|
القرشيّة امتدادا للعصبيّة القبليّة .. قراءة في الفكر السياسي الإسلامي
شايب خليل
الحوار المتمدن-العدد: 5249 - 2016 / 8 / 9 - 16:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الملخّص : إن الباحث في تاريخ قيام الدول و الإمبراطوريات يُلاحظ من غير كبير جهد و لا كثير عناء أن هذا القيام مُرتهن أساسا بعامل معيّن يُثبّت الحكم و يُشَرْعِنُهُ ، و يجعل من الرّعيّة تلتّف حوله و لا تحاول الخروج عنه أو ترفض طاعته ؛ و يختلف هذا العامل من منطقة لأخرى . فما هو يا تُرى العامل الرّئيس الـمُتحّكم في قيام الكيانات السياسيّة العربيّة ؟ أو ما هي أهم صبغة مميّزة لنظام الحكم عند العرب ؟ كيف كان تأثيرها في الإسلام كدين سماوي خاتم ؟ ثم هل أسهمت في الحفاظ على الهوية العربية في عصور لاحقة أم هل عادت بالسلب على الدولة العربية الإسلامية النّاشئة بعد ظهور الإسلام ؟ سنُحاول في هذا البحث استعراض العصبيّة القبليّة كصبغة تاريخية مميّزة للنّظام السياسي العربي قبل الإسلام ، يليه تحديد البعد المفاهيمي للفظة ، ثم تعامل الدين الإسلامي معها و هو الذي برز في جغرافيا أبرز سماتها العصبيّة ، و بعدها نتطرّق للعصبيّة في العهد الراشدي باعتباره الإطار العام الذي تُحاكم إليه أي تجربة سياسيّة بعد العصر النبوي كما قرّر ذلك فقهاء السّياسة الشرعيّة ، لنمرّ إلى تجلّياتها في العصرين الأموي و الراشدي ، و نختم ذلك بقراءة في آراء المفكرين السياسيين المسلمين حول القرشيّة كشرط من شروط تولي أمور المسلمين، نذيّلها بمناقشة الآراء الواردة في هذه المشكلة لنخرج بنتائج معيّنة في الأخير . أمّا محاور البحث فستكون كالآتي : 1- مفهوم العصبيّة القبليّة . 2- العصبيّة في العهد النبوي و الرّاشدي . 3- العصبيّة في العصرين الأموي و العبّاسي . 4- القرشيّة كمظهر من مظاهر العصبية و موقف فقهاء السياسة الشرعية منها . الكلمات المفتاحية : 1- العصبيّة : نزعة انتمائيّة مصلحيّة تدفع لنصرة العصبة ظالمة أو مظلومة . 2- القبليّة : نزعة انتمائيّة مصلحيّة و فيها تتجلّى صورة من صور العصبيّة . 3- القرشيّة : نزعة عرقية تهدف إلى إقصاء غير العرب من تولّي أمور المسلمين. 4- الانتمائيّة الضيّقة : الوجه الآخر للعصبيّة القبليّة ، أو الوصف الدقيق لها . 5- المساواة : مبدأ جاء الإسلام ليُرسيه كأساس للتعامل بين النّاس . لقد بزغ فجر الدين الجديد في جغرافيا تحكمها نظم سياسية و طرائق حكمية مختلفة و متباينة - إلى حد ما - ، ففي بلاد فارس كان نظام الحكم ملكيا إلهيا - ثيوقراطيا - للإمبراطور فيه السلطة المطلقة ، تكفي كلمة واحدة صادرة منه لإعدام من يشاء و وقت ما يشاء دون بيان للأسباب . و كانت قراراته وأحكامه بمنزله الوحي الإلهي ، و كل خروج عنها يعتبر خروجا عن إرادة الإله – أهورا مازدا – . و للجيش في هذا النظام مكانة خاصة ، إذ هو المؤسسة الأهمّ بالنسبة للدولة ، و الداعم الحقيقي لسلطة الملك ، كما أن الإمبراطورية لن تحافظ عل بقائها و استمراريتها إلا إذا كان الجيش قويا و محافظا على قدرته على التّقتيل ، لذا كان الإمبراطور هو قائده الأعلى . و المتفحص في تنظيمات هذه الإمبراطورية الكسروية يمكنه استنتاج أنه لا قانون يعلو فوق إرادة الملك و القوة القمعية للجيش . و لم يختلف الحال في القيصرية الرومانية ، فقد حاز الملك قداسة رفعته فوق مستوى البشر، حتى أصبحت مظاهر مثل حرق البخور أما تمثاله و الطواف حوله دليلا على الولاء للإمبراطور في مظهر أشبه ما يكون بيمين الولاء في أيّامنا هذه ، و مما عزز هذه المكانة مجموعة من المراسيم التي تصدرها الدولة تأكيدا على مكانة القيصر و رفعته عن مستوى البشر*. و رغم صراعها الطويل مع هذا الوضع لم تستطع المسيحية أن تقاوم بل سارت وفق التيار ، إذ عملت هي الأخرى على إضفاء القداسة على الملوك و القياصرة من خلال تبنّيها لنظرية الحق الإلهي من جهة ، و القران المعقود بين السلطة السياسية و السلطة الدينية من جهة أخرى، وهذا ما جعل حق تفسير النصوص المقدسة في يد القياصرة وهكذا و بدل أن تتمسح روما، تروّمت المسيحية . لقد كان القاسم المشترك بين الإمبراطوريّتين الحكم الثيوقراطي أو الصبغة اللاهوتية فما هي يا تُرى أهم صبغة مميّزة لنظام الحكم عند العرب ؟ كيف كان تأثيرها في الإسلام كدين سماوي خاتم ؟ ثم هل أسهمت في الحفاظ على الهوية العربية في عصور لاحقة أم هل عادت بالسلب على الدولة العربية الإسلامية النّاشئة بعد ظهور الإسلام ؟ عرفت شبه الجزيرة العربية نظما سياسية مختلفة ، فقديما حكمت أجزاء منها دويلات متباينة الجغرافيا تشترك في تبنيها للنظام الملكي مثل : دولة معين ، سبأ ، و حمير باليمن، تدمر بالشمال ، بالإضافة إلى دولة الغساسنة في الشمال الغربي و التي كانت موالية للقيصرية الرومانية ، و دولة المناذرة في الشمال الشرقي الموالية للكسروية الفارسية . وقد حظيت هاتان المملكتان بنوع من الاستقلال المحدود و استعانت بهما الإمبراطوريتان في الوقوف في وجه بعض القبائل الأخرى التي كانت تهدد أمنيهما . كما ساد النظام القبلي أجزاء كبيرة من شبه الجزيرة ، كان أساس كيانه السياسي : الوحدة العصبية التي تجمع أفراد القبيلة ، بالإضافة إلى المنافع المتبادلة من حماية الأرض و دفع العدوان ، فقد كان أفرادها متضامنين إلى حد أنهم ينصرون الواحد منهم ظالما أو مظلوما ، و إذا غنم الفرد أو غرم فكل ذلك للقبيلة أو عليها . و الجدير بالذكر أن رئيس القبيلة -الشيخ- له درجة رفيعة تساوي و يمكن أن تفوق مكانة الملك في رعيته ، إذ القبيلة خاضعة لرأي شيخها في السلم و الحرب و يكفي للتدليل على ذلك القول أن آلاف السيوف تغضب بل وحتى تموت لغضبه و هذا ما يجعله يشبه أي دكتاتور شديد السطوة في أيامنا هذه . إذا لقد ظهر جليا أن شمس الإسلام انبلجت في جغرافيا تُعتبر العصبيّة و التمييز أو التفرقة القبلية و الطبقية بين أفراد المجتمع بل و أبناء الجنس الواحد هي أساس النظام الاجتماعي و حتى السياسي ، و أصلا من أصول الحياة الاقتصادية و بّما الدينيّة . - فماذا نقصد بالعصبية ؟ العصبيّة لفظة مشتقة من العَصْبِ وهو: الطَّيُّ والشَّدُّ . وعَصَبَ الشيءَ يَعْصِبُهُ عَصْبًا: طَوَاه ولَوَاه، وقيل: شدَّه. والتَّعَصُّب: المحاماة والمدافعة ؛ و العَصَبَة : الأقاربُ من جهة الأب ، وعَصَبَةُ الرَّجُلِ: أولياؤه الذكورُ من وَرَثَتِه ، سُمُّوا عَصَبَةً لأنهم عَصَبُوا بنسبه ، أي أحاطوا به، فالأب طَرَفٌ والابن طرف، والعم جانب والأخ جانب، والجمع: العَصَبَات، والعرب تُسمِّي قرابات الرجل: أطرافَهُ ، ولـمّــَــا أحاطتْ به هذه القراباتُ وعَصَبَتْ بنسبه، سُمُّوا: عَصَبَةً، وكلُّ شيءٍ استدار بشيء فقد عَصَبَ به. و يقال : عَصَبَ القوم بفلان أي استكفوا حوله والعُصْبَة والعِصَابة: الجماعة؛ ومنه قوله تعالى: ﭽ ﮎ ﮏ ﭼ ، ومنه حديث: " اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هَذِه الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ، لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ " . و العصبيّ هو الذي يغضب لعَصَبَتِه ، أو من يُعين قومه على الظلم أو من يُحامي عن عن عصبته ويغضب لهم ، و رجل عصبي : سريع الانفعال ، و في الحديث: " العصبيّ من يُعين قومه على الظلم "، و في حديث آخر : "ليس منّا من دعا إلى عصبيّة أو قاتل َعصَبِيَّةً " . وعَصِيب: شديد ، ومنه قوله تعالى: ﭽ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﭼ و الظاهر مما سبق أن العصبيّة تدور معانيها حول النّصرة و الحميّة و الانتصار للمُنتسب إليه سواء عائلة أو قبيلة ، و في مختلف الحالات ظالما أو مظلوما . أما اصطلاحا فعرّفها الأزهري بقوله : " و العصبيّة أن يدعوَ الرجل إلى نصرة عَصَبتِه و التّألَب مهم على من يُناوئهم ظالمين كانوا أو مظلومين " . و عرّفها ابن خلدون بقوله :" هي النعرة على ذوي القربى وأهل الأرحام أن ينالهم ضيم ، أو تُصيبهم هَلَكَةٌ " و هي في نظره صفة جبليّة فُطِر عليها البشر مذ وُجدوا . و يذهب المفكر محمد عابد الجابري إلى أنّها : " رابطة اجتماعية سيكولوجية شعوريّة و لا شعوريّة تربط أفراد جماعة ما ، قائمة على القرابة ، ربطا مستمرّا يبرز و يشتدّ عندما يكون هناك خطر يهدّد أولئك الأفراد ، كأفراد أو كجماعة " . و عُرّفت بأنّها : " التلاحم بالعصب ، و الالتصاق بالدّم ، و التكاثر بالنّسل ، و وفرة العدد ، و التّفاخر بالغلبة و القوّة و التّطاول " . و الظاهر مما سبق من التعريفات أنها رابطة مصلحيّة نفعية قائمة على شيئين رئيسين هما : - القرابة : سواء قرابة دم كما هو الحال في العائلة الواحدة ، أو قرابة انتماء كما هو الحال بالنسبة للقبيلة أو حتى الدّولة . - النّصرة : و هي الدافع المصلحي البارز للعصبيّة ، بحيث يُسخّر الفرد نفسه لنصرة عَصَبَتِهِ و ربما حتّى يجود بنفسه و ماله في سبيلها ، سواء كانت هذه العصَبَةُ ظالمة أو مظلومة . لقد جاء صلوات ربي و سلامه عليه ليبدّد سحب العصبية و الاعتداد بالجنس أو القبيلة أو العرق و يعلي شمس الانتماء الديني العقدي مكانها ، فرفع من شأن المساواة و ارتقى بها إلى أعلى المستويات ، و في المقابل ذم العصبيات و حطّ من رفعة العنصريات خارج الانتماء العقدي الديني ، لذا وجدناه صلى الله عليه وسلم يقول لأبي ذر و قد عيّر غلامه بأمه السوداء : " يا أبا ذرّ إِنّك امرؤٌ فيك جاهليّة " ، ترسيخا منه و تربية لصاحبته الكرام على أنهم سواسية . إذا فالمساواة في الإنسانية التي نادى بها الإسلام و سعى في كل الظروف لتطبيقها قد أسقطت كل افتخار و اعتزاز بالأجناس و الأعراق و الألوان مبتغيا وراء ذلك إزالة مظاهر التمييز بين أفراد المجتمع و ذلك حفاظا منه على تماسك كيانه الاجتماعي و السياسي . إن هذا الارتقاء من الاعتداد بوشائج الأرض و الطين ، و من وشائج اللحم و الدم ، إلى الاعتداد بأخوة الإسلام أنتج لنا أرقى صورة للأخوة و المساواة بين مختلف الجنسيات العرقية و القبليّة ، يكون فيها أبو بكر العربي و بلال الحبشي و صهيب الرومي و سلمان الفارسي إخوة في الدين ؛ وبذلك أمكن الخروج من ضيق الانتمائية إلى سعة الأخوة الدينيّة . و يذهب الدكتور طه حسين إلى أن الإسلام جاء بقضيتين مهمتين تنطوي تحتهما باقي القضايا قضية توحيد الله عزّ و جلّ و محاربة كل وجه من أوجه العبودية المنصرفة لغيره تعالى ، و قضية المساواة بين جميع البشر ، و لعل هذه القضية الأخيرة - كما يرى - كانت أغيظ ما غاظ سادة قريش من محمد صلى الله عليه و سلم ، إذ ساوى بين السيد و المسود ، و هذا كان بمثابة الثورة على المبادئ السائدة آنذاك . و تأكيدا منه على مبدأ المساواة بين البشر و مقت الانتمائيّة العصبية الضيّقة نجد القرآن الكريم يذكر بوحدة المنشأ، قال تعالى : ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﭼ . إذ كل الناس متساوون في أصل الخلقة كلهم من آدم و آدم خلق من