|
ليلة تمرمر الجيش على أردوغان(4)
كاظم الحناوي
الحوار المتمدن-العدد: 5243 - 2016 / 8 / 3 - 19:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليلة تمرمر الجيش على أردوغان(4) كاظم الحناوي كثير من المدن تحمل أسماءا أو تضع شعارا قلما كانا يتطابق مع واقع الحال لكن إسم مدينة مرمرة في اللغة العربية والقادمة من مصدر مرمر .. وقد ذكرنا في الاجزاء السابقة معنى البعض وسنكمل اليوم ايضا. تَمَرْمَرَ الجيش على رئيسه : أي تأَمَّرَ عليه كنت أستنشق رائحة غامضة وغارقة في شك لايزول.. فأذهب في شوارع المدينة وأحراشها..في عجلة من أمري، بعدها تركت لضنوني أن تبحث بهدوء يوازي الهدوء والوقار الذي تنبض به ... رغم إني وصلت المدينة حزين مثخن بالجراح إستقبلتني باسمة، شوارعها شبه عارية ، ترفع عنك الحياء، ويتبختر فيها السياح بخيلاء، المدينة أوربية بحاضرها، وتتوزع بين أركان تاريخها عثمانيون يمتطون صهوة خيولهم ، رغم ذلك فكن حذرا من شمسها فقد القتني أرضا ، ووقعت مغشيا، لكن أبناء المدينة لم يترددوا عن حملي على أكتافهم، قضوا ليلة كاملة يسهرون على راحتي، وقد رأيت شقها الغربي يتوق لشقها الشرقي، لتكون مدينةً عالمية تحمل مختلف الثقافات، تشرق عليها شمسٌ التسامح، تحت سماء واحدة. أدرك المتطرفون القيمة الجمالية لتركيا هذه البقعة الجغرافية الجميلة، التي تجمع بين البحر والجبل، وترتفع عن لغة الضغائن والاديان والطوائف، لذلك هم يحاولون إقلاق راحتها ليمنعونا من رؤية تعاريج تركيا الجميلة والتواءاتها الساحرة، والتي في سمائها تسطع الشمس وتزهو، وترسل من عليائها أشعتها الذهبية على رمالها وتلالها، ليتوافد السياح من كل حدب وصوب، يتمتعون بالجمال الطبيعي الخلاق ، الجبل يحتضن البحر،ساحل من المطاعم والاستراحات، العاب بحرية وسفرات سياحية. ما حصل في مرمرة ليلة 15 تموز 2016 ليس بجديد لأن تاريخ تركيا المعاصر مليء بالانقلابات، على معنى الانتقال من حاكم لأخر، ومن نهج إلى نهج يخالفه. وقال الانقلابيون في بيانهم إن "مجلس السلام" استلم السلطة وفرضوا حظر التجوال في أرجاء تركيا. فيما رد قائد حزب الشعب العلماني إن تركيا شهدت في السابق ما يكفي من الانقلابات ولهذا لن تتكرر هذه المحنة. ووقف الحزب القومي التركي أيضا خلف الحكومة في مساعيها لإحباط الانقلاب. لكن الفارق يقاس بين هذا الانقلاب وبين الانقلابات السابقة.ان قادة المؤسسة العسكرية هم من يقومون بذلك في السابق. ويكون الاستعداد لدى الناس حين يطرحوا حججهم ، ويحتكموا الى الدستور بإعتبار ان الجيش هو حامي العلمانية في تركيا وفي كل الاحوال، التزم المنقلبون، أو معظمهم، بإعادة السلطة الى حكومة مدنية منتخبة. ولكن رفع يد الجيش عن حماية العلمانية في تركيا الان ليس سياسة، ولا نهجاً، بل هو مثبت بالدستور، بعد أن تصدى لذلك حزب التنمية والعدالة، فيما كان قائد الانقلاب ليس بقائد حاليا لكتلة أو مجموعة أو قطاع من الجيش. كان يفصل بيني وبين فندق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عشرات الامتار لاغير الرئيس التركي يقيم في فيلا ملحقة بفندق كاسا دي ماريس، الفيلا التي أقام فيها أردوغان مملوكة لعائلة المرحوم ابراهيم يازجي رجل الاعمال السابق، ولم يتبين ان كان ولده سيركان يازجي، رئيس مجلس إدارة بورصة سبور قد قدم الدعوة لاردوغان