العراق الى أين ؟
عدي ، الشجاعة المنسوخة والوجه الآخر للأب !
القسم الثاني عشر
* لم تمضي على مجزرة حسين كامل 24/ حتى ظهر عدي / نيابة عن الوالد مرتديا الملابس العشائرية التقليدية ( الكوفية والعقال ) ماشيا في هذا الزي ، وسط موكب تشيع الدولة الخاص برجلي اسرة المجيد ، الذين لقيا حتفهما اثناء المواجهة مع اسرة حسين كامل . ص 347 .
فيما كان الاخ الاصغر - قصي - قد اغتصب - وبسرعة فائقة كل مناصب ومسؤوليات حسين كامل وادارة الدوائر والمؤسسات الحكومية " راجع ص 338 .
* يقول كوكبورن ، وهو يتابع دور عدي في شؤون العراق وشؤون الاسرة الحاكمة : منذ اوائل عام 1995 م ، تصاعدت وتيرة الصراع داخل الاسرة الحاكمة ، متفاقمة حدة وخطورة في كل مرحلة من مرحلة الصراع بواسطة عدي " حيث شن حملة اعلامية حادة ضد مسئولي الحكومة ، التي يرأسها ابيه ، في تلك الفترة / راجع ص 322 /، وكانت تهجماته الاعلامية واحدة من اكثر الهجمات ضد " اعمامه " ال ابراهيم / وابراهيم هو زوج صبحة ام صدام الثاني ، وكذلك ال المجيد وقد اقصي الكثير منهم من منصبه / راجع ص 323 / . وقد يتراءى للمتابع ان الوالد وراء هجمة الولد ، فلم يقم صدام حسين بكبح جماح ابنه ، الذي بدأ في هذا الوقت - كما يقول كوكبورن - بالتجاوز على امتيازات وصلاحيات حسين كامل العسكرية ، فقد دأب عدي على منافسة الرجل الجبار بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، ولعدة سنوات خلون في مجال الاعمال التجارية " ص 323 . واستطاع في نهاية الامر من ازاحته من الوجود .
* في 8 / اب / 1995 م ، أي في الليلة التي غادر بها حسين كامل العراق متوجها الى الاردن ، اقيمت حفلة لابناء العائلة المالكة ، كان من بين الحضور الاخ غير الشقيق لصدام " وطبان ابراهيم " وابن خال عدي ورفيقه المرح لؤي خير الله طلفاح .
تبدأ الحكاية - كما يوردها كوكبورن - على النحو التالي : " وردت عدة رويات مختلفة تفيد اخراج الحفلة عن مسارها الترفيهي ، وتحويلها الى عنف شديد ، فطبقا لاحى الرويات بأن احمد بن وطبان تشجار مع لؤي وصفعه على وجهه / انظر الى تربية افراد الاسرة الحاكمة / فاتصل لؤي هاتفيا بعدي ، فانطلق الاخير مسرعا باتجاه الحفلة ، حاملا معه رشاشته ، وقدم بحوالي الساعة الثالثة فجرا - يضيف كوكبورن - " وتؤكد تقارير اخرى بان وصول عدي الغاضب كان بسبب سماعه " اخبار تفيد بأن " عمه وطبان تحدث عنه بسوء وبشكل علني " يضيف كوكبورن : " على أي حال ، ومهما كان السبب لهذه الخطة من جانب عدي ، فقد كان رد فعله عنيفا جدا ، فقد اندفع فجأة تجاه المحتفلين مطلقا نيران رشاشته تجاههم ، اصاب وابل النيران ، الذي ملا اركان المكان عمه وطبان في ساقه ، مخلفا جرحا عميقا بالاضافة الى قتله راقصات ومغنيات غجريات " كاولية " حيث يعتبر وجودهن من الضروريات لتكارته ، في أي مناسبة خاصة " ثأر احمد بن وطبان لاصابة والده ، اواخر ذلك الصباح ، وبدافع العداوة التي يتمتع بها التكريتيون الاصليون ، باطلاقه قنبلة يدوية على منزل والد لؤي " راجع ص 325 .
