|
حول إعلان دمشق وموقف أعضاء المؤتمر القومي العربي حياله -خطاب توضيحي من منظور لجان إحياء المجتمع المدني في سورية
قاسم عزاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 10:16
المحور:
المجتمع المدني
السادة الزملاء أعضاء المؤتمر القومي العربي في الولايات المتحدة الأمريكية الأكارم : ( كمال خلف الطويل ، منير العكش ، منذر سليمان ، زياد الحافظ ، فوزي الأسمر ، محمد دلبح .. ) تحية العروبة وبعد : تلقيت باحترام وتقدير كبيرين بيانكم حول ( إعلان دمشق ) ولم أستغرب ذلك منكم ، فأنا أعرف مدى حرصكم على سورية العربية وشعبها في هذه اللحظة المصيرية والحرجة من تاريخها المعاصر وأتفهم دواعي القلق والتوجس لديكم حيال هذا الإعلان سواء بسبب التوقيت أو بسبب بعض الفقرات الواردة فيه ، وأعرف أنني وإياكم نتحرق لإصلاح حقيقي وانفراج ديموقراطي في سورية يطلق العنان لقدرات شعبها حتى توفر السياج الواقي من أخطار الداخل والخارج ، وخاصة أنكم لم تدافعوا عن ممارسات النظام السوري وطالبتموه بتحمل مسؤولياته في الإنقاذ والمسارعة بالإصلاحات المطلوبة ، وأنا أعرف مدى حرصكم على الديموقراطية في كل أنحاء الوطن العربي . وقد تصورتم أنني كمعارض سوري وناشط في لجان إحياء المجتمع المدني في سورية قد ساهمت مباشرة أو عبر اللجان في صياغة هذا الإعلان أو التوقيع عليه ، ولذلك أعلمكم أنه ليس لي أي علاقة بالإعلان وأن لجان إحياء المجتمع المدني في سورية قد تم إقصاؤها خلال الشهور التي استغرقتها عملية المفاوضات حول بنوده ،كما أنه لم يتم الاتصال بي كشخصية وطنية قبل إصداره وإذا سألتم عن سبب وجود اسم لجان إحياء المجتمع المدني من جملة الموقعين على الإعلان فهم زملاء لنا عملنا معهم في إطار اللجان ونكن لهم كل مشاعر الاحترام ، ولكننا اختلفنا معهم في بعض المواقف السياسية وبقي كل منا محتفظاً باسم لجان إحياء المجتمع المدني ، وقد أصدرنا في 22/10/2005 بياناً بعنوان ( قراءة نقدية في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي صادرة عن لجان إحياء المجتمع المدني في سورية ) أرفق لكم نسخة عنه آمل أن تحظى باهتمامكم . ونحيطكم علما بأنه بعد صدور ملاحظاتنا النقدية هذه تم الاتصال بنا كلجان إحياء مجتمع مدني من قبل لجنة المتابعة للإعلان للانضمام إلى قائمة الموقعين عليه ولكننا ربطنا توقيعنا بتعديله وأخذ ملاحظاتنا بعين الاعتبار ، حيث أننا ناضلنا طيلة خمس سنوات من أجل المطالب الديمقراطية الواردة في الإعلان وهي موضع إجماع كل القوى الوطنية الديمقراطية وأصدرنا العديد من البيانات وكان لنا شرف المبادرة إلى الدعوة لكثير من الأنشطة والفعاليات لتحريك المجتمع السوري وإعادته إلى السياسة والاهتمام بالشأن العام ولكن الصيغة التوافقية في الإعلان والحرص على إرضاء الأطراف السياسية الموقعة عليه من ليبراليين وإخوان مسلمين وبعض الأطراف الكردية كانت على حساب التنازلات التي قدمها التجمع الوطني الديمقراطي وخاصة الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي ومن قياداته بعض من زملائنا في المؤتمر القومي العربي ممن توجهتم إليها في بياناتكم ومن منطلق الحرص على هذه التوافقات ظهرت في البيان بعض الفقرات الملتبسة التي تطرقت إليها ملاحظاتنا النقدية التي أشرت