|
هل عرفت مصر القديمة ألعاب القوى؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5254 - 2016 / 8 / 14 - 01:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فى كتاب شيق بعنوان (الرياضيات والألعاب فى مصر القديمة) تأليف عالم المصريات الألمانى ولفجانج ديكير، الذى ذكر فى المقدمة ((تحتل مصر القديمة موقع الصدارة بين الحضارات المُبكــّـرة فى فجر الإنسانية بفضل الآثار الوفيرة من الصور والكتابات التى خلــّـفتها لنا. وبين هذه الآثار نجد أدلة قوية على أنّ الرياضة قامتْ لدى المصريين القدماء كظاهرة ثقافية ، ففى مصر لعبتْ الرياضة - ولأول مرة فى التاريخ - دورًا خطيرًا على المستوييْن الاجتماعى والسياسى. وقد استمرّ البحث فى الرياضة فى اليونان القديمة يُعتــّـم لمدة طويلة على دراسة الرياضة فى مصر الفرعونية. ومع ذلك مهّدتْ النتائج التى توصّـل إليها البحث فى الآونة الأخيرة فى ميادين علم المصريات الطريق نحو تناول الرياضة المصرية من منظور مُـتداخل الأنساق ، وفى نهاية المطاف للوفاء بحقها الذى تستحقه)) وأضاف ((توجّهتْ الرياضة فى مصر القديمة بصفتها نسقــًا بصورة أساسية نحو مؤيديها من جانب ونحو أنساق الرياضيات المُـتنوّعة من جانب آخر. وأرى أنّ مهمتى لا تزيد عن إقامة الدليل على أنّ المجتمع المصرى القديم عرف للرياضة وظيفتها. وفى نفس الوقت شاع إهتمام واسع ومُـتزايد يسبّر أغوار حضارة مصر القديمة. ورحلات علماء الآثار والمصريات إلى وادى النيل. والافتتان بالثقافة المصرية القديمة فى معارض الآثار الضخمة فى السنوات الأخيرة. وكل هذا بسبب التقدم الذى حققه علم المصريات، الذى جاءتْ بداياته على أيدى العالم الفرنسى شامبليون)) (عرض الراحل الجليل بيومى قنديل للكتاب، وهذا العرض لم ينشر وعثرتُ عليه فى مكتبتى ومضروب على الآلة الكاتبة) وللتوضيح – خشية الوقوع فى أى لبس- ذكر المؤلف أنّ كلمة الرياضة كلمة حديثة. وكان استخدامها لأول مرة فى اللغة الإنجليزية عام 1440. والكلمة مُـشتقة من فعل desporter الذى عرفته اللغة الفرنسية فى مرحلتها الوسيطة وهو فعل يعود بجذوره إلى فعل deportare فى اللغة اللاتينية المُـتأخرة ويعنى (يتسلى) ولم تظهر فى اللغة الألمانية قبل عام 1828. بينما اللغة المصرية القديمة عرفتْ كلمات تـُشير بصفة جزئية إلى الظاهرة التى يُناقشها الكتاب. بل وتعرف مصطلحًـا عامًا يقترب معناه من الكلمة الإنجليزية وعلى غرار ما درج عليه من استخدام كلمة sport وكان المعنى فى مصر القديمة يشمل الصيد ، خاصة وأنّ الصيد فى مصر القديمة يُشكــّـل جزءًا لا يتجزأ من المفهوم المصرى للرياضة. ولكى نصف الرياضيات فى عصور مصر القديمة، وهى عصور تمتد لقرابة ثلاثة آلاف سنة، يجب مناقشة أحد مظاهر الحياة المصرية القديمة، وهو مظهر يبدو فى بعض الأحيان موافقــًا لما لدينا (يقصد فى أورويا) وأحيانـًا أخرى مغايرًا له. لقد بزغتْ حضارة مصر لدى مطلع الألف الثالث قبل الميلاد بإنشاء دولة مُـنظــّمة فى وادى النيل. وجرى استعمال الخط الهيروغليفى الذى اخترعه المصريون فى نفس الوقت على وجه التقريب، كى يخدم هذه الدولة التى استمرّتْ عزيزة منيعة دون انقطاع حتى فقدتْ سيادتها فى نهاية المطاف بالغزو اليونانى بقيادة الإسكندر الأكبر (332ق.