|
القرض ..مجبر إقتصاديا لا بطل
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 5241 - 2016 / 8 / 1 - 02:02
المحور:
الادارة و الاقتصاد
وصل الى مصر فريقاً من خبراء صندوق النقد الدولى بقيادة كريستوفر جارفيس، رئيس بعثة الصندوق المعنية بمصر، تمهيداً لبدء مفاوضات مع الحكومة ،من المتوقع أن تستغرق المفاوضات أسبوعين، لبحث طلب الحصول على دعم مالي من الصندوق بقيمة 12 مليار دولار، وأكد وزير المالية المصري عمرو الجارحي أن التفاوض سيكون بواقع أربعة مليارات دولار سنوياً، بسعر فائدة يتراوح بين واحد إلى 1.5 في المئة ، ويطالب صندوق النقد مصر بوضع برنامج اقتصادي جدي شامل وحقيقي يقلص عجز الميزانية الذي قفز إلى أكثر من 12% من الناتج المحلي الإجمالي منذ ثورة 25 يناير 2011 ، هذا القرض له أهمية كبيرة بالنسبة للاقتصاد المصري ، ويندرج تحت مقولة "مجبره مصر اقتصاديا لا بطل" ، فهو يعتبر طوق النجاة ليس في حجمه فقط ، بل السماح بالحصول عليه يعتبر شهادة حُسن سير وتقدير للاقتصاد المصري ، والاعلان بانه اقتصاد صالح ومازال النبض فيه وقادر على الحركة والتعاملات لاستيعاب الاموال والسيولة النقدية اللازمة للاستثمارات دون خوف، واصبح لا يعاني من فيرس المخاطرة والافلاس ، ومن الطبيعي والبديهي أن تكون الحكومة قد انتهت من البرنامج وجاهز على طاولة المفاوضات قبل البدء في المحادثات لاظهار جديتها للصندوق ، فتأجيل القرض يعني أن الأزمة المالية في مصر يمكن أن تستمر لأشهر، وتأتي بعواقب وخيمة لا يحمد عقباها ، فالجميع يعلم ان الاحتياطي النقدي فقد اكثر من 50% ليهبط الى أدنى مستوى له اي ما يعادل 15.1 مليار دولار مقابل نحو 36 مليار دولار في ديسمبر 2010 ، ولاسباب الكل يعرفها منها الاضطرابات السياسية والاعتصامات والاحتجاجات والمطالب الفئوية وغياب العنصر الامني ، ونتيجة انخفاض معدلات السياحة والاستثمار الاجنبي المباشر وقيام مصر بسداد ديونها فضلا عن تراجع معدلات الإنتاج ، بما أثر سلبا على حجم الايرادات العامة والسيادية للدولة وخروج استثمارات أجنبية من السوق, وان النزيف المتواصل لرصيد الاحتياطي الاجنبي يضع الرئيس وحكومتة في مأزق شديد خاصة ان الاحتياطي ما تبقي منه يكفي لتلبية احتياجات الاستيراد وسداد التزامات الحكومة يكفي لثلات اشهر ، ما يضع علامات استفهام كثيرة حول كيفية تعويض الاحتياطي في ظل استمرار التدهور الاقتصادي وتراجع حصيلة الدولة من السياحة وتحويلات المصريين من الخارج والتصدير باعتبارهم المصدر الاكبر لتكوين الاحتياطي الاجنبي مما ينذر بخطر شديد .
