|
الملف الكردي في مباحثات بوتين / أردوغان
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5252 - 2016 / 8 / 12 - 14:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لأنَ معظمنا ، نتّسِمُ بالعاطفية وسُرعة الإنفعال ، ولا نتعّمق في التحليل والتدقيق ... فأنَ مواقفنا وآراءنا ، في أغلبها ، سطحية ومتشنجة . وأقرب مثالٍ على ذلك ، ردود الأفعال على المحاولة الإنقلابية الفاشلة في تركيا : فنحنُ الشريحة الواسعة من الناس ، هُنا ، فرحنا نكايةً بأردوغان المُستبِد وتمنينا نجاح الإنقلاب ، والسُلطة في أربيل إعتبرتْ فشل الإنقلاب ، نصراً مُؤزراً لل " الصديق " أردوغان ، و " المُعارَضة " في السليمانية ، إعتبرتْ ان تلك كانتْ ضرية ماحِقة لأردوغان لن تقوم لهُ قائمة بعدها . وقبل ذلك ، سادَ إنطباعٌ ، بعد إسقاط طائرة السوخوي الروسية ، بأن روسيا سوف تُؤدِب أردوغان بقسوة ، ولن تعود العلاقات الطبيعية بينهما إلى عهدها السابِق مُطلَقاً . والذي حصل ، ان مُظاهرات مليونية " بالفعل مليونية وليسَ مُبالغةً " ، خرجتْ في المدن التركية الكُبرى ، تأييداً لأردوغان وضد المحاولة الإنقلابية . والذي حدث ، أن أردوغان زار روسيا وإجتمع مع بوتين . إدناهُ بعض المُلاحظات عن الزيارة وتداعياتها ، على " الملَف الكُردي " إذا جازَ التعبير : * لتُركيا بالنسبة لروسيا ، أهمية بالغة لكثيرٍ من الإعتبارات ، السياسية : قُربها الجُغرافي منها / كونها عضوا بارزاً في الحلف الأطلسي / تأثيرها المُباشِر على الجمهوريات السوفييتية السابقة ولا سيما تلك التي شعوبها من أصول تركية / إحتضانها للمتشددين الشيشانيين / دفاعها عن " التتار " المتواجدين في شبه جزيرة القرم / رعايتها للمجاميع الإرهابية وتسهيلها عبورهم الى سوريا . والإقتصادية : سعي تركيا الحثيث لكي تكون ممراً للغاز القطري عبر سوريا إلى أوروبا / إستثمارات الشركات التركية والعمالة التركية في روسيا / الفواكه والخُضَر التركية التي تُلّبي جزءا مهما من الإحتياجات الروسية / المفاعلات الذرية التي ستبنيها روسيا في تركيا ولا سيما في قونية / مشروع إنبوب الغاز الكبير من روسيا عبر تركيا إلى أوروبا " حيث يبدو ان مشروع الغاز القطري عبر سوريا ، قد دُفِنَ رسمياً "/ السياحة المتبادلة بين البلدين . * من المتوقَع ، ان يستجيب أردوغان لطلب بوتين ، في الكَف عن رعاية وإحتضان المتشددين الشيشانيين ، وكذلك إيقاف الدعم للجماعات المعارضة لروسيا في الجمهوريات السوفييتية السابقة ، بل رُبما حتى تحجيم جبهة النصرة في سوريا ، والتفاهُم حول الملف السوري عموماً . لكن بالمُقابِل هنالك مطلبٌ رئيسي لأردوغان : عدم السماح لإقامة حكم ذاتي كردي في جنوب شرق تركيا / رفض أي كيان كردي تحت مُسّمى فيدرالي أو غيره في شمال سوريا مُحاذي لتركيا / عدم السَعي لإخراج حزب العمال الكردستاني ، من قائمة الإرهاب ، بل العمل على التضييق عليه . * قد تثمر زيارة أردوغان والتصالُح مع بوتين ، في إزالة العقوبات الإقتصادية الروسية على تركيا ، وقد يتضاعف التبادل التجاري بينهما لفائدة البلدين . وعلى الأغلب ، ستظهر النتائج السياسية للزيارة ، على الأرض ، خلال الأسابيع والأشهُر القادمة .. فهل يعنينا ذلك حقاً ، في أقليم كردستان العراق ؟ أعتقد أن الأمر يعنينا كثيرا : فنحنُ لا نستطيع الفكاك من إشتراطات الجغرافية السياسية ، فإذا كانَ جيراننا في العراق ، جنوباً ، هُم من العرب في الموصل وتكريت وديالى ، فأن كُل جيراننا الآخرين في الجهات الثلاثة الأخرى ، هُم من كُرد تركيا وسوريا وإيران . وعلينا شئنا أم أبينا ، أن نتعامَل مع هذا الجوار . * حدودنا مع إيران ، مُقّسَمة إلى قسمَين : القسم الذي يسيطر عليه ويديرهُ الإتحاد الوطني الكردستاني ، ويتسِم بالهدوء بصورةٍ عامة ولا يُسّبِب " وجع رأس " للنظام الإيراني . والقسم الآخَر الذي يسيطر عليه ويديره الحزب الديمقراطي ، وقد نشطتْ مُؤخَراً بعض الفصائل المُسلحة الصغيرة المدعومة من الحزب الديمقراطي ، في إحداث قلاقل بسيطة في المناطق