الرفيق فهد مناضلا وطنيا وقائدا شيوعيا بامتياز

امين كريم فرحان

الحوار المتمدن-العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 10:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

في التاسع عشر من حزيران 1901 ولد يوسف سلمان يوسف (( فهد )) ، الشخصيه الوطنيه والشيوعيه العراقيه البارزه ومؤسس الحزب الشيوعي العراقي ، في مدينة بغداد في احضان عائله عماليه كلدانيه كادحه ومتنوره .
وبعد حياة قصيره لم تدم سوى 48 عاما ولكنها كانت مليئه بالحيويه والنشاط ، استشهد مع رفيقيه زكي محمد بسيم (( حازم ) وحسين محمد الشبيبي ( صارم ) على ايدي رجال النظام الملكي الاقطاعي في فترة حكم نوري السعيد ، وبدعم وتوصيه وضغط من حكومة بريطانيا العظمى انذاك .
لقد برز فهد المناضل السياسي في حركة التحرر الوطني في فترة الانتداب البريطاني على العراق فكان في وقت واحد على تماس بالزعماء الوطنيين من امثال جعفر ابو التمن وفهمي المدرس وامثالهما من ممثلي الطبقه الوسطى الوطنيه المناوئه للاستعمار ، ويناضل كذلك مع الكادحين وكان في طليعتهم مع القائد النقابي الكبير حسن عياش في البصره مع عمال الميناء ( المعقل ) ومع كادحي تعابة الفاو وهم فلاحي بساتين شيوخ الكويت والمحمره .
وقد كان ابوه سلمان يوسف نوتيا ( خلاصيا ) في بواخر شط العرب ، وقد عاش فهد الصلابه الثوريه للكادحين كما انه رأى رخاوة الطبقه المتوسطه وخورها كلما احتدم لهيب المعارك بين الشعب وحلفاء المستعمرين ، حيث كان خيرة ممثلي الطبقات الوسطى يهجرون السياسه بين حين واخر ليعودوا اليها في ظروف انسب لطبقتهم ولمصالحهم .
في عام 1933 انقسمت قيادة الحزب الوطني العراقي على نفسها بين اغلبيه تميل للتعاون مع الحكومه وأقليه كان قادتها ابو التمن وفهمي المدرس متمسكين بالموقف المعارض ، كان فهد عهد ذاك في الناصريه على رأس فرع الحزب الوطني والذي تضامن مع ابي التمن والمدرس واعرب فهد فيما بعد عن اسفه على تجميد نشاط الحزب وعلى امتثال الفرع لقرار التجميد الخاطيء .
في هذا الوقت ومنذ امد كان فهد قد شرع في تنظيم ابناء الكادحين في خلايا شيوعيه ، كان قد باشر باعداد اللبنات الاولى لتشييد صرح الحزب الشيوعي العراقي .
كان فهد بفضل استيعابه الماركسيه – اللينينيه في وقت مبكر وبفضل حسه الثوري قد ادرك العيوب القاتله في الاحزاب الوطنيه التي عاصرها بقيادة الطبقات البرجوازيه الوطنيه ، فقد كانت تلك الاحزاب قليلة الاهتمام بالجماهير ونضالها المطلبي وفي ذات الوقت كانت حركة الكادحين تسير سيرها العفوي وغير المنظم وايضا تعاني من السبات الطويل وقد كشف فهد كل ذلك فيما بعد ، في كراسه الشهير (( مستلزمات كفاحنا الوطني )) وفي العديد من المقالات .
ولقد شرح فهد في هذا الكراس للحركه الوطنيه في العراق الجذر الاقتصادي للاستعمار الحديث وركائزه السياسيه والايديولوجيه وسبل مكافحتها ، وسلح الحركه الوطنيه بأمضى اسلحة النضال المستكمل الاوجه ،السياسي والاقتصادي والايديولوجي ضد اسلحة الاستعمار المعاصر وحلفائه الاقطاعيين والبرجوازيين .