تراب ، و الإسلام بهذا التوجيه أراد الارتقاء بالإنسان من الاعتداء بوشائج الدم و الطين إلى الاعتداء بوشيجة الدين و العقيدة ، و أساس التفضيل في هذا السياق هو التقوى والعمل الصالح ، قال تعالى: ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ . و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إنّ الله لا ينظر إلى صوركم و أموالكم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم " . و رغم كلّ هذا وذاك ، أُثيرت مشكلة العصبية في المدينة من جديد ، حيث نجد رسول الله في ميثاق المدينة يجعل المهاجرين بمثابة القبيلة حين قال : "المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم ..." ؛ و نسب الأنصار إلى قبائلهم ، كما نسب اليهود و من بقي على دينه من أهل يثرب إلى قبائلهم فقال : "إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين" ، رغم أنه ما فتئ يُحاربها و يُجفّف منابعها . ربّما كان هذا محاولة لاحتوائها أو ربّما لتوظيفها في أحد أمرين : 1- الاستفادة منها في مجال التكافل الاجتماعي مثل : دفع الديات ، فكاك الأسرى ، إعانة المحتاج من أفراد القبيلة الواحدة ، كما ستوظف لاحقا في المعارك و الغزوات ... فبتحمّل الوحدات الصغيرة المكونة- القبائل- "للدولة الإسلامية" مهام التكافل الاجتماعي ترتفع أعباء كبيرة عن عاتق الكيان الوليد لتُوظّف الجهود و تُستفرغ الطاقات في مجالات أهم كالدّعوة إلى الله و حماية المنتسبين لهذا الدّين . 2- إن نسبة المتهوّدين من اليثربيين إلى قبائلهم ، و إقرار حلفهم مع المسلمين هدفه لــمّ شمل الدولة والحفاظ على وحدتها الاجتماعية و السياسية ،كما أنه يؤكد أيضا أن المقصود من الحديث عن العصبيات كان الإفادة في تحقيق التكافل الاجتماعي لا غير ، و هما هدفان يمكن فهمهما من خلال الحفاظ على حلفهم مع المسلمين و عدم نقضه و إيقاع العقاب على كل مثير للشغب خارق للقوانين مهما كان انتمائه الطائفي ، منبها في ذلك إلى المسؤولية الفردية الواقعة على عاتق كل شخص . توفي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و لم يعهد بأمر الخلافة إلى أحد من بعده ، كما أنه لم يترك لصحابته الكرام رضوان الله عليهم خاصة و المسلمين عامة أنموذجا محددا واجب الاتباع سواء في طريقة اختيار الإمام ، أو غيرها من المباحث التفصيلية التي تطرح في هذا الباب ، بل اكتفى بوضع قواعد عامة موضحة في القرآن الكريم و السنة المطهرة ، تحدد معالم النظام السياسي في الإسلام ، و ترك لأهل العلم في كل زمان و مكان البحث و الاجتهاد في استنباط أمور تفصيلية تتماشى و الظروف السائدة في عصر اجتهادهم ، و ذلك لعدم تقييد الأمة بأنموذج جامد يصلح لعصر و قد لا يصلح لباقي العصور ، لكن هذه المرونة الموجودة في النظام السياسي في الإسلام قد خلقت العديد من المشكلات بعد وفاته مباشرة . ثُمّ إنّ أعظم خلاف حدث بين المسلمين - بل بين الصحابة المقربين - كان حول الأحقية في خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول الشهرستاني : " و أعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سُل على الإمامة في كل زمان " ، ولعل الروايات التي يوردها ابن سعد عن الحادثة التي دارت بين على كرم الله وجهه و بين عمه العباس تُظهر نوعا من التخوف من هذه المشكلة ، و تُضمر في طيّاتها محاولة من العمّ - العباس - لحسم مادة الخلاف في المسألة ، إذ يقول لعلي: "(...) فانطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه ، و إن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا الناس" ، فكانت إجابة عليّ هي الأخرى تطرح الكثير من التساؤلات : " إني والله لا أفعل ، والله لئن منعناه لا يؤتيناه أحد بعده" ؛ أهو شعور بالأحقّيــــــــة في الخلافــــــــة منه عليه السّلام خاصّـة إذا علمنا ماله من قرابة و نسب ؟ لعل رواية أخرى عند ابن هشام تجيبنا بكل وضوح "بلى" : فحين طلب منه العباس أن يبسط يده ليبايعه - و ليته فعل - فيُقال : عمّ رسول الله بايع ابن عــــــــمّ رسول الله ، أجاب : و من يطلب هذا الأمر غيرنا !!! و يتحقق التخوف الذي بدر من العباس ، فبمجرد وفاته صلى الله عليه و سلم ، و قبل إتمام تسجية جسده الطاهر ، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة للتباحث و التشاور في أمر خلافة رسول الله في إدارة شؤون المسلمين ، فلما سمع أبو بكر و عمر بذلك انطلقا إلى السقيفة و معهما أبو عبيدة بن الجراح، و هناك دار حوار بين المهاجرين و الأنصار ، يمكن أن نستشفّ من مجرياته وجهتي نظر مختلفتين : 1- الأنصاريّة : يرأس وفدهم زعيم الخزرج سعد بن عبادة ، و الذي رفع سقف طموحاته إلى جعل إمرة المسلمين في الأنصار دون المهاجرين مستدلا بما قدمه الأنصار من نصرة للدين و خدمة للرسول الكريم ، طامحا في أن يكون أول خليفة للمسلمين بعد رسول صلى الله عليه و سلم ، لكن بعد حوار و نقاش مع أبي بكر أخذ السقف ينخفض شيئا فشيئا ببروز رأي الحباب بن المنذر - من الأوس- و الذي رأى أن للجميع مهاجرين و أنصارا الحق في خلافة رسول الله في إمرة المسلمين قائلا : لا تسمعوا لمقالة هذا- يقصد عمر بن الخطاب - و أصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر" . و هو في حقيقة الأمر رأي يعبر عن تعمق روح العصبية للإسلام و تجذرها في نفسه رضي الله عنه دون سواها من العصبيات ، فللجميع الحق في الترشّح و رئاسة المسلمين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو القبلية بل المرتكز الأوّل الانتماء لهذا الدّين . 