أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - كل سنة وأنت طيب يا أبا زيد














المزيد.....


كل سنة وأنت طيب يا أبا زيد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5229 - 2016 / 7 / 20 - 18:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في هذا الشهر، يوليو، وُلد ورحل عقلٌ مستنير. كان ميلاده في 10 يوليو 1943، وكان طيرانه إلى السماء في 5 يوليو 2010. بين هذين التاريخين أثرى حياتنا بلآلئ الأفكار التي قدّرتها البلادُ التي تحترم الفكر الحر، بينما، كالعادة، طاردته بلادُه التي تكره التفكير وتهوى التكفير وتطارد العلماء حتى يُقتلوا أو يُسجنوا أو يُنفوا إلى بلاد نائية. لهذا لم يكن غريبًا أن يمنح معهدُ جوته ببرلين الألمانية جائزة "ابن رشد للفكر الحر" لهذا المفكر الإسلامي النيّر عام 2005، لأنه أطاع الله وأعمل المنحة الربوبية التي منحها جل جلاله لبني الإنسان ليتأملوا ويتطوروا وهي "العقل".
ما العلاقة التي تربط هذين المفكرين المسلمين العظيمين؟ أحدهما أندلسيٌّ من قُرطبة: أبو الوليد بن رشد، ابن القرن الثاني عشر، والثاني مصريّ: نصر حامد أبو زيد، ابن لحظتنا الراهنة. كلاهما أحبَّ الإسلامَ ودافع عنه ضدّ مُشوّهيه. كلاهما قبض على الجوهر العميق لروح العقيدة، ونبذَ الشكليات البلهاء التي تُعطّل سريان روح الله إلى روح الإنسان. كلاهما أجاد استخدام "جوهرة الترقّي" التي منحها اللهُ للإنسان وهي: العقل. فآمن كلاهما بأن التفكير حقٌّ أصيلٌ للإنسان، وواجبٌ عليه. العقلُ حقٌّ، والدينُ حقٌّ، و"الحقُّ لا يُضادُّ الحقَّ". كلاهما احترمهما العالمُ وانحنت لهما القامات الفكرية الرفيعة. لكنْ، لا كرامة لنبيّ في وطنه. نفرٌ من فقراء الروح فقيرو العقل، ناصب ابنَ رشد وأبا زيد العداءَ، فاتُهِما بالكُفر، ونُفِي كلاهُما عن وطنه؛ لأن فكرهما كان أعلى من اللحظة التي نشأ فيها. الأولُ مات في منفاه: مراكش المغربية، والثاني لم يمت في منفاه: هولندا، بل نال أثناء وجوده هناك تلك الجائرة الرفيعة: "ابن رشد للفكر الحرِّ، في دراسة الإسلام والإنسانيات". ثم عاد إلى وطنه، مصر الطيبة، قبل طيرانه بأيام، إلى حيث يطير العلماءُ ولا يعودون.
قبل ستة أعوام، طار مفكرنا العظيم للسماء، بعدما حثَّ الناسَ على "التفكير في زمن التكفير"؛ بتوسّل "الهرمنيوطيقا" Hermeneutics. وهي علم التفسير الذي ابتكره علماءُ اللاهوت البروتوستانت في منتصف القرن السابع عشر لتحديد المعايير التي على الناس اتباعها في تفسير الكتاب المقدس، من أجل تقديم قراءة عميقة تُنقذُ جوهرَ النصّ من عبث الشكلانيين الذين يُفسدون النصَّ، مثلما يفسدون عقولَ الناس، بقراءاتهم السطحية لكتاب الله. اتسع مفهومُ المصطح اليومَ لينسحبَ على حُسن تفسير كافة العلوم الإنسانية مثل الاجتماع والأنثروبولوجي وفلسفة الجمال والنقد الأدبي والتاريخ وغيرها. حاول أبو زيد، كما حاول ابن رشد من قبله، قراءة القرآن الكريم بوصفه نصًّا إلهيًّا عبقريًّا يحمل الكثير من المجاز، فلا يجب التعاملُ معه حَرفيًّا، لأن: "الحرفَ يقتل، والروحَ تُحيي"، كما يقول الإنجيلُ أيضًا. فالقرآنُ رسالةٌ من الله، اللامحدود المعرفة، إلى الإنسان المحدود في كل شيء. فحين يقولُ اللهُ تعالى في سورة "ق": " وَنَحْنُ أقربُ إليه من حَبْلِ الوريد"، أو: "يدُ الله فوق أيديهم"، في سورة "الفتح"، فإنما يقصد المعنى المجازيّ؛ بأن اللهَ أقربُ إلينا من أنفسنا، وأن الله يؤيد المؤمنين. فلا يجوز أن نقرأ الآيتين الكريمتين على نحو حرفي ساذج، وإلا فسدت الصورة الشعرية الجميلة. وهذا ينطبق على العديد من آيات كتاب الله الكريم.
ولو لحق "دانتي" الأديب الإيطالي الأشهر، بزمن أبي زيد، لوضع اسمه في "الكوميديا الإلهية" بقسم "الفردوس"، ثم نقل إليه "ابن رشد" من قسم "الجحيم"، ليُكملا حوارَهما المتحضّر؛ الذي لم يبدأ أبدًا، ولم ينقطع أبدًا. فالفردوسُ منذورٌ لأولئك الذين أحبوا اللهَ فعرفوا جوهرَ رحمته وعدله. أحلمُ بأن أرى اسم "نصر حامد أبو زيد" منتشرًا في بلادي، مثلما رأيتُ اسم "ابن رشد" Averroes مرفوعًا باحترام على ميادين ومدارس وجامعات قرطبة الأسبانية، وفي مناهج أبنائها الدراسية. ذاك الذي عرفه الأوروبيون أكثر مما عرفناه وقرأناه وقدّرناه. لكم نحتاجُ إلى ألفِ ألفٍ من هذ المفكر العظيم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيشُ مصرَ شعبُ مصرَ
- البجعة
- قلادتك
- الماكينة بتطلع قماش!
- وكرُ الأشرار
- المسجد النبوي .... هل غادرَ الإرهابُ من مُتردَّم؟
- هل احترام حقوق الأقباط عداءٌ للإسلام؟
- شيءٌ من العبث لن يفسد العالم
- حقلُ الألغام
- مصرُ التي نشتاق إليها
- يومٌ من عمري، وشموعٌ كثيرة بعد لم تُقَد
- موسم تسريب الامتحانات
- كيف سمحنا بأن نسقط؟
- ناضجون ومراهقون
- عين الطائر ودو كيخوتي
- البابا شنودة يرفض اعتبار أقباط مصر أقليلة، هل سينال سبابكم م ...
- كل سنة وأنت طيب أيها الصندوق الطيب
- جنونٌ أمْ كفر؟ 1/3
- أمّة تقرأ | ماذا تقرأ هذه الأيام؟
- لماذا يهاجمني نشاط من أقباط المهجر؟ بيان فاطمة ناعوت


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - كل سنة وأنت طيب يا أبا زيد