|
أخي المسلم السويّ هذا المقال ليس لك
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5255 - 2016 / 8 / 15 - 22:05
المحور:
المجتمع المدني
شاهدَ منّا مَن شاهد الجلسةَ التي عقدها د. علي مصيلحي، رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان المصري، للاستماع لأقباط قرية "كوم اللوفي" بسمالوط. شاهدنا لوعة المواطن المصري "إبراهيم خلف"، وهو يحاول إخفاء دموعه المكتومة في نبرة صوته الذي يقطر ألمًا ومرارةً وهو يحكي ما قامت به مجموعة ضالة من الإرهابيين أشعلوا النيران في بعض مساكن المسيحيين بالقرية، بعد شائعة تحويل مسكن إلى كنيسة! وكيف كان الأهالي يسارعون باختطاف الأطفال من ألسنة النيران قبل التهامها لأجسادهم، مستعوضين الله في ممتلكاتهم وبيوتهم. ثم ختم كلامه بصرخة مخيفة: "إحنا عايشين في نار يا ريّس!” وكأننا في عصر ما قبل الدول! وكأننا في مجتمع همجي يحكمه قانون الغَلَبة للأقوى والأكثر عددًا والأكثر تسليحًا والأكثر انفلاتًا من القانون! وكأننا لسنا في مصر صانعة الحضارة أم التاريخ وأم الحضارات! قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "انصرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا." فسأله سائلٌ متعجبًا: "أنصرُه مظلومًا، فكيف أنصره ظالًما يا رسول الله؟!" أجاب الرسول: "بأن تردَّه عن ظلمه." ولهذا فأنا مؤمنةٌ تمام الإيمان بأن الانتصار للإسلام يبدأ بردّ الظالمين من المسلمين عن ظلمهم، ونُصره حقوق غير المسلمين في بلادهم. أخي المسلم السَّويّ، شكرًا لسوائك ومحبتك الناسَ، لأنك تُنفّذُ مشيئة الله، وتنفذ وصية الرسول بأن المسلم هو من سلِم الناسُ من لسانه ويده. شكرًا لأنك تُساهمُ في استقرار المجتمع وأمنه وبنائه. هذا المقالُ ليس لك. فاكتفِ بما قرأتْ، واغتنمْ بقية يومك فيما يُرضى الله ويُطوّر الحياة، بارك اللهُ دينَك ودنياك، وجازاك عنّا وعن مصر من الجزاء أحسنَه. أخي المسلم المتعصّب هذا المقالُ لك، وأشكرك إن منحته دقائقَ من يومك المشحون بالتلاعن والعنف والتعب، وإتعاب من حولك. سُئل الشيخ حسّان سؤالا مباشرًا على الهواء: "هل تحب المسيحيين؟" فظلّ يراوغ ويثرثر، فلا قال: “نعم” صريحة، ولا جرؤ أن يقول: “لا" صريحة! وما ضرّه لو قال: "نعم أحبهم كما اوضانا الرسول وتزوج من بناتهم أم ولده إبراهيم، السيدة ماريا القبطية!"؟! ليته قالها فتبرأ نفوسٌ وتوئدُ فتنٌ؟! ولكن، "لا" الموجعةَ، خرجت، وإنْ مستترةً غير منطوقة عبر كل أقواله وأحاديثه. ولا عجبَ، وقد صرّح بها من قبله، ويصرح بها كل يوم الشيخ "ياسر برهامي" مُعلنًا "بُغضه" المسيحيين! نجّانا اللهُ من البغضاء، التي هي كبيرةٌ عند الله الذي أمرنا بالرحمة والمحبة والتآخي. أخي المسلم المتعصب، إن اتّبعتَ منهج أولئك المشايخ الذين يزرعون الفتنة في مصر، فعلى رِسلك! فقط، اعلمْ أنك تعكّر صفوَ نفسك وتخسرُ ميزانك الروحيّ. ولا حيلة لي سوى أن أسوق إليك بعض الأسئلة. هل تعلم أن مسيحيي "بني سويف" شاركوا المسلمين "تطوّعًّا" في بناء مسجد "أطواب"، في أوائل عام 2012؟ هل سبق وشاهدت مسيحيًّا يجاهر بتناول قدح قهوة في نهار رمضان أمام زملائه في العمل؟ هل تعرف أن أطفال المسيحيين يشاركون أطفالنَا المسلمين في تزيين الشوارع بالورق الملون والفوانيس احتفالاً بشهر رمضان كل عام؟ لماذا؟ لأنهم يحبوننا، بصدق. أخي المسلم، أخوك المسيحيُّ يحبّك، لأن كتابه يأمره بمحبة الناس كافةً، حتى اللاعنين والطاردين: "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم." فما بالك بحبه لنا، وما نحن بلاعنين ولا أعداء ولا طاردين لهم من ديارهم ووطنهم؟ ويقول كتابُهم: "إن قال أحدٌ إني أحبُّ اللهَ، وأبغضَ أخاه، فهو كاذبٌ، لأن مَن لا يحبُّ أخاه الذي أبصرَه، كيف يقدر أن يحبَّ اللهَ الذي لا يبصرُه؟" كذلك يأمرنا رسولُنا: "لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه." فهل تحب لنفسك أن تعيش غير آمن في دارك وفي وطنك أو أن يُحرق مسجدك وأنت فيه ساجد؟ هل تعلم أن المسيحيَّ يؤمن بمحبة الله للبشر كافة، ولا يكره أحدًا لأننا جميعًا خليقته؟ لذلك لا يكتمل إيمانُ المسيحيّ إلا بمحبته الناس، صنيعة الله. هو، جلَّ جلالُه، وحدَه، سيفصلُ بيننا بالحقِّ يومَ القيامة، فلماذا نجعل من أنفسنا ديّانين على الناس، وكلُّنا خطّائون فقراءُ إلى الله؟! أخي المسلم الكريم، هل تعلم أن تحضّر الشعوب يُقاس بمستوى معاملة الدولة، والمجتمع، للأقليات الأجنبية الوافدة؟ وهل تعلم أن المسيحيين بمصر ليسوا وافدين، وبالتالي فلا يجوز أن تعتبرهم أقلية (وإن قلّ عددهم عن المسلمين)؛ لأنهم أصحاب بلد أصلاء، ولأن مصر ظلّت قبطية العِرق، مسيحية الديانة ستةَ قرون كاملة حتى دخلها الإسلامُ في القرن السادس؟ وهل تعلم أن جدّك وجَدي كانا مسيحيين، وأسلما في لحظة ما؟ فيكون الفارقُ بيننا وبين المسيحيَّ المصري الراهن؛ أن جدّك وجدي قد اختارا الإسلام دينًا فتحوّلا إليه من المسيحية، بينما جدّ أخيك المسيحيّ اختار أن يظلَّ على عقيدته المسيحية؟ وأنه بهذا أخوك وأخي بالدم والقرابة، وليس فقط بالمواطنة؟ وهل تعلم أن شكسبير قال: "يمكننا عمل الكثير بالحقّ، لكن بالحبّ نفعل أكثر."؟
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا كانوا وسيمين؟ لماذا كنّ جميلات؟
-
احنا عايشين في نار يا ريّس
-
طفولةٌ أم جنون أم كفر؟
-
على شط القناة: الصمتُ في حرم العمل... عملٌ
-
زورق
-
على شط القناة: الصمتُ في حرم العمل... عمل
-
خنجر في ظهر مصر
-
ماذا لو ظهر ابن رشد اليوم؟
-
الشيخ كريمة وخفّة ظِل المصريين
-
جميلةٌ من صبايا مصر
-
ماذا تفعل لو كنت البابا؟
-
فاتحةُ القرآن، والصلاةُ الربانية
-
كل سنة وأنت طيب يا أبا زيد
-
جيشُ مصرَ شعبُ مصرَ
-
البجعة
-
قلادتك
-
الماكينة بتطلع قماش!
-
وكرُ الأشرار
-
المسجد النبوي .... هل غادرَ الإرهابُ من مُتردَّم؟
-
هل احترام حقوق الأقباط عداءٌ للإسلام؟
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|