أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين ديبان - لماذا يطلبون الله في الملمات؟















المزيد.....

لماذا يطلبون الله في الملمات؟


حسين ديبان

الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 10:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دائما وعبر تاريخ هذه الأمة، كان رجل السياسة يستنجد برجل الدين اذا مااستعصى عليه شيئ ما، أو واجه مشكلة ما، فإذا أراد قتل معارض لجأ لرجل الدين كي يفتي له بكفره وإلحاده وبالتالي يمنحه شرعية إلهية لقتله، وإن أراد هذا الحاكم أن يفعل أمرا يتناقض مع الأعراف والشرائع السائدة، فليس له إلا رجل الدين ليفصل له فتاوي حسب مايطلب، فيصبح الفعل الجرمي شجاعة والفعل المذموم محمود، وتصبح الخسة والنذالة أصالة وشهامة، ولن يجد رجل الدين حرج أو عناء فيما يبحث عنه من فتاوي وتشريعات لهذا الحاكم أو ذاك، في كتاب يجد فيه هؤلاء كل مايرغبون به من غطاءات الهية لأفعالهم الإجرامية القذرة، ولأن النظام الدكتاتوري في سوريا وجد نفسه في ورطة كبيرة بعد إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ولأن هذه الورطة تكبر يوما اثر يوم ولم تنجح في تحجيمها كل محاولات ذلك النظام ورموزه، وفي ظل قناعة شعبية عربية شبه كاملة بأن هذا النظام هو من فعل تلك الفعلة الشنيعة وكون مشاعر وأحاسيس هذه الجموع الشعبية لا تأبه للتحقيق الدولي ونتائجه أيا كانت النتيجة التي سيفضي اليها، فعليه كان لابد لهذا النظام ورموزه أن يلجأوا الى التحليل الديني الأكثر تأثيرا وتخديرا لتلك الجموع لتغيير قناعاتها،مع يقينهم بأن هذا التحليل مع تأثيره السحري الكبير على تلك الجموع فلن يكون له أي آثار تذكر على سيرعملية التحقيق وتداعياتها، فكان أن دخل على الخط ((مولانا))الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بمحاضرة جمع فيها مالا يجمع وقال في سياقها مالا يقال ومالا يتقبله عقل ولا منطق، فأصبح التحرك الدولي للكشف عن قتلة رفيق الحريري في رأيه مخططا للقضاء على الإسلام والمسلمين.

بدأ السيد البوطي محاضرته بالتأكيد على أنه لايجوز وطبقا لأحكام الشريعة الإسلامية قتل نفس بدون حق، أو بدون موجب قتل، ويتابع مولانا قائلا:مما لا ريب فيه أن أعظم جرم بعد جرم الإلحاد في ذات الله هو قتل نفس بغير حق، واذا كان السيد البوطي يتحدث كذلك فلاداعي لبقية محاضرته، فما الذي فعله الملحد ليكون جرمه أكبر من جرم قاتل النفس بغير حق، إن شرعة من هذا النوع تضع((الملحد)) وهو انسان لم يفعل شيئا سوى إعمال عقله بالمعتقدات التي وجد قومه يؤمنون بها في مرتبة جرمية قبل القاتل لهي القتل بعينه والجريمة بذاتها لأن حق الإنسان في حرية اختيار معتقده هو حق مقدس لا يجوز الإنتقاص منه، فكيف الحال مع ماقاله البوطي بأن اعتبر هذا الملحد مجرما لا بل وضعه أمام القتلة والمجرمين الحقيقيين، واذا كان القاتل يقتل في شريعة البوطي، فكيف حال من وضعه البوطي في مرتبة جرمية أمام هذا القاتل، إنها دعوة علنية للقتل بدوافع دينية يصدرها البوطي الذي طالما تغطى بالوسطية والإعتدال وهو وشرعته التي استند اليها من الإعتدال والوسطية براء.