2- المهاجريّة : كان يمثل المهاجرين في هذا الاجتماع كل من أبي بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح ، فبعد اعترافهم للأنصار بفضلهم بينوا أنهم الأحق في خلافة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، إذ هم قومه و العرب لا تدين بهذا الأمر إلا لذلك الحي من العرب . و هذه الفكرة -القرشيّـــــة- ستكون حجر الزاوية في الفكر السياسي للأمة ، و من الشروط الأساسية الواجب توفرها في خليفة المسلمين كامتداد تاريخي و مباشر لظاهرة العصبية القبلية . و باعتبار الخلافة الراشدة الإطار العام للتفكير السياسي الإسلامي ، أو الدولة المثالية التي تحكمها قوانين الله ، و المرجع الأساس الذي تقاس عليه كل تجربة سياسية خاضها المسلمون - و هو ما نراه قد حجّر واسعا ، خاصة إذا تذكرنا أنه صلوات ربي وسلامه عليه لم يفرض أنموذجا محددا لنظام الحكم بل ترك ذلك لاجتهادات المسلمين في كل العصور و اكتفى بإبراز البنود العريضة لهذا المشروع الإسلامي- ، أدرجت القرشيّة سليلة العصبية القبيلة في مباحث الفكر السياسي الإسلامي إدراجا كما سيأتي . و بعد أخذ و ردّ بويع لأبي بكر بالخلافة ، وكان أول المبايعين قيس بن سعد حسدا منه لابن عمه سعد بن عبادة ، ثم بايع بعدهم الأوس خوفا من استيلاء الخزرج على السلطة ، و رفض سعد بن عبادة سيّد الأنصار أن يبايع ، بل و اعتزل الناس حتى إنه كان لا يصلي بصلاتهم و لا يجتمع بجمعهم ، و لا يفيض بإفاضتهم . أما المهاجرون فقد انقسموا كل حسب انتمائه القبلي ، فاجتمعت بنو أمية إلى عثمان ، وبنو زهرة إلى سعد بن وقاص و عبد الرحمن بن عوف ، و بنو هاشم إلى عليّ بن أبي طالب ، فلما أقبل الوفد الثلاثي قال عمر : "مالي أراكم مجتمعين ، قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته و بايعه الأنصار فقام عثمان و من معه من بني أمية فبايعوا و ما كان لهم - بنو أمية- مواجهة أبي بكر وعمر إذ ليس لهم من نصيب مع هذه الأحجام الكبيرة كما يقول الأستاذ صالح عوض ، و بايع بنو زهرة أيضا . أما عليّ و من معه من بني هاشم فانصرفوا و لم يبايعوا اعتراضا على أحقيتهم في الملك لقرابتهم ، و ظلّ كرّم الله وجهه و رهط من قبيلته على هذه الحالة إلى وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام ، فبايعوا لأبي بكر جمعا لكلمة الأمة و حفاظا على وحدتها ، خاصة و أن طبول الحرب قد دقت بين المسلمين و المرتدين . ولو حلّلنا موقفه بمنطق و تحيّز لكان هو الأحقّ بالخلافة من غير فهو إضافة إلى قرشيّته ابن عمّ رسول الله و زوج ابنته . و بذلك كانت بيعة أبي بكر أول حدث سياسي مهم في التاريخ الإسلامي ، و أول بيعة سياسية تحدث عد وفاة الرسول الكريم ؛ و رغم كل هذا الصراع استطاع الخليفة الأول رضي الله عنـــه و بحنكة بالغة إدارة شؤون الدولة و توطيد أركانها و الحفاظ على وحدتها السياسية و الدينية و بقيت حال العصبيّة بين بروز وخمود طيلة العصر الراشدي إضافة إلى المشكلات التي تلت مقتل عمر و بعده عثمان ثم علي ، و ما انجرّ عنها من حروب وصراعات . و نتيجة لكل هذه التراكمات السياسية و الاجتماعية بدأ الظهور الفعلي للفرق الإسلامية سواء ذات المنشأ السياسي أو المنشأ العقدي ، و بدأ التنظير المؤدلج لمبحث الإمامة -كل فرقة تكتب وفق الإيديولوجية التي تنتمي إليها أو حتى التي تخدم مصالحها و حسب - مثل ما هو الحال مع بني أمية و الإرجاء و مع المحكّمة و الخروج على الحاكم الظالم ... الخ . و هكذا أصبح الصــــــراع ذو اتجاهين : مع السلطة من جهة ، و مع الفريق الخصم من جهة أخرى . و بمجرّد استتباب الأمر لبني أمية عملوا جاهدين على تكريس القرشية كمبدأ من مبادئ الحكم الإسلامي و تحويله من الشورى إلى الأسريّة ، فقد كان الصراع الهاشمي الأموي قديما يمتد إلى العصر الجاهلي حيث تنافسوا حول المناصب الكبرى في مكّة خاصة سدانة الكعبة ، لكن ظهور النبي هاشميا كان قاسمة الظهر بالنسبة للأمويين و ربما كان سببا في تأخر إسلام كبرائهم ، حتى إذا اعتنقوا الإسلام حاولوا أن يكون لهم من المكانة ما يساوون به بني هاشم ، و بمجرد إدراج عمر لعثمان ضمن أصحاب الشورى الستة ظهرت بارقة أمل لتحقيق هذا الحلم ؛ ومع تولي ذي النورين رضي الله عنه خلافة المسلمين اقتربوا أكثر فأكثر من تحقيق حلمهم ، ولعل امتناعهم عن مبايعة علي كرّم الله وجهة مجرّد تمسك بالسبق الذي حقّقوه على حساب الهاشميين ؛ و رغم تفرّق المسلمين بين مؤيّد و معارض لحكمهم إلا أنهم استطاعوا في الأخير توطيد حكمهم بالقوة و الترهيب من جهة ، و بالسلاح الديني من جهة أخرى إذ كانوا أول من أظهر و أذاع عقيد الجبر بين المسلمين ؛ و لم يتوقّف الحال عند هذا الحدّ بل لقد أسهم التمييز الممهنج في التعامل مع القبائل العربية الأخرى وأقصد هنا بين القبائل اليمنيّة و المضريّة ، حيث أقام معاوية عرشه و ثبّت مُلكه على سيوف اليمنيّين و قرّبهم بل و تزوّج منهم وهذا ما أثار القيسيّين و دفعهم للانضمام لعبد الله ابن الزبير و ساهم أكثر في إثارة النعرات و العصبيات القبلية الدّفينة و تأجيجها ، إلى جانب الثورات المستمرة على الحكام خاصة من طرف الشيعة و الخوارج ، إضافة إلى الاضطهاد و التهميش الذي عاشه كل من الموالي و آل بيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الكرام ، إضافة إلى التعصب للعرق العربي و النظر إلى ما سواه -و خاصة للموالي- نظرة سيّد و مَسُود و اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية -بتعبير العصر- لدرجة أنهم مُنعوا من الزواج من العربيات و الإمامة في الصلاة و القضاء حتى أصبح الحق و الباطل يختلفان باختلاف جنس من صدر عنه الفعل ، بل وصل الحدّ بالأمويين لأخذ الجزية عن الداخلين الجدد للإسلام ،و استأثروا بمناصب الدولة و احتكروها للعرب دون غيرهم ، ناهيك عن الصراع الداخلي الدائر حول تولي مقاليد الحكم بين أفراد الأسرة الملكية ، في التعجيل بإسقاط الدولة الأموية و ظهور كيان سياسي جديد بنى أركانه على أنقاض سابقه . و كردّة فعل رافضة لهذا الوضع التّهميشي الإقصائي ظهر الحكم العباسي بدعم قوي من الموالي طمعا منهم في استرداد حقهم في المساواة و ربما حتى طمعا في السلطة و استرداد الهيبة الهاشمية الضائعة منذ مقتل عليّ كرّم الله وجهه، و بذلك أخذ نفوذهم السياسي يزداد يوما بعد يوم مقابل تراجع النفوذ العربي إذ أصبح معظم الوزراء و قوّاد الجيش و الولاة من الفرس . و ظل شأنهم بين صعود و نزول إلى أيام حكم الخليفة المعتصم الذي رفع الأتراك مكان الفرس و العرب جميعا ، و بهذا بدأت العصبية للجنس العربي تزول بالتدريج شيئا فشيئا ليولد من هذا الضعف قوة للعنصر الأجنبي الذي أخليت له الساحة للتفرد بالإدارة و الملك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لتزول هذه العصبية بظهور دول داخل الكيان السياسي للدولة تقوم على عصبيات جديدة عقدية أو فكرية أو جنسية بل و حتى سياسية لتبدأ بذلك بوادر زوال الحكم العباسي تظهر بجلاء بعد فقدان العصبية القومية . و بعد أن استعرضنا دول العصبية القبيلة في الفعل السياسي الإسلامي من قبل مبعثه صلوات ربي و سلامه عليه إلى سقوط الدولة العبّاسية و تلاشي هذه النزعة الفئوية ، سنأتي الآن على ذكر مواقف فقهاء السياسة الشرعية حول العصبية القرشية كشرط من الشروط الواجب توفّرها في خليفة المسلمين : و قبل أن نخوض في موقف العلماء من هذا الشرط لابّد من معرفة الإجابة عن السؤال : من هم قريش ؟ ينسبون القرشيّون إلى أبيهم الأول قريش ، و قد اختلف النسّابون في تحديده إلى أربعة أقوال نوردها باختصار : أ - هو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ، و يرى ابن هشام أن من كان من ولد مضر فهو قرشي ، و العكس بالعكس . و هذا رأي الأكثرية كما يذكر البغدادي و قد اختاره الشافعي و أصحابه و كثير من العلماء . ب - هو فهر بن مالك ، و هو ما اختاره محمد الأمين الشنقيطي و غيره ، حيث يقول : و من كان من أولاد كنانة من غير النضر فليس بقرشي . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم" . جـ - هم ولد إلياس بن مضر ، وهذا اختيار التميمية . د - هو مضر بن نزار وهو قول القيسية . و يعتبر شرط القرشية موضع خلاف و نزاع كبير بين الفرق الإسلامية و العلماء سواء منهم القدامى أو المحدثون ، و قد أَوْلَوْهُ أهــميّة لم يولوها لغيره من الشروط ، و سنحاول هنا إيراد كل رأي على حده للخروج باستنتاج محدد في الأخير : أوّلا : المـــــــــــــــــــــــوجبون : و هذا رأي جمهور أهل السنة و الشيعة ، و جمهور المرجئة ، و بعض المعتزلة ، و قد أوردوا على ذلك عدّة أدلة نذكر منها : 1- قوله صلى الله عليه و سلّم -في حديث كان المستند الأوّل و الأقوى للقائلين بوجوب توفر شرط القرشية في الإمام- : " إن هذا الأمر في قريش ، لا يعاديهم أحد إلا كبّه الله في النار على وجهه ، ما
أقاموا الدين " . 2- و قوله : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان " . 3- و قوله أيضا : "الناس تبع لقريش في هذا الشأن مســـــــلمهم تبع لمسلمهم ، و كافرهم تبع لكافرهم " . 4- استدلال أبي بكر رضي الله عنه بالقرشية على أحقيّة المهاجرين في الخلافة و إذعان الأنصار له في ذلك ، فقد جاء عند أحمد : "... و لقد علمت يا سعد - أبو بكر هو المتكلم - أن رسول الله قال و أنت قاعد : قريش ولاة هذا الأمر ، فبرُّ الناس تبع لبرهم و فاجرهم تبع لفاجرهم ، فقال له سعد : صدقت ..." . و قال ابن حزم أثناء حديثه عن هذا الشرط و الأحاديث الواردة فيه أي : " الأئمة من قريش " جاءت مجيء التواتر رواها أنس بن مالك و عبد الله بن عمر و معاوية ، و روى جابر بن عبد الله و جابر ابن سمرة و عبادة بن الصامت معناها . بل إن الحافظ بن حجر العسقلاني قد قام بجمع طرق هذا الحديث عن نحو أربعين صحابيا . و هذا ما لا يدع مجالا للطعن في هذه الأحاديث أو تضعيفها . 5- الإجماع : فقد أجمع الصحابة و التابعون و من جاء بعدهم من فقهاء و متكلمين و محدثين على كون الأئمّة من قريش ، قال النووي : " هذه الأحاديث و أشباهها دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد غيرهم ، و على هذا انعقد الإجماع زمن الصحابة و التابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة " . 6- من العقل : ذهب الدهلوي إلى أن السبب الباعث وراء اشتراط النسب القرشي هو أن الله عزّ و جلّ أنزل القرآن و هو معجزة رسوله صلى الله عليه و سلم بلسان قريش ، و أن جُلّ ما تعيّن من مقادير و موازين و حدود كان مما هو سائدا عندهم ، كما أنهم قبل ذلك قومه و حزبه ، بل لا شرف لهم و لا فخر إلا ّ بعلوّ دينه ، قال تعالى : ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﭼ . و بنزول الوحي الكريم جمع الله فيهم حميّـــةً دينيّـــــةً ربطتهم أشد من أي حميّـــــــة ، إلى جانب حمية النسب ، و بذلك كانوا مَظِنّة القيام بالشرائع و التمسك بها دون غيرهم ، أضف إلى كل ذلك أن الخليفة يجب أن يكون جليل النسب عالي الحسب لأن من لا نسب له حقير ذليل في أعين الناس ، كما أنه يجب أن يكون من قوم عرفت منهم الرياسة و الشرف و جمع الرجال و القتال و القوة و المنعة و النصرة ، و هذا كلّه مجتمع في قريش . و لعل أبا بكر كان مدركًا لكل هذا حين قال في اجتماع السقيفة : " "و لن يُعرف هذا الأمر إلا بقريش " . و يرى الدهلوي أن الحكمة من وراء ذكره صلى الله عليه و سلم قريشا بالعموم دون تخصيص- كأن يقول بني هاشم مثلا- حتى لا يقع في خواطر الناس أنه أراد تمليك أهل بيته كما هو ديدن الملوك و القياصرة في ذلك الزمان ، فيكون ذلك سببا في افتتان الناس و ارتدادهم عن دين جاء لإعلاء شأن قوم أو قبيلة أو جنس دون آخر ، أو ربما رفعا للضيق و الحرج على الناس إذ من المحتمل ألا يوجد شخص تتوفر فيه جميع شروط الإمامة في القبيلة المحددة ، و وجودِه في غيرها و هذا ما يوقع الحرج و التعسير على الناس . ثانيا : عدم المشترطيـــــــــــــــــن : و أول من قال بعدم الاعتداد بالقرشية الخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي كرم الله وجهه و ذهبوا إلى أن كل مرشح امتاز بالعدل و اجتناب الجور و الظلم كان إماما . و ذهبت الضرارية إلى أن الإمامة تصلح في غير قريش ، بل أنه لو اجتمع قرشي و نبطي قدمنا النبطي لسهولة خلعه إذا جار أو خالف الشرع ، و ذهب الكعبي إلى أن القرشي أولى بها من غيره إلا إذا خشيت الفتنة فأن الإمامة تنتقل إلى غيره . و قد استدل هؤلاء و من وافقهم من المعتزلة و بعض أهل السنة بأدلة منها : 1- عن أبي ذرّ قال : " إن خليلي أوصاني أن أسمع و أطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف " . 2- و قوله صلوات ربي و سلامه عليه : " لو استعمل عليكم عبدٌ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا و أطيعوا " . 3- و قوله : " اسمعوا و أطيعوا و إن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة " . و هذه النصوص و غيرها تنفي القرشية بلا شكّ ، و ظاهرها يتعارض مع اشتراط كون الإمام من قريش بل إن ظاهرها يتعارض أيضا مع التوجيهات التي وجّه الفريق السابق لهذه الأحاديث . 4- الإطلاق الموجود في النصوص القرآنية ، كقوله تعالى : ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﭼ . 5- الإجماع : إذ لم ينكر أحد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال : " لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيًّا لم يخالفني فيه شك " ، أي لم يراودني شك في استخلافه مع أنه مولى و ليس بعربي فضلا عن أن يكون من قريش ، و لو كان ذلك ممنوعا شرعا لخلّد لنا التاريخ معارضة الصحابة له في هذه المسألة . و منه فسكوتهم هذا يعتبر بمثابة إجماع على الجواز . 6- قول الأنصار في السقيفة : " منا أمير ومنكم أمير " فلو كان شرط القرشية واجبا حقا ، و منصوصا عليه صراحة لما استطاعوا مخالفة النص ، و احتمال جهلهم بهذه النصوص ضعيف إن لم نقل ممتنع . منـــــــــــــــاقشة الأدلّـــــــــــــة : لو رجعنا و بحثنا في الأصول و المبادئ العامة التي جاء الدين الحنيف لإرسائها و تثبيتها في النفوس و العقول من حرية و عدل و مساواة ... و التي قررتها نصوص القرآن الكريم سنجدها تجعل أساس المفاضلة بين الناس التقوى و العمل الصالح ، قال تعالى : ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ ، و جاء عن الرسول الكريم صلوات ربي و سلامه عليه : " من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه " ، و الأحاديث المروية في تقديم قريش تتعارض مع هذه المبادئ رغم صحة سندها ، و لذلك ربما يكون سبب ورودها مما أملته الظروف السياسية و التاريخية للدولة الجديدة آنذاك ، خاصة و قد كانت دولته صلى الله عليه و سلّم أول دولة عرف العرب فيها وحدة ثقافية فكرية في كيان سياسي واحد ، لكن بمجرّد انتقال الرئيس الرسول عليه الصّلاة و السّلام إلى جوار ربّه لزم ظهور مثل هذه العصبيات للحفاظ على وحدة الأمة و الحيلولة دون التشرذم و الانقسام الذي بدأت أولى بوادره تظهر مع الاختلاف الذي حدث في سقيفة بني ساعدة و الذي لم ينتهي بمبايعة أبي بكر بل استمر و إن في شكل معارضة فردية كما هو الحال مع سعد بن عبادة و علي بن أبي طالب كرّم الله وجــــــهه ، ثمّ ليزداد حدة مع حروب الردّة التي كانت تجسيدا فعليا لهذا الاتجاه التشرذمي القبلي . و يذهب ابن خلدون إلى أن اختصاص الخلافة بقريش دون غيرها راجع لأن قريش كانت ذاتَ عصبية و كان لها من الزعامة ما يعترف به و يذعن له كل الناس فكان تفرّدها بالرياسة أدعى لجمع الكلمة ولمّ الشمل ، بل إنها لو جعلت في غيرها لاحتمل افتراق الكلمة ، و مع أنه هنا يريد أن يعمم الأنموذج القرشي في كل عصبية سائدة في أي عصر من العصور ؛ إلا أنه لقائل أن يستفهم : إن الأحكام تدور مع عللها وجودًا و عدمًا و بالتالي فبمجرد انتفاء العصبيات أو زوال اعتبارها يسقط الشرط . أضف إلى ذلك أن الإسلام ما جاء ليُضفي الشرعنة على العصبيات بل جاء ليحاربها ، و من جهة أخرى فالمجتمعات اليوم أصبحت لا تولي لرابط العصبية أي اهتمام بل حلّت محلها روابط اجتماعية ، سياسية ، ثقافية ... و من هنا فلا معنًى و لا اعتبار شرعي لهذا الشرط . كما أن الأحاديث المؤكدة على اختصاص قريش بالخلافة دون غيرهم قد جاءت في عمومها مقيّدة بشرطين : 1- بقاء قريش : و هذا واضح من قوله : " ما بقي منهم اثنان " ، و هو ما يرى فيه الدكتور المراكبي إشارة إلى أن قريش أسرع الناس فناءً ، أو ربما يقصد بقاء عصبيتها فإذا ذهبت العصبيّـــــــة ذهب الاعتداد بهذا الشرط في تعيين الإمام . 