|
الرسالية الادبية في الشعر التجريدي عند الشاعر كريم عبدالله بقلم د.انور غني الموسوي
كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 5233 - 2016 / 7 / 24 - 22:51
المحور:
الادب والفن
الرسالية الادبية في الشعر التجريدي من كتابنا القادم ان شاء الله ) كريم عبد الله و السرد التعبيري ) بقلم : د.انور غني الموسوي ما عادت في ظل هذا التغير الكبير الحاصل في وعي الانسانية و الاتجاه نحو التشبث بالانتماء و الاعتداد بالهوية في قبال رياح العولمة الثقافية ، ما عادت فكرة الفن الرومانسي و البوح الذاتي امرا يجلب الحماس ، بل ما نراه من اتجاه نحو تمثل الواقع و الامة هو الذي يسلب مراكز الاولوية في الثقافة و الادب المعاصر . هكذا تغير في فهم الفن و الجمال لا يعني انه ينطلق من فهم تعبوي للعمل الابداعي ، بل يمثل وعيا عميقا بحقيقة الابداع عموما و الكتابة خصوصا ، فأخذت الرسالية و القضية و الموقف تحتل مكانة متميزة في الكتابات المعاصرة . من هنا امكننا القول و كما اشرنا كثيرا الى دخول التجلي الرسالي في نظام الابداع ، و اعتبارها ركنا من اركانه . الرسالية الابداعية اما ان تكون جمالية تتمثل بالابتكار و التطوير , و منها الكتابة التجريدية او جماهيرية تتمثل بتمثل الامة و الانسانية ، و مقدار التمثل و الوعي به و تجليه يحقق درجة متقدمة في جانب من جوانب الابداع . تمثل تطلعات الامة و المها هو الرسالية الوطنية . و رغم ان النقد الثقافي لا يقدم حلا حقيقا لفهم الابداع ، الا انه يشير و بصدق الى تأثر الكتابة بالوعي الانتمائي و الفكر المجتمعي العام ، و لا يعني ذلك جواز فهم النص على انه انعكاس لثقافة المجتمع او موطنا لانساق ثقافية ، و انما يعني ان تمثل ما ينتمي اليه الكاتب من ثقافة و امة يضرب عميقا في وعيه و كتابته ، و ربما يكون احيانا الجوهر المشع الذي تشكل بفعله النص او ادب الكاتب كله . ان الحساسية العالية و الرؤية الواضحة و التطلع نحو الافضل المترسخ في نفسية الاديب تدفعه و بقوة الى ان يكون صوتا صادقا في التعبير عن الامة ، في ظل الحرية الفكرية طبعا ، و يصبح حقيقة لا لبس فيها لأجل تبين ملامح المجتمع الذي يعيش فيه . ان الشعر كان و لا يزال صوت اعتراض و طلب للخلاص ، انه تمجيد للحرية السامية و الوجود الافضل ، ما عاد الفن عموما و الادب خصوصا مكان ترفيه و تعبير وجداني بسيط ، انما هو في كل جهاته رؤية و موقف ونداء ، انه نداء صادق و خالد ، و حينما يمتزج هذا الصوت بحلم الامة و يتمثل تطلعاتها فانه يكون رسالة شفيفة الى العالم و الاجيال . من المهم التاكيد ان الرسالية تتطلب بوحا ، بمعنى اخر تتطلب توصيلا ، و لا يعني ذلك ان يكون التعبير بتراكيب لغوية مباشرة بحجة البوح و التوصيل ، و انما يمكن ذلك بالتعبير الفني العالي ، وهذا سر اللغة القوية التي تبوح بالكثير مع الفنية الادبية العالية ، البوح التوصيلي كما يمكن بالتعبيرية العالية ، يمكن ايضا بالرمز و الايحاء بل ان من تجليات اللغة البوح الايحائي ، كما ان الخيال ميدان خصب للبوح الرسالي . ان الرسالية الوطنية الادبية يمكن ان تتنوع بتنوع الاجناس الادبية و اصناف اللغات الفنية ، و بتنوع الموروث الاجتماعي و الابعاد الحضارية و الثقافية للمجتمع ، لذلك يمكننا القول اننا في مجال ( الرسالية الوطنية الادبية ) لدينا عدد هائل بل غير محدود من الاشكال اللغوية ، يمكن تصورها اجمالا بشكل انظمة مركبة تصنف حسب جنس الكتابة من شعر و قصة و نحوهما او حسب صنف اللغة من مباشرة و رمزية و غير ذلك او حسب المكونات الاجتماعية الفكرية و الثقافية و المادية .