|
مآل الحكم في تونس في ظل إدارة السبسي الأب والابن والأصهار..
بدر السلام الطرابلسي
الحوار المتمدن-العدد: 5245 - 2016 / 8 / 5 - 17:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مآل الحكم في تونس في ظل إدارة السبسي الأب والابن والأصهار.. بدر السلام الطرابلسي* في علم النفس، الطفل المدلل هو ذلك الطفل الذي لا يرد له طلب، إذ ينشأ على تلبية رغاباته مهما كانت طبيعتها وثمنها. فوالداه لا يرفضان له طلباته في الغالب. وهكذا يتربى على أن كل ما يرغب فيه ويريده لا يحققه بنفسه، وإنما عن طريق الآخرين دون بذل مجهود. وإذا غاب الآخرون فعليه أن يجد أقرب الطرق وأيسرها للحصول على مبتغاه حتى وإن كانت هذه الطرق غير شرعية ومخزية. لأنه ببساطة لم يتربى على كيفية الحصول على ظالته ولا كيف يضع حدا لرغباته ولا كيف يصبر في حالة فقدانها او انعدامها. وبالمثل احتفظ الحافظ ابن أبيه الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية على هذه الصفات التي تكتسب عند الانسان منذ التنشئة، وإلا مالذي يجعله يوظف آلة حزب أبيه نداء تونس الذي أوصل السبسي الأب لرئاسة تونس لخدمة أغراضه ومصالح حاشيته في الحزب مهما كانت مشطة ولا مسؤولة بل وعبثية في بعض الأحيان؟ كل ذلك دون رقيب او حسيب بل وبماركة الأب الرئيس. ولعل أقوى تجليات هذه الدراما العائلية "الهزلية" تمثلت في إقالة رئيس الحكومة الحبيب الصيد إرضاء للسبسي الابن لأن الصيد لم يقدر على تلبية كل رغباته ونزاوته ولم يمكنه من كل "اللعب" التي أراد الحصول عليها. وهذا لا يبرىء الصيد من خضوعه لمراكز قوى سياسية اخرى جعلته كالدمية في يديها، ودون الحديث عن عدم جرأته على محاسبة الفاسدين من رجال أعمال وموظفين كبار في الدولة. أنا ومن بعدي الطوفان الوقوف وراء إقالة الصيد ليست الخطوة الوحيدة التي دعم فيها السبسي الأب السبسي الابن، فقد سبق وان دعمه ضد محسن مرزوق الأمين العام السابق لحزب نداء تونس في معركته للهيمنة على الحزب مما تسبب في انقسام الحزب وتأسيس مرزوق لحزب جديد "حركة مشروع تونس". هذا الدعم أضعف الحزب وجعله عرضة للاختراقات والضغوط من قوى سياسية خصمة (حركة النهضة) ومن لوبيات الفساد وبارونات التهريب. لا ننسى ان شفيق جراية "رجل الأعمال" المتهم، حسب العديد من التقارير الصحافية، بتأسيس الاقتصاد الموازي وتجارة التهريب التي أنهكت الاقتصاد الوطني التونسي بسبب التهرب الضريبي والحلول محل التجارة الوطنية، لا ننسى ان هذا الرجل دعم السبسي الابن خلال معركته ضد محسن مرزوق من اجل الهيمنة على حزب نداء تونس. هذا دون الحديث عن دعمه وتمويله للحملات الانتخابية للحزب من أجل الرئاسية والتشريعية في سنة 2014 والتي فاز بهما حزب نداء تونس. هذا العبث المتواصل من المسؤول الأول في اهم حزب في البلاد غير مستغرب، فالرجل لا ماضي سياسي له ولا خبرة في إدارة الشان العام ولا تجربة صلبة في الأحزاب ولا حتى شهائد في حدها الدنى كشهادة الباكلوريا. مؤهلاته الأهم هي انه ابن أبيه السبسي، وشبكة علاقات مشبوهة مع لوبيات المال والفساد والتهريب تجعله