إليها . إننا لسنا ضد فكرة القطع مع مطالبة النظام بالإصلاح فقد يئسنا من مناشدته تنفيذ وعوده بالإصلاح التي مر عليها أكثر من خمس سنوات ولكن دون جدوى فنحن نؤمن بالتغيير الوطني الديمقراطي السلمي والمتدرج ونعمل على وحدة قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية ولكن على أسس مبدئية ثابتة وليس كما ورد في الإعلان حيث أنه بتوافقاته يمثل شكلاً من أشكال الالتزام الأدبي إن لم نقل إنه مشروع دستور مستقبلي ولذلك فلا مجال للتنازل فيه عن قضايا كبرى مثل هوية سورية العربية والموقف من المشروع الأمريكي الصهيوني وبناء الوطن على أساس المواطنة وليس على أساس التشكيلات والبنى ما قبل الوطنية مثل الطائفة و العرق و المذهب . إنني أوافقكم الرأي بأن غاية المشروع الأمريكي الصهيوني ليس الإتيان بنظام ديموقراطي يخرج البلاد من قفص الاستبداد إلى معارج الحرية ، وتجربة العراق الشقيق مع الاحتلال الأمريكي البريطاني ماثلة أمامنا وأمام النظام السوري الذي لم يتعظ من هذه التجربة المريرة وبقي متجاهلاً كل مطالباتنا بالإصلاح وزاد من قمعه لكل الحراك الوطني الديموقراطي بدءاً من سحق ربيع دمشق وحتى إغلاق منتدى جمال الأتاسي، و لا يزال معتقلو ربيع دمشق في الزنزانات المنفردة ومنهم ناشطون وزملاء لنا في اللجان وهم : ( عارف دليلة ، وليد البني ، حبيب صالح الذي أعيد اعتقاله بعد الإفراج عنه وقضائه ثلاث سنوات في السجن ) كما أننا في لجان إحياء المجتمع المدني لسنا في وارد التصور بأننا آتون بديلاً للنظام في حال سقوطه بيد القوى الدولية المهيمنة لأننا معادون للمشروع الأمريكي الصهيوني في العالم وفي منطقتنا العربية ولا نقبل أن نكون ديكوراً في بيت الخيانة وكنا دائماً ضد الموقف الذي اتخذه الإخوان المسلمون أو الحزب الشيوعي الذي يمثله حميد مجيد في العراق ونكبر الموقف المقاوم الذي وقفه الحزب الشيوعي- الكادر على سبيل المثال وليس الحصر كما نكبر موقف كل الأحزاب والتيارات والشخصيات الوطنية العراقية التي لم تقبل أن تضع يدها في يد المحتل تحت أية ذريعة فالتعاون مع المحتل خيانة صريحة . إن موقفنا في لجان إحياء المجتمع المدني في سورية وأنا واحد من مؤسسيها واضح فنحن وطنيون ديمقراطيون والديمقراطية لدينا ترتبط بشكل جدلي بالوطنية ، إننا ضد الاستبداد ونناضل من أجل الديموقراطية وفي نفس الوقت نحن ضد الاحتلال وضد الاستقواء بالخارج وإذا جاء هذا الخارج المعادي لطموحات أمتنا العربية فسوف نقاتله، كما أننا نعمل بدلالة مجتمعنا وليس بدلالة السلطة أو الخارج أو تقرير ميليس وتداعياته ، وموقفنا هذا لن نحيد عنه وهو منسجم مع الخط الفكري النضالي للمؤتمر القومي العربي الذي أنتمي إليه وإياكم ونعمل معاً لتحقيق أهدافه ، إننا مع المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان وكل أرض عربية محتلة. وأعتقد أنكم تعرفون أنني كنت أول من دعا إلى تأسيس اللجنة الشعبية لنصرة فلسطين والعراق في مدينتي دير الزور وقمت بدور المنسق لها مع بقية اللجان المماثلة في سورية وتحملت في سبيل ذلك كثيراً من الضغوط التي مارستها عليّ الأجهزة الأمنية السورية التي تقمع أي حراك لا يأتمر بأمرها. إننا نطلب منكم كمثقفين واستراتيجيين و أعضاء في المؤتمر القومي العربي دعم حركة المعارضة