|
لنتعلم منهم كيف يطبقون الديمقراطية..!!
هرمز كوهاري
الحوار المتمدن-العدد: 1405 - 2005 / 12 / 20 - 09:17
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
المشكلة التي نعانيها في مجتمعاتنا، هي أن نفسر الاشياء وخاصة التي تردنا من الغير كما نريد أن تكون وليس على حقيقتها ، فقالوا الاشتراكية العلمية المبنية على النظريات الاقتصادية ، كالازمات الاقتصادية الدورية شبه الحتمية التي تمر على النظام الرأسمالي ، قلنا أو حولناها الى إشتراكية إسلامية ، أو إشتراكية عربية أو أشتراكية رشيدة !! والنظام البنكي أو المصرفي المبني على أسس و نظريات النقود والبنوك حولناه الى البنوك الاسلامية ، كأن في عهد الخلفاء كانت البنوك المركزية والتجارية وبورصات الاسهم منتشرة على طول البلاد وعرضها !! ولما إخترعوا الداينمو ( المحرك الكهربائي) قالوا هذا موجود في القرآن الكريم !! وهذا ليس من عندي ، بل شرحها لنا العلامة ومفتش اللغة العربية آنذاك – محمد بهجت الاثري – سنة1952 في زيارة تفقدية ، حيث كنت أحد طلاب الصف الخامس الاعدادي في السنةالمذكورة ، وقال: هذا أشار اليه القرآن الكريم عندما قال ( ..وأخرجنا من الظلمات نورا..) أي أن الالة بطبيعتها مظلمة ، وتنتج نورا أي تولد كهرباء !! أما بالنسبة الى القنبلة الذرية فأتى بآية أخرى لا أذكرها !!
والنتيجة نضيع المشيتين ! لا نتعلمها بصورة صحيحة ،بل نتخبط في الذي إقترحناه أو طورناه !وبقينا قرونا نجتر الاقوال والحكم والآيات ، دون أن نطور حتى مكنسة أو فرّارة !! ، وإ نما ننتظر كل ما تظهر نظرية أو إختراع أو إكتشاف ، نقول نحن العرب والاسلام سبقناهم بها وأنها مشار اليها في كتبنا !!و نبدأ نقارنها مع خصوصياتنا أي خصوصية الحكام والدين فإذا كانت متفقة نرحب بها وإذا كانت مخالفة نلعنها ونحاربها ! أما الاجهزة الحديثة فكلها تتفق مع تلك الخصوصيات كالسيارات الفارهة والمكيفات المتطورة والتلفزيون والانترنت..الخ !! ونرجع ونقول كان العرب والاسلام سباقون بها وسرقوها منا هؤلاء "الكفار" وهكذا نراوح في مكاننا الى ما شاء الله .
ونأتي على بيت القصيد ، وعلى الزائر الجديد! الذي يزور منطقة الشرق الاوسط ، وهو النظام الديمقراطي ، بادئا في العراق ،فتقدم صفوفه المعممون ليطبقوا الديمقراطية كأن الديمقراطية بدأت في بداية الدولة الاسلامية !، علما بان النظام الديمقراطي ، اُسس على أنقاض تسلط رجال الدين وتدخلهم في الشؤون السياسية ، وبدأ بفصل الدين عن الدولة من دون إستثناء أي دين . وقد رحبوا هؤلاء الائمة بالديمقراطية الانتخابية فقط ، لسببين أولهما كون أكثر الشعب يفتقد الوعي السياسي مما يسهل قيادته وثانيهما أن أتباعهم الاكثرية العددية ، أما ما تتضمنه الديمقراطية من حرية العقيدة وحرية المراة وفصل الدين عن الدولة وإلغاء المليشيات الحسينية وأحزاب باسم الله والمهدي المنتظر وما يتعارض مع الثوابت الاسلامية وفتاوى المرجعيات الناطقة والصامتة ! فهذه الديمقراطية لا تتفق مع ثوابت الشريعة السمحاء ولا مع خصوصياتهم حيث قد تؤدي بهم الى نار جهنم !!