يسير البلاد من خلف الستار وكأنها دميته المفضلة. وإن حصل شيء وانزلقت البلاد نحو الكارثة فهؤلاء هم أول من يقفز من السفينة وهم أول من يعمل بشعار "انا وبعدي الطوفان". المحسوبية في تعيين الأقارب السبسي الأب لم يخرج من هذه الدائرة، فقد قام بتعيين يوسف الشاهد أحد أقاربه لمنصب رئاسة الحكومة خلفا للحبيب الصيد. إذ لا يكفي ان الشاهد يحمل حقيبة وزارية في الحكومة الحالية ليقوم بترقيته لرئاستها، مما جعل قطاعا واسعا من الراي العام والسياسيين يرفضون هذا الترشيح، على اعتبار انه يدخل في خانة المحسوبية خصوصا وان الشاهد لا يملك خبرة سياسية كبيرة وشهائده تقتصر على قطاع الفلاحة ولا يملك تجربة في إدارة الشأن العام. وبالرغم من ان العديد من المراقبين للعلمية السياسية في تونس اعتبروا ان اللجوء للبرلمان لسحب الثقة وتغيير رئيس الحكومة أمر ديمقراطي محمود وأفضل من التغيير الذي يقوم على الاقتتال، إلا ان تعيين الرئيس لقريبه لمسك أعلى سلطة حكومية خصوصا في ظل افتقاده للخبرة والتجربة السياسية الصلبة وقلة الشهائد في هذا المجال، إضافة لعمله السابق لصالح السفارة الامريكية، يعتبر هذا التعيين استهتارا بمستقبل البلاد التي تعيش ازمة اقتصادية وسياسية خانقة ومهددة في وجودها من ثالوث الارهاب والتهريب والفساد. كلمة أخيرة السبسي الأب، وكأي سياسي انحاز لعائلته وأقربائه على حساب الدولة والشعب، وينهي مسيرته السياسية، بعد جائزة نوبل للسلام، بارتباط اسمه بالمحسوبية والتطبيع أو غض الطرف عن الفساد والولاء للعائلة ولمجتمع "البِلدِيَّه"الذين ينحدر منهم، والذين وضعهم في العديد من المناصب داخل تونس وخارجها، على حساب الوطن التي هو أكبر منه ومنهم جميعا. الآن، وأكثر من أي وقت مضى، تونس في حاجة لحراك مدني واسع وقوي لوضع حد لطوفان الفساد والمحسوبية في الحكم وفي الاقتصاد، والذي يكاد ان يغرق البلاد ويضعها في مواجهة مستقبل غير معلوم الملامح. *كاتب صحافي تونسي مقيم بالدوحة (E) [email protected] (F) Badr Essalem Trabelsi
#بدر_السلام_الطرابلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنصف المرزوقي.. الحقوقي والعلماني المعتدل؟
-
زياد الهاني: أحد ضحايا دكتاتورية الاخوان الناشئة
-
الطاهر الحداد وجوهر المشروع الحداثي التونسي
المزيد.....
-
رئيس الوزراء الفرنسي يدعو النواب لـ-التحلي بالمسؤولية- وحكوم
...
-
سوريا.. مدى تهديد فصائل المعارضة وتحركاتها السريعة على بقاء
...
-
أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم يعاقب إسرائيل
-
هل فعلا يجب شرب 8 أكواب من الماء يوميا؟
-
نصائح لتعزيز منظومة المناعة في الشتاء
-
مصر ترفع اسم ابنة رجل أعمال شهير من قائمة الإرهاب
-
عيد البربارة: من هي القديسة التي -هربت مع بنات الحارة-؟
-
من تاباتشولا في المكسيك إلى الولايات المتحدة.. مهاجرون يبحثو
...
-
منطقة عازلة وتنازل عن الأراضي.. كيف يخطط ترامب لإنهاء الحرب
...
-
رغم العقوبات على موسكو.. الغاز الروسي مازال يتدفق على أوروبا
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|