ان اثمن درس تعلمه فهد من لينين وطبقه تطبيقا عبقريا في احوال العراق المعنيه ، هومذهب الحزب اللينيني الذي تجسد فيه فكره الماركسي – اللينيني وخبرته الثوريه في الحركه الوطنيه .
ان اخفاقات ونواقص الاحزاب الوطنيه القديمه قد علمته مدى الحاجه الى الحزب الجديد ....
كان فهد يسعى لبناء حزب طبقي من نوع جديد لا علاقه له بسمات وسلوكيات ومواقف احزاب البرجوازيه الوطنيه وقتها ، كان يسعى وبشكل مثابر وتشخيص سليم الى بناء حزب ليقرن نضال الكادحين العراقيين المطلبي بنضالهم الوطني والسياسي للتحرر من الاستعمار والاقطاع ومن عبودية راس المال والاستثمار الطبقي .
حزب يصوغ للحركه الثوريه اهدافها ومهامها السياسيه ويعلمها كما يتعلم منها مختلف اساليب النضال الملائمه لمختلف الظروف والاحوال .
حزب يندمج بالحركه الوطنيه ويتصدر نضالها ولا ينعزل عنها في مدها او جزرها .
كان فهد يرمي الى بناء حزب ثوري يعطي للحركه الثوريه طابع التنظيم والديمومه ويخلصها من العفويه والموسميه ومن التهاون والتراجع والخذلان .
حزب من مهامه الرئيسيه ايجاد الصله العضويه بين الكفاح الوطني لتحرير بلاده وبين التضامن الاممي مع القوى المعاديه للامبرياليه ، بين الثوره الاجتماعيه في العراق والعمليه الثوريه العالميه .
حزب سياسي طبقي جديد لطبقه كادحه عراقيه متجرده من الملكيه الخاصه .
ومن اجل بناء هذا الحزب ، كرس فهد قدراته غير المحدوده للعمل من اجل هذا ، ولقد ركز كامل مواهبه الخلاقه على توطيد كيان هذا الحزب ورص صفوف تنظيمه وذلك لتبقى رايته الكفاحيه عاليه جيلا بعد جيل .
لقد اقترن نضال فهد الفكري بنشاطه السياسي والحزبي ، ولفهم اثاره الفكريه يجب دراستها بالاقتران بالفتره التاريخيه التي كتبت فيها لا بعدها وطبعا علينا ان نعرف ان كتاباته مرتبطه بظروفها الموضوعيه .
ان فهد لم يكن يكتب استمتاعا بالترف الفكري ، بل انه كان استجابه للضرورات الملحه التي كان يمليها دور الحزب في خضم الحركه الوطنيه التحرريه والمشاكل التي تجابهها الحركه .
ان كراس (( حزب شيوعي لااشتراكيه ديمقراطيه )) كان الرفيق فهد قد كتبه في اخطر مرحله زمنيه تاريخيه من مراحل تكوين الحزب ... بل كانت المرحله الحاسمه في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ، والتي تميز فيها الحزب بوضوح عن التيارات والميول البرجوازيه الصغيره المتمثله بمعاداتها للتنظيم والانضباط البروليتاري والانتهازيه السياسيه ، وكذلك على الفوضويه والعدميه لدى العناصر المثقفه عهد ذلك .
ان دراسة كراس فهد (( حزب شيوعي لااشتراكيه ديمقراطيه )) تساعد على دراسة كتب لينين (( مالعمل ؟ )) و (( خطوه الى الامام وخطوتان الى وراء )) وهي تيسر استيعابهما ، وتطبيق ماجاء بهما من افكار كي تطبق بامانه وابداع على ظروف بلدنا العراق وحسب خصوصياتنا الاجتماعيه والسياسيه .
وفي كراس ( مستلزمات كفاحنا الوطني ) يطبق فهد مباديء الاستراتيجيك والتاكتيك ، الماركسي اللينيني ، تطبيقيا ناجحا في علاقته بظروف العراق حينها ، لقد طبق فيه ايضا بابداع وحيويه تعاليم لينين عن الامبرياليه وكشف عن صورتها الحسيه التي تعاملت بها مع بلدنا ، اقتصاديا وسياسيا وفكريا بمنتهى الوضوح والفهم والدرايه .
