أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - متى يتم إقرار الزواج والدفن المدنيين ؟














المزيد.....

متى يتم إقرار الزواج والدفن المدنيين ؟


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 05:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النقاش الذي أثارته جنازة الأديب الراحل محمد شاشا بإقليم الناظور (شمال المغرب)، والارتباك الذي وقعت فيه عائلته والذي امتدّ إلى المحيط الاجتماعي بمسقط رأسه، بحاجة إلى متابعة جدّية، ذلك أن الأمر لا يتعلق بخلاف حول جنازة شخص بقدر ما يرتبط بإشكالية كبرى هي علاقة الأفراد بالدولة، وحريتهم في اختيار نمط حياتهم وأسلوب دفنهم كذلك، أي أن تكون مراسم دفنهم مطابقة لنمط الحياة الذي اختاروه وعاشوا به طوال حياتهم. ففي جميع الدول التي تحترم مواطنيها، يعود اختيار طريقة التعامل مع جثمان الفقيد إلى الفرد نفسه لا إلى غيره، وعلى أسرته في حالة ما إذا كانت له وجهة نظر مغايرة لما هو سائد الامتثال لوصيته والخضوع لها، وليس من حق أحد التصرف في الجثمان حسب ما تمليه عقيدته أو اختياراته. أما في الدول الإسلامية فالموضوع يكتسي تعقيدا بالغا لأسباب نحاول توضيحها فيما يلي:
لقد طالب الراحل وأوصى بدفنه بمسقط رأسه، لكنه رفض مراسيم الدفن الإسلامية، ولم يوص بأية مراسيم دينية أخرى، لأنه ببساطة لم يكن يدين بأي دين من الأديان، أي أنه كان ينتمي مثل كثيرين غيره من سكان هذا العالم إلى فئة "غير المؤمنين"، لكن فقيه المسجد أصرّ على ضرورة غسله والصلاة عليه من أجل دفنه في مقبرة المسلمين، حيث لا تسعفه القوانين المعمول بها بغير ذلك، تماما مثل الشخص الذي يريد الزواج بدون اللجوء إلى عدول شرعيين، إذ لا يجد ما يمكنه من تحقيق اختياره في إطار قوانين الدولة المغربية.
وقد سبق للشاعر عبد اللطيف اللعبي أن أثار هذا الموضوع عندما دعا إلى ضرورة إقرار الدفن المدني بأنواعه المختلفة، موصيا بعدم دفنه على الطريقة الدينية الإسلامية، معتبرا أن من حق أي مواطن أن يوصي بمراسيم دفن مطابقة لرؤيته للعالم، ولاختياراته الشخصية.
أين يكمن المشكل تحديدا ؟ ولماذا يوجد فراغ قانوني في هذا الجانب ؟
يعود أصل المشكل إلى طبيعة النسق السياسي وإلى الطريقة التي تتصور بها السلطة علاقة المواطنين بالدولة، فاعتبار الإسلام دينا رسميا، واعتبار المغاربة "كلهم مسلمين" بقرار من الدولة باستثناء الطائفة اليهودية، يجعل الفرد المغربي محكوما عليه بالإسلام قسريا منذ ولادته، حيث يعتبر المولود من أبوين مسلمين مسلما بالضرورة، ولا تعترف الدولة بحقه في تغيير هذا الواقع حتى بعد بلوغه سنّ الرشد، إذ يبدو أن إسلام الدولة هو مثل جنسيتها لا يسقط عن الشخص بل يظل عالقا به رغما عنه، حيث يظل محسوبا عند الدولة من "جماعة المسلمين". ويفسر هذا سبب عدم قيام الدولة بتخصيص إطار قانوني للخارجين عن دين الدولة الرسمي من المواطنين حاملي الجنسية المغربية، حيث لا تسمح لهم بممارسة شعائر دينية غير الشعائر الدينية الإسلامية الرسمية، وبهذا يمكن القول إن الدولة المغربية لا تعترف في الواقع بحرية المعتقد والضمير وإن كانت تتظاهر بغير ذلك، لأن هذه الأخيرة تقتضي ممارسة الشعائر الدينية المخالفة بشكل فردي أو مع الجماعة وبشكل علني، بينما تعتمد الدولة المغربية على فكرة "الستر" التي تعني عدم الاعتراف للمواطن بأن يكون مختلفا عما هو سائد، مع الاعتراف له بحقه في ممارسة عقيدته أو إلحاده في الخفاء. وهي بذلك تفصل بين حقين لا ينفصلان في المرجعية الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها الدولة وصادقت، وهما الحق في حرية المعتقد والحق في ممارسة الشعائر الدينية فردا أو مع الجماعة سرا أو علنا.
إن المواطن المغربي الذي لا يعتنق الديانة الإسلامية ولا يمارس شعائرها، لا يمكن اعتباره مسلما رغما عنه في طقوس الزواج والدفن والجنازة، إن هو لم يرغب في ذلك، واستمرار مثل هذه السلوكات دليل ضعف كبير وارتباك سواء في مواقف السلطات أو في القوانين أو في سلوك المواطنين الذين لا يستطيعون فهم كيف أن مواطنا يرفض أن يدفن بطقوس إسلامية، وذلك بسبب عدم قدرتهم على استيعاب فكرة الاختلاف وحرية الضمير، حيث لا يبذل النظام التربوي ولا وسائل الإعلام أي جهد في توضيح هذه القيم التي اعترفت بها الدولة المغربية دون تفعيل.
من جانب آخر ما زال الناس لا يفهمون أهمية احترام الاختيار الفردي للمواطن، حيث يميلون إلى تغليب رأي الجماعة أو الأسرة أو العشيرة ضاربين عرض الحائط بوصية الفرد، معتبرين إياه ضالا أو قاصرا، في الوقت الذي يعتبر ما أوصى به الفرد لنفسه في أموره الشخصية أهم من موقف الجماعة والأسرة، لأنه حقيقة الفرد التي لا يمكن تجاهلها أو محوها. فتغليب رأي الأسرة أو الجماعة أو الدولة يعني استمرار احتقار المواطن الفرد حيّا وميتا، كما تعني عدم اعتراف المجتمع والدولة بموقف الفرد واختياره الحرّ، وهو أمر لم يعد مقبولا لا منطقيا ولا أخلاقيا.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -التربية الإسلامية- أم -التربية الدينية- ما الفرق ؟
- سيكولوجية الصائم
- من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم
- من الحكومة إلى الجنة
- حول القانون التنظيمي للأمازيغية، السيناريوهات الممكنة
- ما قيمة دستور لا يحترمه أحد ؟
- لماذا الإنسان أولا ؟
- غوغائية الشارع نتاج سياسة الدولة، لكنها قد تؤدي إلى خراب الد ...
- لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنا ...
- الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدست ...
- هل العنف ضدّ المرأة من تعاليم الإسلام ؟
- معنى احترام الآخر
- ما الذي ينبغي مراجعته في مناهج ومقررات التربية الدينية ؟
- السعودية / إيران، هل دقت ساعة الحقيقة ؟
- معنى أنّ -الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة-
- لا يجوز تأويل الدستور المغربي تأويلا يجهض مكتسباته
- التدين والنزعة الانتحارية
- رئيس حكومة فوق الدستور ؟!
- واقع اللغات في الإحصاء الرسمي
- -الحداثة- بأثر رجعي


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - متى يتم إقرار الزواج والدفن المدنيين ؟