و لقد تناولنا الرسالية الادبية تجربة الكثير من الشعراء العراقيين و العرب في كتابنا ( التعبير الادبي ) و هنا نتحدث عن الرسالية الأدبية المؤداة باللغة التعبيرية و التجريدية . انه كريم عبد الله ، احد ابرع كتاب القصيدة التجريدية في الشعر المعاصر حيث يقول (كلّما تعزفُ السماء برذاذِ الخذلان أدخلُ في زجاجةِ الصقيع مقروحٌ يساورني حلم يتلصصُ .....-الأرضُ العانس تتلمسُ أجساداً تتسلّقُ واجهة الموت عيونٌ زجاجيةٌ مِنْ خلفِ الصقيعِ ترنو وقناصٌ أرعنٌ يتدفأُ بسيلِ رشقاتٍ على وجهِ التاريخ ). لقد بينا مفهوم التجريدية و نماذجبه في مناسبات عدة و تتجلة هنا بالحضور القوي للعمق التعبيري الذاتي و الزخم الشعوري و الحسي للكلمات . و تتجلى الرسالية هنا في ان الشاعر يتمثل العراقي الذي مسه البرد ، من نازح و مهجر و فاقد و محزون و متألم ، انها ملحمة العراق الجريح المبكي ، الم طويل ، و من هناك تعزف السماء اغنية هي فرحة رأس السنة لغير العراقيين الا انها الم مر و صقيع حارق لهم ، انه الصقيع السجن الذي لا فرار منه ، اين يذهب العراقي الذي خذله كل شيء حتى البرد ، لقد فقد العراقيون كل شيء يتوسدون الارض ، فصاروا لوحة عظيمة للموت الكئيب ، هنا نحن بعيوننا الجميلة البريئة الطفولية نتطلع للخلاص وهناك في الجانب الاخر لا شيء سوى الذئاب و الاعداء و المفترسين ، يقتنصون الخبز و الخيرات لا شيء هناك في الجانب الاخر سوى المتفرج الوقح انه العالم القبيح .
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شمسٌ مشرقةٌ على ذكرياتي الغاربة
-
ايامكِ النبيلةِ شيّبها إنتظارٌ معتم
-
ثلاثية (( الكرّادة .... طالع .... ))
-
( كلكّاتْ )* عراقية خالصة الصورة والصوت
-
تحت ركام الصراخ يرهبني وميضُ الفزع
-
في ( الكرادةِ )* ترجّلتْ سلالم الموت
-
عذابُ المحطاتِ الخجولةِ يدغدغها زعيق الفتاوى
-
على مشارفها العذراء . إختفتْ حكمةٌ بآلغة
-
أزخرفكِ مبتهجاً في سريرِ قصائدي
-
في فحولةِ القمصانِ المؤنّقةِ أرددُ ( ياحريمةْ )*
-
حبلٌ متينٌ في ليلٍ أشعث
-
خلفَ خمسينَ مراهقة . إشتهاءكِ يسيّلُ عذوبة الكلمات
-
موتٌ أظلمٌ في نورٍ لا نهائي
-
الواقعية التعبيرية في شعر كريم عبد الله د أنور غني الموسوي
-
إمرأةٌ رمليّةٌ على ساحلِ الوطن
-
خيانةٌ في تلافيفِ العقل
-
على ضفاف السايكودراما .. تجارب في مشفى الامراض النفسية..!! ك
...
-
الناجونَ مِنَ ( العِطّابْ )* أولادُ الخايبات
-
اطلالة على نصّ (( الشوارع تحيض تمسح أحذية الغزو )) للشاعر كر
...
-
مقدمة في ديوان الشاعر كريم عبد الله ( العشق في زمن الغربة )
...
المزيد.....
-
فيلم توم هانكس الجديد بتقنية -إخفاء الشيخوخة- يُثير الجدل
-
قضية الممثلة الإباحية.. القضاء يؤجل الحكم على ترامب
-
هــنا “نسبة النجاح مبشرة” نتيجه الدبلومات الفنية 2024 برقم ا
...
-
تأجيل الحكم على ترامب في قضية دفعه مبالغ طائلة لنجمة أفلام إ
...
-
بمشاركة عمرو دياب وكاظم الساهر.. 60% من أرباح مهرجان العلمين
...
-
الحلقة الأولى مترجمة” عرض مسلسل قيامة عثمان جميع الحلقات متر
...
-
فنانة مصرية معتزلة تتعرض لهجوم بسبب الحجاب
-
الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات الفنية في بلاده
-
-يجب إيقاف هذا السيرك-.. سياسي فرنسي يدعو إلى وضع حد لتشويه
...
-
للعام الرابع.. السياسة تفرق والأغنية توحد في -يوم الأغنية ال
...
المزيد.....
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
المزيد.....
|