أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - الله و الإنسان ... هل هناك علاقة؟؟؟ 1















المزيد.....


الله و الإنسان ... هل هناك علاقة؟؟؟ 1


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 12:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مع بداية الوعى (consciousness) و الإدراك (perception) لدى الإنسان فى أنه ليس الأقوى بدنياً – إن لم يكن الأضعف – بين مفردات الوجود بدأ محاولاته فى أن يصل الى و يستأنس مصادر القوى (جمع قوة) و أن يقيم علاقات براجماتية (نفعية) معها إما بإخضاعه إياها و السيطرة عليها تماماً و توجيهها الوجهة التى يبتغيها أو بتملقه لها و التحايل عليها للحصول على ما ينفعه منها أو لإتقاء أى ضرر لها. و لذلك لم يتعامل الإنسان مع مفردات الوجود كأشياء مادية جمادية و لكنها كأشياء ذات أرواح مستقلة (فالرياح لها روح و الشمس لها روح و القمر له روح و و البحر له روح و الأنهار كل له روح ...الخ) و تطورت الفكرة الى أن هذه الأرواح هى ألهات لهذه الأشياء المادية فكان عليه أن يتعامل مع اّلهة متعددة بأساليب متنوعة لإسترضائهم. و ظهرت طبقة الكهنة الذين كان وظائفهم الأساسية خدمة الألهة و التى كانت تتمثل فى خدمة المعابد التى تبنى لعبادة تلك الألهة. و كان تعدد الألهة و تعدد سدنة المعابد يكلف الإنسان العادى من الوقت و الجهد و المال ما قد يفوق طاقته فيبدو – بإيعاذ من الكهنة – عاجزاً أمام كل هذه الألهة و بالتالى كان يزداد شعوره و إحساسه بالذنب. و بدلاً من أن يبحث فى أسباب ظاهرة معينة داخل مفردة الوجود ذاتها راح يبحث عن هذه الأسباب داخل نفسه و يفتش فيها عما إرتكبه من أفعال قد تكون السبب فى (غضب الألهة أو عدم رضاها عنه)؛ بل تعدى الأمر ذلك كله لدرجة أن يعزو فشله الشخصى الى عدم رضا الألهة عن أفعاله. و وجد الإنسان نفسه يُحاسب من الهة كثيرة و خشى أن يفضل أحدهما على الاّخر تجنباً لغضب هذا الاّخر.

و هكذا وجد الأنسان نفسه مرصوداً و مُتَرَصداَ له من قبل الألهة فى الحياة الدنيا و لم يكفيه أن الموت هو نهاية المطاف بل وجد أن مقتضيات العدل و العدالة يجب أن تعوضه عما لحقه من أذى و ضرر و عذاب و قهر و ظلم من الاّخرين فى الحياة الدنيا و عقاب الاّخرين الذين تسببوا له فى كل ذلك سواءاً كانو من البشر أو من الأرواح الشريرة الأخرى فما كان له إلا أن يلتجئ الى وجود روح خالدة يقع عليها الثواب أو العقاب فى الاّخرة. و لقد فسر بعض الفلاسفة أن الروح هى عقل الإنسان و الذى لا وجود له إلا فى وجود المخ و يرى البعض الاّخر من الفلاسفة أن العقل له وجود مستقل مما جعل البعض منهم يرى أن العقل و الروح شيئ واحد. إلا أن العلماء بصفة عامة يرون ما نحن إلا نشاط لتفاعلات الكربون و بعض البروتينات، أو ما نحن إلا نشاط الذرات و الجزئييات (atoms and particles) فنحن نعيش لفترة طالت أم قصرت ثم نموت. أما علماء المخ و الأعصاب (neuroscientists) و كثير من علماء النفس (psychologists) يدللون على وجود الروح بوجود الألوان. فالألوان موجودة كحقيقة لا مراء فيها و لكن الألوان لا يمكن رؤيتها مستقلة؛ فنحن نرى الألوان من خلال الشيئ الذى له لون معين كالوردة الحمراء أو زهرة البنفسج أو زهرة الياسمين البيضاء ... الخ. و لكن اللون كمادة مستقلة لا يمكن إدراكها ألا من خلال مادة أخرى. و مثل هكذا تكون الروح. فالروح موجودة و لكن لا يمكن إدراكها ألا من خلال كائن حى ذى إرادة حرة مدرك لكينونته و كينونة عقله و تفكيره؛ و أدراكه لهذه الروح يتمثل فى معرفة ذاته. و لا يوجد على هذا القدر من السمات و الخصائص إلا الإنسان. و رغم أن الإنسان واحد و جد روحه تُحامكم و تُحاسب من ألهة كثيرة لا يعلم من منهم قد أرضاه و من منهم لم يستطع أن يحوز على رضاه، فتفتق ذهنه عن فكرة التوحيد أو الإله الواحد حتى يجد وسيلة ليتجنب بها تعدد معاملاته بتجنب تعدد الهته فطور فكرته من تعدد الأرواح أو تعدد الألهة الى فكرة توحيد تلك الأرواح أو تلك الألهة لمفردات الوجود فى روح واحدة أطلق عليها "روح الوحود" أو "الإله الواحد" ليسهل عليه التعامل معها لتوفر عليه الوقت و الجهد و التكلفة فبدلاً من التعامل مع عدة الهة فكان لابد له أن يوحد تلك الألهة ليكون هناك إله واحد منفصلاً و خارجاً تماماً عن الوجود نفسىه و عن كل مفرداته أو على الأقل يكون هناك إله كبير تنضوى تحت رايته جميع الألهة.