* هكذا يتصرف ابناء العائلة الحاكمة ، فدماء الناس القتلى ليس هناك من يطالب بها ، واسلحة الدولة المختلفة تحت تصرفهم الشخصي ، مع ملاحظة ان القوانين العراقية تمنع منعا باتا أي مواطن من حيازة السلاح ، فانظر الى مهزلة الزمن ، ومهزلة الحكام ؟ ! .
يتابع كوكبورن احداث تلك الليلة الرهيبة ، وما تلاها في اليوم التالي ، حيث هروب حسين كامل الى الاردن حيث يقول : " في هذه الاثناء كان وطبان راقدا في المستشفى تحت اشراف اطباء كوبين لانقاذ ساقه ، يساعدهم " طبيب عراقي مختص حيث يعود هذا الطبيب - بعد معالجة وطبان الى سجنه ، ليقضي مدة عقوبته البالغة ستة اشهر بسبب وضعه / في البيت / صحن استقبال تلفزي " ستلايت " لمتابعة محطات الاذعات العالمية بصورة غير قانونية " ؟ ؟ ص 336 .
* غضت وسائل الاعلام العراقية ، بصورة متعمدة محاولة اعتداء عدي على عمه والرقصات الغجريات ، الا ان بعض المسؤولين العراقين الكبار انتقدوا فعله ، فقد قال محمد سعيد الصحاف - وزير الخارجية السابق - انه " غير لائق للحكم "وقارنه برزان في جنيف " بحسين كامل " قائلا : " دائما ما تنجم المشاكل من اشخاص لا يدركون مقدار حجمهم الحقيقي ، ومسألة وراثة السلطة غير مقبولة رسميا وشعبيا في العراق ، فلا يتقبل العراقيون اشخاصا مثل عدي او حسين كامل لتولي زمام الحكم ، وكلاهما لا يتمتع بالشرعية التي تمكنه من ذلك " ص 336 .
- اذا ، " شهد شاهدا من اهلها " كما يقول المثل العربي ، وبغية اظهار وجه النظام بقناع براق ، حاول صدام الوالد النموذج للابن - ان " ينأى بنفسه بعيدا عن عدي ، على الاقل امام الملىء - كما يقول كوكبورن - حيث فرض قيودا اكثر صرامة على امبراطورية عدي ، حيث صرح الاب الحاكم قائلا : " لا مجال في العراق لدولة غير دولة " وعندما داهم رجال الامن العراقي - مركز قيادة اللجنة الاولومبية العراقية والتي يرأسها عدي ، وجدوا فيها "
ثلاثة اشخاص مودعين السجن ، فحرروهم منها " راجع ص 336 -337 .
وبغيت " لجم صوت الناس على فعائل عدي الابن ، حيث تناول الشارع العراقي مدى خساسة تصرفات ابن حاكم العراق ، اشاعة " الحكومة العراقية " خبرا مفاده " ان صدام حسين ذهب الى مرأب عربة ابنه الخاص وقد صدم باكتشاف امتلاك ابنه لستين عربة ضخمة ، وزعمت " الحكومة " انه اوعز لحراسه الخاصين برش البنزين على العربات واضرام النار فيها * 21 ، وهو امر لا يمكن تصديقه ، لان هذا العدد من " السيارات " يمكن توزيعه على دوائر الدولة المختلفة بدل حرقه ، لاسيما وان العراق يعيش حالة حصار دائم ، والمثل يقول " حدث العاقل بما لا يليق ، فأن صدق ، فلا عقل له ".
* وبغيت اظهار نفسه بان الحاكم المطلق اوعز صدام الى " اجهزته المتعددة باجراء " استفتاء " في 15/تشرين اول / 1995 م ، لثمانية ملايين عراقي ليصوتوا على السؤال التالي : "هل توافق على ان يكون صدام رئيسا للعراق " ؟ ! ومن لا يوافق على ذلك ؟ ! يقول كوكبورن : " فاز صدام بنسبة 96،99 % من الاصوات ، وهذه هي اول عملية انتخاب تجري في العراق منذ انتخابات عام 1921 م ، عندما نظم البريطانيون اقتراعا زائفا يظهر بان 96 % من العراقين تريد تنصيب فيصل الاول ملكا عليهم ، ولم يكن هناك مرشحون بدلاء في كلا الانتخابين ( 1921 -1995 م ) راجع ص 338 . يقول كوكبورن : " كان صدام يرى الى هدف ابعد ، فبعد كبح جماح عدي واجراء الاستفتاء تحت رعاية حزب البعث ، كان يسعى لتحقيق اقواله وتأكيدها ، كما ينقلها احد الدبلوماسين العاملين في بغداد بأنه " في المستقبل ستكون السلطة في ايدي جماعات امثال مجلس قيادة الثورة وحزب البعث وليس بأيدي احد من داخل الاسرة الحاكمة " راجع ص 338 .