م) ويُصبح هذا الاستمرار الزمنى الطويل الذى يكاد يستعصى على التصور أكثر قابلية للفهم لدى مقارنته بفترة أخرى من تاريخ الرياضة. فالألعاب الأوليمبية الحديثة التى تعد دون منازع حدث عالمى فى دنيا الرياضيات المعاصرة، لم تستمر حتى الآن سوى أقل من مائة عام، وهذا عمر قصير إذا ما قورن بالحياة المديدة بل والمهيبة للرياضيات فى مصر القديمة. أما الألعاب الأوليمبية فى العصور الكلاسيكية فاستمرّتْ ما يقرب من ألف ومائتى سنة فقط اعتبارًا من عام 776ق.م حتى تمّ تحريم هذه الألعاب بصقتها طقوسًا (وثنية) مع نهاية القرن الرابع (الميلادى) على وجه التقريب. بينما الألعاب الرياضية استمرّتْ ثلاثة آلاف سنة دون انقطاع فى ظل الثقافة المصرية. وفى أواخر تلك الحقبة الرياضية التى عرفها وادى النيل تعرّضتْ مصر لنفوذ الثقافة الرياضية الدافقة بالحياة للعصر اليونانى – الرومانى، تلك الثقافة التى نقف على دقائقها بفضل الحفاظ على لفائف البردى. ولكننى (والكلام للمؤلف الألمانى) لن أتناول هذا التحول، وسوف أقصر دراستى على الأسر الواحدة والثلاثين لمصر القديمة. وفى فصل بعنوان (رياضات الأفراد) قال العالم الألمانى ((إذا ما تطلــّعنا إلى ما وراء دائرة الملوك حيث تقصر العقيدة الملكية الألعاب على بضعة أنساق محدودة تتفق والمكانة الاجتماعية لمؤديها من الملوك (الجرى الطقوسى، الرماية بالسهام، سباق العجلات الحربية أو الحناطير والصيد) فإننا نــُلاحظ أنّ حياة الأفراد من المصريين العاديين تنطوى على نطاق عريض بصورة ملحوظة من الرياضيات ، وهو الأمر الذى يسمح لنا بتقييم مدى الشعبية التى بلغتها هذه الرياضيات كوسائل لقضاء وقت الفراغ. ونستمد أدلتنا بصفة رئيسية على وجود تلك الرياضيات التى مارسها الأفراد من الاكتشافات الوفيرة التى عثر عليها المُـنقــّبون عن الآثار فى مقابر الأرستقراطية، تلك المقابر التى استطاعتْ غرفها الحجرية أنْ تـُقاوم عوادى الزمن بشكل أفضل من الجبانات المُـتواضعة للمصريين العاديين الذين ينتمون للطبقات الأدنى، إذْ تبعث إلينا مشاهد الحياة اليومية التى نـُقابلها مرسومة على جدران المقابر تلك البيئة الأرستقراطية التى قضى فيها المُـتوفى حياته. وهنا تـُمثل الرياضيات عنصرًا بين عناصر شتى كانت تـُبعد الحزن عن أفئدتهم وتبعث فيها السرور. ويبدو أنّ ذوق الأرستقراطى هو الذى يقف وراء رسم كل هذه المشاهد التى خلفتها لنا المملكة الوسيطة للمصارعة فى مقابر (بنى حسن) بالمنيا. وبعد ذلك عرض العالم الألمانى الألعاب الرياضية التى كان الأفراد العاديون يُمارسونها. الجرى : ذكر