و من ذلك ما تركته لنا الحضارات القديمة من مصطلحات ما زالت تستخدم فى الأديان الإبراهيمية مثل "إله الألهة" ناهيك عن "كبير الألهة" فى الحضارة اليونانية و الحضارة الرومانية. فعلمنا عن رع و أتون رع و ست و أوزوريس و إيزيس و حورس و ماعت فى الحضارة المصرية القديمة. و فى حضارة ما بين النهرين أو حضارة ميسوبوتاميا (Mesopotamia) نجد ارواح و الهة متعددة بتعدد مفردات الوجود تحكم عالمهم أيضاً كما كان لكل مدينة اله يحميها. فعلى سبيل المثال لا الحصر كان هناك الإله إى (Ea) أو إنكى (Enki) حسب النسخة السومارية و هناك الإله ماردوخ (Marduk) و الإله اّنو (Anu) و الإله إنليل (Enlil). و فى الحضارة الإغريقية القديمة كان زيوس (Zeus) إله السماء، و هيرا (Hera) اّلهة الزواج و الأسرة، و بوسيدون (Poseidon) إله البحر، و ديميتر (Demeter) الهة الزراعة، و اّريس (Ares) إله الحرب. و فى الميثولوجيا الرومانية نرى جيوبتر العظيم (Jupiter) هو إله الألهة، و نبتون (Neptune) إله البحار و راعى الملاحين و حامى السفن، و الإلهة جونو (Juno) زوجة جيوبتر و ملكة الألهة و ربة الزواج و النساء و حامية مجلس مستشارى روما، و مارس (Mars) إله الحرب و الربيع و العدالة، و فينوس (Venus) اّلهة الحب و رفيقة مارس (Mars) و أم إنياس (Aeneas) الجد الأكبر للرومان، و مِنرفا (Minerva) اّلهة الحكمة و المجلس المقدس و الهة الفنون و الحِرف (professions)، و جانوس (Janus) إله البدايات و النهايات و التحولات و المداخل و المفاتيح؛ ناهيك عن الهة الفرس و الهند ة الصين و جنوب شرق اّسيا ... الخ.