الوطنية الديموقراطية السورية لتحصين المجتمع السوري بالتغيير الديمقراطي و التعددية السياسية الحقيقية ، وخاصة أن مقررات المؤتمر القطري الأخير لحزب السلطة كانت محبطة للآمال حيث أننا في نضالنا الوطني الديمقراطي نعمل على تحصين الوطن ضد الاستهدافات الخارجية التي بدت أمامنا واضحة للعيان منذ ما قبل احتلال العراق وتصعيد الهجمة على شعبنا الفلسطيني وإعلان مشروع الشرق الأوسط الكبير ولا نقبل أن يماهي النظام بينه وبين الوطن فنحن مع الوطن ولكننا لسنا مع هذا النظام الشمولي الذي يحكم البلد بقانون الطوارئ والأحكام العرفية منذ اثنين وأربعين عاماً . وفي هذا المجال لابد من إطلالة على التقرير الصادر عن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي التي عقدت اجتماعها في دمشق بتاريخ 12و13تشرين الثاني نوفمبر2005 . إنني أثمن بدايةً عقد اجتماع الأمانة العامة لاجتماعها هذا في دمشق وأعتبره دعماً لسورية الوطن والشعب تجاه ما يحاك لها وخاصة أن أعضاء الأمانة العامة يمتلكون كما ذكر التقرير ثقلاً معنويا وأدبيا ويمثلون كل تيارات الأمة ولكنني لا أوافق على ما ورد في التقرير بأن سورية مستهدفة بسبب مواقفها فقد كانت مواقفها في العقود الأخيرة تحظى بالدعم من قبل القوى الدولية التي أطلقت يدها في لبنان بعد حرب الخليج الثانية ، ولا يزال النظام السوري يحاول استرضاء الأمريكان بضبط حدوده مع العراق وتعاونه الاستخباراتي مع الإدارة الأمريكية في حربها على ما تدعوه بـ "الإرهاب "،كما أعلن أن السلام مع العدو الصهيوني خياره الاستراتيجي ولم تطلق رصاصة واحدة في الجولان المحتل منذ عام 1973، ولم يستجب هذا النظام لمناشدة أعضاء الأمانة العامة بتدعيم خيار المواجهة مع المشروع الصهيوني عبر حوار وطني داخلي تشارك فيه كافة ألوان الطيف السياسي الوطني وذلك من خلال مؤتمر وطني شامل يتجاوز كل المعوقات الداخلية التي تحول دون انتقال سورية إلى رحاب الإصلاح والانفتاح والتحديث والتطوير الديمقراطي ، ولم يتوصل أعضاء الأمانة العامة بعد مقابلتهم للسيد رئيس الجمهورية من الحصول على وعد بإطلاق سراح عضو المؤتمر القومي العربي الخبير الاقتصادي الدكتور عارف دليلة الذي يعاني المرض في زنزانته الانفرادية منذ أكثر من أربع سنوات وكذلك المحامي حبيب عيسى عضو المؤتمر القومي الإسلامي ،ولجأ النظام بدلاً من ذلك إلى مسيراته الشعبوية الممجوجة واستمر في سياسته القمعية وخياره الأمني في تعامله مع المجتمع السوري وآخر ما قام به هو إحالة عضو المؤتمر القومي العربي والأمين العام للاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي والناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي إلى القضاء العسكري بتهمة حيازة مطبوعات بقصد إطلاع الغير عليها بدلاً من إصداره قانوناً عصرياً للأحزاب وآخر للمطبوعات وإلغاء المحاكم الاستثنائية المنافية للدستور ولحقوق الإنسان . وأخيراً أشكر لكم اهتمامكم ومواقفكم القومية الديموقراطية وعهدي لكم أن نبقى معاً لتحقيق أهداف المؤتمر القومي العربي الذي يجمعنا معاً وتفضلوا بقبول فائق الاحترام . 14/12/2005
*عضو المؤتمر القومي العربي ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني في سورية
قراءة نقدية في " إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي " صادرة عن لجان إحياء المجتمع المدني في سورية المرحلة دقيقة وحرجة، والظروف المحيطة ببلدنا،هي على درجة عالية من الخطورة، نحن أحوج ما نكون فيها إلى أكبر قدر من العقلانية والابتعاد عن ردود الأفعال في تحديد خياراتنا المستقبلية وصياغة أفكارنا ما أمكن، جوانب النقص والقصور فيها. كنّا نتمنّى، لو أنّ الأطراف الموقّعة على " إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي " أبدت حرصها الأكيد على استيعاب الرؤى والأفكار المختلفة لجميع الفعاليات والجهات المدنية والسياسية في سورية، قبل صدور الإعلان، كي تتجنّب، على الأقل، بعض الثغرات والنواقص فيه، لكنّ هذا لم يحدث مع الأسف، رغم تكرار حديثها عن ضرورة عدم إقصاء أحد. وما دام الإعلان قد صدر، دون أدنى معرفة منّا بحيثيات التحضير والإعداد له، رغم العلاقة الوثيقة التي تربطنا بعديد الأطراف الموقعة عليه، التي كنّا ننتظر منها، على الأقل، وضعنا في صورة الأفكار والآراء التي يتمّ التداول بشأنها، فقد أصبح من حقّنا الكامل والمشروع، أن نبدي وجهات نظرنا فيه بعقلانية كاملة، لنبيّن ما له وما عليه، انطلاقاً من قناعتنا الأكيدة بأنّ هذا الوطن، هو ملك لجميع أبنائه، دون تمييز. وسنظلّ في لجان إحياء المجتمع المدني في سورية، متمسّكين بالحرص على متابعة الحوار مع كافة القوى الوطنية الديمقراطية، أحزاباً وفعاليات مدنية وثقافية وشخصيات وطنية، لتبادل الرأي معها حول حاضرنا ومستقبلنا، خاصةً مع الجهات والأطراف، التي ربطتنا بها خلال السنوات الخمس الماضية علاقات طيّبة. لابدّ أن نؤكّد بدايةً، على أن ّملاحظاتنا الانتقادية لبعض جوانب الإعلان، إنّما تمثّل نوعاً من مساءلة الذات، انطلاقاً من إدراكنا العميق، بأنّنا نشكّل فريق عمل واحدا متكاملا، نأمل أن تسود الصراحة والشفافية بين أطرافه وأعضائه. لكنّنا نحرص على أن نبدأ من إبراز النقاط الإيجابية الواردة في الإعلان، قبل توجيه النقد إلى الثغرات المتضمّنة فيه. والآن، وبعد أن خفت قليلاً، ضجيج الحملة الإعلامية المكثّفة، التي بدأت مع الإعلان واستمرّت بضعة أيام لتغطيته، فإنّه يجوز لنا إبداء رأينا بالإعلان المذكور. نسارع إلى الإعلان عن انحيازنا الكامل لتبنّي جميع النقاط الواردة في الإعلان، التي تكرّرت وتأكّدت في وثائقنا وبياناتنا الصادرة خلال الأعوام الخمس المنصرمة، والتي تقاطعت حولها مواقف جميع القوى السياسية والمدنية الوطنية الديمقراطية في سورية. فنحن نتبنّى ما ورد في الإعلان من رفض احتكار السلطة، الذي أسّس نظاماً شمولياً، أدّى إلى إخراج السياسة من المجتمع، كما نؤكّد على ضرورة الخروج من صيغة الدولة الأمنية إلى صيغة الدولة السياسية، التي تمكّن شعبنا من الإمساك بمقاليد أموره وإقامة النظام الوطني الديمقراطي , بصورة سلمية متدرّجة. نتبنّى نبذ العنف في ممارسة العمل السياسي والقطع مع جميع المشاريع الإقصائية والوصائية والإستئصالية، واعتماد الديمقراطية كنظام حديث يقوم على مبادئ الحرية وسيادة الشعب ودولة المؤسسات وتداول السلطة، من خلال انتخابات حرة نزيهة ودورية. كما نعمل على بناء دولة حديثة، يقوم نظامها السياسي على عقد اجتماعي، ينتج عنه دستور ديمقراطي عصري، يجعل المواطنة معياراً للانتماء