وفي كراس ( البطاله اسبابها وعلاجها ) فقد عرى الرفيق فهد مسئولية الاستعمار في هذا التاخر لاقتصادنا الوطني تعريه تامه وانتقد خوف البرجوازيه الوطنيه من كشف مسئولية المستعمرين البريطانيين في هذا التخلف بما ينبغي من الجرأه والحزم والوضوح كما كشف عن مسئولية الاقطاعيين ودورهم الرجعي في مسار تخلف الريف العراقي ولقد وضع يده على مفاتيح الاقتصاد العراقي في طرحه لتحرير الثروه النفطيه وانشاء الصناعه البتروليه الكيمياويه .... الخ .
وكان فهد منتبها الى ضرورة تحالف الطبقه العامله مع طبقة الفلاحين لاجل اقامة حلف وطني موسع من اجل التحرر من المستعمرين الانكليز والاقطاعيين ولقد كشف في هذا الكراس عن الارتباط العضوي بين نضال الطبقه العماليه العراقيه الناشئه والنضال الوطني المشترك العام ، وكذلك طرح الرفيق فهد ضرورة تنظيم الطبقه العامله نفسها سياسيا ( حزبيا ونقابيا ) وذلك لتوحيد صفوفها وهذا حسب طروحات فهد بانه شرط اساسي لانتصارها على اعداءها الطبقيين .
وفي المقدمه التي كتبها الرفيق فهد لكراس ( الجبهه الوطنيه ) والتي كانت بقلم (( محمد حسين الشبيبي )) وكذلك في مقالة ( الجبهه الوطنيه سلاح النصر ) اوضح فهد ان النضال من اجل الديمقراطيه السياسيه ووحدة القوى الوطنيه هما نقطة الانطلاق في النضال التحرري كما ان الشروط المبدئيه التي صاغها الرفيق فهد لتكوين الجبهه الوطنيه الموحده هي لاتزال الاساس الصحيح حينها .
لقد كان فهد وطنيا واسع الافق وامميا راسخا وقد عمل بمثابره على ترسيخ الامميه و الوطنيه في اعماق رفاق الحزب ولقد جعلها من شروط العضويه فيه .
وفي كراسه ( قضيتنا الوطنيه ) لخص تجربة الحركه الوطنيه العراقيه وبلورة اهدافها بحيث كانت معينا في صياغة برامجها .
وان التقرير السياسي الذي قدمه للمؤتمر الحزبي الاول والذي حلل فيه الوضع الداخلي فهو لايزال حتى يومنا هذا وثيقه تاريخيه لم يظهر ما يضاهيها في صدق التحليل وعمقه لتلك الفتره من تاريخ حركتنا الثوريه المعاصره .
كان الرفيق فهد واقعيا ولم يجد في الحزب القوه الوحيده القادره على تحقيق النصر او تحريك الجماهير الشعبيه وزجها في النضال ضد سياسات الحكومات المتعاقبه ويتجلى ذلك في ذلك المقطع من دفاعه امام محكمة الجزاء الكبرى في بغداد عام 1947 حين قال : ( نسب الادعاء العام الى حزبنا جميع الاعمال والنشاط السياسي الوطني والعمالي التي حدثت في العراق في السنوات القليله الماضيه كأضرابات عمال السكك ، واضرابات الطلاب والمظاهرات التي حدثت في بغداد والكاظميه واضرابات عمال النفط في كركوك وتلقين جماهير الشعب الشعارات الوطنيه كالجلاء والغاء المعاهده ، اننا فخورون ان تنسب الينا مثل هذه الاعمال الوطنيه .... فهذه الاضرابات والمظاهرات ماهي الا من صنع الجماهير لانها تريد التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار ، وممارسة حقوقها الديمقراطيه تثبيتا لنظام الحكم الديمقراطي ، لاكما يريد ان يصورها الادعاء العام ( اظهار العراق بمظهر البلد الثائر على ..... الحياة الاجتماعيه وتقاليدها ) .