و فى منطقة ما يُعرف بالشرق الأوسط الاّن و بالتدريج تم إختصار الألهة فى ثلاثة ألهة هم: ألوهيم فى الثقافة العبرية، و المسيح فى الثقافة المسيحية الذى هو إبن الله أو الله المتجسد الذى حبلت به مريم العذراء بالروح القدس. و "الله " (و هو مذكر اللات) فى الثقافة الإسلامية. و فى ثقافة جزيرة العرب قبل الإسلام فقد كان "الله" هو إله القمر الذى تزوج من الشمس و أنجب منها ثلاث ألهات إناث هن اللات و العزى و مناة. و قد ذكرهم القراّن فى سورة النجم الاّيتين 19 و 20 : "أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى" و قد كانت هناك اّية أو أيتان بعد الاّية 20 من صورة النجم تم حذفهما و هما "تِلْكَ الغَرَانِيقْ العُلَى وإنَّ شَفَاعْتَهْنْ لَتُرْتَجَى." و بغض النظر عن أسباب النزول أو مصدر النص فإن التوحيد فى الديانات الأبراهيمية نتج عنه ظهور طبقات الأنبياء و الكهنة و الشيوخ و الفقهاء الذين إحتكروا ملكية معرفة الله و معرفة طريقه فأطلقوا على أنفسهم – أو أطلق الناس عليهم – إسم (علماء)؛ و لم يعد الله متاحاً للبسطاء و المساكين و الغلابة إلا عن طريق أولئك (العلماء) فكانت تفسيراتهم و فتاواهم الغامضة و المتناقضة هى الطريق و المسلك الذى يجب تقديسه و إتباعه و السير فيه و إلا فهنا السجون و الويلات و الحروب و الحرق و التقطيع و سمل العيون و التمثيل بالجثث "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ " سورة التوبة آية 14 ... و هناك بعد الموت عذاب القبر و الثعبان الأقرع ... حتى الوصول الى جهنم حيث الدود الذى لا ينام و النار التى لا تطفأ و تهرئ الجلود و إنبات جلود جديدة كلما تهرأت الجلود القديمة حتى يذوق الكفَّارصنوف العذاب أشكالاً و الواناً كم جاء فى سورة النساء آية 56 "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا".

و كل ذلك لمتعة الله و تشفى صدور المؤمنين الذين لا عمل لهم فى الجنة إلا الأكل من فاكهة أبا و كفيت و الشرب من أنهار خمر و لبن و عسل و شهد مُصَفَّى حتى يؤدوا عملهم الأساسى و الأوحد و هو نكاح حور العين فقد جاء فى سورة يس اّية 54 الى الاّية 58 "إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ". و فى تفسيرهم للاّية " إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ" فقد أجمع القرطبى و إبن كثير و الطبرى و أخرون أن "شغلهم افتضاض الأبكار". أما عن حور العين فحدث و لا حرج؛ فقد جاء فى سورة الدخان اّية 54 "كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ" و فى سورة الطور اّية 20 "مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ" و فى سورة الرحمن الأيات من 70 الى 76 "فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ" و جاء فى سورة الواقعة اّية 23 "وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ" حيث يكون للواحد من المؤمنين عدد من الحوريات يتراوح ما بين حوريتين و ثنتا و سبعين حورية و مع كل حورية سبعون وصيفة بالإضافة الى زوجتين من زوجاته فى الدنيا و لكل زوجة دنيوية سبعون حورية؛ و بعض الشيوخ يؤكد على أن المؤمن الواحد له 16900 (ستة عشر الف و تسعمائة) حورية وأن مدة الجماع فى المرة الواحدة تصل الى 70 (سبعين) سنة (https://www.youtube.com/watch?v=ozSg_Xo7eEg).

ليس هذا فقط بل هناك فى الجنة الولدان المخلدون الذين يخدمون المؤمنين فى هذا الماخور الاّخروى ففى سورة الطور اّية 24 نقرأ "وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ "، كذلك جاء فى سورة الواقعة الاّيتين 17 و 18 "يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ " و فى سورة الإنسان اّية 19 "وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا." و من الجدير بالملاحظة أن حور العين و الولدان المخلدون يشتركون فى صفة واحدة و هى " لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ " أو "لُؤْلُؤً مَّنثُور" و نحن نتساّءل الا يوجد أى عمل اَخر للولدان المخلدين غير الطواف على المؤمنمن و هم فى أسرتهم (جمع سرير) مع حور العين. يرى الأستاذ محمد جلال كشك فى كتابه خواطر مسلم فى المسألة الجنسية طبعة ثالثة يناير 1992 مكتبة التراث الإسلامى صفحة 202 إن مهمة الولدان المخلدين فى الجنة هى لمتعة اللواطيين من المؤمنين. و فى صفحة 205 يضيف الكاتب: "بل من حقنا أن نفسر قوله تعالى – غِلْمَانٌ لَّهُمْ – بأنَّهم غلمانهم فى الدنيا، الذين عفّوا، و تأثموا، و صانوهم عن الفاحشة فأجتمعوا فى الجنة، فى خلود دائم للحظة الرغبة التى كُبِحت بالتدين." و يقول الكاتب أن التأكيد على دوام صفة الولدنة أو خلودهم فى سن الغلمان هو تأكيد مصدر المتعة لهؤلاء الغلمان لمن يشتهيهم بعكس ما فى الدنيا بزوال فتنة الغلام بدخوله ست الرجولة. و يكون عمل الله الأوحد هو الأستمتاع بمشاهدة حالات النكاح ثم يطوف على الحوريات اللاتى تم فض غشاء بكاراتهن و نكاحهن بواسطة المؤمنين لكى يقوم بعمليات مسح و تنظيف و ترقيع أو إستبدال هذه الأغشية باخرى جديدة. فمن الواضح أن عمل الله هنا يتعلق بتخصص واحد و هو "تجديد الجلد" لأهل النار لتعذيبهم أشد العذاب و "تجديد أو ترقيع "جلد" غشاءات بكارات حوريات العين لإمتاع المؤمنين؛ و لكننا لا نعلم ما إذا كان هناك ترقيع أو تجديد غشاءات بكارات المؤمنات فى الجنة أم لا.

