|
ورقتي المقدمة في ندوة (( الشباب .. و تحديات المستقبل )) بالمنبر التقدمي
موسى راكان موسى
الحوار المتمدن-العدد: 5253 - 2016 / 8 / 13 - 20:06
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
للحضور تحية طيبة ، ذا البدء ، لقد كان من المحيّر بالنسبة لي كيفية إختصار [ في ورقتين تقريبا ] الحديث في المحور الطلابي ، لذا إرتأيت تناول نقاط معينة ؛ أجدها غائبة أو شبه غائبة عن الطرح العام في تناول هذا المحور ــ و هن : (عن ظاهرة الغش) ، (ضرورة هدم المؤسسات التعليمية الحكومية القائمة من الداخل و الخارج) ، (ضرورة إنشاء تكتلات تعليمية عمومية معاصرة) .
أولا ، عن ظاهرة الغش : الغش ليس مجرد حالات إستثنائية ، إذ أمسى ظاهرة إعتيادية ، بل إن الطالب الذي لا يمارس الغش أمسى هو الإستثناء ! . و بعيدا عن التنظير الأخلاقي الهرائي و بروباجندا إصلاح الذات ؛ التي تقدم تفاسير تضليلة تزيد من بؤس الطلبة على بؤسهم الذي دفعهم إلى الغش ــ فإن ظاهرة الغش تعبير عن (رفض للحالة التي الطالب هو فيها) ؛ و هذا الرفض لا يقتصر على المقرر الدراسي أو الإسلوب التعليمي ، أو حتى التخصص الذي تورّط به الطالب ، بل أنه ليمتد في أحايين كثيرة ليشمل وجوده الإجتماعي .
لكن ، و على الرغم من كون الغش تعبير عن (رفض للحالة التي الطالب هو فيها) إلا أن : * الطالب نفسه رغم سلوكه هذا المسلك (المعارض) ، إلا أنه يبقى مشوش الإدراك في (معارضته) ؛ إذ / # يجهل حقيقة معارضته ؛ حقيقة أنه معارض . # يجهل أن له الحق في المعارضة ؛ بالتالي لا عجب أن يجهل كيفية المعارضة . * هناك طرق أخرى للمعارضة يمكن للطالب و الطلبة أن يحققوا من خلالها مكاسب أفضل و أسلم من ممارسة الغش ؛ فالغش يحيل معارضتهم إلى عبث و شكل من أشكال العدم ــ و هذا يستلزم جهدا في تنوير الطلبة بحقوقهم ؛ و لا أعني بالحقوق هنا تلك التي تصرح بها ماكينة الإعلام المدرسي و الجامعي .
بعد هذا الحديث أعتقد أن في معرفتنا بأعداد الرافضين [ المعارضين ] من الطلبة ، بالنسبة إلى هذا التفسير الآخر لظاهرة الغش ، سيجعلنا متفائلين لا متشائمين ؛ فعلى الأقل فظاهرة الغش تخبرنا أن الطلبة لا يقبلون بهذا النظام التعليمي العام ، و كذلك غير راضيين عن واقع وجودهم الإجتماعي [ رغم صغر سنهم ! ؛ و هذا أفضل ما في الأمر ] .
ثانيا ، ضرورة هدم المؤسسات التعليمية الحكومية القائمة من الداخل و الخارج : لربما كلمة (هدم) تبدو غير مناسبة البتة ، فلتحل مكانها مثلا كلمة (إصلاح) أو (تغيير) أو (إعادة هيكلة) ، لكن مع بعض الصراحة سنجد أن كلمة (هدم) ليست فقط مناسبة ، لكنها أيضا التعبير الألطف عن فعل من الضروري القيام به تجاه مؤسسات لا تحتضن فحسب من الآفات ما يواكب التقدم في العلم و الأساليب التعليمية في العالم عكسيا ، بل هي ذاتها آفة خطيرة ؛ فأخطر ما في أمرها هو المظهر المحايد و المستقل الذي تبدو فيه بالنسبة للمجتمع ، دون أن ننسى صفة (الوطنية) الذي تتسمى به ــ لا أحد سيقول عن السجن بأنه كيان محايد و مستقل ، فحتى أعتى الفاشست لا يملك أن يجرأ على أن يطلق على السجن صفة (الوطنية) ، لكن المؤسسات التعليمية على العكس من ذلك ، على الرغم من أنها تقوم بمهمة قمعية كما السجن ، إلا أن نوعها يختلف . الحديث إلى هنا يبدو مفرط في مثاليته بعيدا كل البعد عن خصوصية الواقع المحلي ، لكن هذا ما يراد بمثل هذا الحديث أن ينظر له . عموما ، إن الهدم ليس بالمعنى الذي له علاقة بأعمال المقاولة ، بل المعنى الإجتماعي ؛ أي ما يتمحور حول النقد دون تحفظات ــ فهدم المؤسسات التعليمية الحكومية القائمة من الداخل و الخارج يتم بأشكال عدة منها : * تشكيل لجان طلابية على تواصل مع الجهات المعنية بوضع الحياة التعليمية ، و إمدادها بتقارير بشكل فصلي و سنوي ؛ أي التقارير الغير رسمية ، أو ما تسمى بتقارير الظل ، فمن خلال قوة الجهات المعنية يمكن الضغط على المؤسسات لتغيير وضع الحياة التعليمية بمشاركة طلابية . * التركيز على نوعية البيانات و المعلومات التي يجري التركيز عليها من طرف الإداريين و السلطويين في المؤسسات ، و التي من خلالها يمارس التضليل العام ؛ فهي لا تعكس حقيقة الحياة التعليمية . * تسليط الضوء على المعارف و العلوم التي يتم تداولها بالنسبة لمواكبتها للتقدم المعرفي و العلمي في العالم ، دون غض النظر عن الأساليب التعليمية التي يجري إتباعها ؛ و لا يكفي أن تكون المعارف و العلوم مواكبة ، أو أن الأساليب التعليمة حديثة ، بل مدى توافقها مع وضع الطلبة العام في تحصيلهم للمعرفة . * كسر إحتكار المعرفة ، فالمعرفة حق للجميع بلا أي إستثناء ؛ و بشكل خاص عبر جعل التعليم مجانيا في الجامعة ، و تغيير القوانين بما يسمح لأي فرد كان بأن يكمل التعليم الجامعي . * تناول الفروق بين المؤسسات التعليمية الحكومية و المؤسسات التعليمية الخاصة ، فكما يقول ألثوسير فيما معناه (الدولة لا هي عامة و لا هي خاصة ، لكنها الشرط للتفريق بين العام و الخاص) ؛ أي أن الفرق في أصله هو فرق سياسي ، و هو ما يستوجب التناول و الذكر .
