|
شكوك ألتكوينيين حول نظرية التطور الدارويني-2
كامل علي
الحوار المتمدن-العدد: 5252 - 2016 / 8 / 12 - 12:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الحلقة الأولى من مقالات شكوك ألتكوينيين حول نظرية التطور الدارويني تطرقنا لتفنيد بعض هذه الشكوك، وفي هذه المقالة سنحاول تفنيد بقية الشكوك المثارة ومنها: - التطوّر هو مجرد نظرية وهي غير مثبتة علمياً:
كل فروع العلوم ترتكز على نظريّات ترتكز بدورها على فرضيات قابلة للإختبار وتشرح جزءً كبيراً ومتنوعاً من الحقائق عن العالم. يمكن اعتبار نظرية ما أنها مثبتة أو متينة إن كانت تستطيع التنبؤ بظواهر جديدة يمكن مشاهدتها واختبارها للتأكد من صحّتها. الوقائع التي تتوافر لنا هي المعلومات الأكيدة التي نعرفها عن العالم والنظريات هي الأفكار التي تفسّر وتشرح تلك الوقائع. العقائد والفرائض التي لا يمكن وضعها تحت الاختبار ليست جزءًا من العلم. نظريّة التطوّر تستوفي كافة شروط العلم الدقيق: 1– هي ترتكز على القوانين الطبيعية. 2– تشرح الوجود وفقاً للقوانين الطبيعية. 3– قابلة للاختبار في عالم الأدلّة التجريبيّة. 4– خلاصاتها مؤقتة وقابلة للتطوّر. 5– يمكن تحدّيها والبرهنة على خلل فيها باستعمال الطريقة العلميّة. الطريقة الوحيدة لإثبات خطأ نظرية التطوّر هو عبر إيجاد مستحجرات أحفورية لثدييات تعود لنفس الزمن الجيولوجي للتريلوبيات أو إيجاد مستحجرات بشرية تعود لزمن الديناصورات. لم يتم يوماً إيجاد أي أدلة من هذا القبيل وكل السجلّ الأحفوري يظهر بأنه هنالك فصائل مختلفة من الكائنات في كل زمن جيولوجي.
- حسناً، يمكن أن نقبل بتطوّر النباتات والحيوانات لكن ليس البشر. الأدلة حول تطوّر البشر حتى الآن اتضح أنها مزيفة أو غير حقيقيّة:
في سعيهم للتشكيك بنظريّة التطور، يتجاهل الخلقيّون كل الأدلة الأحفورية المتوافرة حول السلالات البشرية السابقة وينتقون أمثلة وخدع وأخطاء، معتقدين أنها تظهر العلم بمظهر الضعيف. لكن هذا يدلّ على سوء فهم هائل لطبيعة العلم الذي يتقدّم باستمرار عبر الاستفادة من أخطائه ومن نجاحاته على السواء. القدرة على البناء التراكمي هي الطريقة التي يتقدّم بها العلم. القدرة على تصحيح النظريات التي تتيحها الطريقة العلميّة هي واحدة من أقوى مزايا العلم. الخدع المزيّفة مثل “رجل بيلتدون” (جمجمة مزيفة صنعها أحد العلماء واعتقدها بعض العلماء لفترة على أنها الرابط المفقود بين البشر والقردة العظمى)، والأخطاء الصادقة مثل “رجل نيبراسكا” (هيكل عظمي لحيوان منقرض اعتقده العلماء في العشرينات على أنه يعود لإحدى السلالات البشرية) تمّ مع الوقت تصحيحها. في الواقع لم يكن الخلقيون هم من فضح هذه الأخطاء بل العلماء هم اللذين قاموا بذلك. الخلقيون اكتفوا بالقراءة عن هذه الأخطاء ثم ادّعوا أنهم اكتشفوها.