مثل هكذا تم إختصار الألهة فى إله واحد هو "الله" إله القمر ... و مثل هكذا تم إختصار عمل "الله" فى الاّخرة فى تجديد جلود أهل النار و تجديد أغشية البكارة ... و مثل هكذا تم إختصار و حصر متع المؤمنين و عملهم فى ثلاثة أشياء فقط هى الأكل و الشرب و النكاح بما فى ذلك اللواط. و أصبحت وحدانية الله هى مصدر عذاب و الم اللذين لا يعرف البسطاء سواهما فى الدنيا. و بعد ذلك هل يستطيع أحد أن ينكر أن هناك علاقة بين الأنسان و بين الله ... و هل بعد كل هذا هل يستطيع أحد أن ينكر أن للإنسان روح خالدة تفارق جسده بعد الموت. إن من ينكر ذلك – أو يحاول أن ينكر – فله فى الدنيا خزى و له فى الاّخرة عذاب عظيم. و هكذا تم حجب الإله عن عامة البشر أو حجب هو نفسه عن بقية البشر. "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" سورة الشورى اّية 51. و بعد موسى و عيسى و محمد توقف الله عن الكلام الى الأبد و توقف عن الوحى و توقف عن أى إتصال أو تواصل مع البشر؛ و رغم هذا التوقف ما زال المؤمنون يصرون على الصلاة؛ فماذا تعنى الصلاة بالنسبة لهم و بالنسبة لإلههم الذى يصلون له؟؟

لماذا لا يكشف الإله عن نفسه لتابعيه؟؟ ... لماذا لا يظهر مباشرة لمخلوقاته من البشر كما تجلى فى أو للكائنات الجمادية مثل الجبل و الشجرة المشتعلة بالنيران فى سيناء مع موسى؟ لماذا لا يتعامل مع تابعيه مباشرة؟ و هل لابد أن تقتصر هذه العلاقة – إذا إفترضنا أن هناك علاقة أصلاً – على كونها من جانب واحد أو أُحادية الجانب؟؟ عبودية/سيادة ... سيد غير مرئى و غير محسوس أو غير مُدْرك بالحواس – إن لم يكن له أى وجود مادى و عبد له كيان مادى و له إحتياجات ماسة لابد أن يكون دائب السعى لسدها، ناهيك عن المخاطر و الأخطار الطبيعية و الأمراض التى تحيق به من كل صوب و من كل حدب...

وهو؟ ... الإله؟؟؟... السيد؟؟؟ ... أين هو من العبيد؟؟؟ ... أين هو من العبيد ... المنبطحين ... الراكعين ... الساجدين ... المؤدين لحركات متكررة ... المرددين لكلمات مُثرثَرة ... قلما يفهمون محتواها؛ وإن فهموا محتواها ماذا يجديهم فى فهمها ... و إن كانت هذه الكلمات ذات محتوى فهل محتواها ذو معنى محدد و مفهوم واحد أو الكلمات متعددة المعانى و المفاهيم إن لم تتناقض تلك المعانى و المفاهيم؟؟ ... هل التفاسير تحد من عمومية النص أم تطلق عموميته؟؟ بمعنى اّخر هل التفاسير تمطلق النص أم أن النص يمطلق التفاسير؟؟ فأين هو المفهوم الواحد أو الفهم الصحيح لهذه الكلمات؟؟ ...و هل الكلمات بمعانيها و مفاهيمها – أو الللغة بصفة عامة – ثابتة أم متغيرة؟؟ ...