اما القول بتحريض حزبنا الشيوعي عمال النفط والسكك على الاضراب واصدار مناشير يؤيد فيها اضرابهم فنقول : ان التناقص موجود وعميق بين مصالح العمال العراقيين وبين المصالح الاجنبيه ، والمؤسسات التي يسيطر عليها الاجانب اذ ان العامل في النفط والسكك والميناء لم يطلب من هذه الادارات سوى تطبيق ضمان اجر يقوم بالحد الادنى لمستوى معيشته ، بينما يريد هؤلاء الاجانب التملص من تنفيذ القوانين العراقيه بحق العامل ؟ وابقاء الاجور متدنيه ، فماذا يطلب ان يكون موقف الحزب الشيوعي ؟ هل يطلب منه ان يقف الى جانب العمال العراقيين ام يقف الى جانب الاجانب الذين يستنزفون دماء عمالنا ، بالاضافه الى استنزاف ثروة وطننا بأسره ؟).
(( اننا نقف امام محكمتكم االموقره ونحن لانطلب الرحمه ، فالرحمه للمذنب ، ولاننا لانريد حماية انفسنا ومصلحة اشخاصنا ، وانما نريد العدل لاننا نريد حماية سمعة القضاء العراقي الذي نحرص على سمعته ومصالح الوطن العراقي ، اذ ان الديمقراطيه التي لاتتسع لنشاط اشد المناضلين صلابه واكثرهم عنادا ، وادراهم باساليب الاستعمار ونواياه ، لايمكن ان تكون ديمقراطيه يقرها الرأي العام العالمي الحر ..... اننا نختم دفاعنا هاتفين بحياة شعبنا وحياة العداله )) .
ان سر قوة الحزب الشيوعي العراقي وصموده الاسطوري امام الضربات الفاشيه المتلاحقه انما يعود الى سبب بسيط جدا هو ان الاساس الفولاذي لهذا الحزب انما صبه رجل قد هو نفسه من الفولاذ ، فهو الى جانب ارادته الحديديه ونظرته الثاقبه استطاع ان يستوعب الماركسيه اللينينيه بصوره مبدعه وان يطبقها باسلوب خلاق على اوضاع العراق في فتره عصيبه للغايه .
ان تاريخ الحزب الشيوعي العراقي هو الوجه المشرق والاصيل للحركه الوطنيه والثوريه العراقيه وهو السجل البطولي لملحمة نضال الشعب العراقي بعربه واكراده واقلياته كما وانه تاريخ ترسيخ الاسس اللينينيه في حركة الطبقه العامله العراقيه عبر طريق شاق ونضال مرير الامر الذي جعل الحزب الطليعه الثوريه الامينه لصالح هذه الطبقه ومصالح الشعب العراقي بشكل عام في نضالهم ضد الاستعمار والرجعيه والحكومات الدكتاتوريه والرجعيه الشوفينيه .
وتكمن الاهميه التاريخيه للرفيق فهد انه استوعب بوعي جوهر التعاليم الماركسيه _ اللينينيه ، فناضل بلا هواده من اجل ترسيخ الاسس اللينينيه في حياة الحزب وكان تطوره السياسي والايديولوجي يسير بصوره متوازيه مع تطور الحزب وبموجب قانون التاثير المتبادل ، كان كل واحد منهما يؤثر في الاخر كما وكان احدهما يكمل الاخر الى ان اصبح رمزا لوحدة الحزب حتى يومنا هذا ، وسيبقى كذلك مابقي الحزب بوصفه ضروره تاريخيه موضوعيه .
استطاع الرفيق فهد ان يرفع الحزب الى مستوى نظري وايديولوجي عال منذ بداية الاربعينيات وذلك بوضع برامج تثقيفيه منتظمه تتعلم خلالها قواعد الحزب الاجزاء الثلاثه للماركسيه وتطور مفهوم الحزب اي انه منذ البدايه بدأ بتطبيق التعاليم اللينينيه في حزب من طراز جديد .
