|
المثقف اليساري الفلسطيني من اقصى اليسار الى اقصى اليمين
مصعب محمد عيسى
الحوار المتمدن-العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 22:12
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
على مر العصور وتتابع حركة المجتمعات التاريخية شكل المثقفون دعامة اساسية من دعائم الدول وحركتها الحضارية اجمالا بمختلف معارفهم واختصاصاتهم الفكرية وانتماءاتهم الطبقية والسياسية التي من شانها ان تولد صراعا طبقيا يغير بنية الدولة والمجتمع وكان الناظر الى حركة المجتمعات وسيرورتها التاريخية يرى ان المثقفون كانوا سلاحا اساسيا في مسيرة الدول ولكنه سلاحا ذو حدين بين سلاح يشهر من بيت السلطان واخر يشهر في وجهه وثالث توسط حالة الصراع واتخذ الاصلاح الاعتدالي طريقا له ....وككل المجتمعات التي انتجت المثقفين بكل اشكالهم وصورهم بين مثقفين سلطة ومثقفين ثوريين ومثقفين تجار يجيدون وظيفة الانتهازية الثقافية ...كان للمجتمع العربي عموما وللمجتمع الفلسطيني خصوصا ايضا نصيب من حالة الانقسام الثقافي والمعرفي تراوحت كل حسب انتماءه الطبقي والسياسي والاقتصادي قبل كل شيء .... لن نخوض كثيرا في مسيرة المثقفين العرب فهي طويلة جدا تمتد لالاف السنين ولكن هنا اود التركيز على الازمة التي اصابت المثقف اليساري الفلسطيني ورموزه الفكرية في السنوات الاخيرة فقبل ثورات الربيع العربي كان المفكرون الفلسطينيون مذهولون بالتنبؤ بالثورات الديمقراطية العربية مرتبين افكارهم بطريقة لائقة في مجلدات ناقشت ازمة اليسار ومرحلة النهوض الكبير والتغيير بالنظر الى العالم الذي يتغير ويتحول مشيرا بكلتا يديه الى تجارب الشعوب من اقصى الشرق الى اقصى الغرب وسرد ايات في الحداثة ورفض الاثنيات والطوائف والوقوف بصف حركات تحرر الشعوب من الاستبداد والاستعباد الخ ... ....ولكن ماان اندلع المد الجماهيري في المدن والساحات حتى اصاب المثقفين اليسارين الفلسطينين خللا في ادبياتهم الفكرية وانحرافا في الخطاب الفكري والسياسي .هذا الخطاب الذي اتسم بالانتهازية الفكرية او بالانحراف الفكري بلغ ذروته عند تصاعد وتيرة الاحتجاجات في بلاد العرب وخاصة في سورية ...فحراكها الجماهيري وثورتها الشعبية احرجت كثير من الاقلام والرؤؤس اليسارية ذات الفلسفة الثورية والتي كان لها ضجيج كبير في مسالة العدالة والتحول الديمقراطي والنهوض الكبير ورفض الشمولية والاقصاء اي كانت اطرافه .والتي صدعوا رؤوسنا بكثرة تكرارها ..هنا يتوقف القارئ امام بوابة السؤال واعادة النظر ...ترى اي منطق يساري هذا الذي كان يروج للعدالة والثورات الديمقراطية ثم انقلب على نفسه صارخا بصوت يساري انتهازي انه مع الانظمة العربية ضد هذه الثورات الظلامية مبررا صراخه بوجود قوى ظلامية اسلاموية ركبت على الثورة الشعبية وبحجة حماية (المقاومة والمومانعة من انهيار حصنها الاخير)..فبدل ان يقف موقفا يساريا حرا يليق بثورية الفلسفة الاجتماعية ويعلن رفضه لجرائم النظام وجرائم داعش واخواتها مدافعا كما علمه ماركس عن الانسان الذي هو الراسمال الاغلى في هذه الحياة او ان يقف بصف المظلوم اينما وجد فذاك وطن الاحرار ...راح ينقلب على مبادئه وادبياته ويعانق اعداء الامس مؤكدا وقوفه الى جانب الطغيان الرسمي العربي .. خارقا كل قواعد الثورات وحريات الشعوب ..ناسيا ما كتبه هذا اليسار السلطوي قبيل سنوات عن دور المثقف وعضويته في المجتمع وبناء الدولة والعدالة الاجتماعية ...كيف نسي اليسار الفلسطيني ما قاله انطونيو غرامشي ان كل الناس مثقفون ولكن ليس لكل انسان وظيفة المثقف في المجتمع كما حددها غرامشي مشيرا الى دور المثقفين العضويين اصحاب الفكر السليم بالنهوض بالمجتمع واحداث التغيير وكانهم انبياء كما وصفهم الراحل ادوارد سعيد ..... هل حاول اليسار الفلسطيني ادخال ادوارد سعيد الى ادبياته كنوع من محاولة تلميع الصورة لتبدو اوروبية اليسار ...هل كانت مرحلة بيع كلام ثقافي كمحاولة لرأب الصدوع داخل جدران اليسار الفلسطيني ورموزه التي بدت وكانها خاوية على عروشها .....وهي تنذر بخراب قادم سيصيب اركانها الحزبية والفكرية التي ابتعدت كثيرا عن وظيفتها الثورية وغدت عبارة عن هياكل متورمة بالفساد وبيروقراطية السلطة وعفن القيادة اسئلة كثيرة اختصرها الشاعر مظفر النواب حين ترجل مخاطبا كروشهم قائلا . كيف يحتاج دم بهذا الوضوح. إلى معجم طبقي لكي يفهمه. أي تفوه بيسار كهذا. أينكر حتى دمه. فبين التحاقه بركب التسوية من جهة ونفاقه السياسي بالاحتجاج على نهج اوسلو من جهة اخرى وبين مبايعته لقوى اقليمية طائفية وانظمة ديكتاتورية من جهة ورفضه ثورات الشعوب التي اعتبرها الاب الحقيقي لكل الشرعيات في ادبياته بين هنا وهناك يقف اليسار الفلسطيني واغلب مثقفيه ورموزه على شفا هاوية الافول حين انكر هويته وعقيدته المبنية على قول لينين اذا خيرت بين اليمين واليمين اخترت معركتي سيشيع اليسار الفلسطيني نفسه دون جنازة تودع جثمانه العفن عما قريب فسلاما على من قال لا بوجه اليسار المريض واختار لنفسه يسار اليسار سلاما لكل الانبياء المثقفين ...سلاما لكل رسل الغرامشية والفكر الادواردي ...سلاما لمن جاء الى هذا العالم محتجا .وثائرا ....
#مصعب_محمد_عيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليسار الفلسطيني من الثورة والتحرير الى السلطة والتبرير
المزيد.....
-
شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
-
تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر
...
-
-إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم
...
-
كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن
...
-
قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك
...
-
الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو
...
-
زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج
...
-
زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي
...
-
علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا
...
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|