|
هل ثّمة أمل ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 16:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل ثّمة أمل في إنفراج الأوضاع في أقليم كردستان والعراق عموماً ، خلال الأشهُر القادمة ؟ للأسف أرى بأنهُ ليسَ هنالك أمل . وما يدفعني إلى هذا التشاؤم ، ما يلي : * العراق وبضمنه أقليم كردستان ، ليسَ جزيرة منفصلة عن مُحيطه ، بل أنهُ يتأثرُ بما حوله بصورةٍ واضحة .. ومن المفروغ منهُ أن كُل الجوار الأقليمي للعراق ، مُضطَرِب ويُعاني من الصراعات الحّادة ، والتنافس الشَرِس بين القُوى الكُبرى ( أمريكا / روسيا / أوروبا / الصين ) ، التي حّولَتْ المنطقة بِرمتها ، إلى ساحة حروبٍ بالوكالة ، ومكاناً لتصفية الحسابات ، ومُحاولة السيطرة على مصادر الطاقة وتوسيع أسواق صرف منتجاتها . * السعودية " بنهجها الجديد ومَلِكها وأولياء عهده " وسياستها المُغايرة عن السياسة التقليدية السابقة ، متورطة تورطاً مُرّكَباً : فمن تدخُلها السافِر في الشأن السوري ، مروراً بضغطها المتصاعِد على مصر ولا سيما بعد عَزل الأخوان المسلمين ، وصولاً إلى تزعُمها لحربٍ شعواء قذرة ، على اليمن . كُل هذهِ الأفعال ، مُكلِفة وباهظة الثَمَن ، وسوف تُنهِك السعودية وتضعفها . السعودية بنهجها الطائفي المتشّدِد ، تُحاول أن تتزعم " السُنّة " في العالم ، أو على الأقل تتقاسم الزعامة والنفوذ مع تُركيا ، بالضِد من النفوذ الشيعي الإيراني . * الكويت ، رغم أنها تُحاوِل أن تتفادى المواقِف المتطرِفة ، وتبتعد عن الإنغماس في الملفَين السوري واليمني ، أكثر .. إلا أنها في النهاية ، مُضطّرة للمشي وراء السياسات السعودية بصورةٍ عّامة . * سوريا ، التي بذلتْ جهوداً كبيرة لإبعاد النار عن نفسها ، منذ 2003 ، وآذّتْ العراق كثيراً ، بتسهيلها مرور الإرهابيين والسيارات المُفخخة " بالتواطؤ مع تركيا ودول الخليج " ، وإستمرَ ذلك لسنواتٍ عديدة . إلا أنها لم تصمُد في النهاية .. فالنار وصلتْ إلى عقر دارها ، وتبدلتْ الإصطفافات ، فتشكلتْ جبهة من إيران وسوريا وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية ، مدعومةً من روسيا ، ضد الجبهة الأخرى : تركيا ودول الخليج وأمريكا والغرب . تدمرتْ سوريا وتشّرد الملايين من السوريين في أرجاء المعمورة وباتَ البلدُ مُقسماً من الناحية الفعلية .. ولا زال نفس الدكتاتور قابعاً في دمشق ، تحت حماية روسيا . والدول الكبرى والأقليمية ، تتباحث وتتوافق في كيفية الإجهاز على ما تبقى من الوطن السوري . * إيران .. لا تُقارَن بالعراق او سوريا او الكويت وحتى السعودية ، فهي ليستْ فقط أكبر بمساحتها أو نفوسها ، من هذه البُلدان . بل ان إمكانياتها الإقتصادية عموماً والعسكرية ، أقوى ، وتتمتع بإستقرارٍ سياسي نسبي ، ونظام حُكمٍ صلب ( بِغَض النظر عن تأييدنا لها أو معارضتنا ) . وعدا عن الثروات الطبيعية والصناعة والزراعة ، فأنها تمتلك ثروة بشرية كبيرة . كُل هذه الأمور جعلتْ إيران تتحّمل العقوبات المفروضة عليها ، لسنين طويلة ، وتنتصر في النهاية بإتفاقها النووي مع المجتمع الدولي . رغم كُل السياسات الإيرانية المشبوهة ، تجاه العراق ، وتدخلها السافِر وتأييدها ودعمها للميليشيات الطائفية ، وعملها المُنّظَم لإنهاك وتدمير ما تبقى من الإقتصاد العراقي . ورغم كُل التنكيل والبطش وعمليات الإعدام المتفاقمة ، بِحق المُعارضين داخل إيران . فأن النظام الإيراني ، إستطاعَ لحد اليوم ، الحفاظ على علاقات وثيقة مع روسيا والصين ، وعلاقات متوازنة مع أمريكا والغرب ، وفَرَضَتْ نفسها ، لاعباً أقليمياً مُهما يُحسَب لهُ حساب . * تُركيا .. لا سيما بعد الإنقلاب الفاشِل ، أصطبغتْ بصبغة " أردوغان " أكثر . تركيا الأردوغانية ، لعبتْ أدواراً قذرة خلال السنوات العشرة الماضية ، تجاه العراق منذ 2003 ، وضد سوريا منذ 2011 . طموحات أردوغان السلطانية ومغامراته ومراوغاته ، في المنطقة " بالتواطؤ الضمني مِنْ قِبَل الدول الكبرى " ، أدتْ من الناحية العملية ، إلى تدمير سوريا والعراق وتحطيم إقتصادهما وتشتيت شعبيهما وإنتشار المجاميع الإرهابية . تركيا الأردوغانية ، ضربت المدن الكردية داخل تركيا بالطائرات والمدفعية طيلة شهرَين وقتلتْ مئات المدنيين الكُرد ، تركيا الأردوغانية قمعت المعارضة وسجنت الصحفيين وأساتذة الجامعة . وبالرغم من كل هذا ، فأن : تركيا لا زالتْ عضوا بارزاً في الحلف الأطلسي / لازالت علاقاتها جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية / لازالت أوروبا بحاجة ماسّة إلى تركيا ولا سيما في ملف اللاجئين / حتى روسيا ببوتينها ، سوف تستقبل أردوغان اليوم بالأحضان . تُركيا " بِغض النظر عن تأييدنا لها أو معارضتها " .. قد فرضتْ نفسها على المشهد ، وأكدتْ على أنها لاعبٌ مُهم أيضاً في الحسابات الأقليمية . * أما نحنُ ، أي العراق ... فلقد أصبحنا منذ سنواتٍ طويلة ، حقلاً لأحْقَر أنواع التجارُب ، التي تجريها علينا الدول الكُبرى . ساحةً لإكتشاف مفعول مُختلف أنواع الأسلحة والكيمياويات والحرب البيولوجية وكُل ما يخطر على البال ، من أحَط أشكال التجارُب . منذ ما سُميَ حرب تحرير الكويت ، حيث جّرَبتْ أمريكا أنواعاً جديدة من أسلحتها ( في الجيش المنسحب ، على طول الطريق من الكويت الى البصرة ) .. جيش منهزِم ، لا يملك أي مُقاومة .. قامتْ الطائرات الأمريكية والغربية والخليجية ، بإختبار أسلحة جديدة ، فقتلتْ عشرات الآلاف من الجنود والضُباط " بِكُل إنسانيةٍ وديمقراطية " وبدمٍ بارِد . وتستمر التجارُب لحد اليوم ... وليس فقط على النطاق العسكري والبايولوجي ، بل حتى في المجال السياسي والإجتماعي . فَكَمْ ستستفيد مراكز البحوث والأكاديميات ، من : تجربة الإتيان بحفنةٍ من أسوأ أنواع البَشر ، وتسليطهم على رقاب الشعب ، بإسم " التحرير " وبإسم " الديمقراطية " ؟ . ثلاثة عشر سنة مّرتْ ، ولم نستطع ، مُجّرَد " وقف التدهور " وليسَ التقدُم إلى الأمام . هل هناكَ حقاً أفسدُ من هذه الطبقة الحاكمة في العراق وبضمنه أقليم كردستان ؟ هل هنالك شعبٌ يقبل ويرضى بهذه الأوضاع الكسيفة والمهينة وطويلة الأمد ، غيرنا نحن الشعب العراقي ؟ * كما ان إعادة بناء مدينةٍ مُحّطَمة كُليا ... بحاجة إلى رفع جميع الأنقاض ورمي النفايات ، ثم الإستعانة بأساليب حديثة في البناء والإنشاءات .. فأن ( إصلاح ) الوضع السياسي في العراق ، شُبه مُستحيل . فنحنُ بحاجة إلى إزالة هذه الطبقة الحاكمة الفاسدة بقضها وقضيضها .. والإعتماد على شُرفاء لبناء المواطِن والوطن .. ولهذا أنا مُتشائم ، فذلك يحتاج إلى سنواتٍ عديدة وليس أشهُر .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كافكا .. وأشياء أخرى
-
غِطاء القِدْر
-
خُدَيدا
-
الوشائِج التي تجمعنا
-
مناخ أوروبا لا يُساعِدُ على الكِتابة
-
فُلان الفُلاني .. إنسانٌ طّيِب
-
على سبيل الإحتياط
-
التوقيت المناسِب
-
الضمير
-
بريطانيا تتحّرر من - الإستعمار - الأوروبي
-
كما هو ظاهِر .. كما هو حاصِل
-
بعض ملامِح الوضع في الأقليم
-
إتجاهات الرِياح
-
مُصارَعة إستعراضية
-
لن نغرَق
-
سوء فِهم
-
رواتب مُتأخِرة
-
لا تُعانِق الخَوَنة
-
ليسَ إلا
-
الشريعة .. وقَضم الأظافِر
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|