اقتصاديا مصر بين المطرقة والسندان ، والظروف والاوضاع الإقتصادية فرضت على مصر فرضا،اللجوء الى الاقتراض من الخارج عن طريق السندات الدولارية أو من خلال مؤسسات النقد الدولية ، لسد الفجوة التمويلية ، وعلاج العجز في موازنتها، وقد تفعلها حكومة شريف إسماعيل،وتريد تذوق الاثنان معا ، ولكن ما نخشا ، تذوق مرارة الاولى (السندات الدولارية)، فالظروف تجعلها اكثر مرارة ونتائجها قد تكون غير ناجحة لاسباب عده ، منها، بالتأكيد ستكون تكلفة اصدارها مرتفعة التكاليف،وهذا ما نتخوف منه،الان العائد على الشريحة الاولى التي اصدرت في سوق السندات والمقدرة 1.5مليار دولار ارتفع من 5.85% الى 8.5% ، ما بالكم من الشريحة الثانية المراد اصدارها والمقدرة ب 3 مليار دولار فالعائد عليها سوف يبدأ من ما وصلت اليه الشريحة الاولى ، خاصة بانها سوف يتم تقويما بما يفوق 500 نقطة اساس الى سندات الخزانة الأمريكية ، اما القبول سيكون ضعيفا للغاية،لعدة اسباب منها قيام وكالة ستاندر اند بورز بخفض التصنيف الائتمانى السيادى طويل الاجل لمصر الى سلبى مؤخرا، مع إبقاء وكالة موديز تصنيفها للسندات الحكومية عند caa1 ، وهوتصنيف أقل بست درجات عن درجة الإستثمار ، ما يعني وجود التزامات ضعيفة وتحمل مخاطر ائتمانية مرتفعة جداً ، كذلك ما تعانية أسواق جذب إصدار السندات مؤخرا ، وقد يكون مهددا بفقدانها بتوزيعها الجغرافى المتنوع لاسبابها الاقتصادية ، وعلى رأسها المملكه المتحدة التي أعلنت خروجها من منطقة اليورو ، والتي كانت سوق مهمة لما يزيد عن 35% من السندات المصدرة ، كذلك سعر الفائدة الامريكية بات على إرتفاع ، وقد يحدث في الإجتماع القادم للإحتياطي الفدرالي الأمريكي وقد يكون بوتيرة منتظمة ، فإرتفاع أسعار الفائدة الطويلة الأجل في الولايات المتحدة ، سيدفع أسعار السندات نحو الهبوط ، فإرتفع سعر الفائدة نقطة مئوية واحدة يعني هذا ضمناً ان السند يتحمل خسارة تقرب من 10 في المائة من سعره،يخسر من انخفاض قيمة السند أكثر من المكسب الذي يعود عليه من الفارق بين سعر الفائدة على السندات وأسعار الفائدة على صناديق الأموال القصيرة الأجل أو الودائع المصرفية، اي خسارة مئوية من قيمة سعر السند اصلا ، ولهذا الأسباب يجب التأني والحذر قبل القدوم على المرحلة الثانية من برنامج إصدار السندات الدولية ، وهذا يكون له تأثير على قيمة السندات الدولارية التي تصدرها الحكومة المصرية ،ونتيجة لذلك لا يمكن إقناع المستثمرين بأنهم قادرين على تحقيق مكاسب من سوق السندات المصرية ، وبالتالي قد يحجب على الاستثمار فيها، وهذا ما نخشاه ، ما يدفعنا القول ، أن الحكومة عليها أرجاء فكرة طرح الشريحة الثانية من السندات الدولارية في الوقت الحالي ، وأن تدرس بدائل تمويلية أخرى،لحين تعافى الأسواق العالمية،وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية، وارتفاع الأسعار ، اما المذاق الثاني ومنه قرض صندوق النقد الدولي،فقد اعلن انه في طريق اليه رغم انه لم توقع مذكرة التفاهم مع صندوق النقد الدولى حتى الان!!