- وهذه المسألة - بتقديرنا - مقلوبة النتائج ، ومأخوذة بشكل مغاير لسلوك صدام وعائلته الحاكمة ،حيث ان تعريفاته لمفهوم " السياسة " تثبت العكس تماما ، لانه يقول " السياسة هي ان تقول شيىء ، وتفعل شيئا اخر . حيث ان الان " قصي " الابن الاصغر ، قد تبوأ صادرة الواجهة الاعلامية والسياسية ، واصبع عضوا قياديا في " حزب البعث " - عضو قيادة قطرية ، وتولى كل مناصب - حسين كامل - ورئيسا للحرس الجمهوري والقوات الخاصة ، والامن الخاص للرئيس ، لاسيما بعد محاولة اغتيال شقيقه الاكبر " عدي " واصابته بالعجز بساقيه ، الامر الذي يجعله عاجزا عن تأدية بعض الامور الصعبة ، في مهام الدولة ،ومهام الاسرة الحاكمة .
* تظهر النشأة الاولى لعدي انه استحوذ على اللجنة الاولومبية العراقية وجعل فيها - سجنا - خاص به ، وسيرة حياته الدراسية ، تظهر انه كان يحب الظهور وتغيبه الدائم عن الدروس ، وعند حضوره الى " الدرس " يرافقه خمسة اشخاص كحراس شخصيين ، وكان يمني نفسه ان يكون "عالم ذرة " ؟ يقول كوكبورن : " تحدث - عدي - عن هذا الطموح مذ كان ابن السادسة عشرة ، معيدا قصة اماله المحبطة ، في حديث جمعه وليسلي كوكبورن في بغداد عام 1992 م ، قائلا بانه " أي عدي " - سافر الى الولايات المتحدة لغرض اكمال دراسته الجامعية هناك . " فقد خضعت لاختبارات القبول ، واجتزتها بدرجة جيدة ، وعملت كل شيء على ما يرام " لكن كما يدعي ، احبطت اماله بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية وقال : "اردت ان ادرس علم الذرة هناك ولكن لسوء الحظ كانت هناك مشكلة مع العراقيين " ؟ ؟ راجع ص 261 .
، صدق او لا تصدق ، هذه ، العبقرية الفذة ، تطرح الامر بهذا الغباء ؟ ! وكان الناس " لا يقرأون الممحي. ينقل كوكبورن ، زيف هذا الادعاء بشكل ، ملعون ، يقول : ، كانت اوجه دراسته الاولية ، حسب روياته ، فريدة ، ففي نهاية السبعينات ، ارسل صدام زوجته ساجدة واولادها الى اسبانيا لقضاء اجازة عائلية ، حيث اقاموا في منزل السفير العميد حسن النقيب / هو واحد من حركة الضباط الاحرار العراقية / والذي انضم مؤخرا الى صفوف المعارضة العراقية ، حيث كان ، النقيب ، سفير العراق في مدريد ، ، وكان للنقيب صبيان مقاربان لعمري ابناء صدام ، وبنت صغيرة وحيث يلعب الاولاد الاربعة سوية في باحة المنزل ، كان عدي ، على رغم صغر سنه ، متفاخرا ، ومتمنيا ارسالهم الى السجون كي يشاهدوا لغرض اعدادهم " لما ينتظرهم من مهام صعبة " *22 ، يضسف كوكبورن قائلا : " توضح هذه الحادثة بعضا من الجو العام المحيط بعائلة صدام " ثم يضيف : " ان اختيار عدي لافكار العابه المتحجمة ، والتي تنم عن شخصية شغوفة بالعنف تعتبر في حد ذاتها ، ميزة لشخصيته فيما بعد ، فهناك دليلا مؤكدا يفيد بانه في العام 1979 ، استحب صدام ولديه لنزهة حيث ساعة الاعدمات شبه العلنية للقادة البعثيين المعارضين له ، فقد كان عدي يتلذذ في ان يطبع في النفس امارات الخوف ، اضافة الى ميله الى طابع العنف العلني ، خصوصا عندما يكون مخمورا بعد احتسائه للويسكي او الكونياك "راجع ص 262 .
