|
العرب الذين نعوا عراقهم
ابراهيم محمود
الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 10:37
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
العراقيون الذين عبّروا في انتخاباتهم، أن لا مفر من الدخول في التاريخ، لئلا يبقيهم خارجاً ما بقوا هم في تضادهم وتناحرهم، أدركوا بحسهم التاريخي الذي لا مفر من تجسيد وتمثيل حكمته، أن ثمة فرقاً كبيراً، بين أن تكون في القطار العربي العروبي الداخل في تيه التاريخ: التيه اللاتاريخ، وأن تكون في القطار العراقي السريع البديع، بعيداً عن صفارة الانطلاق العربية العروبية، والكابيتان العروبي الموصى عليه بخلافة محروسة منحوسة، ومراقبي البطاقات الخاصة بالتوزيع القيمي العروبي العقائدي العقدي اللاتاريخي، كما هو الفرق الكبير الكبير بين أن يشهد المرء يومياً نعيه الذاتي، وحفار قبره يكون، وأن يشهد تاريخه المغاير لتاريخ المقابر الجماعية ذات الصلة بفطاحل العروبيين داخل الحدود: السدود: القيود العراقية وخارجها، وتاريخ الوصايات والنفايات العقائدية المميتة ذات الصلة والأصل في الوصل بأمة تفترس لحم بنيها في وحامها الدموي، كما تقتضي طقوس إدارة السلطة الخاصة بها، وتتاجر بهم حيثما كانت بورصة محلية، إقليمية، دولية، ليمد الله في عمر النظام العربي: العروبي، العفلقي، الاسلاموي الخندقي، كما كان الله المولَّف، منذ تاريخ( الفرق بين الفِرَق)و( الفصل في الملل والأهواء والنحَل)... والعرب العروبيون بعراقييهم صحابة صدام وتابعيهم وتابعي تابعيهم، ومدوني أخبارهم وأحاديثهم ومنمقيها ورواتهم، وولاتهم وعتاتهم وقضاتهم وحماتهم الذين يتوعدون بالويل والثبور، والقتل بالجملة والدفن حياً بالجملة في القبور، كل من تسوّل لـه نفسه، بشم النسيم التاريخي خارج القطار العربي الأغبر، والنظر خارجه لمعرفة أي جسد موميائي بات جسده. العرب العروبيون خارج العراق : البوابة الشرقية لأمة العرب المنكوبة في ذاتها، وهم يعبرون في انتحاباتهم، عن المصاب الجلل لهم، وقد أدرك شهريارهم: شهرعارهم الصباح، وتوقف مرغماًعن القتل الشرعي المباح، وهو رهانهم خليفة الحجاج السفاح، كيف أن المضي بعكس مسار التاريخ يصدمهم، وكيف أن الوصاية بلغة النار والدم ، قد فقدت مناعة الاستمرار في رسم مشاهد الموت المرسمل عربياً في المجمل، حيث تتدوم رؤية الأبرياء وقد تناثرت أشلاؤهم بفعل متعمد ممدوح عليه عربياً من مائه إلى مائه، أعني من دائه إلى دائه في حيزه المرسوم ذاك، طالما كل قتيل ظلماً، كان يسمى قتيلاً فقط، وكل قاتل بغياً وطغياناً ، كان يسمى مقاوماً في العرف العروبي الاسلاموي، وبالمقبل تكون أنخاب ممثلي النظام العربي ومتعهديه، على شرف كل جريمة، يستحيل فيها الجسد العراقي المنسوف: بعربيّه المهدور قيمة، وكرديه المقهورتاريخاً، وآشوريه الممهور زيف انتماء، وتركمانيه المحصور بين تاريخين لا يشرفان تاريخاً، يستحيل قدحاً، والدماء المسفوكة المراقة خمراً ساخنة حمراء تثمل شاربها: مدمنها السلطوي العروبي- الاسلاموي، وبطانته ومداحيه وإعلامييه وكتبته هنا وهناك. ( قسّم شرقي عراقي)! لكل أعراقه، ليستعيد العراق أصداء أوركسترا تواريخه بالجملة، حيث كل تاريخ ينفخ في آلته ذات الشأن بالحياة: من السومريين والميتانيين مروراً بالآشوريين والميديين والبابليين والعباسيين وانتهاء بكل صداح بعلامة تمايزه، ومأخوذ بجغرافية تلهم الجميع بتاريخ مشترك، لا مناص من التحول إليه، لأن خلاف ذلك، يعني أن الجميع قاب قوسين إلى التلاشي أو أدنى، وليس (قسّم): فرق تسد، كما برعت في ذلك أنظمة ضادية المدار والاعتبار، لا تقوم لها قائمة، ولا يغمض لها جفن، ولا يهنأ لها بال، حيث أخوان يتهامسان في ود، وعاشقان يتواعدان حباً، وزوجان يتبادلان غراماً شبوبياً دونما قلق أو خوف من رقيب غريب، ومخبر رهيب. شاء يوم 15 كانون الأول2005، أن يكون اليوم الأول من إعلان النظام العربي المتاجر بالتاريخ والجغرافيا وما بينهم من جن وإنس وخفاف الطير وصنوف البهائم الأخرى معاً، يوماً أسود سواد نياته في ميقاته الموقوت عسفاً