،فقد يكون المذاق اقل مرارتا اذا اخذ في الحسبان اشياء على رأسها : * يجب ان تكون برامج الاصلاح المتفق عليها سواء كانت سنوية او قصيرة الاجل او طويلة الاجل ان تكون مصرية مائة في المائة وبأيادي رجال اقتصاد مصريين يراعي فيها المواطن المصري الفقير وليست على حسابه وخاصة مراعاة نوعية الضرائب المراد فرضها او تعديلها ، فقد يحدث ازدواجية في بعض الضرائب يتحملها ويعانى منها المواطن الفقير وخاصة الضريبة الغير مباشرة , وضريبة الدخل , وضريبة بعض الخدمات ، وبعض المعاملات النقدية والبنكية..... * المساعدات الفنية التى تقدمها الجهة المانحة للقرض فتلك هي الاخطر لانها تعتبر بمثابة التدخل والتحويلة لتغير مسار اهداف البرامج المراد تحقيقها وخاصة اذا علمنا انها تلتهم كثير من حصة القرض في شكل منح ومرتبات ومكافأت لمن يقومون بعملية التدريب من يفرضون على المقترض من قبل جهة الاقراض فرضا، ففي بعض الاحيان تعتبر تأخذ المساعدات الفنية كاداة للتدخل في شئون الدولة سياسيا واقتصاديا وهذا ما يجب اخذه باهتمام ووضعه في الحسبان ، * القرض المالي من الصندوق والمقدر بقيمة 12 مليار دولار يجب أن يكون بواقع أربعة مليارات دولار سنوياً ، ولا يقل عن ذلك ، او لا يقسم على مدد اكثر من اربع سنوات ، حتي يتم انجاز الخطه بإرتياحية كاملة دون حدوث فجوات في مراحل العمل الاقتصادي، وعدم اعطاء فرصة او نفس للاقتصاد الموازي والمضاربين الاستفادة من ذلك من خلال سوق العملات او البورصة . أخيراَ ، ما نأمله أن يتم انجاز الاتفاق للحصول على القرض في الوقت والمدد والقيمة المحدده له ، وألا يحدث كما حدث في اكتوبر من عام 2012 ، عندما قالت وفاء عمرو المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي في بيان لها عبر البريد الالكتروني (ان السلطات المصرية المختصة تعمل على إعداد برنامجها الاقتصادي وأنها تحتاج مزيدا من الوقت لإكمال التحضيرات والاستعداد لاستقبال البعثة، وان الصندوق على الاستعداد التام لارسال فريق فني إلى القاهرة لمناقشة الدعم المالي المحتمل للبرنامج المحلي بمجرد استكمال تلك العملية)، هنا سوف تتعقد الامور كثيراَ ، وهذا ما نخشاه .
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السندات الدولارية بين التأجيل والبدائل والعائد والمخاطر
-
تركيا..فوق صفيح ساحن بعد الإنقلاب
-
أردوغان وإيفرين وجهان لعملة واحدة
-
قصة في سطور - ذات مساء -
-
أخطأ مقص مفيد شهاب
-
رفع سعر الفائدة في الأيام القادمة
-
أنجيلينا جولي .. لا ترحلي
-
جماعة الإخوان ونعيق الغربان
-
الخليج..بين بروباغندا الدبلوماسك والشراكة مع إسرائيل ونظرية
...
-
من صنافير وتيران نطالب بأم الرشراش
-
يوليوس قيصر وطعنة صنافير وتيران
-
الإقتصاد المصري بين الكارتلات والترستات
-
سعر صرف غير مضطرب وليس تعويم مُدار
-
البورصة والأرباح الرأسمالية
-
رفع سعر الفائدة،فك إرتباط الجنيه بالدولار
-
مصر الثورة.. لا للمصالحة نعم للحساب
-
الصين.. مصر قلب طريق الحرير الجديد
-
البرلمان المصري وتحصين العقود
-
لجوء سياسي في ألمانيا
-
الانتخابات المصرية..قمع الإنتلجنسيا عنوانها
المزيد.....
-
السعر كام النهاردة؟؟؟ تعرف على سعر الذهب فى العراق اليوم
-
الاحتياطي الفدرالي: عبء الديون يتصدر مخاطر الاستقرار المالي
...
-
الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد
-
صندوق النقد يرحب بالإصلاحات المصرية
-
مدفيديف: الغالبية العظمى من أسلحة العملية العسكرية الخاصة يت
...
-
-كلاشينكوف- تنفذ خطة إنتاج رشاشات -آكا – 12- المطورة لعام 20
...
-
إيلون ماسك يحطم الرقم القياسي السابق لصافي ثروته.. كم بلغت ا
...
-
اتهامات أميركية لمجموعة أداني الهندية بالرشوة تفقدها 27 مليا
...
-
تونس.. توقف بطاقات -UnionPay- الصادرة عن بنك -غازبروم- الروس
...
-
مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة -التغويز- وتأثيرها محليا
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|