المؤلف فى بداية هذا الفصل أنه إذا ما استبعدنا وقائع الاحتفال باليوبيل الملكى الذى ينطوى على مغزى غاية فى الاختلاف عن التقاليد اليونانية، فإننا لا نـُقابل فى تاريخ مصر ما يُشبه من قريب أو بعيد مثل هذه السيادة للجرى على مختلف الرياضات، ولو أننا نـُصادف كثيرًا من الصور تـُمثل رجال فرق المشاة أثناء ممارسة رياضة الجرى. وتعود هذه الصور إلى الأسرة 18. وكان الجنود يفوزون باللقب الشرفى (العدّاء السريع) وأشارتْ بعض النصوص إلى أنّ هذا اللقب حازوه فى إطار مسابقة شاركوا فيها. وهو الأمر الذى يُسوّغ أنْ نستنتج أنّ مثل هذه المسابقات كانت معروفة فى الممارسة العملية بصورة أكثر شيوعًا مما تـُشير إليه الأدلة المُـتوفرة تحت أيدينا. وكذلك نستنتج من (البرديات) عن الرسل المصريين أنهم كانوا على نحو جلى عدّائين على جانب عالٍ من الدربة والمران ومُـتمرسين بشكل حاذق فى أداء دورهم الخاص بنقل الرسائل الخطيرة من وإلى مصر. وقد اكتشف علماء الآثار النصب الحجرى الذى كان يُواجه فى الأصل طريقــًا قديمًا يبدأ على وجه الترجيح من (منف) كى يصل إلى واحة الفيوم. ويرجع هذا النصب التذكارى إلى حكم الملك طا- هر- كا (690- 664ق.م) وقد يعود بشكل أكثر تحديدًا إلى الفترة من 6 كياك/ ديسمبر685و5 طوبه/ يناير684ق.م ومعروف أنّ الأسرة 25 التى يرجع إليها هذا النصب تنحدر من أصول نوبية. وقد اعتاد البعض اقتفاء أثر مُضلــّـل خطه هيرودوت أنْ يُشيروا إلى ملوك هذه الأسرة بصفتهم أثيوبيين، وهو الأمر الذى نرى لزامًا علينا (والكلام للعالم الألمانى) أنْ نـُحاول تفادى التداعيات التى نشأتْ عن هذا الزعم الزائف. وفى هذا النص وُجدتْ الكتابة التالية ((السنة السادسة- الشهر الثالث من فصل (شمو) تحت حكم جلالة الملك حورس عظيم البهاء، حورس المملكتيْن، حورس الذهبى الذى يحمى الأرضيْن، ملك مصر العليا ومصر السفلى. ابن الشمس طا- هر- كا الذى تـُحبه (باستيت) أمر جلالته بإقامة عموده عند ظهر الصحراء الغربية غربى القصر الملكى، ويكون اسم العمود تمرين الجرى لجيش ابن الشمس. وأمر جلالته أنْ يؤدى جيشه عدوًا يوميًا على خمسة أقسام)) وكان الملك بشخصه على عجلته يُلهم العدّائين من أبناء جيشه. وجرى معهم فى صحراء (منف) وبعد انتهاء العدو كافأهم بأشياء ثمينة. وكان تعليق العالم الألمانى أنّ هذا النص يكشف أنّ مصر عرفتْ أعراف منح الجوائز المُـختلفة لمستويات الأداء المُـختلفة فى مسابقات الجرى. ويُقدّم دليلا دامغـًا على وجود مسابقة مصرية للجرى. مع ملاحظة وجود تدريب يومى على الجرى. القفز: فى البداية اعترف المؤلف أنّ مصر لم تعرف القفز إلاّ لمامًا. وأنه اعتمد على لوحتيْن تبيّن منهما أنهما تدريب على القفز. واللوحتان موجودتان بمقابر سقارة وإحداهما بمقبرة الوزير بتـّـاح – حتب التى ترجع إلى نهاية الأسرة الخامسة (2465ق.