- إن كان التطوّر حصل في الماضي فلماذا لا نراه يحصل اليوم؟
التطوّر يحصل على امتداد فترات طويلة جداً من الزمن تمتدّ لعشرات أو مئات ملايين السنين وبالتالي لا يمكن ملاحظة التغيّرات الكبيرة في التركيبة الجينيّة لأي فصيلة حيّة إلا بعد إنقضاء فترة طويلة جداً تفوق عمر السلالة البشرية نفسها. لكن التطوّر يحصل باستمرار ويمكن مشاهدته في أكثر من مجال؛ التطوّر الذي تعيشه البكتيريا والفيروسات هو مثال سبق وأعطيناه. بالإضافة إلى ذلك هنالك بعض التطوّرات المهمّة التي يمكن ملاحظتها منذ الآن. هنالك دراسة في جامعة ويسكونسن تظهر بأن حجم الدماغ البشري تقلّص قليلاً خلال الـ 20 ألف عام الأخيرة بمقدار 1350 سنتمتر مكعب، أي بحجم طابة تنس. والعلماء اليوم يتساءلون ما إذا كان ذلك يعني زيادة في كفاءة الدماغ الذي بات يحتاج لوزن أقلّ للقيام بنفس المهمّات المعقدّة، أو ما إذا كان ذلك يعني تقلّصاً في بعض أنواع الذكاء التي لم نعد نحتاج لها مثل تلك التي كنّا نستعملها لصيد الطرائد والهروب من المفترسين في زمن ما قبل التاريخ.
- القانون الثاني للديناميكا الحرارية يبرهن بأن التطوّر مستحيل:
القانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي يقول أن كل نظام فيزيائي يخسر الطاقة باستمرار على شكل حرارة، ينطبق فقط على الأنظمة المغلقة والمنعزلة. بما أن الأرض تحصل على كميّة ثابتة من الطاقة من الشمس، تنخفض الأنتروبيا (الخسارة الحرارية) ويزيد مستوى التعقيد في أشكال الحياة. بالتالي الأرض ليست نظاماً مغلقاً والحياة يمكن أن تتطوّر عليها من دون خرق القوانين الطبيعية. طالما أن الشمس تحترق وترسل إلينا الطاقة، يمكن للحياة أن تزدهر وتتطوّر. حين تتوقّف الشمس عن الاحتراق، تأخذ الانتروبيا مجراها وتموت الحياة على الأرض.
- لا يمكن لنظريّة التطوّر أن تفسّر وجود الأخلاق:
معظم الحيوانات الأساسية تمتلك حدّ أدنى مّما يمكن أن نسميه الشعور الأخلاقي؛ خاصة فصائل الثدييات. القردة، الأسود والغزلان مثلاً كلها تمتلك منظومات سلوكيّة تقوم على مساعدة بعضها البعض وحماية الأضعف في فصيلتها. بدورنا كبشر، طوّرنا شعور عميق بالخطأ والصواب بهدف زيادة ومكافأة التبادل والتعاون ولمعاقبة الأنانية الزائدة والتصرّفات الفردية على حساب الجماعة؛ هذا الشعور الفطري بالخطأ والصواب يحسّن فرص وأسلوب عيش فصيلتنا،. التطوّر خلق فينا المشاعر الأخلاقية التي تنبّهنا بأن الكذب، الغشّ، الخيانة والسرقة هي أمور خاطئة لأنها تدمّر الثقة في العلاقات الإنسانية التي تعتمد على قول الحقيقة، الصدق والاحترام. لن يكون من الممكن لأي فصيل حيواني أن يعيش من دون حسّ أخلاقي. المجتمعات البشرية مبنيّة على الطبيعة البشرية التي تدرك الخطأ والصواب بالفطرة.
مصادر البحث: - عشر أساطير حول التطوّر.... إصدار Skeptics Societ.
#كامل_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شكوك ألتكوينيين حول نظرية التطور الدارويني-1
-
تكهنات بيولوجية لعام 2050 م - 2
-
تكهنات بيولوجية لعام 2050 م
-
ألصراع بين التنظيمات الإسلامية في تركيا
-
تطور وإنتشار الأديان ونظرية الميمات
-
ألجينة الفتاكة وملك الموت
-
ألسجع في ألقرآن
-
ألتناقضات في أقرآن
-
دين ألإنسان وألألوهية
-
بلاغة ألقرآن- 3 - الرازي ونقد بلاغة القرآن
-
بلاغة ألقرآن-2
-
بلاغة ألقرآن-1
-
تأملات في ألكون وألخلق وألأديان -4- عبادة ألأموات
-
تأملات في ألكون وألخلق وألأديان-3- ألشك وأليقين
-
تأملات في ألكون وألخلق وألأديان-2-ألعدالة ألإلهية
-
تأملات في ألكون وألخلق وألأديان-1
-
ألأدلة على بشرية ألقرآن-4- أساطير ألقرآن
-
ألأدلة على بشرية ألقرآن-3-حديث ألغرانيق
-
ألأدلة على بشرية ألقرآن-2
-
ألأدلة على بشرية ألقرآن-1
المزيد.....
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|