وقد قام بكل ذلك بصوره موحده وشامله وفي زمن كانت فيه الاميه متفشيه في العراق وفي بلد يعاني من تخلف شديد ، لقد ربط الرفيق فهد النظريه الثوريه بالتطبيق الثوري ، مما ساهم بتطوير الحزب بشكل شامل متعدد الجوانب ، الامر الذي ادى الى تغيير نوعي كبير في تاريخ الحزب وذلك من خلال وضع النظام الداخلي وبرنامج الميثاق الوطني، حول الحزب الى حزب لينيني جماهيري كبير ، بحيث انه الى جانب انتصاره على التيارات اليمينيه واليساريه المتطرفه تحول الى طليعه واعيه وقائد حقيقي للطبقه العامله العراقيه والحركه الوطنيه .
ان تاريخ استخدام المنهج التاريخي في الحزب الشيوعي العراقي انما هو تاريخ استيعاب وتطبيق الماركسيه – اللينينيه في حياة الحزب ، تلك العمليه التي تزعمها الرفيق فهد بكل جداره واخلاص الامر الذي كان له تأثيره التاريخي على مجمل افاق الحزب المستقبليه .
ان الرفيق الخالد فهد كان يؤكد على التثقيف ( العمل الايديولوجي في الحزب ) حيث كان يدرك بان العمل التنظيمي لايمكن ان يتكامل بدون عمل ايديولوجي راسخ ومنظم .
كلما كانت الايديولوجيه راسخه في صفوف الحزب كلما كان التنظيم قويا وراسخا والعكس بالعكس .
يقول الرفيق فهد ( علينا قبل كل شيء ان نوفر لرفاقنا الادبيات الثوريه ونحثهم على الدراسه ونطلب منهم ان يتسلحوا بالنظريه الثوريه اذ ( بدون نظريه ثوريه لايمكن ان تكون حركه ثوريه _ لينين ) وعلينا ان نتعهد بتدريبهم وننسق لهم المواضيع الواجب تفهمها ، وان نضع لهم مناهج دراسيه ونراقب تطبيقها وان نبني ثقافتهم على ضوء حالتنا الثوريه وعلى ضوء حالتنا الداخليه وعلى ضوء الحاله الدوليه وتطوراتها ، وشيء اخر اريد ان الفت نظر رفاقي اليه هو ان (( النظريه الثوريه التي تقود الحركه الثوريه لاتصبح نظريه حيه مالم يبرهن التطبيق على صحتها وان الماركسيه (( هي ليست وصفه جاهزه تعطى لكل الحالات )) .

كان للحزب الشيوعي العراقي منذ اوائل تأسيسه موقفا واضحا من المسأله الكرديه طرحته قيادة الحزب في جريدة الحزب المركزيه (( كفاح الشعب )) في النصف الاول من علم 1935 ، حيث ورد في المطلب الاول ضمن مجموعه من المطالب الاساسيه لتلك المرحله مايلي :
1- طرد المستعمرين ، وضمان حرية الشعب والاستقلال الكامل للاكراد وضمان الحقوق الثقافيه .... لكل الاقليات العراقيه .
ان الحزب الشيوعي العراقي كان ومايزال الحزب الوحيد والاول الذي ابدى اهتماما استثنائيا ومبكرا بهذه المسأله التي شهدت التعقيدات اكثر في مجرى القرن العشرين .
ففي الماده العاشره من الميثاق الوطني الذي اقره الكونفرنس الحزبي الاول في العام 1944 ، يجـد القاريء مايلي :-
(( نناضل في سبيل ايجاد مساواة حقيقيه في الحقوق للاقليه القوميه الكرديه مع مراعاة حقوق الجماعات القوميه والجنسيه الصغيره كالتركمان والارمن واليزيديه )) .