ثالثا ، ضرورة إنشاء تكتلات تعليمية عمومية معاصرة : هذه النقطة يمكن القول أنها تمثل ذروة الرفض [ المعارضة ] ؛ فهي إمتداد للنقطة السابقة ، و متصلة نوعا ما بما جرى تناوله (عن ظاهرة الغش) . إن إحتكار العلوم و المعارف اليوم شبه مستحيل إن لم يكن مستحيل ، إذ يمكن لأي كان (أن يدرس ما شاء) (وقتما يشاء) و (أينما يشاء) بل و كذلك (كيفما يشاء) ؛ بالتالي فالحديث اليوم عن إحتكار المعرفة هو هراء محض ــ هذا صحيح إلا أن إحتكار المعرفة يجري بطريقة ملتوية ؛ يمكن القول عن طريق إختزال المعرفة بالشهادة . لا يخفى عليكم أيها السادة أن هذه (الشهادة) التي تختزل المعرفة أمست في عالم اليوم قاب قوسين أو أدنى من أن لا تتجاوز مجرد كونها (حبر على ورق) ، إن لم تكن كذلك فعلا في كذا مكان ؛ فلا هي تعكس حقيقة المعرفة التي يملكها صاحب الشهادة ، كما أن ضريبة التطور العالمي فرضت في كافة مجالات العمل تقريبا حاجة لنمط من المعرفة لا يوجد في الجامعات ، بل و لا يمكن أن يوجد في الجامعات [ من حيث هي مؤسسة ] ــ لذلك فنحن بحاجة لمواكبة مُتغيرات العصر إلى كيانات جديدة ، ليست بالضرورة كيانات مادية [ أي من طوب و إسمنت ] ، لكن من الضروري أن تكون قادرة على كسر إحتكار المعرفة من قِبَل المؤسسات التعليمية [ أي إختزال المعرفة بالشهادة ] .
و كي لا أطيل عليكم أكثر ، أتوقف هنا .
***
لمشاهدة الندوة : https://youtu.be/LnS-gYB1ZlE
#موسى_راكان_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيء عن إلغاء مجانية التعليم الجامعي
-
شيء عن جامعة البحرين - المستقبل ، و الدور المشبوه القادم
-
شيء عن جامعة البحرين - الثالوث المحرم
-
شيء عن جامعة البحرين - إحتكار الإعلام ، و قمع الأصوات الأخرى
-
شيء عن جامعة البحرين - السلطة المطلقة ، و تشتيت القوى التلمذ
...
-
شيء عن جامعة البحرين - التسلط الديني
-
شيء عن جامعة البحرين - وأد المثليين
-
شيء عن جامعة البحرين نظرية المؤامرة ؛ بين التكثيف و التأويل
-
شيء عن جامعة البحرين ظاهرة حب هتلر و حب صدام حسين
-
شيء عن جامعة البحرين - كراهية اليهود ، و العداء لإسرائيل
-
شيء عن جامعة البحرين - مقدمة
-
شيء عن التجنيس في البحرين - صياغة المشكلة
-
شيء عن التجنيس في البحرين - أدوار المثقفين و رجال الدين ، و
...
-
شيء عن التجنيس في البحرين - العمل في القطاعين العام و الخاص
-
وقفة مع العنوان العجيب
-
بين قوجمان و زارا ضاع رأسمالنا
-
وقفة مع خطاب رئيس جامعة البحرين الأستاذ الدكتور رياض يوسف حم
...
-
شيء عن التجنيس في البحرين - فسيفساء أم جيتوات ؛ ما بين المُت
...
-
شيء عن التجنيس في البحرين - فسيفساء أم جيتوات ؛ ما بين المُت
...
-
شيء من مهدي عامل
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|