|
ما يحدث في تركيا انقلاب عسكري للعناصر الاسلامية التابعة لكولن ام مناورة اردوغانية للرفع من قيمة رصيده السياسي
اتريس سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 5234 - 2016 / 7 / 25 - 02:39
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تتحدد طبيعة الازمة التركية الراهنة التي تقع حسب التوصيف الاعلامي السائد في الاعلام التركي العربي باسم الانقلاب العسكري بالغموض وعدم تساوق الاحداث والتامر الداخل مع الخارج اضافة الى عنصر المفاجئة في الحدث وسرعة التطويق ثم السير على خطى نهج انقلابي متسلسل ومضاد قاده اوردغان في مواجهة خصومه السياسيين والعسكريين الذين يتناحرون مع الحزب الحاكم حول السلطة في البلاد. - تجدر الاشارة الى ان المعطيات التكتيكية واللوجييتيكية الضرورية لتوفير الاسس الموضوعية للانجاح الاستراتيجية الانقلابية كانت مغيبة تماما وهذا يناقد طبيعة المؤسسة العسكرية المعروفة بانظباط الشديد والتخطيط الدقيق في التحرك والاداء. الامر الذي يشير الى ان الامر في مجمله العام عبارة عن مناورة سياسية هدفها هو تحريك بعض العناصر الموالية للسلطة المدنية في الجيش قصد اعلان الانقلاب ليتسنى بعد ذالك التصريح بحالة الطوارىء للقيام بتصفية العناصر المعادية للحزب الحاكم في شخص اوردغان ثم الاجهاز على الاسلاميين اتباع فتح الله كولن الذي يعتبر العدو اللذوذ للاوردغان قبل فض بكرة التحالف بينهما في حدود سنة 2013م - فرار اوردغان المثير للشك والجدل من مدينة مرمريس يعني ان العناصر الانقلابية لم تكن قد قامت بتحرياتها استخباراتيا على الوجه الاكمل عن مكان تواجد الرئيس اوردغان للاحتجاره ومن المعروف ان العنصر الاول في تنفيذ بروباغدا الانقلابية هو احتجاز راس السلطة السياسية في البلاد ليتم بعد ذالك اعلان بيان القوات العسكرية المشترك بين كل القيادات العسكرية المختلفة الجوية والبرية والبحرية المكونة من اغلب قادة المؤسسة العسكرية تقريبا.الامر الذي يعني ان الانقلابات العسكرية لا تتحرك في الغالب الى بوحدة الاجماع على مستوى القرار الذي تتخذه مؤسسة الجيش. - اما اذا كان الامر عبارة عن انقلاب عسكري قامت به المجموعة المكونة من العناصر الاسلامية الموالية لفتح الله كولن الموجود في امريكا اضافة الى عنصر الظرف الراهن والمثمثل في القلب الجذري على مستوى طبيعة التحالفات والعلاقات الديبلوماسية بين امريكا وتركيا في رفض هذه الاخيرة القيام بالاجتياح البري للقضاء على الدولة الاسلامية في سوريا والعراق اضافة الى الاعتذار والتعهد الرسمي الذي قام به اوردغان الى روسيا بوتين بسبب حادث اسقاط الطائرة اضافة الى التخوف الامريكي الغربي اتجاه التجربة الاسلامية لحزب العدالة والتنمية في نسخته الاوردغانية على مستوى نموذج اقتصادي ناجح يجمع بين الديمقراطية الليبرالية والاسلام السياسي في اطار تجربة ناجحة ترهب امريكا وحلفائها في حالة انتقالها الى باقي الدول العربية التي تعرف تصاعد المد الاسلامي وانتشاره المريع فالامر يخلص بنا الى استنتاج مفاده ان السي اي اي المعروفة بتدبيرها للانقلابات في العالم من خلال عملائها المتخصصين في هذا الشان والمعروفين باسم الضباع اللذين تشير اليهم اصابع الاتهام في احداث الفوضى الانقلابية الراهنة. - استنادا الى النقط السابقة والتي اكدنا من خلالها ان الانقلاب غير مدروس ولا يستند الى العناصر الضرورية الكافية للاحداث نجاحه فهذا يحيلنا الى ان المتامرون لم يكن هدفهم الوصول الى السلطة بقدر ما يهمهم هو خروج جزء من الجيش للاحداث الاصدام بين باقي مكون المؤسسة العسكرية كما يحدث الى حدود الساعة في اطار ما يتم تسويقه على مستوى الخطاب الرسمي التركي بتطهير الجيش نفسه من العناصر الانقلابية الامر الذي لا يترك مجالا للشك ان الامر مدبر من الخارج واصابع الاتهام تشير بصراحة الى تامر امريكي واضح في اطار احداث الفوضى الدموية غلى غرار العراق وسوريا الخ تحت المسمى