ويعتمد التعددية وتداول السلطة سلمياً وسيادة القانون. نتبنّى العمل على ضمان حرية الأفراد والجماعات والأقليات القومية في التعبير عن نفسها والمحافظة على دورها وحقوقها الثقافية واللغوية واحترام الدولة لتلك الحقوق ورعايتها في إطار الدستور وتحت سقف القانون. كما نتبنّى العمل على ضمان المساواة التامة لمواطنينا السوريين الأكراد، مع بقية المواطنين، من حيث حقوق الجنسية والثقافة وتعلّم اللغة القومية والتمتع بكافة حقوق المواطنة، وإعادة الجنسية لجميع من حرموا منها. كما نؤيّد الالتزام بتحرير الأراضي المحتلة واستعادة الجولان وتمكين سورية من أداء دور عربي وإقليمي إيجابي فعّال وإطلاق الحريات العامة وإصدار قانون عصري للأحزاب وتنظيم الإعلام والانتخابات وفق قوانين عصرية. كما نؤكّد على انتماء سورية العربي، وحق أشقائنا في العراق وفلسطين في مقاومة الإحتلال ومعارضةّ جميع أشكال الإرهاب والعنف ضد المدنيين. وندعم تمهيد الطريق لعقد مؤتمر وطني، لإقامة النظام الوطني الديمقراطي وإنهاء مرحلة الاستبداد. بيد أنّ هذه المطالب والأسس قد تمّ إلغاؤها عملياً وتفريغها من مضامينها، بفقرة واحدة في الإعلان تقول : " ضمان حق العمل السياسي لجميع مكوّنات الشعب السوري على اختلاف الانتماءات الدينية والقومية "، أي العودة بنا إلى ترسيخ البنى المغلقة، ما قبل الوطنية، من دينية وطائفية وإثنية وعشائرية، وتحقيق " ديمقراطية " التراصف الطائفي والإثني والعشائري،التي تحمل في ثناياها بذور التفتيت والتشظّي والحروب الأهلية. إنه يأخذنا إلى حالة من الانتماءات ما قبل المدنية، تفقد فيها المصطلحات الحديثة دلالاتها. ونرى أنّ المجتمعات، خاصة،ً المتعدّدة دينياً ومذهبياً وعرقياً، كما هي عليه الحال في سورية، لن تجد لحمتها وسلامها الإجتماعي، وربّما وجودها، إلاّ بتجاوز أشكال الترابط والتضامن المغلقة القديمة، ما قبل الوطنية، والوصول إلى صيغ وأشكال التضامن المدنية المفتوحة والحديثة. كما أنّ الفقرة الطويلة، التي أقحمت في النص،والتي تبدأ بعبارة "الإسلام هو دين الأكثرية.. الخ "، تحيلنا إلى مفهومي " الأكثرية والأقلية " بالمعنى الطائفي أو الإثني، بوصفهما مفهومين من مفهومات ما قبل السياسة المدنية والحداثة، أي كمفهومين مغلقين. تأسيساً على ذلك، فإنّ مفهوم المواطنة، الذي ورد في نصّ الإعلان يفقد معناه الدلالي الحديث، ما دام يرتكز إلى ضمان حق العمل السياسي لجميع الانتماءات الدينية والقومية والاجتماعية. إنّ ما ننشده، هو بناء ديمقراطية حديثة، يكون فيها مفهوم "الأكثرية والأقلية " مفهوماً سياسياً مدنياً متحوّلاً ومتغيّراً،أي مرناً ومفتوحا ًومتجدّداً، بحيث يمكن أن تتحوّل الأقلية السياسية إلى أكثرية، والأكثرية السياسية إلى أقلية سياسية. وهنا لابدّ من استبدال مضموني الأقلية والأكثرية الطائفية أو العرقية بمبدأ المواطنة، بمعناه الحديث، وحق كلّ مواطن دستورياً وسياسياً وعملياً، أخذ حقوقه وواجباته كاملة، بالتساوي مع المواطنين الآخرين، بصرف النظر عن الدين والجنس والعرق. اللاّفت في هذا الإعلان، أنه يتجنّب ذكر الولايات المتحدة الأمريكية، ولو بكلمة واحدة، وكأنّه لا علاقة لها مطلقاً، بتردّي أوضاعنا وبأزماتنا، فقد تمّ تحييدها تماماً في الإعلان، من خلال السكوت عنها. نعتقد