|
جامعة البحرين و جنرال إلكتريك .. أما بعد
موسى راكان موسى
الحوار المتمدن-العدد: 5263 - 2016 / 8 / 23 - 01:12
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
عرضت جريدة الوسط اليوم (22 أغسطس 2016) ما تم تبادله في اللقاء [ أو ما يفترض به أن يكون قد تم تبادله في اللقاء ] ، الذي جرى قبل أربعة أيام (18 أغسطس) بجامعة البحرين ، بين (( رئيس جامعة البحرين رياض يوسف حمزة )) و (( وفد شركة جنرال إلكتريك )) ــ أما عنوان هذا اللقاء كما عرضته جريدة الوسط هو : جامعة البحرين تبحث تطوير التعاون مع (( جنرال إلكتريك )) .
إن كلمة (التطوّر) تدل على العفوية و المحايدة في الإنتقال من طور إلى آخر ، في حين أن كلمة (تطوير) فهي تدل على فعل القهرية و التوجيه في الإنتقال من الطور المنبوذ إلى الطور المرغوب ــ فإن موضوع البحث كما هو واضح ليس (( التعاون )) ، بل هو (( تطوير التعاون )) ، و هو على ما يبدو يتوافق مع (إستراتيجية التغيير) التي ما فتئت تتداول منذ تولي الثوري (( رياض يوسف حمزة )) منصب رئاسة الجامعة ! ؛ لكن ، يبدو أن لهذه (الثورية) حدود معينة ، تتماثل مع الحدود القديمة : فكما أن بحث (( التعاون )) لم يُعرض على مجلس الطلبة ، فإن بحث (( تطوير التعاون )) هو أيضا ما لم يتم عرضه على مجلس الطلبة [ دون أن يغيب عنا أن جلسات مجلس الطلبة لا تزال سرية ، و تحت الوصاية الشمولية الإستبدادية لعميد شؤون الطلبة ! ] .
* مشكلة (البيروقراطية المسخة) من المشاكل التي لا تقتصر في البحرين على جامعة البحرين ، إذ تحتل موقعا رئيسيا ضمن مجمل المشاكل ؛ فهي بجانب (البلادة) المتأصلة في طبيعتها ، ممسوخة بحكم طبيعة الظروف الإجتماعية [ ينصح بالرجوع إلى سلسلة (شيء عن التجنيس في البحرين) بالحوار المتمدن ، لمزيد من الفهم ] ــ و يُخشى أن تتضمن (إستراتيجية التغيير) التي يُبشر بها الثوري (( رياض يوسف حمزة )) الإستناد على فهم و تحليل (تكنوقراطي) ، خاصة و أن خلفية الرئيس الثوري تدل على نزعة تكنوقراطية مُتأصلة ؛ ففي حين تتسم (البيروقراطية) بـ(البلادة) ، يتسم (التكنوقراط) بـ(الغباء) ، دون أن ننسى أن الظروف الإجتماعية تزيد سوءتهما بالمسخ [ و الحديث هنا يتجاوز شهادات و إنجازات البيروقراطية و التكنوقراط ، ليصل إليهما من خلال الفهم و التحليل الإجتماعي ؛ الذي يدغمهما ] .
# تعليقات الرئيس (( رياض يوسف حمزة )) في هذا اللقاء [ أو ما يفترض أنه كذلك ] : في البدء لا يفترض أن يفاجئنا قول الرئيس الثوري : (( إن الجامعة على استعداد للمضي بهذا التعاون لتنويعه و تعزيزه لما فيه خدمة الطلبة )) ، إذ أن (( ما فيه خدمة الطلبة )) و (( مصلحة الطلبة )) تتكرر دون مراعاة لمقدار الفجاجة أو مستوى الفظاظة التي تتسم بها المشاريع التي يقرها أو يخوض فيها السلطويين بجامعة البحرين ؛ بالنسبة للطلبة بشكل عام ، فقد أمست عبارات (( ما فيه خدمة الطلبة )) و (( مصلحة الطلبة )) تعبير عما هو (( ضد مصلحة الطلبة )) .
