|
اشمل يا قبطي .
عساسي عبدالحميد
الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 18:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك كتاب عنوانه إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة وصاحبه هو شيخ الأزهر أحمد الدمنهوري الذي كانت مشيخته ما بين 1767 و 1776 ...و هي مدة ليس بالبعيدة من الناحية التاريخية وفي هذا الكتاب يدعو شيخ الأزهر الى هدم كل الكنائس المتواجدة على أرض مصر لأنها دار اسلام .... . في القرن الواحد والعشرين ما زال يمنع على القبطي داخل مصر تقلد المناصب السيادية داخل المؤسسة العسكرية وجهازي الأمن والمخابرات أو الترشح للانتخابات الرئاسية؛ فلا يحق لجرجس أو مرقس أو سيدهوم أن يكون جنرالا أو مدير مخابرات أو وزير داخلية أو رئيس جمهورية .. . حتى الترشح للانتخابات الرئاسية يدخل في خانة الكبائر التي يهتز لها عرش الله من فوق سبع طوابق وتندب الملاكة خدودها فتدميها حزنا على هذه الجريرة بالسماح للذمي لكي يتسيد و يتعهد ؛ تخيلوا ماذا سيحدث لو أن قبطيا قام بايداع ملف ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية لدى السلطات ؛ أكيد سيهيج الشارع ويصاب قطيع المسلمين الأقرن بالسعار؛ و ستحرق الكنائس و ستسحل الحرائر عاريات مطوفات في زفة عبر الأزقة والساحات...... . ونحن في القرن الواحد والعشرين حيث تولى " صادق خان ابن سائق باس من أصول باكستانية ووسط فقير منصب العمودية بعاصمة الضباب لندن...و تولى أشخاص من أصول مغاربية و تركية و شرق أوسطية ومنحدرون من جزر و أرخبيلات ما وراء البحار مناصب سيادية في العديد من الحكومات الأوروبية والغربية ...بينما ما زال هذا ممنوعا على أقباط مصر في اطار مبدأ الذمة العربوماني ... . بالإضافة لهذا المنع يعاني أقباط مصر من مختلف أنوع التهميش والتمييز من قبيل التضييق عليهم فيما يتعلق ببناء و ترميم الكنائس ؛ فيكفي أن تروج شائعة حول تجمع أقباط بمنزل ما بمناسبة أو غير مناسبة حتي يتهمهم جيرانهم المسلمون بأنهم سيحولون البيت الى كنيسة و أن الصليب سيرفع فوق سطحه ليضاهي في علوه مآذن المساجد المجاورة ...و الغريب أن مواطنين مسلمين هم من يتكفل بهذا المنع والتضييق بدل السلطات الأمنية التي تأخذ بينها وبين الحادث مسافة لتتفرج على الأحجار وهي تتهاوى أبابيل فوق رؤوس الأقباط؛ وألسنة النيران تلتهم منازل ومتاجر وكنائس شركاء الوطن على ايقاع الله أكبر ...
وأنسب توقيت لاستهداف الأقباط هو مباشرة بعد صلاة الجمعة حيث يشحن المصلين بالحقد والضغينة كالبطاريات؛ و أثناء صلاة الجمعة يكون الشيطان تحت محراب الخطيب يذكره بالسيرة العطرة لعمرو ابن العاص ثم يتجول الشيطان بين صفوف المصلين طالقا فسائه وروائحه الكريهة ليستنشقها المؤمنون ؛فيخرجون بعدها من المساجد مهرولين نحو مساكن الأقباط كالضباع الجائعة ليمارسوا احتفالياتهم الرعناء في الاعتداء على الأقباط تقربا و طمعا في مرضاة الله .. . هذا هو النتاج وهذه هي الصورة النمطية للقبطي على أنه بائع كنافة ومصفح بغال السلطان و جامع قمامة والمخصي الذي يحمل طست الحمام لحريم السلطان وليس بالقاضي أو أمين الشرطة أو قائد الجيش أو رجل دولة؛ هي صورة ترسبت في المخيال الشعبي المصري عبر قرون؛ أي منذ فتح مصر من طرف الصحابي عمرو ابن العاص استنادا على مبدأ أهل الذمة الذي أقره الاسلام و حمله الفاتحون العرب الى كل أمصار وأقطار المعمورة أينما حلت سنابك خيولهم ولوحت سيوفهم وعلت راياتهم السوداء الداعشية ... . دخل عمرو ابن العاص مصر فاتحا حاملا سيفا بيد و العهدة العمرية بيد أخرى وقام بتنزيلها بكل حذافيرها وهي أن الأقباط أهل ذمة عليهم أن يجزوا من الناصية و يشدوا بالزنار و أن لا يركبوا خيلا و أو يبنوا و يرمموا كنيسة؛ وأن لا يرفعوا صوتهم في تراتيلهم وصلواتهم؛ وعليهم دفع الجزية عن يد وهم صاغرون وصاغرون تعني أذلاء (( و أن يقال للقبطي ادفع الجزية يا عدو الله )) .....و قبل تنزيل العهدة العمرية وحتى يمكن تطبيقها بسهولة وسلاسة عمد عمرو ابن العاص في بادئ الأمر على ارهاب مسيحيي مصر فقام بحرق مكتبة الاسكندرية بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب...وقام بقطع رؤوس المتمردين الأقباط وتعليقها على أبواب المساجد بعد تمليحها ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر .... . صورة وملاحم عمرو ابن العاص ما زالت معششة في المزاج العام لمسلمي مصر؛ وما من حاكم مصري يمسك بدفة الحكم اليوم الا و يأخذ هذا المزاج وهذا الارث وروح العهدة العمرية بعين الاعتبار لتدبير حكمه؛ وكما يقال فان الملوك على دين شعوبها حتى ولو عبدت هذه الشعوب الشيطان و لو على حساب كرامة وحقوق أهل البلد الأصليين..... . هذا الذل وهذه المهانة ما زلنا نعاينه و نلحظ ازدياد وتيرته في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ حيث ينبري خطباء السلفية وأمام أعين الدولة و عدساتها في حلقات الدروس لاعنين سابين النصارى واليهود وداعين الى هدم الكنائس في كل مصر لأنها دار من ديار الاسلام ؛ في حين تم الحكم بالسجن على أطفال أقباط صغار ببلدة بني مزار في محافظة المنيا وكل ذنبهم أنهم قاموا بتمثيلة بريئة تدور حول داعش التي ذبحت أقاط ليبيا ال 21 ... في عهد السيسي تزايدت أعداد الكنائس والمحلات و المتاجر المحروقة و تزايدت معها حالات اختطاف القبطيات؛ وبلغت درجات التفنن في الجهاد الى تعرية سيدة قبطية و سحلها و تطويفها .....في عهد السيسي يتنازل الأقباط عن حقوقهم في متابعة الجناة برعاية من المجالس العرفية ..... . (( اشمل يا نصراني...)) هي كلمة دخلت وانتشرت مع طلائع الفاتحين الأوائل لمصر؛ لديها حمولة مذلة مهينة وهي أن يفسح القبطي الطريق للمسلم ان تلاقيا في زقاق أو درب؛ فعلى القبطي أن يروم ناحية الشمال وأن يخفف من مشيته و يحني رأسه احتراما للمسلم ....عدم تقلد القبطي للمناصب السيادية في بلده رغم كفاءته و ذكائه ومهنيته هو نوع من افساح الطريق للمسلم وهذا يعني أن يركن القبطي ناحية الشمال .... . يقال و حسب التراث الشفهي المتناقل في صعيد مصر بأن صلوات الأقباط مستجابة ومزلزلة؛ وأنها تحرك المقاطم من مقالعها والصخور من منابتها ؛ و اليوم لم يعد بامكان هذا الشعب الأصيل أن يتحمل أكثر و أن يذل ويها ن فوق أرضه ...
حقيقة أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب؛ وصلوات الأقباط المزلزلة ستصيب السعودية وتدمرها و تحرقها لأن أمرائها ومشايخها هم من يرعى مشروع افراغ مصر من أقباطها و سلخها عن هويتها و أصالتها و قد رصدوا ولمنذ عقود لهذا المشروع ميزانيات ضخمت و جندوا له عملاء مصريين في الجيش والأمن و الأزهر وداخل أجهزة سيادية من بينها وزار التعليم ...و قد وجد السيسي نفسه مجبرا على الانخراط في مخطط السعودية الرهيب مقابل الدعم المالي السعودي للاقتصاد المصري المتردي؛ ومقابل ضمان الرغيف والعلف و النكاح لشرائح مليونية من المتوهبين مسكونين بالشبح الواحد ومهووسين بالسيرة العطرة لعمرو ابن العاص حارق مكتبة الاسكندرية ومعلق رؤوس الأقباط فوق المساجد بعد تمليحها ..
#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأقباط؛ وسوق النخاسة الجديد
-
لماذا خذل السيسي الأقباط؟؟
-
النيل الازرق وزبيبة السيسي.
-
ناذر بكار؛ زينة الشباب المسلم ...
-
نتانياهو ببلاد منليك الأول يستحم بمياه النيل الأزرق ...
-
نتانياهو ببلاد منليك الأول يستحم بمياه النيل الأزرق ..
-
السيسي بين السلفية و ارهاب العقيدة ....
-
سيسي، رئيس للبيع.
-
تمثيلية تيران وصنافير ..
-
الأردن ؛ عرش بني هاشم الآيل للسقوط.
-
العهدة العمرية بقرية العامرية..
-
الفصل الثاني من الربيع العربوماني.....
-
أصفار لقبطيات متفوقات...
-
أوروبا بحاجة الى من يخصبها....
-
مشورة أخيتوفل؛ تجفيف النيل والفوضى الخلاقة .
-
جريمة أبي قرقاص؛ القشة التي ستقصم ظهر السيسي .
-
مليشيات عمرو بن العاص تعري قبطية بالمنيا ...
-
عمر الفاروق والناظرة القبطية....
-
السيسي يرهن أم الدنيا لسادة قريش...
-
السيسي ؛ الليهمني في سلمان أنو يجيب فلوس...
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|