إنني أقر أن اغتيال الرئيس ياسر عرفات بواسطة السم إن ثبت ذلك هي جريمة يجب أن يعاقب مرتكبها وكذلك اغتيال الملك فيصل ومفتي لبنان حسن خالد وكذلك الحال أيضا مع كل الجرائم التي ترتكب ضد الأفراد والشعوب بغض النظر عن ولاءات تلك الناس ومعتقداتها وأعراقها وأجناسها، ويجب أن لا نكون عنصريين في هذا المجال بحيث نعتبر قتل المسلمين جريمة ونبرر قتل غير المسلمين بوصفهم أناس لا يستحقون الحياة، إن حق الحياة هو حق مقدس لكل البشر مسلمين وكتابيين وبوذيين وهندوس وملحدون ووثنيون، ولا يستطيع كائنا من كان أن يصنف البشر على قياسه هو وشرعته هو، وإلا سيصبح حينها ليس محرضا على القتل بل قاتلا مجرما وجبت ملاحقته ومحاكمته، وإذا كان ثمة مجال لمحاسبة أحد هؤلاء المجرمين كما تسعى اليه لجنة التحقيق الدولية بإغتيال الحريري فيجب أن لا يطل أحدا برأسه ويطلب اعفاء القاتل حتى يتم كشف ومعاقبة كل المجرمين في كل الجرائم عبر التاريخ، إن المنطق الذي يتحدث به البوطي وكثير مثله هو منطق أعوج لا يستقيم ومنطق الحياة والعدالة كما وانه لا يستقيم مع مايؤمن به البوطي نفسه من إن القاتل يقتل ولو بعد حين، ثم ماهذا الحب الذي فاجئنا به البوطي وحكام دمشق للرئيس الراحل ياسر عرفات، فلم يخلو خطاب أو لقاء للرئيس الأسد ورجاله إلا وأتوا فيه على ذكر الراحل عرفات، فهل تناسوا أن نظامهم قد حاول قتل الراحل عرفات مرات عديدة ولم يفلحوا وللأسباب نفسها التي قتل الحريري من أجلها-الحرص على القرار الفلسطيني المستقل وعدم السماح بالتعامل مع فلسطين وأهلها كورقة ضغط وابتزاز بأيدي النظام السوري-مع الفارق بأن عرفات عمل لصالح فلسطين والحريري عمل لصالح لبنان، وهل تناسوا كيف تم طرد عرفات من دمشق وكيف تم سجن مؤيدوه وأنصاره ومازال بعضهم أسير المعتقلات السورية حتى الآن، وهل تناسوا كيف عملوا على شق صفوف منظمة التحرير الفلسطينية وإشعال نار الحرب الأهلية الفلسطينية بمالهم وسلاحهم، والأنكى من ذلك هل نسي البوطي ماقاله بحق الشعب الفلسطيني وقيادته يوما ما من على منبر أحد مساجد دمشق الشهيرة قبل حوالي خمسة عشر عاما، حين اتهمهم بقلة الإيمان وإن مايحصل لهم من مآسي يستحقوها بسبب قلة إيمانهم وإبتعادهم عن ربهم، والأوصاف البذيئة التي وصف بها يوما وزير دفاع النظام السابق مصطفى طلاس الراحل عرفات, إن الغرابة التي أبداها البوطي تجاه حماس الإدارة الأمريكية بخصوص مقتل الحريري وعدم مبالاتها بمقتل الآخرين هي ذاتها الغرابة التي أبديها الأن بخصوص هذا الإهتمام السوري المفاجئ بالراحل عرفات، إن الذاكرة تعجز عن تسجيل كل مااقترفه نظام دمشق ورجاله بحق الفلسطينيين وقائدهم الراحل، وبذات الوقت فإن الشعب الفلسطيني يحفظ بالعرفان والجميل المواقف العظيمة لشعب سوريا الأبي الكريم.

نأتي لما صوره البوطي في محاضرته من انه مخطط للقضاء على الإسلام مستندا في ذلك لما قاله بوش الجد وبوش الحفيد أو الرئيس الحالي وكذلك ماقالته مارغريت تاتشر في يوما من الأيام، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أنه لو كانت تلك الأقاويل على ندرتها في جانبهم وكثرتها من جانبنا مقياسا لسياسات الدول وتعبر عن مخططات مرسومة في أذهان أصحابها ينتظرون الفرصة لتطبيقها فكيف لنا أن نبرر المقولات الراسخة في عقولنا شعوبنا وقادته وأولياء أموره من أن لا دين عند الله إلا الإسلام، وأن الكتابيين من المسيحيين واليهود هم أهل ذمة وأناس من الدرجة الثانية وجب أسلمتهم أو قتلهم أو إخضاعهم لدفع ((الإتاوة)) وهم صاغرون، وأن غيرهم من أصحاب الديانات التي تسموها وضعية هم كفار ومشركين وجب قتلهم، وإن الأرض كلها هي ديار للإسلام وجب على المسلمين الجهاد حتى يرفعوا رايات إلههم فوق أطرافها الأربع، ألا يحق للغرب أن يفسر كل هذه القناعات الراسخة في عقولكم على أنها مخطط إسلامي للسيطرة على بلاد الأرض وإخضاع شعوبها؟أم حلال لنا أن نتخيل مخططات وهمية من بضع مقولات اعتذر أصحابها عنها ونحرم بذات الوقت على الآخرين أن يعتمدوا منطقنا الأعوج في التفسير والتركيب والتحليل على الرغم مما تعج به شرعتنا وأدبياتنا من أفكار ومقولات تنفي وتقصي وتستأصل الأخر المختلف، إن المسلمين في الغرب ((الكافر))يتمتعون بحرية تحلم أن تطالها يابوطي، وخطباء المساجد في الغرب يخطبون خطبا لا تتجرأ يابوطي أن تقول جزءا يسيرا مما يقولون وأنت في بلدك وبين ناسك، أعتقد بأنه يكفي يامولانا استدعاء الله في كل ملمة تصيبكم وتصيب إلهك الحقيقي، يكفي هذا التشويه والتجهيل المنظم لعقول البشر، يكفي هذا التحريض على الأخر وتخويف شعوبكم منه هربا من استحقاقات ستدفعها انت ونظامك إما عاجلا أو آجلا.
وللحديث بقية..



#حسين_ديبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كل هذه الإتهامات لمؤتمر الأقباط؟
- نعم.. ثمة مشاكل في الإسلام
- إغتيال رأي..
- الإسلام هو الحل..ولكن لِمَن؟
- من ماأحلى النصر بعون الله الى سوريا الله حاميها
- عبد الكريم سليمان في ذمة جند الله
- الى متى هذا الغباء الفلسطيني؟
- مؤتمر واشنطن...عدالة قضية وهشاشة نظام
- المنصور وصدام والمثقفين العرب
- محاكمة صدام...والعرب
- بشار الأسد وفلسفة الصبيان
- من قتل غازي كنعان؟
- ليتني كنت عراقيا
- بشار الأسد..اللهم نفسي
- حماس بلا خجل أو حياء
- حمدا لله..لم يلتزموا بالإسلام
- نعم عرب ولانخجل!!
- طارق رمضان وأضعف الإيمان
- هل تغعلها الحكومة العراقية؟
- خالد مشعل والمقاومة العراقية


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين ديبان - لماذا يطلبون الله في الملمات؟