انه مُحقّ) بعدها خرجنا من القاعة، مرّ أمامنا وهو في طريقه لسيارته، يُظْهِر نصف سيجاره بتحدٍّ مُضْحِك.
نتنياهو هنا ليبقى، مقارنة مع بدائله، ربما نَحِنّ إليه في المستقبل.



#جدعون_ليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود درويش باق فينا ما حيينا
- بقينا مع الهذيان، ومع الكذب
- التمْر والقهوة السّادة للمحزونين على الطفلة التي قُتِلت بهكذ ...
- في سنجل، ابن الخامسة يستقبل المُعَزّين
- شُلّ محمد بنجاح: الآن هو مُصاب برأسه، يتحرك على كرسي مُتحرِّ ...
- الجنازة الثالثة في دوما
- المواطنون الأمريكيون من أصل فلسطيني يُهانون عند دخولهم إلى إ ...
- القائمة المشتركة بصيص ضوء في هذه الانتخابات
- أب وابنه لم يلتقيا ولن يلتقيا
- أربع رصاصات خاطئة، وصفر اعتذار
- ليس عيبًا: الدم اليهودي يساوي أكثر!
- زوجته وابنه
- يمكن أن نفهم حماس
- السيئون للطيران(*)
- المرحلة القبيحة
- يوم ميلاد بيرس التسعين: احتفال مليء بالكذب والتضليل والخداع
- انقضى زمان القصف
- رسالة رد من -مساعد ارهاب-
- حقيبة اكاذيب الجيش الاسرائيلي
- اسرائيل 2011: ليس من الشرعي الدفاع عن حقوق الانسان


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - تمثيلية نتنياهو