2- إقامة حق الله عليهم في هذا المنصب : و قد أشارت إليه عدة أحاديث مثل : " إذا استرحموا فرحموا و حكموا فعدلوا ، و عاهدوا فوفّوا " و قوله : " ما أقاموا الدين " فإذا انتفا هذان الشرطان جازت في غيرهم ، و يرى ابن حجر من خلال اشتراط رسول الله صلى الله عليه و سلم إقامـــــة الدّيـــن : أنهم - بمفهوم المخالفة- إذا لم يقيموه فلا سمع و لا طاعة لهم ، أو أنه لا يقام عليهم هذا القرشي إمامًا ، حتى و إن كان لا يجوز بقاؤهم من غير إمام . و هنا لسائل أن يقول : هل يمكن خلوُّ قريش ممن يصلح للإمامة ؟. لقد ذهب البعض إلى عدم الجواز لأن ذلك يجعل من الأحاديث السالفة الذكر لغوًا . و قال آخرون بجوار ذلك و لهم في ذلك عدة أدلة : أهمها قوله صلى الله عليه و سلم : " هلكةُ أمتي علي يدي غِلمة من قريش " و في رواية : " يُهلك الناسَ هذا الحي من قريش " . فالحديث يؤكد أنّ قريشا كغيرها من النّاس في مسألة الخير و الشرّ ، بل إنّ هلاك الأمة كما يقرر الحديث يكون على يد سُفهاء من قريش . و ما يذهب إليه الدهلوي أنّ هؤلاء الغلمة هم بنو أمية . أضف إلى كل ذلك أنه يمكن حمل هذه الأحاديث على الإخبار لا على الإلزام و الإجبار و هذا ما يتماشى مع قول عمر في حق سالم مولى أبي حذيفة ، و قبل ذلك اجتماع الأنصار في السقيفة مع أن احتمال علمهم بهذه الأحاديث كبير و هو ما يمكننا أيضا من الجمع بين الأحاديث التي استدل بها الفريقان . و الذي يذهب إليه الدكتور محمد ضياء الدين الريّس و هو ما نرى أنّه مقنع إلى حدٍ كبير من وجهة نظرنا احتمال تخصيص قريش بالمهاجرين دون غيرهم و هذا وارد جدًا ، فقد جاءت عدة أحاديث تؤيد ذلك ، و هو ما يُفهم من قول أبي بكر للمجتمعين يوم السقــــــيفة : " نحن الأمراء و أنتم الوزراء " فالضمير "نحن" يخص المهاجرين وحدهم دون غيرهم من قريش كما أن "أنتم" تشير إلى الأنصار دون غيرهم . و هذا ما يوافقه عليه طه حسين إذ حسب رأيه أن قول أبي بكر: " إن العرب لا تدين بهذا الأمر إلا لهذا النادي من قريش " لا يمكن أن يُفهم منه إلاّ المعنى الذي يتّصل بالمهاجرين و بأصحاب الفضل و السبق منهم خاصة . و ممّا سبق يُمكن القول أن القرشية مجرّد امتداد للعصبية القبلية التي فرضتها ظروف جغرافية و تاريخية و سياسية معيّنة ، ثم وجدت طريقها للفكر السياسي الإسلامي عن طريق : 1- مجموعة من الأحاديث الّتي و إن صحّ سندها فإن متنها يُخالف و بوضوح مبادئ الإسلام العامة الّتي جاء ليرسيها و من أبرزها رفض الاعتزاز و الاعتداد بالنسب و الشرف و العرق و القبيلة و ... و جَعْلُ الإسلامِ أهم أساس للانتماء و الاعتزاز دون غيره من وشائج التراب و الدّم ؛ لدرجة أن هذه الأحاديث تعارض نصوصا قرآنية و أحاديثَ نبويّة صريحةَ الدلالة على التساوي بين البشر ، قال تعالى: ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﭼ . و قال: ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ و هي آيات واضحة و صريحة تدعوا إلى الابتعاد عن أي انتمائيّة ضيّقة أو تعصّب مقيت أو اعتداد بالنّسب أو العرق ؛ و جعل الولاء و الانتماء للدّين الإسلامي . ونجد أحاديث مختلفة في هذا المجال منها : قوله صلوات ربّي و سلامه عليه : " من خرج من الطاعة، و فارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية، و من قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل، فقتلة جاهلية، و من خرج على أمتي يضرب برها و فاجرها، و لا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني" ، و قال: " ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية " 2- استعداد العقليّة العربيّة لقبول مثل هذه الأفكار ، ذلك أن العصبيّة " قِيمة " معجونة مع الطّينة التي خُلق منها العربي ، و مبثوثة في عقله الجمعي ، فرضتها أبعاد نفعيّة مصلحيّة بالدرجة الأولى ، بالإضافة إلى تأثرات الجغرافيا و الأوضاع السائدة آنذاك و قبل كلّ هذا و ذاك توق العربي للتحرّر من مختلف القيود ؛ وكل ما سبق لأسهم بشكل أو بآخر في تسلّلها إلى الفكر السياسي الإسلامي في صورة معدّلة محسّنة -القرشيّة- أُضفيت عليها الصبغة الدينيّة من خلال مجموعة من الأحاديث و الآثار . 3- محاولة فقهاء السّياسة الشرعية إضفاء الصبغة الدينية على الواقع الذي لم يستطيعوا مواكبة التغيّرات الحاصلة فيه ، و بذلك حصلت قطيعة شبه تامة -إن لم نقل التامة- بين ما ينظّر من جهة ، و ما يجسّد على أرض الواقع من جهة أخرى ، أو بين الواجب و الممكن التطبيق ، و بذلك أصبحت الكتابات في هذا المجال مجرد صورة من صور التعبير عن مكبوتات سياسية تخرج إمّا في صورة مثالية إلى أقصى درجة مثل ما هو الحال مع الفارابي و مدينته الفاضلة ، أو في مشروع سياسي محكوم عليه بالإقامة الجبرية إما في مخيال الكاتب أو بين دفتي كتاباته و لا أمل له في إبصار النور . و هذا كله لا يعني بحال من الأحوال طعنـًا في تلك المجهودات المشكورة التي ضمّت الكثير من الفرادة و التميز و القابلية للتطبيق و التي أنتجتها عقول كبار المفكرين في هذا المجال أمثال : المارودي ، ابن تيمية ، و ابن خلدون... ممن أنجبت الجغرافيا العربية . قائمة المراجع : -القرآن الكريم : رواية حفص عن عاصم . - ويل ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة زكي نجيب محمود، م1، ج2، دار الجيل، بيروت، لبنان، ط1، 1992. 2-أحمد أمين، يوم الإسلام، دار الأصالة، الجزائر، ط1، 2010 . 3- حسن حنفي، موسوعة الحضارة العربية الإسلامية، ج2، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت، لبنان، ط1، 1986 . 4- محمد سعيد العشماوي، الخلافة الإسلامية، ج1، سينا للنشر، القاهرة، مصر، ط2، 1992،. 5- أحمد أمين، فجر الإسلام، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ط10، 1969. 6-ابن منظور الإفريقي ، لسان العرب ، دار صادر ، بيروت ، لبنان ، دط ، دت . 7-مجمع اللّغة العربية ، المعجم الوسيط ، مكتبة الشروق الدوليّة ، مصر، ط4 ، 2004 . 8-ابن خلدون ، المقدّمة ، أحمد جاد ، دار قصر البخاري ، الجزائر ، ط1 ، 2012 . 9- محمد عابد الجابري ، العصبيّة و الدولة معالم نظرية خلدونية في التاريخ الإسلامي ،مركز دراسات الوحدة العربيّة ،بيروت لبنان ، ط6 ،1994ص . 10- خالد بن عبد الرحمن الجريسي ، العصبيّة القبليّة من المنظور الإسلامي ، مؤسسة الجريسي ، السعودية ،دط ، دت . 11- سعيد حوى، الإسلام، دار الشهاب، باب الوادي ، الجزائر، ط2، 1988. 12- طه حسين، طه حسين، الفتنة الكبرى، ج1، دار المعارف، مصر، د ط، د ت، ص 10-14. 13- ابن هشام، السيرة النبوية، تحقيق عادل بن سعد، ج2، دار الاعتصام، القاهرة، مصر، ط1، 2008. 14- عبد الله بن ناصر سلطاني السحيباني ،السياسة الخارجية للدولة الإسلامية في عهد النبوة ، رسالة ماجستير (غير منشورة)، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السعودية ،1979. 15 - الشهرستاني، الملل و النحل، تحقيق أمير علي مهنا،علي حسن فاعور،دار المعرفة، بيروت ، لبنان ، ط2 ، 1993. 16- محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، تحقيق على محمد عمر، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ط1، 2001. 17- محمد بن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو فضل إبراهيم، ج3، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط2، 1967. 18- عبد الله بن مسلم بن قتيبة ،الإمامة والسياسة ، تحقيق محمد محمود الرافعي، ج1، مطبعة النيل، شارع محمد علي ، مصر، ط1، 1904. 19- صالح عوض النظام السياسي في الفكر العربي الإسلامي، دار الشروق، القبة، الجزائر، ط1، 2010 . 20- نعمان عبد الرزاق السامرائي، النظام السياسي في الإسلام،مكتبة الملك فهد، الرياض، السعودية، ط2، 2000. 21- علي حسني الخربوطلي ، الإسلام و الخلافة ، دار بيروت ، لبنان ، ط 1 ، 1969 . 22- شايب خليل ، نظام الخلافة عند الشاه ولي الله الدهلوي دراسة تحليلية نقدية ، مذكرة ماجستير ، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ، قسنطينة الجزائر ، 2014 . 23- السيوطي، جلال الدين السيوطي،تاريخ الخلفاء، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت ، لبنان، ط1، 2003 . 24- البغدادي، أصول الدين، دار الفنون التركية،إسطنبول،تركيا،ط1 ، 1928 . 25- محمد الأمين الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن، إشراف بكر أبو زيد، ج1، دار عالم الفوائد، مكة المكرمة، العربية السعودية، ط1، 1426. 26- ابن حزم، ابن حزم الظاهري، الفصل في الملل والأهواء والنحل، تحقيق محمد إبراهيم نصر، عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، لبنان، ط2، 1996. 27- ابن حجر العسقلاني،فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق عبد العزيز بن باز وآخرون، ج7، دار المعرفة، بيروت، لبنان ، دط، دت . 28- النووي، المنهاج شرح مسلم بن الحجاج ، ج12،دار المصرية للطباعة و النشر،القاهرة،مصر،دط، دت . 30- الدهلوي، حجة الله البالغة، تحقيق السيد سابق، ج1، دار الجيل، بيروت، لبنان، ط1، 2005. 31- إحسان عبد المنعم عبد الهادي سمارة، النظام السياسي في الإسلام، دار يافا العلمية للنشر، عمان، الأردن، ط1، 2000 . 32- جمال الدين السيد جاد المراكبي، الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة، مطابع ابن تيمية، القاهرة، مصر، ط1، 1414هـ . 33- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق عبد العزيز بن باز وآخرون، ج13، دار المعرفة ، بيروت، لبنان، دط، دت . 34- محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، دار التراث، القاهرة، ط7، د ت .
#شايب_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع السياسي على السلطة ... قراءة في العهد الراشدي .
المزيد.....
-
سوريا.. إحترام حقوق الأقليات الدينية ما بين الوعود والواقع
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة ليست حربا بل وحش
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل
...
-
وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
-
بالصور.. الزاوية الرفاعية في المسجد الأقصى
-
جماعة -الإخوان المسلمون- تنعى الداعية يوسف ندا
-
قائد الثورة الاسلامية: اثارة الشبهات من نشاطات الاعداء الاسا
...
-
قائد الثورة الاسلامية يلتقي منشدي المنبر الحسيني وشعراء اهل
...
-
هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س
...
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|