للاقامة في الفيلا أم ان أردوغان دفع تكاليف الاقامة لقضاء عطلة عيد الفطر في الفيلا .. كنت أقيم ليس ببعيد عن المكان في فندق الالماس الطبيعي الاخضر، فلم أرى أي قوة عسكرية أمام الباب الخلفي للفندق حين دخلته حبا في الاستطلاع، تبعني احد حراس متسائلا ان كنت مقيم هنا فقلت: لا. قال: ممنوع التجول داخل الفندق لغير المقيمين .. وهو تصرف طبيعي لم أرى فيه أي شائبة.. ليلة الانقلاب اصاب السائحون في المدينة هالة من الهلع والخوف بعد اصوات اطلاق النار والتفجيرات ،لانهم لم يعرفوا إن الرئيس التركي موجود فيها رغم ماذكرته الصحافة التركية من استنتاجات عن عطلة الرئيس في مرمرة .وقد نقل سكان مرمرة في اليوم التالي ماحدث تلك الليلة من احداث... نتيجة الخوف و الريبة من ان تكون هناك مجموعة ارهابية قد سيطرت على المدينة او عمل ارهابي يستهدف الاجانب ... الهجوم على مقر اقامة اردوغان استبق الاعلان الرسمي عن الانقلاب بأكثر من ساعة ، هذه المخاوف قد تبددت ولكن لم تنتهي حين اعلن الانقلابيون بيانهم الاول .. فتجمع الناس في ساحة المدينة الرئيسية .. بعد ان علموا بوجود الرئيس في مرمرة بين مستنكر للعمل وفيهم من تفاجأ من هول الصدمة.. خاصة ان المدينة تعيش على السياحة .. وما سيتسبب به الانقلاب من تغيير ومشاكل على الناس والحياة في المدينة.. قاد القوة التي توجهت الى فندق كاسا دي ماريس الميجور شكري سسيمن وساعده النقيب تانر بربر من فريق البحث والانقاذ الحربي، وضابطا صف هما إلياس يشار وغوكهان غوتشلو لالقاء القبض على الرئيس التركي الا ان المحاولة بائت بالفشل بعد ان غادر اردوغان الفندق قبل ذلك بدقائق فيما بقي بالخارج بعض افراد الحماية الذين لم يعرفوا بمغادرة الرئيس والذين تصدوا للقوة المهاجمة.. ثمة سيناريو نادر تختزنه ذاكرتك ان كنت زرت المدينة من قبل .. المشهد المسائي في مرمرة حمله صعب.. لكنه جميل بدون نهايات .. تحاول النوم ولكن من ينام وهو يحمل كل هذا العبأ؟!
التتمة في الجزء القادم
#كاظم_الحناوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليلة تمرمر الجيش على أردوغان (3)
-
ليلة تمرمر الجيش على أردوغان (2)
-
ليلة تمرمر الجيش على أردوغان (1)
-
بعد تعليق عمل الدورة الاربعين لليونسكو في إسطنبول يوم أمس
-
الى الراقصين على الطبل الايراني : أثارنا في مهب الريح...
-
رمضان في بروكسل عالمان في مدينة واحدة
-
دعم ترشيح المدن الاثرية ( اوروك ،اور، اريدو ) واهوار جنوبي ا
...
-
بروستريكا الغنوشي نقلت الراية من الأيدي المتوضئة
-
ليبرمان سيأتي بالسلام والرخاء للشرق الآوسط !
-
بين الشيوخ والأمراء :العدالة ضد راعي الإرهاب
-
هكذا حولنا العمال الى معممين!
-
بيانات نيسان عنوان للمملكة السعودية الرابعة
-
بمناسبة يوم التراث العالمي: أوروك اللبنة الأولى في هذا الترا
...
-
محاضرة الشيخ محمد الصافي في قضاء الخضر
-
بمناسبة 7 نيسان:البعث آلية أثبتت نجاحها!
-
امريكا المرشحان الرئيسيان ضحية ونصاب! (3)
-
امريكا المرشحان الرئيسيان ضحية ونصاب! الجزء الثالث
-
امريكا المرشحان الرئيسيان ضحية ونصاب! الجزء الثاني
-
الدعاية الانتخابية : امريكا المرشحان الرئيسيان ضحية ونصاب! ا
...
-
25 عام على الانتفاضة وهدأة الامل بالعدل في هذا الوطن
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|