في التقرير الذي القاه فهد في المؤتمر الوطني الاول عام 1945 وفي مجرى تحليله للمنافسات المصلحيه بين بريطانيا والولايات المتحده الامريكيه ، حذر الحركه الكرديه من الانجرار وراء الوعود الاستعماريه ، اذ كتب يقول :-
(( وامر اخر خطير اود تنبيه حزبنا اليه هو التنافس الاستعماري في بلادنا بين الانكليز والامريكان ، ان التنافس الاستعماري الامريكي الذي ظهر منذ اكثر من سنه بشكل اقتصادي ثم الدفاع عن القضيه الصهيونيه يظهر الان بشكل جديد .
فالامريكان يريدون الان ان يوجدوا لهم قاعده اجتماعيه في العراق يريدوا ان يستغلوا وضع الاكراد ويجعلوا منهم قاعده اجتماعيه لهم .
لقد جاء الى العراق مؤخرا المستر ( هارولد ) الصحافي الامريكي واخذ هذا يتصل بالشخصيات الكرديه وبدأت المساومات بينهم وبينه وبدأ يعطي الوعود الاستعماريه للاكراد بتوحيد المناطق الكرديه وما أشبه .
اننا ننبه اخواننا الاكراد الى ان قضيتهم الوطنيه مرتبطه بقضية العراق التحرريه وان حرية الاكراد في العراق لاتأتيهم عن طريق الوعود الاستعماريه من هذا المستر او ذاك بل بالنضال المشترك من اجل قضية العرب والاكراد على السواء )) .
لقد جاء في المذكره التي وجهها فهد بأسمه بأعتباره السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي بتاريخ 21/11/1945 الى رئيس الدوله العراقيه ومجلس الامه ، رؤساء الدول الكبرى رؤساء الدول العربيه مصر وسوريا ولبنان ، احتجاج الحزب ضد الحكومه العراقيه وضد حليفتها بريطانيا وذلك لسلوكهما المخالف والبعيد كل البعد عن القواعد والمباديء الديمقراطيه حيث منح فهد القضيه الكرديه اهتماما خاصا . اذ كتب يقول :-
(( موقفنا من الشعب الكردي : ان الحكومه العراقيه تصم اذانها من شكاوى الشعب الكردي وطلباته في الاصلاح .
انها تدع الجوع يجتاح قراهم وتحبس عنهم حقوقهم الدستوريه ، وهي تغمض عينيها وتصم اذانها عن نشاط عملاء الاستعمار ودعايتهم بين الاكراد وتقوم هي بنفسها بمثل ذلك النشاط والدعايه وتشجع الروح الشوفينيه عند العرب وخصوصا بين افراد الجيش وهي تنشر الارهاب وتعلن الاحكام العرفيه وتملاء السجون بالمواطنين الاكراد ...... نحن نطالب بالغاء هذه الاجراءات الرجعيه والمحاكم االعرفيه التي تقيد حريات المواطنين )) .
ابدى فهد اهتماما مبكرا بقضايا النضال المشترك للشعوب العربيه ضد الهيمنه البريطانيه والفرنسيه على المناطق التي كانت تحت الهيمنه العثمانيه قبل ذاك ، وكذلك طموح هذه الشعوب للوحده العربيه والاستقلال والسياده الوطنيه .
وتابع في المقالات التي كتبها ترسيخ هذا النضال وتطلعه اولا لتحقيق الاداره اللا مركزيه ضمن الدوله العثمانيه ثم في سبيل الوحده العربيه مع اندلاع نيران الحرب العالميه الاولى .
وفهد بعد استعراضه التاريخي يقول : (( فلنرجع الان لنرى ماذا طرأ على مبدأ الوحده العربيه بعد اول توافق حصل بين الانكليز والعرب في العراق سنة 1921 ، وبعد فشل الثوره في سوريا وفي فلسطين وبعد ضياع (( ملك )) الحسين بن علي ، ثم يخلص الى استنتاج مهم : (( ان الوحده العربيه بعد ان كانت هدفا قريبا يسعى العرب الى تحقيقه اصبحت نظريه يتنافس عليها مثقفوا العرب في اوطانهم ، وفي تفضيلها على القدره الاقليميه والوحده الدينيه ، وتدهورت اثمان شركة الوحده العربيه كليا في بورصات بغداد ومكه والقاهره ، ولم تحافظ على اثمانها الا في القدس ودمشق ، غير ان تلك الاثمان كانت اسميه اذ لم يكن لها مساوم خارج فلسطين وسوريا .