أنّ هذا المنطق، يحرف مسار العمل الوطني عن وجهته الصحيحة، الذي ينبغي أن لا يكتفي بالتصدّي لفضح أنظمة الاستبداد في الداخل، بل يتعدّاها ليطاول الاستعمار أيضاً. فلا يمكن أن تكتمل اللوحة، بتعرية أنظمة الاستبداد في الداخل فقط، وبالسكوت عن الاستبداد الخارجي. ربّما كان البعض يعتقد، أنّه بسكوته عن التعريض بالولايات المتحدة الأمريكية، يمكن أن يخطب ودّها ويكسب تأييدها في المرحلة المقبلة. لكنّنا نعتقد، أنّ هذه براغماتية بلا ضفاف، من شأنها أن تضرّ بمصالحنا وبقضايانا الوطنية. فالولايات المتحدة الأمريكية هي التي جاءتنا غازية معتدية، فاحتلت العراق وجعلت منه رأس جسر لإعادة صياغة الأوضاع في منطقتنا، بما ينسجم مع الأولويات والمصالح الأمريكية والصهيونية. يغضّ الإعلان النظر تماماً، عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين السوريين، الذين يعانون الفاقة والفقر، نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية المجحفة بحقهم، التي يسلكها النظام، والتي هبطت بشرائح واسعة من السكان إلى ما دون خط الفقر. ويدخل الاهتمام بحل مشكلاتهم المعاشية وتأمين مستلزماتهم الحياتية، في صلب مهام البرنامج الوطني الديمقراطي. يغفل الإعلان كلّيّاً، قضية المرأة،التي تمثّل جانباً بالغ الأهمية، في أيّ مشروع وطني ديمقراطي،الأمر الذي يشكّل ثغرة حقيقية فيه. فالمشروع الوطني الديمقراطي يتطلّب إيلاء اهتمام أكبر بقضايا المرأة، بما يضمن ويعزّز دورها في المجتمع ويلغي جميع أشكال التمييز ضدّها. كما يتجاهل الإعلان أهمية الحيزات الثقافية بالنسبة للديمقراطية،التي تفتقر بغيابها، لأبسط المقوّمات. هنالك إشكالية مفادها أنّ البعض يريد الديمقراطية في السياسة، ولا يريدها في الفكر. فالمشروع الوطني الديمقراطي،لا يكتفي بالديمقراطية السياسية فقط، بل يتعدّاها لتحقيق الديمقراطية الفكرية والاجتماعية أيضاً، وهذا ما تمّ التغاضي عنه من جانب الإعلان. سنظلّ أوفياء لأسس بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، دولة الكل الاجتماعي ، دولة المواطنين الأحرار المتساوين في الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الدين والعرق والجنس والطائفة والعشيرة، الدولة التي تحقق الاندماج الوطني. دمشق في 22/10/2005 لجان إحياء المجتمع المدني في سورية
#قاسم_عزاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لجنة طوارئ تتابع حاجات اللبنانيين النازحين من سوريا
-
اعتقال عصابة تقوم بتنظيم هجرة غير شرعية إلى روسيا
-
الاحتلال يشن حملة اعتقالات ومداهمات ليلية واسعة في الضفة
-
الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
-
مسئول بحماس: إسرائيل تريد اتفاقا بدون توقيع.. ولم توافق على
...
-
دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد يؤثر سلبا على اقتصاد ألمان
...
-
إيران تُسرع تخصيب اليورانيوم والأمم المتحدة تدعو لإحياء الات
...
-
اعتقال أوزبكستاني يشتبه بتورطه في -اغتيال جنرال روسي بتعليما
...
-
مسئول أمريكي سابق: 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى ا
...
-
تواصل عمليات الإغاثة في مايوت التي دمرها الإعصار -شيدو- وماك
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|