لنركز بالقول الآتي للرئيس الثوري في اللقاء نفسه [ أو ما يفترض أن يكون كذلك ] : (( إن جامعة البحرين منفتحة على التعاون مع الشركات و المؤسسات في مختلف القطاعات و ترحب بالتعاون الذي يصب في تطوير روح البحث العلمي كونها المزوّد الرئيس لسوق العمل البحرينية ، بالخريجين المؤهلين على أعلى المستويات العلمية ، و المتمكنين من المهارات المطلوبة في سوق العمل ، خصوصا و أن برنامج كليتي الهندسة و تقنية المعلومات و قسم الكيمياء في كلية العلوم ، حازوا الإعتمادية الأكاديمية من قبل المجلس الأمريكي لإعتماد برنامج الهندسة و تقنية المعلومات ، و الجمعية الكيميائية الكندية ، ضمن عدد آخر من البرامج الأكاديمية في الجامعة التي حازت ، و التي تسعى لحيازة الإعتماديات التي تجعل من خريجي جامعة البحرين خيارا أكثر حضورا و أولوية في سوق العمل ، و في الدراسات العليا على السواء )) . بعد هذا ألا يحق لنا القول بأن (( ما فيه خدمة الطلبة )) هو ربما ما وقع فيه الرئيس الثوري سهوا ، إذ كان يقصد (( ما فيه خدمة سوق العمل )) ؛ أما بخصوص السذج الذين يعتقدون أن (( سوق العمل )) هي كناية عن الإنخراط في الإقتصاد في فضاء رحب من المساواة و الحرية ، فيستوجب قرصهم بالواقع : إن (( سوق العمل )) كناية عن تركيز الوضع الإجتماعي في الميدان الإقتصادي ــ إنه لمجون أن يجري الحديث عن (تكييف الطلبة) و (تكييف نمط المعرفة المُعطى لهم) لدعم و تعزيز (( سوق العمل )) و على المكشوف دون أدنى معارضة ، أن الحديث هو حديث عن (إعادة إنتاج النمط الإجتماعي العام في الميدان الإقتصادي لصالح الأطراف المُسيطرة) أو (إعادة إنتاج النمط الإجتماعي العام في الميدان الإقتصادي بما يضمن بقاء الأطراف المُسيطرة مُسيطرة) ؛ في المقابل فإنه من المؤسف أن الحديث عن (( تكييف سوق العمل )) غائب تماما عن التداول ، حتى في الأوساط المحسوبة على اليسار . الجدير بالذكر أن جامعة البحرين بها كلية للآداب ، فهي لا تقتصر فقط على (كلية الهندسة) و (كلية تقنية المعلومات) و (قسم الكيمياء في كلية العلوم) ؛ إن التركيز المُفرط على التخصصات الجامدة من قِبَل السلطويين في جامعة البحرين يتوازى مع التركيز المُفرط على البيانات و المعلومات الجامدة [ التي لا تعكس حقيقة الحياة الجامعية الفعّالة ] في التعاطي مع الجهات المختصة و المعنية بالتعليم الجامعي ، بهدف التضليل و التعمية ــ إذ يبدو أن (( تطوير روح البحث العلمي )) يشترط به أن يكون خاضع و مكيّف لـ(( ما فيه خدمة سوق العمل )) ؛ و قد أشار الرئيس الثوري في البدء إلى (( سوق العمل البحرينية )) ، و يا لها من سوق تلك التي تلقي بما يقارب الـ7000 عاطل عن العمل سنويا ممن يتم تسجيله في وزارة العمل فقط ! [ ينصح بالرجوع إلى سلسلة (شيء عن التجنيس في البحرين) بالحوار المتمدن ، لمزيد من الفهم ] .
# أما فيما يتعلق بشركة (( جنرال إلكتريك )) ، فيكفي أن نعرف عنها أنها (شركة صناعية تكنولوجية متعددة الجنسيات) ، و أنه وفق تقييم فوربس Forbes تعتبر ثان أكبر شركات العالم ؛ مع العلم أنها عبارة عن تكتل ، أي تجمع شركات ــ و لا يخفى على أحد الرؤى المعادية للشركات المتعددة الجنسيات ، سواء يمينية كانت أم يسارية ، و التي تكاد كل تلك الرؤى تتفق أن هم تلك الشركات هو أولا و أخيرا (الربح) ؛ و ما تلك الأعمال الخيرية أو العلمية إلا قناع تختفي خلفه لتحقيق (الربح) أو للتعمية على تجاوزاتها .