بشرق اوسط وشمال افريقيا جديد. - من يتمعن جيدا في الازمة التركية الراهنة على مستوى التحرك العسكري في وقت استفحال الصراع السياسي بين القوى والاجنحة المتصارعة على السلطة في البلاد وفي الوقت الذي يستعد فيه اوردغان للولاية الثالثة من خلال اجراء استفتاء للاقرار التعديل الدستوري اللازم وتقوية منصب رئيس الوزراء على حساب الديمقراطية من خلال الانفراد بالعديد من الصلاحيات التي تضر بمصلحة الخصوم السياسيين يمكن الاستنتاج ان الانقلاب تم من خلال تنسيق الداخل الذي يرفض الوضع السائد مع الخارج الذي يتحين الفرصة للانقضاض على الديمقراطية وادخال تركيا في دوامة العنف والفوضى الدموية الرهيبة. - السيناريو الانقلابي التركي كان اقرب الى النسخة الانقلابية المصرية رغم بعض اوجه الاختلاف الموضوعية القائمة فقد تم اخراج الجيش في لحظة التدمر الشعبي من الاخفاقات السياسية والاقتصادية للحكومة الاخوانية في مصر التي كانت مدعومة تركيا لكي يتم خلق الاجماع بين المؤسسة العسكرية والشعب لكسب الشرعية الانقلابية ضد الرئيس مرسي وهذا ما حدث في مصر لاكن في تركيا كان الامر مختلفا بعض الشيء لان الجماهير والمؤسسة العسكرية وجل الخصوم السياسيين اعلنوا ولائهم للديمقراطية الامر الذي يعني عمليا الوقوف الى جانب الرئيس اوردغان بسبب افشال الانقلاب الذي يعود الى مدى نضج الوعي السياسي عند الشرائح الشعبية التي دخلت على الخط واحسنت التصرف لتظهر للعالم مدى تشبتها بالديمقراطية اولا ثم الشرعية السياسية ثانيا - راي الخاص لا يتحدد بالوقوف الى جانب القائليين ان الرئيس اوردغان سيخرج قويا بعد الازمة بسبب تبنيه اصدار قوانين متشددة ضد الخصوم الامر الذي يعني اطلاق باع ذراعه في التمكن من نيل المزيد من الصلاحيات لتحقيق العهدة الثالثة كما اني لا ارى ان الامر سيكون بمثابة انتكاسة سياسية للارودغان الذي بات مهددا من خصومه السياسيين في الداخل والخارج نتيجة سياساته المتخبطة في الداخل والمنطقة فالمسالة تكمن في ان تركيا في خطر لانها باتت مستهدفة من العديد من الجهات والبرهان على كلامنا هو التفجيرات المتلاحقة في قلب المدن السياحية واستهداف المطار ثم الصراع الكردي في الجنوب على طول الحدود مع سوريا والعراق ثم الحقد الفرنسي الذي يريد اقرار قوانين تدين تركيا داخل الاتحاد الاوروبي لفرض العديد من الاكراهات التي يعتقد من خلالها الغريم الفرنسي انها قد تلحق الضرر بتركيا اقتصاديا وتعرقل انضمامها الى الاتحاد في ظل الافق المرتقب مادام الملف التركي لولوج عضوية الاتحاد لايزال يبرح مكانه. - الدرس التركي يحيلنا مباشرة الى التذكير بنتائج الممارسات الديكتاتورية التي تسعى الى اغتصاب السلطة من الخصوم والانقلاب على الديمقراطية الامر الذي يحلينا عمليا الى القول ان خطوات اوردغان السياسية للانقلاب بطريقة ناعمة على الديمقراطية قد تمت مواجهتمها باسلوب انقلابي خشن من قبل عناصر عسكرية تنتمي الى جماعة غولن الاسلامية التي تعارض جماعة اورغان الاسلامية ايضا المتنافستين حول المال والسلطة والنفوذ
اتريس سعيد Triss said مغربي مع وقف التنفيذ
#اتريس_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة هادئة في عملية نيس النوعية (رولاند ابتلع الطعم والفرحة
...
-
(الحملة الدولية للتشهير بفضائع القمع والاضطهاد الديكتاتوري ا
...
-
خواطر من وجدان الحكمة
-
تأملات على هامش الواقع المتعفن
-
نصوص في الفلسفة
-
كنه الكينونة المتوحشة
-
البصيرة
-
النبوءة
-
لأَحرر وريقة روحي الطليق
-
النار التي تلتهب في كياني تلهمني من أكون
-
يوم شتوي طويل في يانشوبينغ
-
صرخة الموناليزا
-
فراديس الجنون البيضاء
-
جِِرَاب راعية الربيع
-
القاسم المشترك بين الممكن والمستحيل
-
عبودية الفراشة في قماشة الموت
-
شهوة الورد
-
بصمات متوهجة بالضياء على ثدي شمس حالمة
-
خطى على درب الفداء
-
الفينق
المزيد.....
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|