هل هذه هى الصلاة؟؟؟ و إن لم تكن فما هى الصلاة؟؟ ماذا تعنى الصلاة بالنسبة للمصلى و ماذا تعنى الصلاة بالنسبة للإله؟؟ ... و هل هذه الطريقة (الصلاة) هى الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الإله؟؟ ... فإذا كانت الصلاة هى و سيلة البشر الوحيدة للتواصل أو للتخاطب مع الإله فهل يرد الإله عليهم سواءاً كانت الصلاة فردية أو جماعية؟؟ هل يستمع الإله لها و يستمتع بهذه الصلوات التى يرددها التابعون بنفس الكلمات و بنفس النغمة و بنفس الطريقة فى فترات معينة كل يوم ... خمس مرات أو سبع مرات كل يوم ... و كل إسبوع ... كل إسبوع ... هل لهذه الصلوات أى تأثير أو أى جدوى فى البيئة و فى الواقع؟؟ ... هل هناك أى نفع أو أى جدوى من هذو الصلوات للمصلين أنفسهم؟؟ ... ما هى المشاعر التى تتركها الصلاة فى المُصلى؟؟ ... هل هى مشاعر الهدؤ و السكينة؟؟ ... أم هى مشاعر الإستفزاز و الغيرة و الحِقد و الكبرياء و التعالى؟؟ ... ما هو الهدف الأعلى أو الأسمى من الصلاة؟؟ ... هل الصلاة هى إتصال أو تواصل بين العابد و المعبود؟؟... و هل الصلاة "ككلام من طرف واحد" يمكن أن تعنى التواصل أو الإتصال؟؟ ... أم أن الصلاة لا تخرج عن كونها هوية لتبعية الجماعة و الإنخراط فى القطيع؟؟ ... هل الصلاة تعبيرعن إحتياج نفسى للاَمان و الأمن و الإنتماء و أحتياج نفسى للتغلب على الخوف من مساؤى المجهول؟؟ ... و إن كان هناك أى جدوى أو أى نفع فلصالح من؟؟ ... ما هو الإحساس الذى يراود المصلى بعد أداء الصلاة؟؟ ... هل هو شعور بالإرتياح بعد قضاء المفروض و الواجب الذى يُفرض عليه؟؟ ... و ممن يكون هذا الفرض؟؟ ... هل هو من الإله أم هو من الجماعة أو من متبوع الجماعة؟؟ ... ما هو التفكير الذى يخطر على بال المصلى و هو يصلى و ما هو التفكير الذى يخطر على باله بعد إتمام الصلاة؟ هل لهذه الصلوات أى تأثير نفسى – إيجابى أو سلبى – على المصلى أو على الإله الذى يُصَلى له؟؟ لن نسأل هل يستجيب الإله ... و لكن نسأل هل يتجاوب الإله أم هل توقف الإله عن الكلام أو التواصل مع البشر بعد كلامه أو بعد وحيه فيما يدُعى بالأديان الإبراهيمية؟؟... أم أن الصلاة هى تذكِرة للمصلى (أى أنها تذكره) بأنه عبد؟؟ و لكنه عبد لمن؟؟

أين هو السيد الذى يعبده العبد؟؟ ما هى صورة السيد التى توجد فى عقل العبد المصلى؟؟ أم أن هذا السيد ليس كمثله شيئ (سورة الشورى اّية 11) و يُحَّرم على عبيده أن يتخيلوه فى أى صورة ؟؟ فهو كيان غيبى و غائب و لا يستطبع العبد أن يحيط به علماً (سورة طه اَية 110) فإذا كان لا يُوجد صورة لذلك السيد فى عقل العبد فكيف يكون حال العقل لكيان لا يمكن أن يتخيله و لا صورة له فى مخزون ذاكرته؟؟ كيف يمكن للعقل أن يُنشئ أو يقيم وجداناً أو عاطفة (أو أى علاقة) سواءاً كانت سلبية أو إيجابية أو أن يتواصل مع كيان لا يستطيع حتى أن يجد له أى مخزون فى ذاكرته غير تلك التى رسمها له رجال الدين من صفات أو أسماء مجردة تكون متناقضة فى كثير من مضامينها. فهو الرحمن و هو العدل و هو الرحيم المهيمن الجبار المتكبر، فهو الغفار و هو القهار، و هو القابض و هو الباسط، فهو الخافض وهو الرافع، و هو المعز و هو المذل، و هو المغنى و هو المانع، و هو النافع و هو الضار، و هو الظاهر و هو الباطن. فكيف تجتمع هذو الثنائية و الإزدواجية فى شخص واحد و هو ذات الله ... الأ يعد هذا سبباً فى إزدواجية المؤمن التى تعنى التناقض الوجدانيّ و هو في علوم النفس الانفعالات المتضاربة في آن واحد، كالحبّ والكراهية التي تتأرجح في باطن النفس، وهي في مظهرها الحادّ تتصل بعدم القدرة على اتخاذ القرار وتحويل الانفعالات من فكرةٍ إلى أخرى أو غير ذلك.