ونسفاً وقصفاً ببدائع خرائبه ومصائبه، اليوم الأول لنعيه للمشهود له، نعي ما كان يراهن عليه، وقد ارتد إليه مأخوذاً بهول المفاجأة، وهو الذي سعى ويسعى جاهداً إلى أن يحيل العراق، إلى قاع صفصف، خوف أن تكون ديمقراطية مهددة لـه، بصفته النقيض لها، تدوَّن أبجديتها غير المسبوقة، وهو ما لم يعهده من قبل، أن تكون كردستان ويكون الكاكا، وليس الكعكة، كما سال لعابه كثيراً كلما أبصر كردياً في جلبابه المعرّف به، أكثر من غيره، دون أن يكون هذا ( الغير): آشورياً أو تركمانياً، في خانة الاسم المجهول أو نائب الفاعل التاريخي، وإنما للتأكيد على لعبة التفاوتات التاريخية والسياسية التي مورست طويلاً، وبدا الكردي المطلوب رأسه لأن على الرأس هذا، كما يبدو، كان ثمة( ريشة) أكثر نصاعة تاريخياً، ولأن الخوف من الكردي، كان يبز كل خوف من أي كان: ماضياً وحاضراً. وحين أقول هذا، فليس لتأكيد كردية داخلي، ليس لأنني أراها فرصة مناسبة في إبراز كردية أريد أن أُُعرف بها، طالما أنني أسعى جاهداً إلى أن يكون الفعل هو بوابة التعريف بالكائن، وحين أحدد كرديتي، فليس عن تمايز، وإنما من باب الرفض لتجاهل دام تاريخاً بعصوره المختلفة، ولغلٍّ قومي رُكّز عليه، كما لو أن كامل غل التاريخ فيه، وتام القهر التاريخي فيه، ومجمل الخلل التاريخي هو مجسده، ولأن ذاتاً لها هويتها: لغةً وتاريخاً، شاء لها القدر المرسوم بتاريخه العربي- التركي – الفارسي خصوصاً، أن تكون هرطقة قومية، وأفيون شعب، يراد لـه أن يكون في مصحة تاريخ ممثلي الممثّلين به، والقيمين عليه، والناطقين باسمه، كما الحال في أتم بؤسه كثيراً هنا وهناك. وحين أتحدث عن العراق وهو في طاقمه الجغرافي التاريخي المتنوع والمغبط، في صولة وحومة الانتخابات، رغبة في اتخاذ قرار نهائي، ليكون العراق المختلف، بينما داخله أصوات لا زالت تهدر باسم عراق من كان سبباً في تصريفه على هواه، وبينما خارجه كثيراً أكثر، وعبر الداخل المنصوص عليه إكراهاً، من لا يزال يهدر بالصوت والصورة، عن أن العراق هو العراق العربي العروبي من ألفه إلى يائه، فلأنني أتحدث عن التاريخ الحي، الذي يمكن لأي منا، لكل منا، أن يتنفس تنفسه الطبيعي، وفي المكان الذي لا زال يسع الجميع: أجساداً وأصواتاً وإبداعات مشتركة، ولأنني في نعيي المضاد هذا، للذين أبصروا في يوم 15 كانون الأول ما هو أسود سواد نفوسهم ، أشير إلى أن ثمة ضوءاً لا زال يومض في نهاية النفق التاريخي الذي كانوا هم سببه، كما كان السيء الصيت باقتدار: صدام والمراهنون عليه، هم سبب الدماء العراقية ذات المرجعيات القومية المختلفة، تلك التي سالت وأُهدرت طويلاً وكثيراً، وأن لا مناص في النهاية من أن يدرك دراكولات العرب داخل العراق وخارجه، أن كائنات كثيرة دراكولية القوام والمقام، وأكثر شراسة وقباحة فعل، قد احتكرت فصلاً من فصول التاريخ، ثم توارت عن سماء التاريخ، وجغرافيا التاريخ البشري، والأمثلة أكثر من تذكر أو تحصى.
#ابراهيم_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جبران تويني مهلاً
-
الملف التقييمي الخاص بالحوارالمتمدن
-
ممثلو المراصد الثقافية الكردية- أي كاتب أنت، أي كردي تكون-
-
هل كان د. نورالدين ظاظا خائنا حقاً؟- صورة طبق الأصل عن وثيقة
...
-
التفكير معاً، أما التكفير فلا يا شيرين
-
بؤس الأدب الكردي في بئس النظرة العربية
-
أهل الكتابة
-
رسالة مفتوحة إلى شهداء: عتقاء حريق سينما عامودا
-
- ردا على محمد عفيف الحسيني -بصدد مهزوم المشيخة الأدبية
-
المشيخة والعقدة المشيخية
-
-سردية بلا ضفاف- سليم بركات في رواية : ثادريميس
-
إبراهيم اليوسف الكردي الممنوع من الصرف
-
رسالة عزاء إلى الارهابيين ومن معهم من إرهابي مضاد ... على خل
...
-
بين حجب الموقع وحجب الانسان
-
سلامات يامحمد غانم ولكن
-
من يثير الدولة في سوريا:في ضوء أحداث القامشلي؟
-
القامشلي،وحدث القامشلي
-
محمد غانم يأكل من خبزالتنور الكردي
-
عزائيات لكاوا والأم الكرديين
-
من يحدد مصير الشعوب؟
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|