حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 11:21
المحور:
المجتمع المدني
سمعت عن اجتماع عراقيين معارضين للاحتلال يتحدث فيه عراقيون حضروا من العراق في ۱۱ من هذا الشهر فحضرته. تحدثت فيه اولا سيدة تمثل منظمة نسائية وتحدث بعدها ممثل عن نقابة عمال نفط البصرة وقد اسعدني ان اسمع عن وجود منظمات عراقية معارضة للاحتلال. ووزعت السيدة بعد انتهاء محاضرتها نسخا من جريدة نسائية اسمها "عقول" تصدر في العراق منحتني نسخة منها. وقد توحي لي محاضرتهما وقراءة عدد الجريدة المخصص لبحث موضوع البطالة في العراق مقالا انشره في الحوار المتمدن.
ولكن الصدفة الجميلة هي ان الشيخ جواد الخالصي حضر متأخرا وتحدث بعدهما. تحدث الخالصي في هذا الاجتماع عن مؤتمر القاهرة والاسباب التي دعته الى حضوره رغم انه اعلن عن مقاطعته الانتخابات قبل انعقاد المؤتمر. والخالصي ليس غريبا عني فأنا اتابع مقابلاته التلفزيونية وافضل الاصغاء اليه حتى اذا كان في فضائية اخرى برنامج موسيقي. انه قبل كل شيء انسان يجيب على السؤال الموجه اليه. وهذه ظاهرة قليلة سواء لدى محترفي الدين وقد يكون هو منهم لان العمامة احدى علامات احتراف الدين او لدى محترفي السياسة. فهناك من تسأله عن الهجوم على النجف فيجيبك عن مقتل الحسين ومن تسأله عن الابادة الجماعية في الفلوجة فيجيبك عن الحضارة البابلية. ومحاضرات الخالصي تتميز بالتحليلات والاستنتاجات الصريحة والبعيدة النظر والصحيحة. فهو انسان ذو ثقافة عالية. كنت في الحقيقة سعيدا بحضور كلمة الشيخ جواد ولو انني لم اتشرف بالتعرف الشخصي عليه والتمتع بمحادثة مباشرة معه. وقد توجه الي اثناء مغادرته وصافحني ولعل ذلك لاني اكبر الحاضرين سنا ولا اظن انه شعر بانه يصافح يهوديا اسرائيليا.
اكتب هذه الكلمة لان في هذا الاجتماع ما قد يبدو غريبا. فانا انسان ماركسي غير متدين والخالصي رجل متدين ولعله محترف للدين بدليل العمامة. وانا يهودي والخالصي مسلم. وانا فقدت جنسيتي العراقية قبل اكثر من نصف قرن واحمل الجنسية الاسرائيلية وهو سياسي عراقي نشط ويرى في اسرائيل خطرا على العراق لا يقل عن الخطر الاميركي. ومع ذلك اتفق معه في جميع ارائه حول اوضاع العراق والحلول لمشاكله. فما السر في ذلك؟ السر في ذلك هو ان الانسان الذي يرى الامور بنظرة موضوعية وليس بنظرة ذاتية، الانسان الذي يرى الحقائق في الواقع ولا يراها وفقا لذاتيته ومصالحه الخاصة لا يستطيع الا ان يتوصل الى الحقيقة لدى بحثه عنها بصرف النظر عن ارائه السياسية والدينية والاجتماعية. هذا هو السر في ان نلتقي انا والخالصي عند بحثنا للمحنة التي يمر بها الشعب العراقي. أتمنى لو ان الشيخ جواد الخالصي يطلع على هذه الكلمة فهذا شرف عظيم لي.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