* اذا هناك علامات واضحة للتربية السادية ، التي يريدها صدام لابنائه ، ومسألة - رغبة عدي - بان يدرس الفيزياء النووية - كي يتخرج - عالم ذرة - غير منطقية ، والحمد لله ، انه لم يقبل بمعهد ، ماسا توتس التقني ، كما يدعي كذبا ، لانه سوف يكون ارعن من ابيه ، في استخدام الذرة لنزوته الدموية وافقه السادي .
- ولتأكيد على هذا المنحى السادي في تربية عدي ، يذكر كوكبورن ، الروايات التاية : “ صف عدي مجموعة من المطربات الغجريات على خشبة المسرح طالبا منهن خلع سراويلهن مع اداء بعض الاغنيات بينما يطلق هو عيارات نارية من سلاحه فوق رؤوسهن ، وبعد مضي عشر دقائق يتبولن على انفسهن من شدة الخوف ، فيأمرهن ، بارتداء سراويلهن ، مع اعطائهن مبلغا زهيدا من النقود ثم يصرفهن ، راجع ص 262 .
* في عام 1980 م ، اعتاد عدي على الذهاب الى جبهات القتال - عند اندلاع الحرب العراقية - الايرانية ، برفقة رئيس اركان الجيش عبد الجبار شنشل ، الذي يمشي خلفه بكل احترام ، بينما ترى والده ، صدام ، حذرا كل الحذر من تعريض حياة ابنه للخطر ، فقد اخضع ابنه لتدريب مكثف على تعلم قيادة طائرة مروحية عسكرية ، ، لغرض ايهام الاخرين بان ابنه سيؤدي واجبا وطنيا ، راجع ص 262 ص 263 .
• يسلط كوكبورن الضوء على البهرجة الاعلامية الزائفة - لوطنية عدي ، اثناء الحرب العراقية الايرانية ، وكيفية مساهمة الاب في صنعها ، يقول كوكبورن : ، في العام 1982 م ، وصل الاب والابن مصطحبين كالعادة برئيس اركان الجيش ، قرب مدينة البصرة ، وصادف وقتها - اللواء وفيق السامرائي / مدير الاستخبارات العسكرية / ليشهد العمل البطولي الذي تظاهر باداءه الاب والابن في تعليم منتسبي الوحدات العسكرية دراسا في التضحية والفداء من اجل تربة هذا الوطن ، فقد كانت تجري الى الشرق معركة ضارية ، حيث امر صدام وبصوت عال ابنه البكر بالذهاب ومهاجمة الاعداء ، يعلق كوكبورن بعبارة لاذعة ملعونة ، وهو يستطرد نقل الحادثة فيقول : " طبقا للدور الذي عليه تأديته خاطب عبد الجبار شنشل متوسلا بعدم ارسال عدي في هذه المهمة الخطرة ، لكن باصرار الاب الشديد ، امتطى عدي طائرته المروحية ، وتراه على مرمى البصر ، مطلقا صواريخ طائرته تجاه العدو ؟ ، يضيف كوكبورن ، تعليقا ساخرا اخر فيقول : اتضح فيما بعد بانه اطلق الصواريخ على قطعاتنا ، كما يستذكر اللواء وفيق السامرائي ضاحكا ، ثم يقول : ، جرح من جراء هذا الهجوم شخصا واحدا ، وارسلت الوحدة العسكرية المصابة بالهجوم تقريرا عسكريا تقول فيه : " يجب اتخاذ اجراءات رادعة بحق هذا الطيار وانزال العقوبة الشديدة فيه " ويضيف : " وبعد مضي عدة سنوات علم السامرئي عن طريق حسين كامل بان صدام وعدي قد رتبوا للحادث ، بضمنها اطلاق الصواريخ على مسافة امنه بعيدا عن القطعات العسكرية الايرانية ، قبل مغادرتهم بغداد ؟ ! راجع ص 263 . اعتقد ان الحدث لا يحتاج الى تعليق ؟
وللحديث صلة في القسم القادم .