الحدودية داخل إيران .. مما حدى بإيران إلى توجيه نيران مدافعها الثقيلة وطائراتها ، نحو القُرى المحاذية وتسببتْ بخسائر بشرية ومادية . * حدودنا مع تركيا ، مُسيطَر عليها بالكامِل من قِبَل الحزب الديمقراطي . وكُرد تركيا على الجانب الآخَر من الحدود ، نسبةٌ مهمة منهم من مُؤيدي وأتباع حزب الشعوب الديمقراطي HDP القريب من حزب العمال PKK . في حين ان الحزب الديمقراطي ، طيلة السنوات الماضية ولحد اليوم ، وثيق الصِلة مع أردوغان وحزبه الحاكِم AKP . * حدودنا مع سوريا ، مُسيطَر عليها من قِبَل الحزب الديمقراطي أيضاً ، وكُرد سوريا في الجانب الآخر من الحدود ، نسبةٌ مهمة منهم من مُؤيدي وأتباع حزب الإتحاد الديمقراطي PYD القريب من حزب العمال PKK ، في حين ان الحزب الديمقراطي ، طيلة السنوات الماضية ولحد اليوم ، يُسانِد أحزاباً وتنظيمات كردية سورية مُناوئة ل PYD الذي يُدير الكانتونات المُحَرَرة ويُقاوم داعش والنصرة ، بقوّة وشراسة . * حزب العُمال PKK ، ورغم ان ساحة نضاله الأساسية المفترضة ، هي كردستان تركيا ، فأنهُ متواجِد بكثافة في جبال قنديل وغيرها من جبال أقليم كردستان ، وله بعض المُسلحين أيضاً في مخمور وسنجار " منذ دخول داعش الى هذه المناطِق ، ولل PKK دَورٌ مشهود في مقاومة داعش " ، كذلك فأن دعمهم واضِح لقوات YPG و YPJ في كردستان سوريا . إذن ان ال PKK يقولون بأن [ الحدود بين أقسام كردستان مُصطنعة ] ولا يعترفون بها ، ويناضلون أينما شاءوا . لكن لنكُن واضحين : أن نضالهم المُسّلَح ، إذا كان جلياً في سوريا . وفي تركيا " خلال السنة الماضية ، والذي أسفَر بإعتقادي عن نتائج عكسية ، ليست في صالح الكُرد عموما ولا سيما كُرد تركيا " . وفي جبال قنديل ومناطق متفرقة أخرى " علماً ان هنالك مآخذ من قطاعات من الأهالي وكذلك الحزب الديمقراطي ،على بعض سياساتهم في سنجار " . إلا أن كردستان إيران ، غير مشمولة لحد الآن كما يبدو ، بخارطة نضال ال PKK ، وذلك يستدعي علامات إستفهام جدية . * ستالين ، فّضَل المصالح السوفييتية ، على إستمرار دعمه ورعايته لجمهورية مهاباد في 1946 ، فتخلى عنها وأنهارتْ الجمهورية الوليدة . وبوتين الذي سمح بفتح مكتب للإدارة الذاتية الكردية لكانتونات سوريا ، في موسكو ، قبل أشهُر ، وساندَ " صالح مُسلم " مادياً ومعنوياً ، وروسيا التي لم توافِق على المساواة بين داعش وحزب العمال الكردستاني ووضعهما معا في سّلة الإرهاب ، موسكو التي إستقبلتْ بالترحاب صلاح الدين دميرتاش قبل أشهُر ... هل من الممكن ، ان تُدير ظهرها كُلياً لطموحات الكُرد في تركيا وسوريا وتستجيب لمطالب أردوغان ؟ أعتقد أن لاشئ مستحيل في السياسة وخاصة بالنسبة إلى لُعبة ( المصالِح ) . * أردوغان ، إكتشفَ ان وضع جميع بيض تركيا ، في سّلة الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ، خطأ ... فأتجهَ إلى روسيا وتجاوز كل الخلافات مع بوتين ، في سبيل مصلحة بلده . ونحنُ هنا في أقليم كردستان ، نستمرُ ببلادة ، في وضع بيضنا كله في سّلة تركيا . ونُقّرِر غلق ممثلية حكومة الأقليم في موسكو ، بإدعاء ( عدم توَفُر الأموال ) ! . حتى ممثلياتنا القليلة أصلاً ، خاضعة للمحاصصة اللعينة ، وتدخل ضمن فساد توزيع المناصب والإمتيازات بين الحزبَين الديمقراطي والإتحاد . بهذهِ العقلية المحدودة للحزبَين الحاكِمَين ، لن يحسب أحد لنا أي حساب .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوتين .. والعَولمة المتوحِشة
-
هل ثّمة أمل ؟
-
كافكا .. وأشياء أخرى
-
غِطاء القِدْر
-
خُدَيدا
-
الوشائِج التي تجمعنا
-
مناخ أوروبا لا يُساعِدُ على الكِتابة
-
فُلان الفُلاني .. إنسانٌ طّيِب
-
على سبيل الإحتياط
-
التوقيت المناسِب
-
الضمير
-
بريطانيا تتحّرر من - الإستعمار - الأوروبي
-
كما هو ظاهِر .. كما هو حاصِل
-
بعض ملامِح الوضع في الأقليم
-
إتجاهات الرِياح
-
مُصارَعة إستعراضية
-
لن نغرَق
-
سوء فِهم
-
رواتب مُتأخِرة
-
لا تُعانِق الخَوَنة
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|