م) أما الأخرى فموجودة فى موقع زميله (ميرى- روكا) وظلــّتْ اللوحة الثانية بمثابة لغز مُحيّر، حتى تذكــّر باحث مصرى معاصر فى مجال الآثار لعبة كان يلعبها فى صباه. وعندما أيقن أنّ الولديْن اللذيْن تصورهما اللوحة، الواحد فوق الآخر، وينظران فى نفس الاتجاه. وأنهما يشكلان زوجـًا يواجه فيه الواحد الآخر. ويقومان كحاجز سوف يقفز فوقه ولد ثالث. ويقوم فى إطار اللعبة الولدان الجالسان بتصعيب مهمة القافز بصورة متزايدة برفع يديهما المفرودتيْن شيئـًا فشيئـًا. ولما كان الولدان الجالسان يرفعان رجليهما أيضًا فإنّ اللعبة تجمع- كما هو واضح- بين القفز الطويل والقفز العالى. وتمدنا مقبرة (ميرى- روكا) بسلسلة تضم ثلاثة عدّائين قفــّازين. بينما مقبرة (بتــّـاح – حتب) تـُظهر لنا لاعبًا واحدًا وهو يستعد للقفز. وعرف المصريون هذه اللعبة باسم (الولد فى الغيط) وتبدو هذه اللعبة أشبه بلعبة الأطفال المعروفة فى الوقت الحاضر باسم (قفز الضفادع) وكشفتْ مقبرتان من مقابر (بنى حسن) بالمنيا عن نسق القفز عاليًا من الوضع واقفـًا تؤديه سيدة تثنى رجليها إلى الخلف. ونـُشاهد فى المنظر حركة مُـقسّمة إلى مراحل مُـتعاقبة، الأمر الذى يُعطى إحساسًا بوجود سياق سيماتوجرافى. كما أنّ قصة (الأمير المحكوم عليه بالموت) فيها دليل آخر على أنّ مصر القديمة عرفتْ مسابقات القفز العالى. رياضة النزال : 1- المصارعة : أشار المؤلف فى هذا الباب إلى أنّ الشرق الأدنى عرف المصارعة والملاكمة منذ مطلع الألف الثالث ق.م ويبدو أنّ هاتيْن الرياضتيْن قد اتسمتا بخشونة فى اليونان وهو الأمر الذى حاولتْ رسومات الفريسكو الناعمة أنْ توحى بعكسها، إذْ يصف هومير فى الفصل 23من الياذته مباريات الملاكمة والمصارعة التى جرتْ خلال الألعاب الجنائزية التى أقيمت تكريمًا ل (باتروكليس) بأنها أحداث دموية تنتهى بمصرع الملاكم المهزوم. وجدير بالملاحظة (والكلام للعالم الألمانى) أننا لا نجد العنف الإغريقى الذى ينتهى بعاهة مستديمة نظيرًا له فى مصر. وتكشف لنا الوثائق المصرية ثلاثة أنواع من رياضة النزال منها المصارعة. واعتبارًا من بدايات التاريخ فى مطلع الألف الأول حتى نهاية المملكة الحديثة فى القرن 11 ق.م نـُقابل رسومًا مُـتعدّدة للمصارعين على أساس زوجى وقد وعاها لنا التاريخ، الأمر الذى يوحى بإرتقاء نسق المصارعة إلى مكانة عالية لدى المصريين. وأقدم صورة للمصارعة نجدها فيما يُسمى (صلاية المدن) التى ترجع إلى عصرتوحيد المملكتيْن. وتـُقدّم اللقطات الست لمباراة المصارعة التى وجدناها مرسومة فى مقبرة بتـّـاح – حتب. حيث نـُشاهد ابن بتاح وهو يصارع قرينـًا له شابًا يناهزه فى العمر. وتـُشير ضفائر المصارعيْن المُرسلة بروح الشباب إلى أنهما كانا فى ريعان الصبا. وذكر المؤلف أنّ الدهشة تستولى علينا كلما أمعنا النظر فى التطويحات الجسورة التى تبادلها المصارعان. وقد سمحتْ القواعد فى ذلك الحين للاعب أنْ يمسك خصمه من أى جزء من جسده. وهو الأمر الذى استمر ساريًا فى المصارعة