|
العمامة والزي الديني توظيف للأنا المتضخمة وخداع للمؤمنين بأن الطريق لله لا يمر إلا منهم
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5237 - 2016 / 7 / 28 - 03:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العمامة والزي الديني توظيف للأنا المتضخمة وخداع للمؤمنين بأن الطريق لله لا يمر إلا منهم
يسألني صديق للتو (هل من مستلزمات الإيمان وأنا أتكلم عن العقل والعقلاء أن يستوجب علينا كمؤمنين أو حتى غير مؤمنين أن نأخذ ديننا فقط عن المعمم كي يرضى الله؟ ... أم أن بوابات العلم متاحة للجميع؟ سؤالي الأخر عمن فرض هذا التقليد وأصر على غلق كل الأبواب دون الإنسان الذي يسعى لمعرفة الله عن قرب؟) الحقيقة السؤال المركب هذا أدهشني من رجل هو معمم أصلا ويريد أن يستنير فقط لأنه يعيش إشكالية الكذب والتحريف الذي يمارسها الكهنوت الإستلابي في حياتنا ... وعن معنى وجود معمم كعلامة فارقة تقسم الناس إلى عليم ومتعلم وفهيم ومتفهم، الحقيقة قبل بدء الأجابة لا بد أن أذكر شيئا واحدا هو أن كل الأديان أصابها داء الشكلنة والقولبة بالماهية التفريدية وهي من دلائل عدم قدرة الإنسان على التعامل الواقعي مع الأشياء إلا من خلال الرمز التعريفي. الحقيقة عند البحث في مضان النصوص الدينية التي نعرفها ونقترب في كل مرة من خلال فهمنا للقصديات التي تسوقها أن الدين خطاب عام للناس كلهم، للناس بمعنى أن الله لا يتكلم من خلال واسطة مع العقل الإنساني ولا يريد أصلا هذا المنهج، بل ومن خلال أيضا مفاهيم النصوص نجد أن هناك حرص حقيقي على التواصل المثمر بين الله والعقل فقط، هذا على الصعيد الأساسي والمتصل بحقيقة الدين، أيضا من المؤكد أن ليس كل الناس قادر على فهم وأستيعاب الخطاب الرباني بمضمونه العام كحد أدنى يوصل أساسيات فكرة الله والضروري من الحكم بها، وهذا أيضا حقيقية لذا لا عجب أن ظهر ما يسمى بأهل العلم والمعرفة ليس في الدين وحده ولكن حتى في القضايا الحياتية العادية بظاهرة ما يسمى الخبرة المكتسبة والقادرة على التفاعل ونقل المعرفة لهم وللأخرين. إذن الطريق الأساسي هو التواصل مع الله بالمباشر بشرط أن يكون العقل الإنساني الذي يريد أن يفهم الدين بمستوى قادر معه على أن يدرك المبادئ والأوليات والضروريات، وأن يعي أن النص ليس حدا كافيا بما فيه من ظاهرية وعليه أن يبحر في فهم النص كلما أراد المضي قدما في فهم علائق الوجود وآيات المعرفة الكلية، هذا الأمر طبيعيا ليس متاحا للجميع بأسباب خاصة وربما يمكن أن تكون حتى أسباب عامة ولكن من المؤكد أن الأحتكاك بين العقل والنص يجعل الأول في حاجة للفهم وفي حاجة إلى المزيد من المعرفة به، وهذا ما يستدع منه البحث عن الحلول الأستثنائية التي تتمثل في ما عند الغير وخاصة صاحب الخبرة والتجربة، أما أن يترك الأصل ويتحول التقرب من الله وفهم الدين من خلال الأستثناء فقط وجعله القانون العام هو الجهل المركب من كلا الطرفين المتعاملين به على حد السواء. التعريف بالله وبالدين ليس مهنة وليس امتيازا خاصا للبعض دون الأخر، وعندما نقول ليس بمهنة يعني أن أدعاء البعض على أن تكريس الإنسان حياته للعلم الديني أو ما يسمى العلم الديني، وهو بالتأكيد ليس علما بمعنى التزامه بشرط العلم من دقة وتجربة وافتراض وبرهان ومنهج ونتائج ثابته، إنما يبعد هذا المفهوم المعرفي الذي نقصده بكلمة الدين من دائرة التخصص المهني إلى دائرة الأهتمام الخاص على سبيل البحث عن أفضل الأفكار وأدق التصورات الخاصة بنا عن العالم وما يحتوي