وما زلنا بصدد الديمقراطية نقول : لماذا لا نتعرف على الديمقراطية من الذين جاءوا بها ونتعلم كيف يطبقونها ، كما تعودنا أن نتعلم كيفية إستعمال كل جهاز حديث يأتون به الى منطقتنا ، ولنعرض بعض الامثلة اليومية من تطبيقاتهم في ظل النظام الديمقراطي : * " أحد العراقيين في السبعينيات نزل في مطار هيثرو في لندن ، ودخل في حديث ممتع مع أحد ضباط الكمارك في المطار ، فسامحه ب ( 10) باونات انكليزية ، نزل صاحبنا في بنسيون لأمرأة عجوز ، قال لها " يبدو لديكم ضباط مجاملون طيبون ، تصور بقوله هذا أنه يمدح الشعب البريطاني ويجامل ا لعجوز ! قالت كيف ؟ قال سامحني أحدهم ب10 - باونات ، فإستغربت العجوز ، وتوجهت الى التلفون ، قال صاحبنا لها: لا حاجة أن تشكريه فقد شكرته أنا ! قالت بعصبية : كيف أشكره ! بل إعاتبه فليس من حقه أن يتبرع أو يتصرف بالمال العام ، لان كل فرد بريطاني له حصة فيه !! أما نحن فنسمي هذا الضابط نشمي !إبن أوادم ! ونسمي العجوز بالبخيلة والانانية ! علما بأن المحافظة على المال العام ، شرط من شروط الديمقراطية ، ليس من قبل المسؤول ، بل من قبل أي فرد في المجتمع .
* ونستن تشرتشل كان في طريقه الى مجلس الوزراء أثناء الحرب العالمية الثانية ، وصل الى الاشارة الضوئية الحمراء أراد أن يجتازها ! أوقفه شرطي المرور ! إستغرب تشرتشل وقال للشرطي ألا تعرفني انا رئيس الوزراء! قال له الشرطي : وأنا القانون !، فالقانون لايعرف رئيس الوزراء ! فإذا كنت مستعجلا كان عليك أن تخرج قبل خمسة دقائق ! . هز تشرتشل براسه وقال :" الآن تأكدت أن بريطانيا ستكسب الحرب ".وفعلا كسبت الحروب وليس حربا واحدة ويقصد أن كل مسؤول ، مخلص في عمله ، لا فرق بين كبير و صغير ولا محاباة عند القانون ! وهو أهم شرط من شروط الديمقراطية المساواة أمام القانون . مقابلها أسرد حادثة وقعت لي في بغداد ، عبرت جسر باب المعظم الى جانب الكرخ ، نهاية الجسر ، في الجزرة المقابلة وقف شرطي وضوء أحمر في الاشارة الضوئية ، وكنت أول سيارة من الجهة اليسرى ، وإذا بسيارة تضرب منبه يريد الاجتياز ، تأكدت من الضوء الاحمر انه لا زال مفتوح ونظرت الى الشرطي ، لم يتكلم ، إشتد صوت المنبه ولاحظته من المر آت ، شخص " معكل" يركب آخر موديل من سيارة مرسيدس بيضاء ، تقدم الي الشرطي وطلب مني أن أفسح له المجال ليجتاز ، إجتاز مع الاشارة الحمراء و بحالة عصبية وبشحطة! !قوية في السيارة مع دردمة! ربما كانت شتيمة ، بعد ما مر قلت للشرطي ما هذا ؟ هز كتفيه وسكت !! وكان لسان حال الشرطي يقول إنه تكريتي !! قارنوا خصوصيتنا وخصوصيتهم !!
*أحدهم في ألمانيا ، طبعا غير ألماني أصيل ، كان يسوق سيارته ليلا وصل الى الاشارة الضوئية الحمراء تلفت يمينا ويسارا فلم يجد أحدا فإجتاز الاشارة ، وبعد نصف ساعة طرق شرطي على بابه وقال : لماذا تجاوزت الاشارة الحمراء؟ تبسمر صاحبنا في مكانه لا خوفا ولكن دهشةً كيف عرف الشرطي ذلك ، وعندما سأله قال له الشرطي :" إمراة رأتك من بعيد وأخبرتنا "!! إنه حرص على النظام العام، أما نحن فنسمي هذه المرأة بالمشاغبة بل وبالجاسوسة !! من أسس الديمقراطية كل فرد مسؤول عن حفظ النظام بقدر تعلق الامر به . *في السويد لايوجد أي لقب يسبق أي إسم ،فعندما يخاطب شخص ما رئيس الوزراء أو عميد كلية أو طبيب في العيادة أو المحامي في مكتبه إنما يخاطبه بإسمه المجرد ولا حتى باسم العائلة كما تخاطب منظف الشوارع، ،أما نحن نسميها قلة إحترام وهم يعتبرونها لا داعي للتكلف الذي لا موجب له !! من مظاهر الديمقراطية التواضع وعدم التعالي على الغير . * وكذلك في السويد مناطق وقوف الباصاب عبارةعن غرف صغيرة من الزجاج وحتى السقوف من الزجاج أي كل جهة قطعة واحدة من الزجاج السميك !والجهة الامامية مفتوحة الى النصف غير مسموح فيها التدخين ، لا أحد يدخن داخلها حتى إذا كان لوحده ، هم يعتبرونها المحافظة على الصحة أو عدم إ زعاج الغير وعندنا نقول " شدعوه هالنزاكه !!" من شروط الديمقراطية المحافظة على البيئة النظيفة ، وحرية الشخص تنتهي عندما تبدأ حرية الغير .
*وموضوع آخر، صدق أولا تصدق ! إمتحانات اللغة السويدية للمرحلة الثانوية في جميع أنحاء السويد موحدة الى هنا ليس هناك في الامر غرابة ،وحتى في العراق موحدة أيضا ، ولكن الغرابة والدهشة هنا ، أنها لاتجرى في يوم واحد !! بل في أيام متفاوتة متتالية !بشرط الا تنتقل الاسئلة من شخص بل من صديق الى آخر يؤدي نفس الامتحان في نفس الاسئلة!! طبيبة عراقية مقبلة على نفس الامتحان - لأن كل من يريد أن يعمل يجب أن يجتاز هذا الامتحان - هذه الطبيبة طلبت من أبن أختها التلميذ الذي سبقها قبل ايام في نفس الامتحان ، طلبت منه الاسئلة أو ينوه عنها! قال لخالته:" خاله عيبْ ! شلون تريدينني أن أغش! هذا غش "! وعبثا حاولت أن يبين لها ملامح أو المواضيع التي شملتها الاسئلة دون جدوى ! ماذا نحن نسميه تصرف هذا التلميذ الامين على العلم والامانة، طبعا نسميه أناني وبخيل وقلة إحترام لخالته الدكتورة !!، وهم يعتبرونه الامين النجيب يخدم العلم ، وبعكسه يعتبر غش وإحتيال و سرقة معلومات !ولا أحد من السويدين يسأل مثل هذا السوآل من صديقه أو حتى من شقيقه ! والفضل كل الفضل يعود الى التربية الصحيحة التي يربون بها الجيل الناشئ ، وهذه أولى دروس الديمقراطية .
فقلت هذه الكلمات عن السويد :
بوركت ِ يا سويد ! أرض الماء والخضراء والوجه الحسنِ ِ! بوركتِ يا سويد أرض السلام ، لا الحروب ولا الفتنِ ِ! بوركتِ يا سويد متى يكون مثلها بلدي ووطنيِ .. !!
=====================
#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكيانات السياسية ... وتشكيل الحكومة الجديدة
-
الاحلام في زمن صدّام...كلام في المنام
-
!!يقسمون.ويعرفون....ثم ويحرفون
-
وفروا الارزاق..قبل توزيع الاوراق..!!
-
الصحافة في الزمن الصعب... حوار مع نكره
-
هذه - الروبوتات- البشرية كيف نفككها ..!
-
كسر الحاجز الصعب..!
-
بين ..بيل غيتس.. والجعفري..!!
-
الى عمرو موسى ومساعديه..الشبكة ممزقة والطُعم فاسد !!!..
-
لولا النار والشيطان.. لما إحتل الجعفري هذا المكان..!!
-
الى السيدالرئيس ..مام جلال ،..ثمّ إغسل يديك مثل ما فعل -بيلا
...
-
!! لنا ..الدنيا ولكم الآخرة
-
قصيدة :أطفال العراق في العيد
-
قصيدة: شعب العراق إنهض!!
-
[2].....الدستور الشريعة
-
الدستور..والشريعة
-
قصيدة - أسفي على عراقِ
-
حقوق المرأة ...منوأد البنات ..الى وأد الحريات..!!
-
الماركسية.. خدمت الانسانية أكثر من أي مبدء آخر
-
الديقراطية..من يعارضها ويحاربها .. ولماذا ؟
المزيد.....
-
الجمهوري أرنولد شوارزنيجر يعلن دعمه للديمقراطية كامالا هاريس
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل
-
كوريا الشمالية: تصرفات الولايات المتحدة أكبر خطر على الأمن ا
...
-
شاهد.. ترامب يصل إلى ولاية ويسكونسن على متن شاحنة قمامة
-
-حزب الله- ينفذ 32 عملية ضد إسرائيل في أقل من 24 ساعة
-
بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى التجديد العاجل للخدمات الم
...
-
وسائل إعلام: تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار بين إسرائ
...
-
وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل (صور)
-
إعصار كونغ-ري يقترب من تايوان والسلطات تجلي عشرات الآلاف وسط
...
-
ما هي ملامح الدبلوماسية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|