هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث
(Havalberwari)
الحوار المتمدن-العدد: 5243 - 2016 / 8 / 3 - 10:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صحيح أن النظرية الماركسية المبنية على أسس اقتصادية من حيث العلاقات الاجتماعية والدولية صائبة الى حدما
لكن هذا التحليل المادي البحت خطء فكري وخلل ثقافي وقع فيه كثير من مثقفينا
فتقييم علاقات الدول على أسس مصالح اقتصادية فقط
وغض النظر على عوامل أخرى قد تكون أكثر أهمية لكن يتم تغطيها بأبعاد أقتصادية هو خلل فكري يجب أن يتدارك المثقف كي يقيم إعوجاجها فأساس المصالح المشتركة في النظام العالمي هي فعلاً وفق أطر مادية لكن بشرط أن تكون ضمن فلكها الثقافي ومنظومتها القيمية التي تسمى بالنظام العالمي الجديد !!
وماعدا ذلك سيتم إزاحتها عن الساحة بكل قوة أو يتم إعادة صياغتها بحيث تتوافق مع قيمها الثقافية والحضارية
فالغرب يقيم أولويات علاقاته على أسس ثقافية وعقائدية وهو لم ينسى أبداً ( هويته)!!
أي الهوية الدينية والوطنية ؟؟
فالأوروبيين مثلاً قبلوا بانضمام دولة أوربية منهارة اقتصادياً كاليونان إلى الاتحادالأوروبي وهم مستعدون لصرف مليارات الدولارات على اقتصاد اليونان كي تبقى عضواً في الاتحاد، لكنهم رفضوا انضمام تركيا الصاعدة اقتصادياً بسرعة فائقة للغاية خاصة في الآونة الأخيرة انتقلت من مرتبة 111 الى مرتبة 16 في الاقتصاد العالمي
لأنهم يعتبرون أن أوروبا والإتحاد الأوروبي هو نادي مسيحي ؟؟
ومهما فعلت تركيا لن يقبلوا عضويتها مطلقاً كونها ليست مسيحية!
أي السبب الحقيقي وراء عدم عضويتهاهو ثقافي وديني مرتبط بهوية الغرب!!
بل أن ماجرى في الآونة الأخير من عملية الانقلاب كان في حقيقتها عملية إعادة تركيا الى داخل المنظومة الغربية كي لاتستقل بقراراتها وتخلق نظامها بنفسها .......
فما يسمى بالعولمة رغم مافيها من إيجابيات إلا أن أصل فكرتها هي غطاء فكري غربي ، الغرض منها تمييع وإختزال ثقافات وهويات الدول وترويضها كي تدور في فلكها كي يتم بعد ذلك نهب ثرواتها ؟
وأي ثقافة تبرز على الساحة الدولية تخالف ثقافة النظام العالمي المرسوم فأنها ستتعرض بشتى الطرق كي يتم الإنقضاض عليها!!
بل حتى في الداخل الغربي ستجد أن هناك صراعاً مستميتاً. للحفاظ على الهوية الوطنية
فالاستفتاء البريطاني الذي حدث في الآونة الأخيرك وقرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي كان له جانب إقتصادي لكن الجزء الأهم والذي لايعلن عنه أنه أظهر بشكل واضح وجلي أن البريطانيين باتوا يضيقون ذرعاً من المهاجرين الأجانب، حتى لو كانوا من الأوروبيين المسيحيين، فما بالك لو كانوا من الديانات الأُخرى فقد أصبحوا يشعروا أن الأوروبي الشرقي القادم من بولندا وبلغاريا ورومانيا يهدد هويته الوطنية والثقافية، ولا بد من أن يتوقف تدفق المهاجرين الأوربيين الشرقيين.
وإذا كان الأوروبيون المسيحيون يميزون ضد بعضهم البعض على أساس عرقي، فلا بد أن يكون لهم موقف من أصحاب الديانات والحضارات الأخرى التي تمتلك قيماً وثقافات وعقائد وتتميز بهويتها الثقافية المانعة من الأنحلال باسم العولمة في بوتقة النظام العالمي الجديد.....
#هفال_عارف_برواري (هاشتاغ)
Havalberwari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