علي الوردي .. الذكرى المنسية

راضي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 5223 - 2016 / 7 / 14 - 09:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

علي الوردي .. الذكرى المنسية
مرت يوم امس وبهدوء الذكرى الحادية والعشرين لرحيل عالم الاجتماع العراقي العظيم الدكتور علي الوردي .. مرت ذكرى هذا الرجل الخالد دون ان يلتفت اليها احد فقد كان الكل منشغل بشأن يخصه .. فبين فاجعة الكرادة وتداعياتها المؤلمة وبين ذكرى الرابع عشر من تموز المختلف عليها بين من يعتبرها ثورة ومن يعتبرها انقلاب .. وبين ازمات الوطن التي لاتنتهي .. نسينا هذا العملاق الذي كان قلمه كمبضع الجراح المتمكن حين شرّح شخصية الشخصية العراقية .. نسينا فكر هذا المبدع الذي سبق عصره حين وضع النقاط على حروف المجتمع العراقي المأزوم بالازدواجية المريرة .. نسنياه لاننا حاذقون في تمجيد الطغاة ونسيان المفكرين .. ماهرون في تعظيم الاكاذيب المقدسة وتجاهل الحقائق الارضية .. ومن سخريات القدر انني كنت شاهداً على هذا التجاهل وهذا النسيان ففي بداية التسعينات عرض التلفزيون العراقي مسلسل يتعرض لحياة العصابات الاجرامية وما تمارسه من اعمال خارجة عن القانون ، المسلسل كان اسمه ذئاب الليل وكان زعيم العصابة فيه اسمه ( ابو جحيل ) الذي قام بتجسيد دوره باقتدار الفنان جواد الشكرجي . ولاننا شعوب تحب العنف ولغة القوة فانها تحب الشخصيات العنفية وقد تضعها في مرتبة الابطال احياناً . وهكذا اصبح ابو جحيل في مرتبة الابطال . وكدليل على ذلك اتذكر انني كنت اعمل في مدينة الكاظمية في حينها وصادف ان مر الفنان جواد الشكرجي في الشارع الذي اعمل فيه فما كان من الناس ان التفوا حوله ( كالشُهب بالبدر او كالجند بالعلم ِ) كما يقول احمد شوقي وتحول المشهد الى مظاهرة كبيرة والجميع يحاول ان يلمسه او يحاول التقاط صورة معه . المفارقة الكبرى والتي كنت شاهداً عليها هو مرور الدكتور علي الوردي عالم الاجتماع العظيم وصاحب المؤلفات الرائعة في تلك اللحظة وفي نفس الشارع . والغريب ان الدكتور علي الوردي مر بصمت ولم يلتفت اليه احد اطلاقاً وكأنه يقول هذه هي مهزلة العقل البشري التي كتبت عنها . كنت اراقب المشهد وانا مصدوم من هذا الذي اراه . حيث ايقنت اننا امة الارهاب والعنف الذي تجسد بقوة منذ العام 2003 وما تلاها عندما صنعنا من الزرقاوي وابو درع ابطال لنا وجعلنا من اعمالهم ملاحم نتغنى بها ، فنحن امتداد لشخصية البدوي الذي يعيش بسيفه .فبين علي الوردي وابو جحيل فاصل من الزمان والمكان سيكون من الصعب اجتيازه قبل وقت قريب .

#راضي_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات