|
شرك الطبقية
اميرة محمود اوقاسي
الحوار المتمدن-العدد: 5231 - 2016 / 7 / 22 - 22:10
المحور:
المجتمع المدني
تعرفت علي اسماء في مقر عملي، كانت بحكم مؤهلها الدراسي تعمل كمساعدة لي، في بداية عملي، اخذت كل حذري منها، عزمت هذه المرة ان لا اقع في نفس اخطائي السابقة، ليست خطأ بالمعني الحقيقي، انما خطأ ولده هذا النظام الذي قسم البشر لطبقتين، اسياد وعبيد،،،،،، خطأي السابق او بالاحري اخطائي كانت كلها تاتي من محور واحد، الثقة في الناس والاصرار علي رؤية الخير فيهم رغم الاشارات الكثير التي اتلقاها والتي تقول لي احذري، لكن شخصيتي الاجتماعية ومراعاتي لغيري دائما هي التي تغلب وتجعلني اندم علي مصادقتي ناس لم يتعودوا سنينا سوي علي المهانة والذل، فاذا لقوا معاملة طيبة من شخص اعلي منهم درجة في مستوي السلم الاجتماعي تطاولوا وتصرفوا بالظبط بنفس دناءة اسيادهم سنين من العبودية والتعود علي الفساد لا يمكن ان تُمحي بين ليلة وضحاها، نفسيات وعاهات تعودت الانبطاح، وعلي تذوق الذل حتي استطعمته ووجدت فيه لذة، قد تجلس معك تشتكي لك ظلم وقهر الاسياد لكن اذا حاولت تثقيفها وتعليمها حقوقها ستثور ضدك، بالنسبة لهم يجب ان تكون العلاقات هكذا، يجب ان يركعوا عندما يرون السيد واذا عاملهم بطيبة وحاول ان يزيح الفروقات بينهم سوف يتحولوا من حالة المازوخية الي السادية المطلقة كانت اول ايامي تتسم بالحيطة والحذر مثلما قلت انفا، لاحظت بسهولة في اسماء الخفة والنشاط وكيف كانت تحاول تسهيل العمل بالنسبة لي وان تفهمني الروتين اليومي لسير العمل، يوما فيوما، بدأ الجليد في الذوبان، كانت اسماء بحكم طبيعة العمل والهرمية الطبقية تُعتبر ملكا لي وانني الامرة الناهية لها، انا من يسمح لها بالمغادرة ووقت الاستراحة وما الي ذلك، من الاول لم الق اهتماما بهذه التفاصيل كانت اسماء دائما تهني عملها قبل الوقت، ولا تاخذ استراحات سوي نادرا رغم الحاحي عليها، بدات احب واعُجب بشخصيتها، كانت ودودة ومضحكة ولديها جاذبية، تعاملني بلطف ولا هم لها سوي اسعادي، اصبحت اقبلها عندما اتي الصبح، وقبل ان اغادر، رفعنا الكلفة كثيرا وبحكم تقارب السن فكنا صديقات اكثر منه أمر ومأمور المديرة لم يعجبها ذلك، بادرتني ذات صبح وقد كانت علاقتي بالمديرة ممتازة، كنت من احسن الموظفين لديها وكل العملاء راضيين عني، قالت لي بوجوب ترك العلاقة رسمية بيني وبين اسماء وان تناديكي دائما بالالقاب اردت ان افتح فمي لكي اسرد محاضرة عن الطبقية وبانني ضدها، استغربت كيف تغفل كل مزايا اسماء ولا تهتم سوي بالمعاملة الرسمية والالقاب، لكن قبل ان اتكلم تذكرت عندما كنت في عملي السابق يوم قدمت للمديرة درسا حول الطبقية الهرمية ومعاملة الناس، من يومها اُدرج اسمي في القائمة السوداء وما لبثت ان فقدت عملي وبعد ذلك وفي كل مقابلات العمل، يعجبون جدا بمهاراتي وتكويني ويخافون جدا من صراحتي وشجاعتي وايماني بمبادئي وعدم قابليتي للانبطاح وهذا ما جعلني اخسر الكثير من الوظائف، اقول اخسر كلفظ يعبر عن عدم الحصول علي ذلك العمل لكنه بالنسبة لي وعلي صعيد شخصي مكسب هذه المرة كانت ظروفي المادية اسوا، فضلت اختصار اجابتي في انني راضية عن اسماء تمام الرضي وهي تحترمني دون القاب ثم غيرت الموضوع كم المني ذلك الكلام، ايعقل ان يبلغ بهم الدناءة هذا القدر، لماذا يخافون جدا من تالف قلوب الناس، بعد ان قسمونا طبقات، لا يريدون اي ود بينها، ويحرصون علي تعميق الهوة بمختلف الطرق، المرتبات، نوعية الاعمال، الاجازات، وفوق ذلك يقفون حماة هذا النظام لدرجة ان يمنعوا قلبي من ان يحب اسماء ظللت علي هذا الحال اسبوعا، لم اقل لاسماء شيئا في البداية، ثم ضيقت علينا الخناق صاحبة المديرة، تراقب كل تحركاتنا وماذا نفعل وكيف نسلم علي بعض الي ان ضقت ذرعا، فتحدثت الي اسماء ذات صبح واستغربت الكلمات التي خرجت من فمي: "اسماء، يجب ان نخفي علاقتنا امام المديرة وندعها رسمية، لكن عندما نكون وحدنا، نرجع لعادتنا" تاملوا هذه الكلمات، الا تذكرهم بسنين العبودية، لا تظنوا سذجا ان العبودية انتهت لا تزال موجودة فقط لبست حلة اكثر لمعانا، تذكرت عندما كان يخفي غاندي وهو طفل الاكل لطبقة المنبوذين الذي كانوا يعملوا كخدم في بيتهم ويطعمهم خفية عن اهله، عن كل البيض الذين احبوا سود وحاربهم المجتمع، عن ملايين الامثلة التي تشبه ما حصل معنا في سنة 2016 وكاني اعيش علاقة مشبوهة وكاني لدي عشيق وانا متزوجة، هل يُعقل ان يتحكموا بمشاعرنا حتي عندما فشلت قولبتهم لنا باننا احسن من غيرنا ويجب ان نسحق الضعيف، يقايضوني في مشاعري مقابل الاحتفاظ بمكاني بان لا احب من يظنون انهم ادني مني لم يعجبها اسماء كلامي واحسست انها جُرحت، قالت لماذا تقول المديرة شيئا كهذا مالذي يؤذيها اذا كنت اقوم بعملي علي اتم وجه، حاولت ان اشرح لها كيف هي تفكر لكنها لم تكن تسمعني، اسماء لن تكن مهتمة بالشروحات السوسيولوجية، كان تعليمها محدودا مثل اغلب تلك الفئة وماكان يُعاب عليه فعلا انهم لا يريدون تغيير حالهم ظلت غاضبة ذلك اليوم وايام كثير تلته، كانت المديرة تعاملني معاملة تقوم علي اساس التفرقة، شرحت لاسماء مرات عديدة ان ذلك لا ينم عن حب صادق بل مجرد نفاق لاني امثل بالنسبة لها واجهة ودعاية واجعلها تكسب سمعة ومال كذلك، لم تكن تنفي لكن عيونها كانت تقول لي انها لا تصدقني شيئا فشيئا بدات احس ان بيننا حاجز، حاجز لا يمكن اختراقه حتي عندما نسيت تلك الحادثة، كانت دائما ما تقوم ببعض التصرفات التي تشير بوضوح انها لا تستطيع ان تبني صداقة معي، ليس السبب انها تغيرت، لا بل نعامل بعض بنفس الحميمية المعتادة، لكن كنت اكشف بعض الاكاذيب من طرفها، وبعض التصرفات المريبة التي تشير بوضوح انها لا تثق في وتراني دائما في صف العدو بعد بضعة اسابيع اُصُيبت اسماء بنوبة صرع ونقلناها الي البيت، كنت اكثر من قلقة عليها وكان مرضها انتقل لي، ذهبت ثاني يوم الي بيتها لازورها لم تصدق في الاول انني سازورها لما اعلمتها بالهاتف، لان عامة لم يزرها سوي عاملات الناظفات ومن هم في نفس منصبها اما الاخرين فكانوا يرون انفسهم احسن من اي يذهبوا لبيت في حي شعبي لزيارتها لم تصدق الا عندما راتني انتظرها تحت البيت، استقبلتني امها بحفاوة، لم اطل المكوث في البيت وغادرت تلك الليلة وبفرط تاثري بمرضها وبفعل الارهاق اصبت بنزلة برد وحمي باردة شديدة الزمتني الفراش بضعة ايام، تظنون انها اتصلت بي او سالت، اطلاقا،،،،،، مالاحظته ان الطبقية شعور مكتسب، يتعود البشر علي امتلاك الاشياء ثم علي امتلاك البشر ويستصغرونهم ويصبحون بالنسبة لهم عبيد يمصون دمهم، يفنوا اعمارهم في خدمتهم وان طالبوا يوما باجازة او زيادة في المرتب يستكنرونها عليهم وكانهم حشرات يجب سحقها ان حصل واتي شخصا مثقفا، ثقافة حقيقة ويرفض ان يفرق بينه وبين من وضعهم نظام في مرتبة ادني منه فسيحاربه الجميع، ومن ضمنهم من حاول ان يدافع عنه للاسف، سنين من العبودية والذل لا تمحي بالسهولة التي ظننتها
#اميرة_محمود_اوقاسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انا شرطي
-
لم يستطع امتلاكها
-
قص الاجنحة
-
انتكاسة وردة !
-
الرجل الشرقي .. شرقي للنخاع
-
ثقافة القطيع
-
الخطيئة الأولي
-
المجتمع الشرقي وثقافة الحب
المزيد.....
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
-
مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري
...
-
جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة
...
-
الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
-
السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص بعد إدانتهم بجرائم -إر
...
-
ماذا سيحدث الآن بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
...
-
ماذا قال الأعداء والأصدقاء و-الحياديون- في مذكرات اعتقال نتن
...
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|