اليونانية. وبالتالى فهذا النوع من المصارعة يُشبه ما نعرفه اليوم ب (المصارعة الحرة) 2- التحطيب : اكتسبتْ رياضة التحطيب أو (المُعايصة) من العصا على وزن (المسايفة) من السيف على شعبية واسعة خلال الدولة الحديثة. حيث رآها المصريون القدماء قريبة الشبه بالمصارعة. مع ملاحظة أنّ المصريين مالوا باستمرار إلى تضمين اللعبتيْن (التحطيب والمصارعة) فى برامجهم الرياضية، فضلا عن ظهور اللعبتيْن فى الصورة المرسومة أمام ضريح تحوت- موس الثالث الذى يضم تمثاله، وهى صورة تعد تمثيلا لمسابقة دولية تحت شرفة الفـُرجة التى كان رمسيس الثالث يطل منها. وفى مقبرة (تجانونى) مشهدًا للمصارعة حمل فيها اللاعبون الثلاثة العصى ، الأمر الذى ينطوى على ازدواج صفتهم ، فكانوا يلعبون كمصارعين كما يشتركون فى لعبة التحطيب. وعلى نفس المنوال نـُشاهد النسقيْن مرسوميْن على عمود العمارنة الحجرى الذى يحمل رسمًا نرى فيه المصارعين النوبيين. 3- الملاكمة : تـُعد الملاكمة رياضة النزال الثالثة التى عرفتها مصر القديمة. ولكننا لم نهتد (والكلام للعالم الألمانى) حتى الآن إلاّ على دليل واحد عليها ، وهو الدليل الذى نراه فى مقبرة (خير- داف) حيث ينضم ملاكمان إلى لاعبى تحطيب فى إطار طقسى نـُصب عمود (جد) رمز أوزير الحى. وجاء إقامة هذا الرمز خلال احتفال التجديد للملك المجيد حوتب الثالث. وهو احتفال شاركتْ فيه فنون الرقص والموسيقى ورياضة النزال. وتـُصوّر إحدى الشقف الفخار لاعب تحطيب يواجه مصارعًا. كذلك تم العثور على رسومات تصور لاعبى التحطيب كموتيف مُـفرد. وفى رسم منها يقف لاعبو التحطيب بالقرب من الملاكميْن. وذكر المؤلف أنه يمكن الوقوف على تقييم مقارن لرسومات التحطيب، ليس من خلال التعليقات التى صاحبتْ مختلف أنواع هذا النسق الرياضى فقط ، بل أيضًا وإلى درجة ما خلال ما يقوم به الباحثون من إعادة تكوين المباريات من الصور الناقصة فى الوقت الحاضر. فقبل بدء المباراة كان اللاعبون ينحنون للجمهور. وقبل بدء النزال كان اللاعبان يستعرضان سلاحيهما، بأنْ يجعلا طرفى عصاية كل منهما يتلامسان. وبعد هذا الطقس الاحتفالى يبدأ النزال. أى تبادل الضرب مع الخصم وتفادى ضرباته وترقيصه، بمعنى تضليله. ويستطيع المرء أنْ يتخيّـل كيف كان المشهد يتغيّر من حال إلى حال بسرعة فائقة مع استخدام العصى دون الطعن. وتـُعد مباريات المسايفة (من السيف) بين كافة أنواع لعبة الشيش المعاصرة أقرب مقابل للتحطيب. كان طبيعيًا أنْ يتجّه تفكير المصريين – فى سبيل وقاية أنفسهم من الضربات – إلى عدد كبير من الوسائل تتمثل إحداها فى لوح يشبه الدرع على ساعد الذراع. كما عرفوا وسائل شبيهة بالسيور الجلدية لتغطية الجبهة والذقن. ويرجع الفضل إلى نفاذ بصيرة البروفيسور Keel فى لفت الأنظار إلى منظر آخر من مناظر التحطيب فى مصر القديمة. وهذا المنظر نراه مرسومًا فى مقبرة (خونس) الأسرة 19 وهو عبارة عن مركب طقوسى للإله (مونت) وقد شـُـدّ إليه قارب من قوارب التجديف ويحمل القارب ما يُشبه الشمسية المعدنية. ويقف لاعبان من لاعبى التحطيب وهما مُـنخرطان فى اللعب. وهذا أمر مفهوم فى ضوء الحقيقة التى تقول أنّ (مونت) كان إله الحرب عند المصريين. ونستطيع من جانب آخر أنْ نـُقارن بين الباحة التى يُحدّدها سطح القارب حيث تدور المباراة وبين حلبة الملاكمة فى الوقت الحاضر. ورغم أهمية كتاب العالم الألمانى عن الرياضة فى مصر القديمة، فإنّ مترجم الكتاب الراحل الجليل بيومى قنديل اختلف معه فكتب ((غير أننى لم أملك نفسى من الاندهاش عندما وقعتْ عيناى بين المصادر غير المصرية للرياضة فى مصر القديمة على ما أسماه المؤلف ب (إسرائيل القديمة) فالإسرائيليون لم يظهروا على مسرح الشرق الأدنى القديم إلاّ فى وقت مُـتأخر، إذْ لا تتجاوز أقدم إشارة إليهم ألف عام فقط قبل الميلاد ، ودع عنك أساطيرهم وخرافاتهم تلك التى تركتْ أثرًا على ثقافة المنطقة لا يتناسب مع وجودهم التاريخى الهزيل. ولا أزال أقف حائرًا أمام هذه المُـفارقة الصارخة بين التاريخ والأسطورة فى هذا الشأن)) 000 اعتمدتُ على مخطوط مضروب على الآلة الكاتبة تركه معى الراحل الجليل بيومى قنديل ، عثرتُ عليه فى مكتبتى ، وهذا المخطوط عبارة عن عرض لكتاب العالم الألمانى، ولم يسبق نشره ، لذلك رأيتُ تلخيصه وفاءً لروح الصديق الغالى بيومى قنديل. ولكى يعرف أبناء شعبنا دور جدودنا فى مجال الألعاب الرياضية. أى أنّ جدودنا لم يبزغوا فى مجال العلوم الطبيعية والأدب والفكر فقط ، وإنما فى مجال الألعاب الرياضية أيضـًـا. وهكذا كان صديقى الراحل الجليل بيومى قنديل، يهتم بأى كتاب له علاقة بالحضارة المصرية. وعندما عرض الكتاب المذكور عن (الرياضيات والألعاب فى مصر القديمة) رفض أكثر من رئيس تحرير مجلة ثقافية (مصرية) نشر العرض، الذى ترك معى نسخة منه. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيدخل غير المسلمين الجنة ؟
-
هل كان زويل سيحقق طموحه العلمى لو بقى فى مصر؟
-
ما هدف عودة الخلافة الاسلامية ؟
-
لماذا يرتدى رئيس الدولة عباءة شيخ الأزهر؟
-
علم السعودية والدونية القومية
-
الحلم بمسرح مصرى عالمى
-
هل عرفت الحضارة المصرية المسرح؟
-
أبناء الجالية المصرية فى مصر
-
العروبيون ومزاعمهم الباطلة
-
رخصة فى القرآن يرفضها المسلمون
-
ما الحكمة من تشويه النبى إبراهيم ؟
-
لماذا يرفض العرب أنْ تحكمهم امرأة ؟
-
ما سر الخلاف بين السنة والشيعة حول زواج المتعة؟
-
ما سر تشابه الإسلاميين القدامى والمحدثين؟
-
هل يمكن التوفيق بين المرجعية الدينية والواقع المتغير؟
-
هل يمكن تطبيق الحدود الإسلامية فى العصر الديث ؟
-
رد على السيد (تونسى من تامزغا)
-
لماذا يقول متعلمونا (أندلس) ولا يقولون إسبانيا ؟
-
وقائع ما حدث بين صديقى وصديقته : قصة قصيرة
-
الدكتور محمد عنانى وترجماته
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|