الغريب أن مشهد الصلاة يعطى دلالة مادية واحدة: و هى أن العابد يتكلم دائماً و يصرخ دائماً و يصيح دائماً أمام معبود صامت دائماً لا ينبث ببنت شفة و لا يسمع أبداً و لا يرى أبداً ... تأمل فى هذا الموقف: إنسان أو جماعة من البشر يتلون كلاماً محفوظاً عن ظهر قلب و يتخيلون أن هناك ذات عليا أو سيد يستمع لهم و لكنه لا يظهر أى رد فعل – أى رد فعل – من جانبه لهم و رغم هذا يكررون نفس الموقف ... فهل يفهم هولاء المصلون مشاعر الذات التى يرددون لها الصلاة؟؟ و هل الإله يستجيب لهذه الصلوات أو يتجاوب مع المصلين؟؟ ثم كيف يكون لجماعات مختلفة من البشر فى أصقاع الأرض المختلفة تردد نفس الكلام و تفكر نفس الفكر و لها نفس التوجه ... كيف يكون لمثل هذه الجماعات فعل أو رد فعل واحد؟؟ ... كيف تتحول مجموعات العقول الى عقل واحد يتوقف عن الإبداع أو الحوار الذكى و تتقولب كل هذه العقول – إذا كان هناك عقول – و تصب فى قالب واحد لكى تكون اّلة واحدة تردد كلام واحد و تكون سهلة القيادة لمتبوعها؟؟ ... ثم بعد الصلاة يخرج المؤمنون المصلون يدمرون ... ينهبون ... يحرقون ... يقتلون ... و هم يرددون "الله أكبر" ... ماذا و كيف يمكن تصنيف هذه الحالة الفريدة؟؟ ... هل هذا هو الإيمان؟؟ و هل هذه هى الصلاة؟؟
دمتم بخير
رمسيس حنا

المراجع:
https://www.psychologytoday.com/blog/biocentrism/201112/does-the-soul-exist-evidence-says-yes
https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_Roman_deities
http://oracc.museum.upenn.edu/amgg/listofdeities/an/index.html
http://www.mesopotamia.co.uk/gods/story/sto_set.html
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AA



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل ... عندما يسقط
- المخ ، العقل ، الميتافيزيقا و الغيب الإسلامى
- مفهوم الغيب الإسلامى و فلسفة الميتافيزيقا
- مقدمة فى الحمل العذراوى
- المنير
- مفهوم العذراوية المريمية
- مفهوم العقل فى معجزات شفاء المرضى
- فاطمة ناعوت: رسالة
- نرجسية الإنسان فى النصوص الدينية
- نرجسية الأنسان فى النصوص الدينية
- النرجسية الموسوية
- مقدمة فى النرجسية الدينية
- تأصيل النرجسية (Narcissism) فى تطور السلوك الإنسانى
- النرجسية (Narcissism) أو أضطرابات الشخصية النرجسية (NPD)
- إسطورة صَّدَى و نارسيسس (Echo and Narcissus)
- السامى اللبيب يكشف عن عقدة كراهية المرأة (Misogyny)
- من الذى يدفع الثمن؟ فورة الغضب
- السامى اللبيب و التأصيل العلمى و النفسى لثقافة الأديان السال ...
- من الذى يدفع الثمن؟ 2 -الإكذوبة الكبرى-
- من الذى يدفع الثمن؟ 1


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - الله و الإنسان ... هل هناك علاقة؟؟؟ 1