علي عامر
الحوار المتمدن-العدد: 5254 - 2016 / 8 / 14 - 15:33
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الأصدقاء الماديين للجدل الهيجلي.
بيان وتوضيح الموقف الماركسي الصحيح من الجدل الهيجلي:
(الأصدقاء الماديين للجدل الهيجلي)
* تنقسم التيارات الماركسية حسب موقفها من الجدل الهيجلي الى ثلاث تيارات لا يوجد رابع لها:
ا- تبني الجدل الهيجلي كما هو, بصيغته المثالية, ومصطلحاته الصوفيّة, وتهميش النقد الماركسي المادي له, وبالتالي الوقوع في فخ التناقض بين تبني منهج ديالكتيكي ثوري واستنتاجات مثاليّة رجعية.
ب- القطع مع الجدل الهيجلي, والإعتقاد بأنّ ماركس أنشأ منهجا كاملاً اسمه المنهج المادي الجدلي, وهذا المنهج يختلف تماماً عن المنهج الهيجلي, ولا يمت له بصلة.
ج- الفصل و الوصل معاً, نقد الجانب الصوفي من هيجل, وتبني الجانب الجوهري من منهجه, واحياءه في وسط مادي, وهو موقف لينين, وهو الموقف الماركسي السليم.
أنا أنتمي للتيار الثالث, وهو تيار يحقق ويخلص لوصية لينين الأخيرة, حين دعا إلى ضرورة تشكيل رابطة الأصدقاء الماديين للجدل الهيجلي, لذا أنا أنتمي لفكرة لينين, أنا لينيني في موقفي من الجدل الهيجلي.
* ملحوظة لا بد منها:
حين نتكلم عن المنهج الهيجلي, فنحن نتكلم عن الجدل الهيجلي, وهو نفسه منطق هيجل, وهو ما اشتهر باسم الديالكتيك.
فمنهج هيجل معروف اصطلاحاً باسم الديالكتيك.
* شواهد على صحة الموقف أعلاه من الجدل الهيجلي, شواهد من آباء الماركسية.
١ "كان ماركس وانجلس يريان في جدل هيجل أوسع مذهب من مذاهب التطور, وأوفرها مضموناً وأشدها عمقاً, وأثمن اكتساب حققته الفلسفة الكلاسيية الألمانية, وكانت أية **صيغة أخرى** لمبدأ التطور تتراءى لهما وحيدة الجانب, فقيرة المضمون, نشوه وتفسد السير الواقعي للتطور, في الطبيعة والمجتمع"
لينين- الأعمال المختارة- المجلد الثالث- ماركس انجلس والماركسية."
٢ "إن الاطار المثالي الذي غلّف الجدل الهيجلي, لم يمنع هذا الرجل مطلقاً من أن يكون أول من عرض الصورة العامة للجدل بطريقة واعية وشاملة"
ماركس.
٣ "لقد ألقيت في البحر بنظرية الربح التي ظهرت حتى الآن, أمّا من حيث المنهج فقد عدت من جديد وألقيت بنظرة سريعة على منطق هيجل الذي خدمني خدمة كبرى".
ماركس في رسالة لانجلس.
٤ "من المستحيل أن نستغني عن هيجل, فهو ملحمة جدلية"
انجلس في رسالة الى شمت.
٥ "لينين في سنوات التحضير للثورة, يعد نفسه فلسفياً, فينقطع ثلاث سنوات في مكتبة بيرن بسويسرا, ويعكف على قراءة مؤلفات هيجل, ويقف طويلاً عند المنطق الكبير, يلخص ويشرح ويعلق, ثم يقرأ ما كتبه الشراح والنقاد مثل: سترلنج, ومكتجارت, وبيلي وغيرهم..., ويخرج في النهاية بنتيجة فادها: يستحيل استحالة قاطعة أن نفهم رأس المال لماركس, لا سيما الفصل الأول منه, ما لم ندرس منطق هيجل ونفهمه بأكمله, ولهذا السبب فقد مضى نصف قرن من الزمان ولم يفهم ماركس واحد من الماركسيين!!!!!!!!!!!!!!"
٦ "دعوة لينين لاقامة قاعدة فلسفية راسخة وصلبة ويرى أنه ما لم يتحقق ذلك, فإن العلم الطبيعي والمذهب المادي, لن يستطيعا الصمود في نضالهما ضد هجمات الأفكار البرجوازية المتلاحقة".... "ليس من سبيل الى تحقيق هذه الغاية, الا اذا تجمع المثقفون والمفكرون والكتاب, وتضافرت جهودهم للقيام بدراسة جادة وواعية للجدل الهيجلي, وتفسيره تفسيراً مادياً, ذلك الجدل الذي طبقه ماركس, عملياً في كتابه رأس المال, وفي مؤلفاته السياسية والتاريخية"
لينين- مجلة تحت راية الماركسية- مارس ١٩٢٢ وصية لينين الفلسفية.
٧ دعوة لينين في نفس المقالة أعلاه الى ضرورة الدعاية للجدل الهيجلي.
٨ "إذ لا بد أن ندعم الجدل الهيجلي من كل الجوانب, فنقوم بنشر مقتطفات متنوعة من مؤلفات هيجل الرئيسية, ونفسرها تفسيراً مادياً ونشرحها مستعينين بأمثلة من الطريقة التي طبق بها ماركس الجدل, ومستعينين كذلك بشواهد من ميدان العلاقات الاقتصادية والسياسية"
لينين- نفس المصدر أعلاه.
٩ "وفي اعتقادي أن جماعة المحررين والمساهمين في مجلة -تحت راية الماركسية- يجب أن ينظموا صفوفهم في جماعة تحمل اسم "الاصدقاء الماديين للجدل الهيجلي"".
10- جميعهم يقولون عن أنفسهم ماركسيين, ولكنّهم يفهمون الماركسية بأكثر ما يمكن من الحذلقة. إنهم لم يفهموا قط ما هو أساسي في الماركسية, وهو ديالكتيكها الثوري"
لينين- الرسائل والمقالات الاخيرة – حول ثورتنا , بصدد مذكرات سوخانوف.
بالاضافة الى عدد كبير من الشواهد.
تكمن المشكلة بالتحديد, في كون الاستشهاد والاقتباس من ماركس أو انجلس أو لينين وغيرهم, بخصوص العلاقة العضوية للجدل الهيجلي والمخرجات النظرية الماركسية, غير كاف من الناحية المنهجية والاستدلالية والتحققية والبرهانية على إقامة الدليل القاطع على تلك العلاقة, فكون ماركس قال كذا عن هيجل, أو لينين قال كذا, غير كافٍ لإقامة البرهان والدليل القاطع, على جوهرية المنهج الهيجلي في تفكير ماركس.
لذا انطلقت منذ عدة أشهرٌ, بمشروع لا يخلو من التحديّات والصعوبة والمتعة والشرف, جوهره الاثبات البرهاني, على جوهرية وأصالة المنهج الهيجلي في فكر كارل ماركس, دون إغفال دور ماركس وانجلس التاريخي, في نزع القشرة الصوفية عن المنهج الهيجلي, وإحياءه في وسطه المادي الحيّ, و لإتمام هذه المهمة, كان لا بد من طرق باب من أبواب البحث والدراسة والتحليل, لم يطرق إلى حد الآن, بحدود علمي, ومضمون هذا الباب, هو استشفاف واستنباط المنهج الهيجلي, من نصوص كارل ماركس, وبالتحديد, من أكمل نصوصه وهو كتاب رأس المال, وتقوم فرضية المشروع على أنّ ماركس لم يتأثر بفكر هيجل ومنهجه, كما أنه لم يقطع معه, كما أنه لم ينتق منه و يختار ما يناسبه, بل تبناه تبنياً كاملاً, شكلاً ومضموناً, بمقولاته الفلسفية البحتة, والأهم بتسلسل تلك المقولات, وبطريقة تسلسلها, وطريقة استنباطها, حتى أنّه في بعض الأحيان, تبرز لغة هيجل كما هي في نصوص ماركس.
أعتقد أنّ إتمام هذا المشروع, يعني الحسم القاطع والبت النهائي, في هذا الخلاف التاريخي, بين المدارس والتيارات الماركسية, وخاصة فيما يتعلق بموقفها من هيجل وعلاقته بماركس.
أقوم بنشر هذا المشروع على حلقات, (لم تكتمل بعد), في موقع الحوار المتمدن, نظراً لنشاط هذا الموقع وحيويته, واتساع قاعدة زواره, وعنونت هذا السلسلة من الحلقات بعنوان, (الجدل الهيجلي في مؤلف رأس المال).
وبجانب هذه السلسلة المعنية بالتحديد في استخلاص الجدل الهيجلي من متن رأس المال, واثبات العلاقة العضوية والجوهرية لجدل هيجل في فكر كارل ماركس, أقوم بنشر سلسلة بعنوان (على هامش رأس المال), وهي تعرض لبعض أفكار ماركس في رأس المال, دون أن تتطرق لقضية الجدل الهيجلي, حيث خرجت هذه السلسلة بدافع ضرورة المشروع الأكبر, ووجدتها ضرورية لمساندة المشروع الأساسي ودعمه.
لماذا التأكيد على جوهرية الجدل الهيجلي؟
1- للإنصاف العلمي والتاريخي والأمانة العلمية والتاريخية.
2- لأنّه لا يمكن فهم ماركس دون فهم المنهج الهيجلي وهضمه واستيعابه, فالثاني أساس للأول, وهذا ما يؤكده ماركس نفسه, ولينين أيضاً.
3- لأننا نعتقد أنّ بعض الخلافات النظرية التاريخية بين الماركسيين العرب, وخصوصاً حول قضية الطبقية والقومية, أو قضية الخاص والعام في الماركسية, وإشكالية كيف نقدم ماركسية عربية محليّة, نعتقد أنّه لا يمكن حل هذه الخلافات باللجوء إلى انتاجات ماركس وحده, فما قدمه ماركس هو تطبيق للديالكتيك في مجال الاقتصاد السياسي, ولا يمكن إبداع وجهات نظر جديدة, أو صيغ محليّة عربية للماركسية, دون الرجوع إلى رأس النبع, إلى جوهر الفكر الماركسي, إلى الديالكتيك, والذي هو لا شيء إلّا منهج هيجل.
4- لأننا نؤمن بضرورة تعريب الفلسفة, و تعليم اللغة العربية التفلسف, أي تعليم وتطوير اللغة العربية لتتكلم بلسان الفلسفة والعقل والمنطق, لذا فإنّ نشر منتجات هيجل الفلسفية, تصب أيضاً في هذا المشروع العام.
5- لأننا نؤمن بضرورة الفلسفة والفكر والخيال والإبداع كأسس عقلية لنهضة عربية طال انتظارها.
6- لأننا نؤمن أن نهضة العرب, والشعوب المقهورة, في ظل النظام الرأسمالي, بأشكاله وتطوراته الداخلية المختلفة, لن تحدث بمعزل عن النظرية الماركسية العلمية, في تفسير الواقع, ووضع برنامج علمي لتغييره.
في الخلاصة, فنحن لا نجبر احداً على تبني موقفنا من الجدل الهيجلي, وهو الموقف الذي نعتقد بفرادة صحته وسلامته, بعد التحقق والدرس, ولكننا نطلب وندعو كل النقاد والرفاق والمهتمين الى ضرورة الاضطلاع على هيجل من خلال هيجل, من خلال نصوص هيجل نفسه, وأن لا يرهقوا عقولهم بالمعلقين والمترجمين والنقاد والأنصار. فلا يحق لأحد أن يبني حكمه على هيجل من خلال بعض الاراء عنه. وهنا اضم صوتي لصوت حاتم بشر, في ضرورة تعميم هذه الدعوة عربيا, علماً أننا مستعدين للقتال حتى آخر رمق, حتى نثبت صحة موقفنا, والذي هو ليس بالموقف الترف أبداً, بل نحن نراها ضرورة جوهرية في نهضة وتحرير العالم العربي وجموع المقهورين في العالم.
لا بد أن أعيد الفضل هنا, لهذا المشروع الذي أعمل عليه حالياً, للرفيق حاتم بشر, وإن كنت أنا من قام بالمهمة, إلّا أنّ فكرة المشروع نفسها, كانت فكرة لحاتم بدايةً, همس بها لي منذ زمن ليس ببعيد, كما أعيد الفضل له أيضاً في تذليل كثير من العقبات المنهجية, وفي كرمه في شرح بعض المعضلات الفلسفية التي تواجهني.
وها قد مضى أكثر من قرنٍ من الزمان, ولم يفهم ماركس أحد من الماركسيين.
علي عامر
الأصدقاء الماديين للجدل الهيجلي.
#علي_عامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