واليوم وبكل فخر واعتزاز بالرفيق الخالد فهد ، يمكننا ان نقول في هذا الصدد بأن هذا الاستنتاج الذي توصل اليه فهد الخالد قبل اكثر من سبعة عقود من السنين ومن الزمن المثقل بالالام والجراح من القوميين العرب بمختلف مشاربهم ؟ انه مازال نافذ المفعول حتى هذه اللحظه .
ولا حاجه للدخول في تفاصيل حكاية الوحده العربيه التي تاجر بها الحكام العرب وبعض الاحزاب القوميه اليمينيه التي لم تخلف وراءها سوى الخراب .
ومن حيث نريد او لا نريد تحول التقطيع الذي قامت به معاهدة سايكس _ بيكو 1916 للوطن العربي ، الى حقيقه جيوسياسيه وتاريخيه ، ولم يتمكن دعاة الوحده العربيه من تغييرها حتى الان .
ويتطرق فهد الى تأويلات بعض الفئات لمفهوم الوحده العربيه في ضوء مفاهيمها الايديولوجيه والدينيه ، ويبدأ بما يسميهم بدعاة المحور الذين يحاولون ان يجعلوا شعار الوحده العربيه اساسا لمبدئهم القومي . ويقول :
(( لقد بنى القوميون وحدتهم العربيه على اسس العقيده النازيه والذهنيه العنصريه مستلهمين افكارهم من كتابات فيلسوف الحزب النازي الالماني (( الفريد روز نورنبيرغ )) مؤلف العديد من الكتب ، ولقد كان (( روز نورنبيرغ )) هذا مسئولا عن العلاقات الخارجيه للحزب النازي ( حزب العمال الاشتراكي القومي الالماني ) كما كان وزيرا للمناطق الشرقيه المحتله منذ عام 1941 .
(( ولقد شيد القوميون العرب في مخيلتهم امبراطوريه واسعة الارجاء عربيه بعد ان نظفوها من العناصر اللاعربيه في الفكر والدم واحاطوها بسور عقال لكي لايدخلها مايدنسها ، ثم اغلقوا ابوابها وسلموا مفاتيحها الى هتلر وموسيليني عملا بسنة خضوع الضعيف للقوي ؟؟؟؟ ...
ويقول الرفيق الخالد فهد :
(( لم يكن الشيوعيين اقل حماسه ورغبه صادقه لفكرة التقارب والتعاون فيما بين الاقطار العربيه ، لذلك اجتمع مندوبون من مختلف الاحزاب الشيوعيه العربيه في خريف عام 1935 ودرسوا هذه القضيه من جميع وجوهها ولقد تبين ان شعار الوحده العربيه غير عملي لما بين الاقطار العربيه من فروق في التطور وشكل الحكم والظروف الداخليه الخاصه )) .

المصادر :
1- كتابات الرفيق فهد دار الفارابي ص 5 ، 7 ، 8 ، 9 . 10 ، 11 ، 13 ، 14 ، 15 ، 16 . 2- فهد والحركه الوطنيه د. كاظم حبيب ، د زهير الداودي ، دار الكنوز الادبيه ص 284 ، 285 .
3- الثقافه الجديده العدد 368 ، 369 المنهج الماركسي في التفكير لدى الرفيق فهد ، عماد خلدون ص 137 _ 140 .
4- فهد والحركه الوطنيه ص 260 ، 261 ، 262 ، 263 .
5- حنا بطاطو الكتاب الثاني الحزب الشيوعي العراقي ص 90 .
6- فهد والقضيه الوطنيه د. كاظم حبيب ، د. زهدي الداودي ص 353 ، 354 ، 355 ، 356 ، 357 .
كتب من قبل صباح كلمشي بتخويل من صاحب المقال .
ستوكهولم – السويد

#امين_كريم_فرحان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات