ما الحكمة من تشويه النبى إبراهيم ؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 15:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ما الحكمة من تشويه النبى إبراهيم ؟
طلعت رضوان
لماذا غضب الرب من ملك مصر، رغم أنه دفع مهر ساره؟
لماذا كانت التفرقة بين إسحاق وإسماعيل ؟
لماذا أذلــّـتْ ساره هاجر؟
استوقفنى ما ورد فى التوراة عن النبى إبراهيم ، وتأكــّـد بحديث عن نبى الإسلام ، فالتوراة جاء بها أنّ إبراهيم عندما دخل مصر قال لزوجته ساره ((قولى إنك أختى ليكون لى خيرٌ بسببك)) ورغم أنّ ملك مصر أعطاه مهرها (غنم وبقر..إلخ) فإنّ الرب غضب ((وضرب فرعونَ وبيته ضربات عظيمة)) فقال له ملك مصر ((لماذا لم تخبرنى أنها امرأتك وقلتَ هى أختى)) (تكوين:12) وتكرّر نفس الموقف عندما ذهب إبراهيم إلى فلسطين فقال لرئيسها (أبيمالك) إنّ ساره أختى ، فاستنكر ملك فلسطين فعلته (تكوين:26) فلماذا جاءتْ شخصية إبراهيم بهذه الصورة ، التى أظهرته بهذا المظهر اللاأخلاقى ؟ خاصة أنه أخذ صفة (أبى الأنبياء) فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) ؟ ولماذا كان كاتب التوراة (فقير الخيال) وهو يكتب سيناريو دخول إبراهيم وزوجته مصر، حيث أنه وقع فى عدة مغالطات منها قوله إنّ سبب ذهابهما إلى مصر (الجوع. وأنّ الجوع كان شديدًا. وأنّ سارة امرأته حسنة المنظر. فقال لها : إذا رآكِ المصريون أنهم يقولون هذه امرأته فيقتلوننى بسببك.. فقولى إنكِ أختى..إلخ) وهذا النص يضع أمام العقل الحر التساؤلات التالية :
1- كيف تكون ساره (حسنة المنظر) رغم أنّ كاتب التوراة ذكر أنها وزوجها أتيا من الصحراء وعانا من الجوع ؟
2- كيف تكون حسنة المنظر بينما ذكر كاتب التوراة أنّ عمرها عندما دخلت مصر65سنة، وتعانى من الجوع الشديد ؟
3- كيف رضى ملك مصر بهذا الزواج من ساره ؟ وهل مصر لم يكن فيها فتيات جميلات فى سن الشباب ؟ ولماذا أعطى لإبراهيم مهر ساره من غنم وبقر..إلخ فهل ملك مصر كان شديد البلاهة إلى هذه الدرجة ؟
4- لماذا غضب رب بنى إسرائيل من ملك مصر، وأنزل عليه لعناته ، بينما من يستحق العقاب الذى ادّعى أنّ زوجته أخته ؟
5- لماذا عاد إبراهيم وزوجته إلى مصر، رغم فعلته اللا أخلاقية ؟ ولماذا استقبله ملك مصر؟ وأكرمه من جديد ، ولماذا أعطاه (جارية) اسمها هاجر؟ فلماذا تـمّ تصوير ملك مصر بالبلاهة ؟ فى السيناريو العبرى عن تشويه صورة إبراهيم ؟
6- ما تفسيرموقف ساره اللا أخلاقى عندما وافقتْ زوجها على طلبه بإنكار علاقتهما الزوجية ؟ وما تفسير موقفها عندما طلبتْ من زوجها أنْ يـُـعاشر (الجارية هاجر) وكان تبريرها ((لعلى أرزق منها بنين)) فنفــّـذ إبراهيم رغبتها (تكوين:16) فهل توجد امرأة تقبل على نفسها أنْ يـُـضاجع زوجها امرأة غيرها ؟ بل إنّ النصّ ورد به أنّ ساره قالت لزوجها ((أنا دفعتُ جاريتى إلى حضنك)) وبعد أنْ ظهرتْ بوادر الحمل على هاجر فإنّ ساره ((أذلــّـتْ هاجر)) ووافقها إبراهيم على ذلك. وجاء فى هذا السيناريو الهزيل أنّ هاجر هربتْ من وجه ساره ، فكيف عادتْ ؟ لابد من تدخل الميتافيزيقا ، حيث أنّ (ملاك الرب قابل هاجر) وأمرها بالعودة إلى مولاتها والخضوع لأوامرها. وبشـّـرها بأنها ستلد ابنــًـا اسمه إسماعيل وأنه ((سيكون إنسانــًـا وحشيــًـا) فلماذا هذا الموقف من إسماعيل ؟ وأليس هذا الموقفف هو الجذرالذى تسبـّـب فى التفرقة بين المسلمين/ العرب واليهود رغم أنّ الإثنيْن ينتميان إلى التقسيم غير العلمى بين أبناء سام وأبناء حام ؟ وكيف حملتْ ساره وأنجبتْ إسحاق وعمرها90سنة ؟ وإبراهيم عمره100سنة ؟ وبعد ولادتها قالت لزوجها ((اطرد الجارية هاجر وابنها. لأنّ ابن هذه الجارية لا يرث مع ابنى إسحاق)) ولما اندهش إبراهيم من كلامها قال الرب ((فى كل ما تقول ساره اسمع قولها))؟ (تكوين:21) ولماذا أمر الرب إبراهيم بأنْ يذبح ابنه إسحاق وليس إسماعيل؟
7- ولماذا كافأ الرب إبراهيم بعد فعلته حيث كتب كاتب التوراة ((فى ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام (إبراهيم فيما بعد) ميثاقــًـا قائلا : لنسلك أعطى هذه الأرض ، من نهر مصر إلى النهر الكبير نهرالفرات)) (تكوين:15)
وبينما كان هذا هو موقف التوراة من إبراهيم ، فإنّ القرآن كرّمه فى أكثر من سورة وأكثر من آية مثل (ولقد جاءتْ رسلنا إبراهيم بالبشرى)) (هود/69) و((عهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أنْ طهرا بيتى..إلخ)) (البقرة/125) و((إنّ إبراهيم كان أمة)) (النحل/120) و((ولقد آتينا إبراهيم رشده)) (الأنبياء/51) و((بوّأنا لإبراهيم مكان البيت)) وخاطب القرآن المسلمين قائلا لهم ((ملة أبيكم إبراهيم)) (الحج/26،78) كما أنّ القرآن طلب من موسى أنْ يتلو على قومه نبأ إبراهيم (الشعراء/69) ورغم هذا التكريم فإنّ أبا هريرة ذكر حديثــًـا عن الرسول كذب فيه النبى إبراهيم فى ثلاثة أشياء ، حيث قال ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذب إبراهيم فى شىء قط إلاّ فى ثلاث : ثنتيْن فى ذات الله قوله إنى سقيم ، وقوله بل فعله كبيرهم ، وقوله ساره هى أختى)) (الطبرى – تاريخ الأمم والملوك- مؤسسة الأعلمى للمطبوعات- لبنان- عام1983- ج1- ص173) كما تشابه القرآن مع التوراة إلى حد كبير حول عمر إبراهيم وسارة ، حيث أنه كما ذكر الطبرى، أنّ قوم لوط بشـّــروا ساره بأنها ستلد ولدًا اسمه إسحاق.. فضحكتْ وقالت ((يا ويلتى..أألد وأنا عجوز- عقيم) وكانت ساره يومئذ ابنة تسعين وإبراهيم ابن عشرين ومائة سنة)) وأضاف الطبرى (عن آخرين) أنّ إبراهيم ألقىَ به فى النار وهو ابن ست عشرة سنة (المصدرالسابق- ص175) (وكأنّ هؤلاء الرواة كانوا هناك وتمكــّـنوا من تحديد عمره وشاهدوه وهو يـُـلقى فى النار) كما أنهم كرّروا ما ورد فى التوراة عن ((غيرة ساره بعد أنْ حملتْ هاجر من إبراهيم)) وكرّروا (والأدق نقلوا) ما ورد فى التوراة من أنّ ساره ((قالت لإبراهيم تسرّ بهاجر، وأذنتْ له فوطئها فحملتْ بإسماعيل)) إلى آخر ما ورد فى التوراة ، ليس ذلك فقط وإنما ذكروا أنّ جبرائيل تكلم مع هاجر (ص177) ولذلك كان ابن خلدون على حق عندما ذكر أنّ المؤرخين العرب والمسلمين لا يـُـعـتمد عليهم ولا يـُـعتد بكتاباتهم وانتقدهم بشدة.
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات