|
الانظمة تخلق حفارة قبرها
غمكين ديريك
الحوار المتمدن-العدد: 1402 - 2005 / 12 / 17 - 09:59
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
قد يكون هذه المقولة صحيحة في اغلب الاحوال ، او تكون حتمية في الكثير منها ، الا انها ترتبط وبشكل مباشر في مضمونها على حالات من القوى التي تستند على الظلم والقمع والاستهتار بمكونات المجتمعات البشرية والتي تهدف الى الاقصاء والانكار والتعصب ( قوميا او دينيا او حزبيا ) ، وان لم تكن هذه النظرية عامة الا انها تتحقق في اغلب الاحيان وخاصة في الانظمة الرجعية والمتخلفة ، والتي تحاول الهروب من التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، بانشاء حجج واسلحة مضادة من الفئاة او الميليشيات التي تستفيد منها لبعض من الوقت ، الا انها تنقلب عليها في نهاية المطاف ويصعب التخلص منها . انها نظرية ماركسية قديمة واستطاعت الراسمالية التغلب عليها عبر تدابير امنية واقتصادية واجتماعية عديدة ، الا انها تبقى تحظي بالكثير من الفاعلية في الوقت الراهن ، فبعدما استطاعت البرجوازية تربية البروليتاريا واحتوائها في كل من اوربا والويلات المتحدة الامريكية ، توجهت بعض القوى الى انشاء البدائل الاخرى ، او حفارة قبرها من طراز جديد ، الا وهو قوى المقاومة ، او ما تسمى القوى الارهابية في العصر الحديث ، وتوجهت امريكا لانشاء قوى معادية للسوفيت كجبهة مناهضة للشيوعية عن طريق الاسلام او تحت اسم الاسلام ، وانشاء المجموعات المسلحة من المجاهدين والاشراف المباشر من البنتاغون على برامجها التعليمية والدينية ، وتحولت هذه المجموعات مع مرور الزمن الى نقيض للامريكان وحققت اكبر عملية ارهابية في قلب امريكا ( 11 سبتمبر ) واعلن الحرب الشاملة على مصالح الامريكية في كل بقاع العالم ،واستطاعت بذلك ان تقلب موارين القوى ، وردم الحقبة المنصرمة او النظام السابق ، وادت الى التوجهة الى نظام عالمي جديد . وقامت تركيا ايضا بدعم وانشاء بعض القوى الاصولية والسلفية باسم حزب الله لمواجهة المد الكردي في تركيا ، الا انها انقلبت عليها في الفترات اللاحقة ، واثرت في الوضع السياسي والاقتصادي لتركيا ، وصولا الى سيطرة الاسلامين على البرلمان التركي وتشكيل حكومة اسلامية الى الان ، الا ان مساعي تركيا والتي وجدت صعوبة بالغة في السيطرة عليها او احتوائها ، ضمن الاسلام الليبرالي الحالي وان لم يكن بالشكل المطلوب ، الا انها تجهد في بذل قصارى حهدها للوصول الى الشكل الليبرالي للاسلام ، بعدما اصبحت على حافة فقدان هويتها العلمانية . وباسم اللحمة الوطنية والقومية والدفاع عن المقدسات والمجتمع العربي وثقافته العربية الاسلامية ( لان الانظمة هي الممثلة الشرعية للاسلام )، قامت كافة الانظمة في الوطن العربي بدعم ما يسمى بتيار الاسلامي المقاوم او الراديكالي ( وكان الهدف منها الهاء الجماهير عن الوضع الداخلي وايجاد مبررات لعدم الانفتاح والتطور الديمقراطي )، في سبيل تعبئة الشارع العربي ضد اسرائيل وامريكا ، باسم العروبة وعروبة القدس ، والتي افرزت في الشارع العربي مفهوم الاسلام السياسي او التطرف الديني ، والتي تعاظمت بسبب سيطرة مفهوم القطيع على المجتمع العربي ، وحبه لاحتلال نفسه عبر مفاهيم ومبادئ لايخدم قضيته وقضية مجتمعه ، ومع تطور هذا التيار وتبلورة في انظمة شبه حزبية او في اطر سياسية ، اصبحت تشكل خطرا على النظام نفسه ، وهذا ما حصل في كل من سوريا ومصر والاردن وبعض دول المغرب العربي ، والتي ادت الى اشتباكات وصراعات راحت ضحيتها الالاف من ابناء الجماهير العربية . فمثلما فعل النظام العراقي البائد في مراحل حكمة الاخيرة بكتابة كلمة الله اكبر على علم بلاده ، واطلاق العنان للدعوات المنادية تحت اسم الاسلام بالاصولية والسلفية والتكفيرية ايضا ، والتي لم تنضج تنظيميا اثناء حكمه لابل انضجتها الظروف في العراق الان ، وويذاق الشعب من مرارته في ايامنا الحالية ، يقول النظام في سوريا حاليا بمحاولات جادة من هذا القبيل ومنذو سقوط تمثال صدام في بغداد ، يقوم هذا النظام برعرعة هذه المفاهيم ومد الجسور بين فئاتها المتشتتة، وجعل سوريا ملتقى للالتقاء بين هذه الجماعات ، كما كانت في الماضي ملتقا للقوافل ورحلات التجار من كل حدب وصوب ، ولكن يبدو ان اخر الاششتباكات في حلب وادلب بين قوات الامن السورية وهذه المجموعات بشارة عقد جديد ونحن مضطرون لتذويق مرارته ، لان المخاطر الخارجية على الابواب كما يقول النظام ، والخطر الداخلي بدأ مع هذه الاشتباكات ، فلابد من تفعيل قانون طوارئ اكثر صرامة من السابق ، وعلى الجماهير ان لاتنطق كلمة خير ، او طلب لقمة عيشة من الحكومة والسلطة والتي تعمل جاهدة ( كما تقول ) للدفاع عن كرامتنا ، واستعادة القدس . ولكن يخطأ الانظمة الرجعية والشمولية دائما في تقديراتها ، لان هذه التقديرات مبنية على مفاهيم عفى عليها الزمان ، وينظر بمنظاره الضيق الى كافة المسائل ، النظرة الدونية والاقصائية والانكارية ، وهذه النظرة التي لاترى ابعد من ظل انفها ، تبقى رهينة لهاجسها الاول والاخير وهو رعاية وحماية مصالحها في البقاء في السلطة باي ثمن كان ، وينسى ان الشعب شبع من الشعارات والوعود ، واخذ ينظم صفوفه وان كان وجدانيا ، ولم يعد يقبل بهذه الانظمة ، ومن جهة اخرى فان هذه الشلل ايضا والتي انشأها النظام لم تعد تقبل هذا النظام واصبحت لاتقبل التضحية بمصالحها من اجل مصالح النظام ، بعدما اصبحت لها مصالح من وراء هذه الانظمة بالطبع .
#غمكين_ديريك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|