من علائق تبحثها العلوم والمعارف العامة كلا بطريقته الخاصة، حتى في المواضيع التي تتصل مع العلم المجرد بصلة هناك الكثير من العلوم التي تبحث الموضوع من جانب محدد، الدين كمعرفة إنسانية من حقه أن يبحث وفقا للأليات المرتبطة بأسس المعرفة الدينية ومن مصادره الخاصة، أذن المعرفة الدينية واحدة من مجموعة المعارف التي تنطلق سويا ومعا من أجل البحث عن أجابات وعن حلول وعن فك ألغاز الوجود، ولا يعني هذا أن الفاعل بالمعرفة الدينية له سمة خاصة أو تميز خاص لأنه بالأصل مدفوعا بباعث ذاتي لأنه يؤمن بأن الحقيقة أكبر من وجودنا المجرد، لذا فلا يجب تحميل الأخرين عبء هذه المهمة أو إلزامهم بنتائجه أو متابعته على ما يفعل وما يفهم وما يدرك. هنا نصل لحقيقة مهمة هي أن التفرغ المهني للبعض على الإنكباب على دراسة المعرفة الدينية ليست من مفاهيم وأصول القاعدة العقلية التي تنطلق من فكرة أن الدين خطاب عقلي للناس جميعا، وبالتالي العمل على البحث وأكتساب المعرفة هو الواجب الإنساني الطبيعي لكل فرد وحقا ممنوحا له بذات الفكرة الدينية، أما في حالة التعذر والأعتذار لا يمكن للفرد التخلص من الواجب العيني ويعتمد على الأستثناء الذي هو في الظاهر كذلك ولكن في الحقيقة هو ليس إلا طريق أخر يسلكه المتعجز للبحث عن بديل للوظيفة الملزم بها ضروريا، أي أن الإنسان الذي يبحث عن الله وفكرته الدينية باللجوء لفرد صاحب التجربة أو الزاعم بها أو الداع لنفسه بها، إنما يترك الطريق الممهد ليبحث في جوانب الطريق وفي المتاهات التي تقود حتما لنتائج لا تتطابق مع هدفية الفكرة ذاتها. تبقى الإجابة النهائية والمهمة والتي تتطابق مع مشروع الله في خلقه لا تخرج عن هذا المخرج، فالعمامة أو الزي الديني ليس إلا توظيفا أنانيا للتميز والإيهام بواقع متخيل وليس أصيلا ولا ضروريا ولا حتى طبيعيا، وما هو إلا إبراز الأنا في ظل أختلال مفاهيمنا نحن البشر عن الدين وعن ماهية المعرفة، وأيضا عن ماهية العلاقة بين الله والإنسان كرابط روحي وعقلي وأعتباري، بل وأجزم القول أن التمظهر الديني شكلا من أشكال الأحتيال الذي يخرج حتى الصادق والمخلص في سعيه للبحث الذاتي عن دروب المعرفة من دائرة الواقع المعتاد، ليدخل نفسه في شبهة التواطؤ مع المحتالين، طالما أنه لا يستنكر هذه المنظرية والمظاهراتية التي تخدع الناس وتحرف الطريق الذاهب بهم أصلا للنتيجة الكبرى والعظمى من الدين
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هلوسات رجل مهزوم ..... لكنه يحلم
-
أحلام الوطن البديل
-
عوامل التغير وطريق الثورة
-
العصر مفردة الزمن في دلالات النص الديني
-
يوميات عاشق .... مسافر مع الحروف
-
صندوق جدتي وسفينة نوح
-
قوة الأصالة الأجتماعية ونجاحها في مواجهة التغيرات الفكرية وا
...
-
مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام
...
-
مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام
...
-
مفهوم النسقية الأجتماعية والنمطية الاجتماعي ودورهما في بلورة
...
-
الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح3
-
الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح2
-
الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح1
-
أول الخطوات .... أخر الكلام
-
مرة أخرى الإنسان خالقا ......
-
لعنة موت متنقل
-
الخديعة
-
صناعة الفعل وتطور مفهوم الإرادة
-
رجل الدين تفضل خارجا فقد حان وقت الأعتزال
-
من هو الله؟.2
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|