أيا تكن مصلحة (( جنرال إلكتريك )) من وراء (( تطوير التعاون )) ، فإن مصلحة سلطويي جامعة البحرين [ التي منها خدمة مصالح الأطراف المسيطرة في (( سوق العمل )) ! ] أعظم ؛ فتصنيف الجامعة تراجع بدرجات مهولة على إثر الأحداث التي عمت البحرين بما فيها الجامعة نفسها في 2011 ــ و على إثر ذلك يحاول سلطويي الجامعة الإستماتة للعودة إلى تصنيف ما قبل 2011 على الأقل ؛ المضحك في ذلك أن السعي السلطوي لتحصيل النقاط و الإرتقاء في التصنيف يعلو على جودة نمط التعليم و السمو بالحياة الجامعية ، و هو ما يجري عبر التحجج بالشكليات المصطنعة و التركيز على البيانات و المعلومات الجامدة التي لا تعكس حقيقة الحياة الجامعية الفعّالة بالنسبة للجهات المعنية و المختصة بالوضع التعليمي الجامعي [ أي ممارسة التضليل و التعمية معها ] .
لنعد إلى (( جنرال إلكتريك )) ، فبعيدا عن المُعاداة المبتذلة ، فإن من الممكن استخراج (مصالح مشتركة) أو (مصالح مؤقتة) مع (( جنرال إلكتريك )) أو سواها مع طلبة الجامعة مباشرة ، دون المررو بسلطويي الجامعة ؛ بالتالي فإن من الممكن أن تقوم (( جنرال إلكتريك )) أو سواها بالضغط على سلطويي الجامعة [ بالتالي الضغط على الأطراف المسيطرة على (( سوق العمل )) ؛ و هو ما يعني الدفع تجاه تغييرات خارج الجامعة كذلك ] لتحقيق (التغيير الحقيقي) أو (التغيير الجذري) لتجويد نمط التعليم و للسمو بالحياة الجامعية ــ يبدو هذا القول كنوع من أنواع الطوباوية الطلابية ؛ ليكن ، لكن لن نعرف حقا حتى نجرب ، أوليس ؟! .
#موسى_راكان_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ورقتي المقدمة في ندوة (( الشباب .. و تحديات المستقبل )) بالم
...
-
شيء عن إلغاء مجانية التعليم الجامعي
-
شيء عن جامعة البحرين - المستقبل ، و الدور المشبوه القادم
-
شيء عن جامعة البحرين - الثالوث المحرم
-
شيء عن جامعة البحرين - إحتكار الإعلام ، و قمع الأصوات الأخرى
-
شيء عن جامعة البحرين - السلطة المطلقة ، و تشتيت القوى التلمذ
...
-
شيء عن جامعة البحرين - التسلط الديني
-
شيء عن جامعة البحرين - وأد المثليين
-
شيء عن جامعة البحرين نظرية المؤامرة ؛ بين التكثيف و التأويل
-
شيء عن جامعة البحرين ظاهرة حب هتلر و حب صدام حسين
-
شيء عن جامعة البحرين - كراهية اليهود ، و العداء لإسرائيل
-
شيء عن جامعة البحرين - مقدمة
-
شيء عن التجنيس في البحرين - صياغة المشكلة
-
شيء عن التجنيس في البحرين - أدوار المثقفين و رجال الدين ، و
...
-
شيء عن التجنيس في البحرين - العمل في القطاعين العام و الخاص
-
وقفة مع العنوان العجيب
-
بين قوجمان و زارا ضاع رأسمالنا
-
وقفة مع خطاب رئيس جامعة البحرين الأستاذ الدكتور رياض يوسف حم
...
-
شيء عن التجنيس في البحرين - فسيفساء أم جيتوات ؛ ما بين المُت
...
-
شيء عن التجنيس في البحرين - فسيفساء أم جيتوات ؛ ما بين المُت
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|